ونقرأ من مقدّمة الكتاب: "تبدو الفلسفة وفق تصوّر هيغل نشاطاً بلا جدوى. إنها مجرّد تمرينٍ رياضيّ للعقل المستقيل، ومهمّة منوطة بالأستاذ المُدرِّس الذي تتكفّل الدولة بتعويضه عن أتعابه عند نهاية كلّ شهر، لكنْ شريطة تنقيط وتقويم جمهور من الطلبةٍ دائمي الحضور، بغرض فرزِ من يستحقّ منهم نيل الدبلوم الكفيل بضمان قوْتِه اليومي حينما يصبح هو كذلك موظّفاً. ضدّ هذا النزوع المرضيّ، نلاحظ أن الفيلسوف لا يفكّر من أجل أن يحيا فحسب، بل أيضاً من أجل أن يحيا حياةً أفضل. إنّه يفكّر توجيهاً لسلوكه في الحياة ما دام «ألا حقيقةَ بالنسبة إليه سوى في ما يأتيه من أفعال» تيمّناً بسارتر الذي يمضي في موضعٍ آخر حدَّ تحديدِه على «أنّ الإنسان ليس شيئاً آخر، عدا مجموع أفعاله وسلوكه، إنّه ليس إلا حياته. لذلك، فكلّ تأمّل وعمليّة تعقّل تقتضي، أوّل ما تقتضيه، أن نرسم لذواتنا مسلكاً وجوديّاً، صانعين من حياتنا لوحةً فنيّةً لا سجناً قاتلاً. علينا أن نصيرَ شعراء حيواتنا بتعبير نيتشه، فنجعل الأشياء تبدو جميلة حتى عندما لا تكون كذلك. علينا أن نرى في كلِّ واقعة، تجليّاً لإرادة القوّة التي ليست إلا المتعة والسعادة، الفرح والجمال. لكن هيهات هيهات، ما دام أنّ كلَّ ما هو جميلٌ نادرٌ وصعب المنال» على حدّ التعبير الرائع لسبينوزا في آخر كتابه «الإيتيقا». أكيد، لأنّ كسب القوّة في الوجود، هو ما يتطلّب المران الدؤوب لا الكسل والخمول. مرانٌ يفضي بصاحبه إلى تعلّم تقنيّات العيش العديدة، رسماً لأُفُقِه الخاصّ. ذلك يقيناً، ما يجعلُنا بحاجة ماسّة لتعاطي القراءة كطقسٍ يوميّ. قراءة فلاسفة الحياة بطبيعة الحال من قبيل: ديوجين، بلوتارك، أبيقور، أنتيستين، ديمقريطس، أريستيبوس مونتيني، نيتشه، كامو وغيرهم كثر، واضعين في الحسبان، أنّ المغزى ليس القراءة والمكتبة ولا الكتابة والكتب، بل ما تخوّله إيّانا هذه التقنيات من قدرات، خلقاً لإمكاناتِ حياةٍ جديدة وفريدة. إذ ما الداعي لالتهام نصوص بأكملها دون أن يكونَ لها أدنى أثرٍ في طريقة عيشنا؟"
كتاب "العيش بصحبة الفلسفة" هو دعوة للُزوم التفلسف كضرورة وجودية واحتفاء متعَويٌّ بالعقل والجسد والرغبة والفن والجمال، ومنهج فلسفي متصل بالحياة وسبل عيشها.
وكان حسن أوزال قد أصدر عام 2012 كتابه"تضاريس فكرية، نحو فلسفة محايثة"، و"منطق الفكر ومنطق الرغبة" عام 2013، بالإضافة إلى مساهمته في العديد من الكتب والأعمال المشتركة، منها: "أفول الحقيقة، الإنسان ينقض ذاته"، "داروين والثورة الداروينية"، و"الأقليات والأسئلة المكبوتة". من ترجماته: "حكمة الحداثيين، أنطولوجيا الحاضر"، (2004)، "الجنس والوعي الأخلاقي: في نقد التحليل النفسي الفرويدي" لـ ميشال هار، (2007)، و"تأملات فلسفية" لـ أندريه كونت سبونفيل (2022).