تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التربية والتعليم: المخاوف والسلبيات – ذ. وحيد رحيم

في هذا السياق المخيف والمربك تتولى شركة معروفة صناعة آلاف الروبوتات لاستخدامها في بناء جدار حول مدينة تكون بمثابة الملاذ الأخير للإنسانية حيث يعتمد تشغيل هذا الانسان الآلي على ذكاء الكمبيوتر المدمج في رأسه، استنادًا إلى بروتوكولات أساسية مفادها عدم الاضرار بأي شكل من أشكال الحياة ومنع أي روبوت من إعادة برمجة نفسه أو تعديل برمجة ربوت آخر مهما كان الدافع لذلك. 

ورغم هذه الإجراءات الصارمة يقع اكتشاف حالة لروبوت مخالف يقوم بإصلاح نفسه بنفسه فيدعى "جاك فوكان" ( Jacq Vaucan  )  مندوب التأمينات لدى الشركة للتحقيق في أسباب هذا السلوك وتحديد العطب الذي أصاب الرجل الآلي ليكتشف سلسلة من الحالات الشاذة لدى " الأوتوماتا"، تؤكد فرضية سرقته لنوع نادر ومكلف للغاية من البطاريات الكروية المصممة لتجهيز الأقمار الصناعية و القادرة على منح هذه الروبوتات استقلالية حقيقية قد تمثل تهديدا جديا لمستقبل الإنسان على هذا الكوكب[1].

وبعد أحداث مثيرة تتمكن الروبوتات من بناء روبوت خارق باستخدام البطارية النووية قصد مساعدتها على عبور الوادي والاحتماء في منطقة مشعة بعيدًا عن البشر بعد أن شرحوا لبطل الفلم "جاك فوكان" كيف أنهم يمثلون مرحلة جديدة من التطور خاصة وأن الجنس البشري على وشك الانقراض.

في نفس هذا المنحى الذي يتسم بالإثارة والتشويق والخيال الممزوج بالمتعة والخيفة والتوجس وبعد عام تقريبا وتحديدا في 11 جانفي 2015 صدر فيلم آخر من انتاج مشترك بريطاني أمريكي يحمل عنوان " الآلة السابقة" ( Ex Machina )  من بطولة الممثلة والمسرحية والمنتجة السويدية  " أليسيا فيكاندير                     ( Alicia Amanda Vikander ) و الممثل والمغني الغواتيمالي "أوسكار إسحاق" ( Oscar Isaac  )[2].

وجدير بالذكر أن هذا الفيلم قد تحصل سنة 2014 على جائزة الأوسكار لأفضل تأثيرات بصرية مما يؤكد القيمة الفنية للعمل ارتباطا بموضوعه والنوع الدرامي الذي ينتمي إليه.

تبدأ قصة الفيلم مع مبرمج شاب يدعى " كالب سميث" ( Caleb Smith )  يعمل بإحدى أشهر شركات الكمبيوتر و تكنولوجيا المعلومات ونال العديد من الجوائز يقع اختياره من الرئيس التنفيذي للشركة الملياردير " ناثان بيتمان " ( Nathan Bateman ) لاجتياز اختبار " تورينغ "    ( Le test de Turing )[3]  في مواجهة انسانة آلية تدعى  " إيفا "  (  Ava) لتحديد مدى قدرة هذا الروبوت الذي يعمل بنظام تشغيل  الأندرويد على الإحساس و التعبير عن مشاعره.

يتم الاختبار عادة داخل مبنى محصن وآمن في مكان بعيد عن الأنظار في شكل حوار بين البطل         " كالب" والذكاء الاصطناعي مجسدا في المرأة الجميلة " إيفا " حيث لا يفصل بينهما سوى الزجاج العازل تحت رقابة المدير التنفيذي للشركة.

تتتالى الجلسات ويكتشف البطل الشاب أنه وقع في حب الآلة التي أبهرته بدرجة ذكائها وقدرتها على تخطي الرقابة المشددة المفروضة من " ناثان" وشبكة بياناته المعقدة وعندها يشرع في التخطيط لخيانة رئيسه ومساعدة " إيفا "على الهروب فاستغل إدمانه على تعاطي الكحول لسرقة بطاقته الممغنطة والدخول إلى مكتبه والاطلاع على جميع البيانات والتسجيلات ونماذج الأندرويد السابقة.

 المهم في الموضوع أن الفيلم ينتهي بشكل دراماتيكي حيث ينتصر للآلة التي نجحت في قتل المدير التنفيذي للشركة واستعادة قدرتها على المناورة والتلاعب بالبطل الذي تركته سجينا في المبنى بعد أن غادرته متجهة إلى المروحية التي كانت مخصصة لنقل الشاب بعد الانتهاء من أداء مهمته.

من المؤكد أن هذين الفيلمين ليسا إلا نموذجين من عشرات بل مئات النماذج [4]التي تمحورت أحداثها حول الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته ومدى تأثيره على مستقبل الانسان ونمط حياته ومجمل التحديات الثقافية والعلمية والإيتيقية والقانونية التي تنبثق عن استخداماته في شتى المجالات والتي تستدعي منا دون شك وعيا مضاعفا بخطورتها ومن ثم إكراهاتها ومآلاتها.  

ولعل ما يثير الاهتمام فعلا في مثل هذه الأفلام إضافة إلى بعدها التسويقي المتمثل في عوامل المتعة والإبهار والتشويق، هو حجم المعلومات التي تقدمها للمتفرج والتي من شأنها أن تساعده على تمثل مجالات الذكاء الاصطناعي المختلفة وآليات اشتغاله المعقدة، ناهيك عن كم الأفكار التي توضح كيفية اندماج الذكاء الاصطناعي في مختلف تفاصيل حياتنا وتأثير كل ذلك على تعاملاتنا وعلاقاتنا الاجتماعية والعاطفية والوجدانية وانعكاسه على مستقبل البشر بكل الإيجابيات والسلبيات التي يحملها.

والأكيد أن ما تحويه هذه الأفلام من تنبؤات حول المستقبل ليست من محض الخيال فحسب بل هي انعكاس "فني" لما يقوم به علماء محترفون وما يتوقعونه للمرحلة المقبلة التي سيساهم في رسم ملامحها التفاعل بين ثلاث ثورات علمية ألا وهي : الثورة المعلوماتية، والثورة البيوجزئية، وثورة الكم، والتي ستشكل مجتمعة حجم التطور العلمي والتكنولوجي المذهل الذي سيشهده البشر خلال القرن الحادي والعشرين[5].

إن الواقع اليوم يؤكد حقيقة مفادها أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد مؤشر على درجة الرفاه الذي وصلت إليه البشرية في هذه الألفية بقدر ما أضحى جزءا لا يتجزأ من حياة الناس في بيوتهم كما في مقرات عملهم، في حلهم وفي ترحالهم في سلمهم وزمن حربهم.

هذه الحقيقة ستنعكس بكل تأكيد على كل القطاعات تقريبا بما فيها قطاع التجارة و الصناعة والتعدين والزراعة والصيد البحري والهندسة والتسليح والخدمات والسياحة والاتصالات والصحة والنقل والمواصلات والترفيه وصولا إلى قطاع التربية والتعليم الذي لن يكون بمعزل عما يجري من حوله من طفرة تقنية وتكنولوجية هائلة وسريعة، وهو ما يستدعي منا ضرورة إعادة النظر في المنظومة التعليمية وفي المناهج الدراسية بل وفي الفلسفة التربوية نفسها بغاية الاستفادة قدر الإمكان من الفتوحات التي يبشر بها الذكاء الاصطناعي في سياق ما بات يعرف اليوم "بمجتمع المعرفة،" القائم على الاستثمار في التعليم والمراهنة على العقل البشري.

ويبدو أن الأمر لم يعد مجرد فكرة تخامر أذهان بعض التربويين والبيداغوجيين من أهل الاختصاص بل تحول إلى توجه عام يحكم السياسة التربوية لعديد البلدان والحكومات ويوجهها، وهو ما قد يفسر تسارع وتيرة الملتقيات والندوات والمبادرات الوطنية والإقليمية والدولية المخصصة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في ميدان التربية والتعليم والتكوين وتطوير الكفاءات[6] والمهتمة أساسا بمجالات البحث وتصميم المحتويات الرقمية ومواقع الواب والبرمجة والروبوتيك والتعلم الآلي وغيرها من المجالات المستحدثة الأخرى والتي نذكر من بينها المؤتمر الدولي حول " الذكاء الاصطناعي والتعليم" الذي انعقد في عاصمة الصين بيكين تحت إشراف منظمة اليونيسكو في شهر ماي 2019 والذي أكد على أهمية الوعي بالنهج الإنساني في نشر تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التربية والتعليم لتطوير قدرات البشر وحماية حقوق الانسان وتعزيز التنمية المستدامة.

ولكن مع ذلك لا زالت تتعالى بعض الأصوات منبهة إلى جملة التحديات التي قد يواجهها قطاع التربية والتعليم مستقبلا في ضوء أبحاث الذكاء الاصطناعي ومخرجاته وداعية إلى ضرورة التعقل وعدم الافراط في التعويل على التكنولوجيات الحديثة وخاصة في المجال التربوي المحكوم بجملة من المحددات والضوابط الأخلاقية والقيمية التي تجعل من الإنسان إنسانا وتميزه عن بقية الكائنات والأشياء الأخرى ناهيك عن الآلة التي ابتدعها الفرد لتساعده وتيسر أعماله لا لتلغيه وتحل محله.

وبين منتصر لممكنات الذكاء الاصطناعي في مجال التربية والتعليم ومتوجس من مآلاته وتداعياته السلبية نرى من المفيد طرح الإشكاليات التالية لنخصص لكل منها مبحثا مستقلا بذاته:

-  ما الذكاء الاصطناعي وما هي خصائصه ومزاياه مقارنة بما توصل إليه الانسان من اكتشافات أخرى؟

-  ما مجالات الاستفادة من أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته لتطوير منظومة التعليم وجعلها أكثر جودة وذكاء؟

- ما أهم سلبيات الذكاء الاصطناعي في مجال التربية والتعليم وما خطورتها على المتعلمين وعلى الأنظمة التربوية ككل؟

المبحث الأول: ما الذكاء الاصطناعي:

المقصود بالذكاء الاصطناعي (Artificial intelligence) هو قدرة الحاسوب أو أي جهاز أو آلة أخرى مرتبطة به أو يتحكم فيها على أداء مهام معقدة بكفاءة عالية وسرعة فائقة.

ويعرف الذكاء الاصطناعي على أنه " أداء تتسم به البرامج الحاسوبية يجعلها تحاكي القدرات الذهنية البشرية وميكانيزمات عملها كالقدرة على الفهم والاستنتاج ورد الفعل واتخاذ القرار في مواجهة وضعيات مستجدة لم تبرمج مسبقا في الحاسوب".[7]

كما عرفه العالم والباحث الأمريكي «جون مكارثي" بأنه "علم وهندسة صُنع الآلات الذكية ". وعرفه آخرون بأنه " قدرة النظام على تفسير البيانات بشكل صحيح والتعلم منها، واستخدام المعرفة المكتسبة من أجل تحقيق أهداف ومهام محددة من خلال التكيف المرن" وهو ينقسم إلى ذكاء اصطناعي ضعيف وضيق لأن مجاله محدد ومهمته بسيطة نسبيا وآخر قوي وعام حيث يهتم بأكثر من مجال ويضطلع بأكثر من مهمة.

إذن فالذكاء الاصطناعي هو " علم هدفه الأول جعل الحاسوب وغيره من الآلات تكتسب صفة الذكاء، ويكون لها القدرة على القيام بأشياء مازالت إلى عهد قريب حكرا على الإنسان كالتفكير والتعلم والابداع والتخاطب والقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات."[8]

وقد ازداد الاهتمام بمجال الذكاء الاصطناعي كفرع من فروع المعلوماتية منذ منتصف القرن العشرين[9] حيث عكف العلماء على تطوير أنظمة الكترونية مرنة، قادرة على انجاز المهام المعقدة التي تتطلب ذكاء بشريا كالفهم والتواصل اللغوي وتشخيص الأخطاء وتجاوزها وإدراك مواطن الخلل واصلاحها واقتراح الحلول المناسبة[10]...

وفي أوائل الثمانينات تم التوصل إلى وضع برامج للتعرف على الصور وتمييز الكلام ومعالجة اللغة من قبل فريق من الرواد وهم " جيفري هينتون" (Geoffrey Hinton) المعروف باسم عراب الذكاء الاصطناعي وعالم الحاسوب الكندي " يوشوا بينغر" (Yoshua Bengio) مدير خوارزميات التعلم و " يان أندري ليكون" (Yann LeCun) عالم الحاسوب الفرنسي والمخترع الشهير في مجال التعلم العميق في شركة فيسبوك.

وبحلول القرن الحادي والعشرين ازدادت برامج الذكاء الاصطناعي تطورا وحققت مستويات أداء متميزة شبيهة بما ينجزه الخبراء البشر وخاصة في مجال الترجمة والكتابة اليدوية والتعرف على الأصوات والتشخيص الطبي وتصميم الحواسيب وبرمجتها.

صحيح أن العمل كان بطيئا في بداياته ولكن شيئا فشيئا وخلال الفترة الممتدة بين 2012 و2013 تسارعت وتيرة الأبحاث في هذا المجال نتيجة عاملين على الأقل:

• الأول هو تطور شبكة الانترنيت واستيعابها اللامحدود للبيانات.

• الثاني هو تنامي القدرة الحسابية الهائلة لأجهزة الكمبيوتر بفضل بطاقات الرسوميات التي باستطاعتها انجاز ملايين العمليات الحسابية في الثانية الواحدة، ليصبح ما يعرف" بالتعلم العميق" أداة سحرية لتحقيق التطور في كل مجالات الحياة تقريبا.

إذا ومع  مرور الوقت نجح الانسان في تطوير شبكات عصبية اصطناعية تحاكي الخلايا العصبية للدماغ البشري وقادرة على أداء مجموعة من المهام الصعبة و المعقدة بما في ذلك التكلم والتمييز بين الأصوات والصور والوجوه والأحاسيس وباقي البيانات المسموعة والمرئية كنبرة الصوت ولغة الجسد، حيث أصبح بالإمكان صنع روبوتات على غرار الروبوت " هربرت" Herbert)  ) و" كوغ" Cog)  )[11] قادرة على التجول بيننا والتفاعل مع بيئتنا والقيام بخدمات متنوعة بدءا بتقديم المشروبات وجمع القمامة وانتهاء إلى قيادة المركبات و التعاطي مع الألغام واكتشاف مناخ المريخ وتضاريسه.

ويبدو أن الإصرار على إدماج الآلة في حياتنا لم يكن لمجرد المتعة والترفيه أو البحث عن سبل الراحة أو تسهيل مجريات اليومي ومقتضياته فحسب بل كان مسكونا بروح المغامرة، ناهيك عن كونه لا يخلو من نزعة التحدي:

- تحدي الانسان للآلة أولا للوقوف على امكانياتها واكتشاف مداها وحدود أدائها.

- تحدي الإنسان لنفسه ولقدراته الذاتية ثانيا.

 ولعل ذلك ما يفسر السرعة الكبيرة والنسق المتسارع الذي تجرى خلاله الأبحاث في مجال الخوارزميات والبرمجيات وعلوم السبرنيطيقا عموما، إضافة إلى عدد المواجهات و كم المنافسات التي جمعت الانسان بالحاسوب والتي لا تعد في حقيقتها سوى اختبارا لقدرات الانسان والآلة في آن واحد.

 ففي سنة 1997 وفي عرض مثير للذكاء الاصطناعي نقلته جل محطات التلفزيون انهزم بطل العالم للشطرنج في ذلك الوقت الروسي  "غاري كيموفيتش كاسبروف" (Kasparov) في مواجهة الحاسوب المتخصص" ديب بلو" (DEEP BLUE)[12]الذي برهن عن امكانياته الحسابية الكبيرة وقدرته على القيام بمسح شامل للحركات المحتملة للمنافس.

وتعد هذه أول هزيمة للعقل البشري أمام آلة في لعبة معقدة مثل لعبة الشطرنج، حيث عدد الاحتمالات الكلي في مباراة واحدة هو 1 وإلى يمينه 123 صفرا. وفي تعليق على هذا الحدث اختارت مجلة "نيوزويك" Newsweek) ) في عددها الخامس الصادر في شهر ماي 1997 هذا العنوان: "الوقفة الأخيرة للعقل البشري".

وبعد عشرين عاما تقريبا وفي سنة 2017 فاز برنامج "ألفاغو" AlphaGo) ) المبني على الذكاء الاصطناعي والذي صممته شركة "ديب مايند" DeepMind)  )التابعة لشركة غوغل- على بطل العالم "كي جي" في لعبة "غو" الصينية وهي شبيهة بالشطرنج، لكنها أكثر صعوبة بالنسبة إلى الحواسيب، حيث إن عدد الاحتمالات الكلي فيها هو 1 وإلى يمينه 360 صفرا (متوسط عدد النقلات في المباراة الواحدة هو 150)، أي أكثر من عدد ذرات الكون.

في نفس هذا السياق وفي منتصف عام 2019 لعب برنامج الذكاء الاصطناعي "بلوريبوس" Pluribus)  )  الذي تم تطويره بالتعاون بين مختبر الذكاء الاصطناعي لفيسبوك وجامعة "كارنيغي ميلون" Carnegie Mellon)  )  الأميركية مع خمسة لاعبين محترفين في لعبة البوكر التي تدعى "تكساس هولدم – نو ليميت" Texas Holdem – No Limit))، وهي أكثر أشكال البوكر انتشارا على نطاق العالم. وتغلب" بلوريبوس" عليهم جميعا، وكانت المرة الأولى التي ينجح فيها الذكاء الاصطناعي بالفوز على أفضل اللاعبين المحترفين من البشر، في لعبة معقدة تضم ستة لاعبين.[13]

ولئن بدت تأثيرات الذكاء الاصطناعي شبيهة إلى حد كبير بموجة الأنترنيت وما أحدثته من تغييرات على سلوك البشر وأنماط حياتهم فإنها تفوقها وقعا وتأثيرا لأن الآلة في هذه الحالة  - وعلى عكس أنظمة الكمبيوتر الكلاسيكية - بإمكانها الوصول بأدائها إلى مستويات متطورة وغير مسبوقة بمجرد خضوعها للتدريب وشيئا فشيئا  وبقليل من التكرار واعتمادا على ثنائية التجربة والخطأ تكتسب تدريجيا القدرة على توظيف ذكائها لتطوير نفسها والرفع من أدائها بشكل يحاكي سلوك البشر وربما يتفوق عليه (القدرة على التقييم الذاتي وحل المشكلات واتخاذ القرارات ...)[14].

و يطمح العلماء في مجال الذكاء الاصطناعي إلى دفع الحواسيب " للتفكير" و" التعلم الذاتي"  لتصبح قادرة وبشكل مستقل أن تضع خوارزمياتها وأن تصلح أعطابها و أن تنتج أجيالا جديدة من الآلات الذكية دون تدخل الإنسان وبذلك تصبح الآلة بمكوناتها اللينة والصلبة مناظرة للعقل البشري.[15]

وهذا الواقع الجديد يؤشر إلى بلوغنا مرحلة جديدة في مجال الخوارزميات[16] يمتلك فيها الذكاء الاصطناعي قدرات لا حصر لها من قبيل تمييز الأشكال والتراكيب وحل المعادلات الصعبة وتخزين المعلومات في مجموعة كبيرة من البيانات لتصبح بذلك الآلة قادرة فعلا لا مجازا على الرؤية والسمع وتكوين روابط لا حد لها من التصورات المختلفة التي تنشئ عبرها تمثلها الخاص للأشياء والأشخاص وللكون الذي يحيط بها وتتحرك في ثناياه.

ويمكن الجزم مبدئيا أن الإنسان ما كان ليبلغ هذه المرحلة لولا تظافر عدد من العوامل منها:

• التقدم التكنولوجي الهائل في مجال علوم الكمبيوتر والحوسبة وتقنيات التواصل.
• الثورة المعلوماتية وما رافقها من انفجار في المعلومات والمعارف وتدفقها بشكل كبير في مختلف المجالات.
• الثورة الرقمية التي أمنت عملية الانتقال من التقنيات الميكانيكية والتناظرية إلى تقنيات الديجيتال الالكترونية وحفظ السجلات رقميا، مما أدى إلى إمكانية تخزين ونقل المعلومات الرقمية بسهولة بين مختلف الوسائط مع سرعة الوصول إليها ونشرها عن بعد.
• الثورة البيوجزئية أو ثورة الكوانتوم[17] وتكنولوجيا النانو[18] والأجهزة الميكرو الكترونية وماسحات الأشعة المقطعية والبوزيترون[19].

إذا وبناء على ما تقدم وبالنظر إلى التطور الكبير الذي ينطوي عليه عصر المعلومات فإن الخبراء من أهل الاختصاص يتوقعون بالضرورة حدوث تغيرات كبيرة ستطال جميع المنظومات في العالم بما فيها المنظومات التربوية.

وهنا يكون الخيار السليم في استثمار مجلوبات الأبحاث العلمية والتكنولوجية الخاصة بالشبكات والبرامج والأنظمة والبيانات الرقمية في المجال التربوي خدمة للتعليم وتطويرا لمنظوماته وتيسيرا لعملية التعلم لتخريج جيل قادر على مواكبة هذه الطفرة السيبرانية السريعة والاستفادة من مشاريع الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في فهم العقل البشري وتعقيداته وتهيئة أبنائنا وبناتنا التلاميذ لتعليم مختلف تتفاعل في بلورته علوم عديدة من بينها العلوم الصحيحة كالفيزياء والرياضيات والتقنية والإعلامية، إضافة إلى علوم التربية كعلم الاجتماع وعلم النفس وعلم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع التربوي وعلم النفس العرفاني وغيرها من العلوم التي تهتم بدراسة الإنسان وكيفية تواصله مع الآخرين و مع البيئة التي يوجد فيها ويتفاعل مع مكوناتها.

المبحث الثاني: الذكاء الاصطناعي في خدمة منظومة التعليم وتطويرها:

في سنة 2019 نظمت اليونسكو بالتعاون مع الحكومة الصينية مؤتمرا دوليا حول الذكاء الاصطناعي والتعليم انعقد في بيجين تحت شعار " تخطيط التعليم في عصر الذكاء الاصطناعي: قيادة القفزة ". وقد اهتم هذا المؤتمر بدراسة التأثيرات المحتملة لنظم الذكاء الاصطناعي على التعليم وقد انبثق عنه ما يعرف بتوافق بيجين الذي يعد أول وثيقة تقدم توصيات حول أفضل السبل لتسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة الهدف الرابع من

أهداف التنمية المُستَدَّامَة لسنة 2030 المتعلق بالتعليم.

ولعل من أهم التوصيات التي انتهى إليها المؤتمر هي ضرورة أن تضع اليونسكو مبادئ توجيهية وموارد لدعم بناء قدرات واضعي السياسات التعليمية ودمج مهارات الذكاء الاصطناعي في أطر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات واتباع نهج شامل لتعزيز التعاون الدولي في مجال الذكاء الاصطناعي والتعليم مع الشركاء المعنيين.

ويبدو أن أهم دافع لتنظيم مثل هذه المؤتمرات هو التطور السريع المسجل في مجال تكنولوجيات النانومتر والذكاء الاصطناعي، حيث يتوقع العلماء أنه سيكون له تأثير كبير على مستقبل التعليم في العالم وأنه قد ينطوي على حلول لجملة المشاكل التي يعاني منها القطاع في عديد البلدان كالهدر والتسرب المدرسي والانقطاع المبكر عن التعليم واضطرابات التعلم وصعوباته، كما أنه سيساعد كثيرا في إدارة الشأن التعليمي وتنظيم الموارد المادية والبشرية ورسم الخطط المستقبلية.

وما من شك أن العالم اليوم يتجه نحو مجتمع دولي جديد، يشكل مجتمع المعرفة والذكاء الاصطناعي أهم ركائزه الأساسية خاصة بعد تحوله من مجرد منظومة لمعالجة المعلومات إلى آلة تنتج المعرفة وتوظفها[20].

 ولهذا يذهب العديد من الباحثين إلى أن عصر المعلوماتية القائم على الحاسوب والاتصال والذكاء الاصطناعي سيكون له أثر كبير على التربية التي ستشهد هزات وتحولات كبيرة لن تؤثر على النظم الدراسية وطرائق اشتغالها فحسب بل سيطال تأثيرها العلاقة بالمعرفة وأنساق التعلم ومساراته.

ونظرا لتعدد فرص وامكانات استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالي التربية والتعليم فسنكتفي باستعراض ثلاثة منها وهي:

- مجال الإدارة والتصرف في الموارد

- البيداغوجيا الفارقية والتعلم الإفرادي

- مجال المحادثة الآلية والتفاعل.

1- استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال إدارة التعليم

يتزايد استخدام تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي يوما بعد يوم لتسهيل إدارة التعليم حيث تم تصميم تطبيقات موجهة لتحليل أنظمة المعلومات والبيانات الضخمة في مجال الإدارة والتصرف و الحوكمة، إضافة إلى تقديم المعلومات الضرورية للمدرسين والإداريين وتوجيه المتعلمين وارشادهم بما في ذلك عمليات الترسيم وإعداد جداول الأوقات ومراقبة الحضور وأداء الواجبات المنزلية وعمليات المراقبة والتفقد والتدقيق، إضافة إلى وضع المخططات ورسم  السياسات لدعم التعليم  المعزز بتقنيات الذكاء الاصطناعي حتى تكون الدراسة متاحة للجميع ويكون التعليم حقا لكل الناس في جميع أنحاء العالم.

ومن البديهي أن الحاجة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي تتأكد أكثر في حالات الحرب والطوارئ والكوارث الطبيعية، ويبدو أن جائحة الكوفيد-19 قد رسخت هذه الفكرة خاصة وأن الأرقام تفيد بأنها تسببت بشكل أو بآخر في انقطاع أكثر من 1.6 مليار طفل / شاب عن التعليم في 161 بلدا، أي ما يقرب من 80 % من المقبلين على الدراسة في أنحاء العالم وهو رقم أقل ما يقال عنه أنه مخيف بل مفزع.

" في هذا السياق تحديدا يتنزل نداء " أنطوني ليك" (ANTHONY LAKE) المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة لإغاثة الأطفال " اليونيسيف " حين صرح سنة 2020 قائلا :" إننا نواجه اليوم اختيارا يتعين علينا أن نتخذه بشكل جماعي ، فإما أن ننفق المزيد الآن على التعليم في حالات الطوارئ والأزمات ، أو ندفع ثمن جيل مفقود من الأطفال غير المتعلمين بل المحطمين."

ولذلك وقع تطوير عشرات بل مئات المشاريع والأنظمة و التطبيقات في مجال إدارة التعليم مثل نظام ( OU Analyse ) وهو تطبيق صممته جامعة المملكة المتحدة المفتوحة للتنبؤ بنتائج الطلاب وتوقع نسبة الطلبة المعرضين لخطر الفشل أو التسرب المدرسي استنادا إلى البيانات الضخمة التي يقع تحليلها.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية وقع تطوير مشروع " يوني تايم" ( Uni Time)  المخصص للتخطيط وجدولة  الدروس والامتحانات والدورات التدريبية.

أما في الهند فقد طورت شركة خدمات التعلم الالكتروني السريع (Swift e-learning Services) مجموعة من الأساليب تعرف باسم "سويفت"(Swift) لمساعدة أنظمة معلومات إدارة التعليم على الاستفادة من البيانات التي تم إنشاؤها في وحدة التعلم الالكتروني بحيث توفر هذه البيانات المجمعة رؤية دقيقة حول متى ولماذا يعجز الطلبة عن تحقيق نتائج جيدة وتساعد بذلك على إنشاء مسارات تعليمية موجهة لهذه الفئة دون غيرها[21].

وعلى الصعيد العالمي هناك أكثر من ستين نظاما من نظم التدريس الذكية التجارية المتاحة اليوم بما في ذلك "ألف" (Alef) و" أليكس" (ALEKS) و"بيجوس" (Byjus) و"ماتيا "(Mathia) و"قبينا "(Qubena) و"ريد" و"سكويرل للذكاء الاصطناعي" (Al Squirrel)...

2- - استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التعلم الإفرادي:

ما من شك في أن لكل متعلم نسقه في فهم المعلومة واستيعابها وتوظيفها وهذه الحقيقة تأسست عليها مقاربات تربوية تعرف باسم البيداغوجيا الفارقية التي تقوم على مبدأ تنويع الطرق والوسائل التعليمية التعلمية وتأخذ بعين الاعتبار تنوع المتعلمين واختلافهم من حيث السن والقدرات والسلوكات وتعترف بالتلميذ كشخص له إيقاعه الخاص في التعلم وتمثلاته الخاصة في الفهم والإدراك.

 وقد اهتم عدد كبير من الباحثين والمختصين بهذا الموضوع عبر تطوير تطبيقات وبرامج تمكن كل متعلم أينما كان من الوصول إلى تعليم جيد وشخصي وشامل في كل مكان ومدى الحياة سواء كان ذلك في إطار نظامي أو غير نظامي، رسمي أو غير رسمي.

هذه الأدوات تعرف باسم " أنظمة التدريس الذكية" ( ITS ) التي أصبحت مركز اهتمام جل شركات التكنولوجيا الرائدة في العالم[22].

وتعمل هذه الأنظمة الذكية من خلال توفير برامج تعليمية متنوعة ومتدرجة مثل منصات التعلم عن بعد التزامنية وغير التزامنية كـ "موودل" (Moodle) و "اوبن ايدكس" (Open edX)، التي ترافق الطالب وتشتغل معه خطوة بخطوة وهي برامج وتطبيقات مخصصة لكل المواد تقريبا كاللغات والرياضيات والفيزياء والعلوم، حيث يتولى البرنامج مساعدة المتعلم وتقييم أدائه وتوجيهه وتصحيح أخطائه.

فبمجرد شروع التلميذ في أنشطة التعلم يتتبع التطبيق تلقائيا نسقه العرفاني لضبط التعثرات والصعوبات التعليمية التي يشكو منها ومن ثم يتدخل لتقديم المساعدة الضرورية عبر إرشادات أو توجيهات أو أسئلة إضافية هدفها تحفيز ذهن المتعلم على الفهم وكل ذلك وفقا لنقاط القوة والضعف لديه.

والأكثر من ذلك تقوم أنظمة التدريس الذكية بالتقاط وتحليل البيانات الخاصة بالحالة النفسية والعاطفية والمزاجية للطالب من خلال مراقبة نظراته وتتبع حركاته وردود أفعاله وذلك قصد تحديد درجة انتباهه ومدى استعداده لتلقي المعرفة، وكل ذلك بفضل مستشعرات عالية الدقة والتصميم.

ولعل ما يثير الاهتمام حقا في هذا الصدد هو استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لمساعدة الأطفال الذين يعانون من عدم القدرة على التعلم أو لديهم صعوبات أو اضطرابات تعيق سيرورة التعلم لديهم، فتم تصميم روبوتات شبيهة بالبشر لديها القدرة على تطوير مهارات الاتصال والتواصل مع ذوي الإعاقة أو من يشكون من طيف التوحد أو الأسبرجر، عبر تفاعلات ميكانيكية يمكن التنبؤ بها وتكون بديلا عن التفاعلات البشرية[23]. 

وكما نجح العلماء سابقا في زرع قواقع الأذن لتحسين السمع ومنظم ضربات القلب والأطراف الاصطناعية التي تتفاعل مع الجسم وتستجيب للحركة بشكل شبه طبيعي فقد يتوصلون أيضا إلى ما يمكن أن يساعد على تطوير قدرات العقل وتخليصه من النسيان وأمراض الذاكرة وغيرها من الاضطرابات والصعوبات.

3- استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال المحادثة الآلية والتفاعل مع الأطفال:

 انتشرت في الآونة الأخيرة  برامج حاسوب عبر الانترنيت تعرف باسم "روبوتات المحادثة التعليمية " التي تجري حوارات مع الأشخاص إذ يكفي أن يكتب المستخدم السؤال الذي يريد الإجابة عنه لتقوم الآلة بتوفير المعلومات الضرورية.[24]

وتستخدم أنظمة التدريس المستندة إلى الحوار DBTS )) معالجة اللغة الطبيعية وتقنيات الذكاء الاصطناعي الأخرى لمحاكاة حوار تعليمي منطوق بين المدرسين المتعلمين قصد تعليمهم اللغة والتواصل الشفوي وتوجيههم لتوظيف المعارف واستنفارها في حل المشكلات وطرح البدائل بعيدا عن الاجترار  الميكانيكي للمعلومات.

ومن أشهر الأنظمة الرقمية في هذا المجال نذكر نظام " أوتو توتر" AutoTutor)) ونظام " واطسون توتر" (Tutor Watson) الذي تم تطويره بواسطة شركة آي بي إم (IBM) الأمريكية.

وعادة ما يتم استخدام هذه الأنظمة لمقارنة إنتاج الطلبة وأدائهم بعينة من تسجيلات المتحدثين الأصليين ومن ثم تقديم الملاحظات لمساعدتهم على التواصل فيما بينهم وتحسين طريقتهم في نطق الحروف والكلمات وقراءة المواد التعليمية بلغات أخرى.

وتشمل تطبيقات الذكاء الاصطناعي للقراءة وتعلم اللغة عدة برامج من أشهرها " أوول تيتشر"(Al Teacher) و "اميزينغ انغليش" (Amazing English).

ويبقى يرنامج المحادثة الآلية " شات جي بي تي" (Chat GPT) [25]وخاصة في نسخته الرابعة والخامسة من أشهر تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا المجال وهو عبارة عن تطبيق مبرمج محفز على التعلم، يتضمن مساعدات رقمية تعتمد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ويتيح تقديم الدعم والمساعدة للمتعلم والرد التلقائي عل استفساراته بما يتيح له التفاعل مع الآلة كما لو كان يتواصل مع أفراد حقيقيين.

ويوفر برنامج " شات جي بي تي " الكثير من المعلومات المتخصصة للمتعلمين وهو قادر على مناقشة أي موضوع مع الطالب كما أنه قادر على أداء مهمة محددة كفهم النص الذي يدخله المتعلم والبحث عن الإجابة الصحيحة وتقديم الاقتراحات المناسبة وفق حاجات وانتظارات المستخدم.

 كما أنه يوفر شكلا من أشكال التفاعل بين المتعلم وبيئة التعلم باستخدام الكتابة النصية أو الرسائل الصوتية لأنه مصمم لكي يعمل بشكل مستقل دون تدخل بشري، بما يسمح له بالإجابة عن الأسئلة التي تطرح عليه، وتظهر إجاباتها كما لو كانت صادرة عن شخص حقيقي[26].

والأكثر من ذلك باستطاعة هذا البرنامج انجاز بحوث فلسفية وأدبية وعلمية وكتابة مقالات في مجال السياسة والقانون والطب والقيام حتى بأطروحات ورسائل دكتوراء وتقديم خدمات لا حصر لها للمدرسين كما للطلبة، وهو حتما ما لم نتعود عليه من قبل في مجال التدريس والبحث.

ويعد الذكاء الاصطناعي حلا للمدرسين الجدد لأنه سيساعدهم على تخير طرق التدريس المناسبة والتمشيات البيداغوجية والديداكتيكية الملائمة لكل طالب استنادا إلى امكانياته ودرجة تحصيله وأخذا بعين الاعتبار جملة الصعوبات التي يشكو منها بحيث يتحول المدرس إلى مرافق للطالب وموجه له، يستعين بعدد كبير من البيانات التي يتيحها الكمبيوتر لتعليمه وتوجيهه وتقييمه مثل الطبيب الذي لديه القدرة على التمييز بين آلاف الحالات المشابهة والتي تجعل هذا المريض مختلفا عن بقية المرضى ولو تشابهوا كلهم في الأعراض.

 وهكذا تبدو استخدامات الذكاء الاصطناعي في المجال التربوي لا حصر لها حيث تغطي كل مجالات التعليم تقريبا من تدريس وتدريب وتقييم وهندسة للاختبارات وتكوين وبحث وإنشاء عروض وهو ما سيسهل الأمر على كل المعنيين بالشأن التربوي من طلبة ومدرسين وإطار إشراف إداري وبيداغوجي.

وقد أشارت العديد من الدراسات في هذا الصدد إلى ضرورة تضمين تقنيات الذكاء الاصطناعي في المناهج لما لها من دور في تنمية كفايات المتعلمين وقدراتهم وإعدادهم للمستقبل عبر تمكينهم من مهارات الإبداع والابتكار وحل المشكلات والتفكير الناقد والتواصل[27].

غير أن هذا الاستخدام المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة في التعليم وما يتيحه للمستخدمين من سهولة وسرعة ودقة في الوصول إلى المعلومات ومعالجتها وما يوفره من بيئة تفاعلية تساعد على تنمية البعد العرفاني والانتقال من باراديغم التعليم إلى باراديغم التعلم يجعلنا نتساءل عن كم التحديات التي سترافق هذه الثورة العلمية وما تنطوي عليه من سلبيات ومخاطر على وجود الانسان وعلى مستقبله؟

المبحث الثالث : المخاوف والسلبيات:

خلال افتتاح مركز " ليفر هيوم " لمستقبل الذكاء الاصطناعي ((CFI بجامعة كمبردج البريطانية عام 2016 صرح عالم الفيزياء الانجليزي " ستيفن هوكينغ" (Stephen Hawking) بما يلي: " من المرجح أن يكون الذكاء الاصطناعي أفضل أو أسوأ شيء يحدث للبشرية على الإطلاق، لذلك فهناك قيمة كبيرة في تصحيحه".

وهذا التوجس من تطور الذكاء الاصطناعي عبر عنه عالم الحاسوب " جيفري هينتون " (Geoffrey Hinton) الذي استقال من منصبه في شركة غوغل بسبب توقعاته المرعبة في هذا المجال، كما أكده رجل الأعمال والمستثمر " إيلون ماسك " (Elon Musk ( في أكثر من مرة  حيث دعا هو ومجموعة من الخبراء والرؤساء التنفيذيين لعدد من الشركات في خطاب مفتوح إلى التوقف عن تطوير تدريب نماذج اللغة الكبيرة لمدة ستة أشهر على الأقل  بهدف أن تلتقط البشرية أنفاسها من هذا السباق المحموم، وتتمكن من تقييم مخاطر تلك النماذج على الإنسانية والمجتمع، في محاولة للسيطرة عليها وفرض قوانين تحكمها.[28]

في نفس السياق حذر "سام ألتمان" (Sam Altman)، رائد الأعمال الأمريكي والرئيس التنفيذي لشركة "أوبن إيه أي"(  Open AI) من خطورة الذكاء الاصطناعي على العالم، وقال خلال إفادة أدلى بها في جلسة استماع أمام الكونغرس : " إن التدخل الحكومي أمر ضروري ومهم وحاسم للتخفيف من مخاطر أنظمة الذكاء الاصطناعي المتزايدة بقوة ومنعه من الخروج عن السيطرة."

واقترح "ألتمان" تشكيل وكالة جديدة أمريكية أو عالمية تكون مهمتها منح التراخيص لأنظمة الذكاء الاصطناعي، وتتمتع بسلطة سحب هذا الترخيص وضمان الامتثال لمعايير السلامة من خلال فرض ضمانات من شأنها تنظيم عمل نماذج الذكاء الاصطناعي التي يمكنها التكرار والتسلل الذاتي، وهو ما يعكس المخاوف المستقبلية من أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة التي يمكن أن تتلاعب بالبشر وتسيطر عليهم.

ونفس هذه المخاوف تقريبا عبر عنها المهتمون بالشأن التربوي من مختصين وبيداغوجيين لأن الذكاء الاصطناعي مثلما بمقدوره أن يساهم في تطوير العقل وتسهيل سبل اكتساب المعرفة في أقل وقت وأيسر جهد، فإنه يمكن أن يتحول وفي أي لحظة إلى عائق تعليمي وإلى معول هدم خاصة متى لم نحسن توظيفه واستثماره الاستثمار الأمثل.

فصحيح أن الألة بإمكانها مساعدة المتعلم على ربح الوقت عند مراجعة الدروس أو انجاز البحوث أو القيام بالواجبات المنزلية ولكنها في مقابل ذلك ستهدر وقته في تصفح عشرات المواقع والروابط وقراءة كم هائل من المعلومات والبيانات ومشاهدة عدد لا حصر له من الصور والفيديوهات وكل ذلك سيستغرق منه وقتا وجهدا إضافيين وسيجعله أسيرا لجهاز الكمبيوتر أو الروبوت وعندها ستنقلب الأدوار ويصبح هذا الأخير فاعلا ويتحول الطالب إلى مفعول به أو مفعول فيه فاقد للقدرة على اتخاذ القرارات وعاجز عن مجاراة إغراءات الآلة وإغوائها.

 وهذا الأمر ليس من قبيل التوقع ولكنه بات حقيقة وواقعا نعيشه اليوم عند تعاملنا مع شبكات الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي كـ"فيسبوك" و"تويتر" و"انستاغرام"، فما بالك إذا تعلق الأمر بالحواسيب والخوارزميات والأنظمة التفاعلية التي تمتلك القدرة على المحادثة والحوار و الإجابة عن الأسئلة والاستجابة لمتطلبات المستخدمين؟

ما من شك في أن الوقت الذي سيقضيه الطالب أمام شاشات الحاسوب سيكون على حساب الوقت المخصص لعلاقاته وأنشطته الأخرى مما قد يتسبب له بعزلة اجتماعية وعدم اختلاط بالناس وما سينتج عن ذلك من أمراض اجتماعية ونفسية كالقلق والتوتر والاكتئاب إضافة إلى الأعراض الصحية الخطيرة الأخرى كارتفاع ضغط الدم والسكري والسكتات الدماغية.

فعلى سبيل المثال نشر موقع قناة "كانال في" (Canal vie)الكندية، تقريرا كشف فيه مدى تأثير شبكة الإنترنت على علاقتنا بالعالم الخارجي. وقال الموقع في تقريره أن شبكة الإنترنت ستكون عامل عزل اجتماعي للكثيرين بمن فيهم الموظفين الذين أصبح لديهم ميل للتواصل مع بعضهم البعض عبر البريد الإلكتروني والهاتف، أو عبر الشبكات الداخلية.

ويبدو أن هذا الأمر سيصبح أشد خطورة كلما ازدادت الأبحاث والاكتشافات في مجال الذكاء الاصطناعي، فقد أعلنت شركة فيسبوك لمالكها" مارك زوكربيرغ " عن إطلاق آخر مشاريعها الذي أطلقت عليه اسم " الميتا فيرس" (metaverse)أو " ما وراء الكون."

وهذا المشروع ليس مجرد وريث لموقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك " أو بديلا عنه بقدر ما يبدو كبرنامج هدفه خلق عالم افتراضي تفاعلي يحاكي الحقيقة عبر تقنيات متطورة جدا تعرف بتكنولوجيا المستقبل وهي شبيهة بما نراه في أفلام الخيال العلمي حيث سيصبح لكل فرد شخصية افتراضية ينضم من خلالها لهذا العالم الافتراضي الواسع واللانهائي بمجرد النقر على زر وباستعمال أدوات معينة هي عبارة عن نظارات وسماعات وقفازات..

قد يبدو الأمر بسيطا في هذا المستوى ولا يعدو أن يكون مجرد لعبة من الألعاب ثلاثية الأبعاد التي انتشرت منذ سنوات إلا أن واقع الأشياء وما تطمح له مثل هذه الشركات النافذة يؤشر إلى العكس وينبئ بالأسوأ.

ولعل الأخطر في الموضوع هو ذاك التشويش الذي سيحدث للمستخدمين بسبب الربط بين العالمين الواقعي من جهة والافتراضي من جهة ثانية، الحقيقي من ناحية والمزيف من ناحية أخرى، خصوصا وأن التقنيات المشار إليها ستفتح لنا فرصا وآفاقا وامكانيات تفوق الخيال حيث سيصبح بإمكاننا التنقل بين العوالم والأزمنة في حركة لامتناهية (360 درجة) والانغماس الكلي في هذه الأطر عبر الإحساس بالروائح وبملمس الأشياء والتنبه إلى الحركات وردود الأفعال واستشعار الخطر، وتبين مشاعر وأحاسيس الغير كما لو كنا بينهم.

الخطورة الثانية مدارها معطياتنا الشخصية التي ستصبح متاحة أكثر لهذه الشركات العابرة للقارات تستخدمها في أغراض شتى كالإشهار والدعاية والانتخابات وغيرها من المجالات حيث سيصبح الجميع كتابا مفتوحا يسهل معرفة توجهاته ورغباته وميولاته بعيدا عن كل خصوصية بما أن كل بياناتنا الشخصية مخزنة لديهم في موزع أو سيرفر مركزي..

فمع كل تعامل رقمي من قبيل رسائل البريد الإلكتروني وما نحمله من الإنترنت من صور ومنشورات نكون قد مكنا هذه الشركات من الوصول بياناتنا وبالتالي مراقبتنا والتحكم في خياراتنا وميولاتنا. ومع إضافة تقنيات التعرف على الوجه والقياسات الحيوية و البيانات الجينية و التحليل التنبئي المدعوم بالذكاء الاصطناعي، فإننا نكون قد دخلنا منطقة خطرة ومجهولة خصوصا مع تنامي آليات المراقبة والتتبع من خلال البيانات دون أي فهم تقريبا للآثار المحتملة.

في هذا السياق أصبح للذكاء الاصطناعي القدرة على سرقة كلمات المرور بدقة متناهية قد تصل إلى نسبة 95٪ من خلال الاستماع إلى ما يكتب على لوحة المفاتيح.

فقد درب باحثو جامعة كورنيل الأمريكية (Cornell University) نموذجًا للذكاء الاصطناعي على التسجيلات الصوتية للأشخاص الذين يكتبون، وتعلم الذكاء الاصطناعي التمييز بين الأصوات المختلفة التي يصدرها كل مفتاح عبر تحديد شكل الموجة وكثافة ووقت كل ضغطة.

والمؤكد أن هذا الواقع الجديد المحفوف بالمخاطر سيتعدى تأثيره مستوى الأفراد ليهدد الأمن القومي للدول والأنظمة والحكومات.

من ناحية أخرى قد تساهم أنظمة الذكاء الاصطناعي في تحويل الانسان إلى مجرد آلة وتحويل الفعل التربوي الى فعل ميكانيكي خال من أي اجتهاد، أضف إلى ذلك فإن الاستخدام المكثف لتقنيات الذكاء الاصطناعي سيزيد من تعويل المتعلم على الآلة ومن اتكاله عليها في أداء المهام والواجبات الموكولة له وهو ما سيتسبب في محدودية القدرات التعليمية للطالب وتراجعها وليس العكس.

إن تعويل المتعلم على الآلة قد يدفعه تدريجيا لاستغلالها بشكل سلبي يتناقض تماما مع الغاية التي وجدت لأجلها وهذا ما قد يفسر المخاوف من إمكانية استخدام الطلبة للبرامج والتطبيقات الذكية في انجاز البحوث والواجبات المدرسية أو الغش في الامتحانات قصد تضليل المدرسين وإيهامهم بأنهم هم من قاموا بتلك الأعمال.

  هذا إضافة إلى امكانية استعمال هذه البرامج والمنصات في التضليل ونشر الأكاذيب والإشاعات وانتهاك حقوق التأليف والطباعة والنشر...

من جهته لا يبدو المعلم بمعزل عن مخاطر الاستعمال المكثف للذكاء الاصطناعي لأن البرمجيات والنظم والتطبيقات التي توصل إليها العلماء اليوم ما هي في جوهرها إلا بديلا عن الدور الذي يؤديه المدرس، وهو ما يشكل تهديدا حقيقيا لأمنه الوظيفي ولمستقبل المهنة ككل والتي قد تنقرض في قادم السنوات.

كما أن تعويل المعلم على أدوات الذكاء الاصطناعي في عمله قد ينزع عنه إنسانيته و يحوله إلى فاعل سلبي ويحول الفعل التربوي إلى فعل ميكانيكي فاقد لأي معنى. فتوفير الجهد المبذول في تحضير الدروس والجذاذات والأنشطة والفروض وربح الوقت في الإعداد والانجاز وإصلاح الروائز والامتحانات سيقابله نزوع نحو التعويل الكلي على الآلة فيتحول بذلك الفعل التربوي إلى فعل منزوع من أي خيال أو ابداع وفاقد لبصمة المعلم ولإضافته الشخصية التي تميزه عن بقية المعلمين.

 ومثلما أن إمكانية استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي في الغش واردة بالنسبة إلى التلاميذ فإنها تنطبق على المدرسين كذلك لأنها قد تفتح الباب للتحيل وللسرقات العلمية والأدبية التي قد يلجأ إليها البعض بغاية الشهرة أو بدافع الكسب المادي والترقي المهني..

خاتمة :  هل من سبيل لأنسنة الذكاء الاصطناعي؟

في بداية تسعينات القرن الماضي نشر الكاتب الاقتصادي وعالم الإدارة الأمريكي من أصل نمساوي             " فردنان دراكر" Peter Ferdinand Drucker)‏) مقالا شهيرا بعنوان " عصر التحولات الاجتماعية " قاصدا به القرن الحادي والعشرين الذي وصفة بأنه تاريخ غير مسبوق للبشرية يحل فيه الصراع على المعرفة محل الصراع على الثروات الطبيعية ويصبح اقتصاد المعرفة هو المحور الأساسي الذي ينمو حوله الأفراد والمؤسسات والمجتمعات.

وقد تبين اليوم أن الإنسانية تشهد تحديات كبرى مرتبطة أساسا بوجود الانسان وبمدى استمراريته وقدرته على أداء وظائفه التقليدية خاصة بعدما أصبح في مواجهة مفتوحة مع الآلة وهو ما يتطلب منه جهدا مضاعفا لتنمية مهاراته وتطوير معارفه وقدرته على التكيف مع التغيرات والتعامل مع المستجدات والأزمات الطارئة.

وبين مشكك في إمكانات الذكاء الاصطناعي ومهول لقدراته نقول إنه ورغم تشاؤم الكثير من الباحثين من الآثار السلبية للذكاء الاصطناعي وتحذيراتهم المتزايدة من مخاطره، فإنه يبقى واحدا من أهم معالم عصر المعلوماتية والمشكل الحقيقي لا يكمن في أدوات الذكاء الاصطناعي بقدر ما يكمن في طريقة استعمالنا وتوظيفنا لها وفهم مكامن قوتها ونقاط ضعفها ذلك لأن التكنولوجيا في حد ذاتها ليست جيدة أو رديئة.

لذلك فمن السذاجة اليوم طرح سؤال هل نحن مع أو ضد استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في كل المجالات بما في ذلك مجال التربية والتعليم لأن الإجابة محسومة سلفا وعجلة التاريخ لن تسير إلى الوراء ولعل في الوعي بمخاطر الاستعمال المكثف لتقنيات الذكاء الاصطناعي والتحذيرات المتتالية منه إشارة إلى قدرة الانسان على استشعار المخاوف وبالتالي تجاوزها. وقد يكون الحل الأمثل أمام التطور المتسارع للآلة هو ما ذهب إليه الكاتب وعالم الحاسوب الأمريكي " ريموند كيرزويل"  ray kurzwell) ) عند حديثه عن        " الذكاء المعزز" الذي يقصد منه المزاوجة بين الذكاء البشري البيولوجي والذكاء الاصطناعي التقني بما يعني اندماجا بين الانسان والآلة تكون فيه الغلبة والسيادة للأول وتمنع الثاني من " التمرد" وتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمها له الإنسان[29].

صحيح أن نسبة الخطأ واردة في كل عمل بشري وأن سيناريوهات اختراق أنظمة الذكاء الاصطناعي واستغلال بعض العيوب أو الثغرات فيها لشن هجمات إلكترونية تؤدي إلى تعطيل البنى التحتية الحيوية للدول أو سرقة البيانات الحساسة لها أو نشر معلومات مضللة ومزيفة ممكنة كذلك ولكن ذلك لا يجب أن يدفعنا للقطع مع الأنظمة الذكية خاصة وأنه يمكن التخفيف من حدة هذه المخاطر إذ يعمل الباحثون على تطوير طرق آمنة وموثوقة لتصميم ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي. ويشمل ذلك وضع مبادئ توجيهية أخلاقية لتطوير الذكاء الاصطناعي، وضمان الشفافية والمساءلة في صنع القرار الخاص بالذكاء الاصطناعي، وبناء الضمانات لمنع العواقب غير المقصودة.

أضف إلى ذلك تتجه النية مستقبلا إلى تصميم أنظمة ذكاء اصطناعي مبرمجة لإعطاء الأولوية لسلامة الإنسان ورفاهيته ودعم الإجراءات التي من شأنها الإضرار بالبشر. ويمكن تحقيق ذلك من خلال دمج الاعتبارات الأخلاقية في تصميم وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي.

خلاصة القول فإن الاستخدام المتزايد لتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة في جميع المجالات وفي مقدمتها مجال التربية وفي التعليم لن يفيد البشرية إلا إذا كان شفافا وعادلا وشاملا لكل الفئات الاجتماعية ومنسجما مع القيم الإنسانية ومع القواعد والمعايير الأخلاقية التي تتأسس عليها العملية التربوية.

الأستاذ وحيد رحيم
متفقد عام للتعليم وباحث في الشأن التربوي

قائمة المصادر والمراجع:

1- ميشيو كاكو. (2001). رؤى مستقبلية، كيف سيغير العلم حياتنا في القرن الواحد والعشرين. (ت. سعد الدين خرفان، مراجعة محمد يونس)، الكويت: عالم المعرفة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

2- عبد النور عادل. (2005). مدخل إلى عالم الذكاء الاصطناعي. السعودية: مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية. ديسمبر2005.

3- جون سيرل.(2007).العقل. (ميشيل حنا متياس، المترجمون) الكويت: عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

4- مليكة مذكور التربية المستقبلية والذكاء الاصطناعي، المجلة الجزائرية للأبحاث والدراسات، العدد الأول، الجزائر. جانفي 2015.

5- الذكاء الاصطناعي والتعليم: إرشادات لواضعي السياسات، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بمشاركة المركز الإقليمي للتخطيط التربوي. مجموعة من المؤلفين.ت. محمد حامد إسماعيل. باريس 2021.

6- شحاته، نشوى رفعت (2022). توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، كلية التربية، جامعة دمياط، مجلة الجمعية المصرية للكمبيوتر التعليمي، المجلد العاشر – العدد الثاني – مسلسل العدد 20 - ديسمبر 2022.

7- أبو سويرح، أحمد إسماعيل (2022). تدريس الذكاء الاصطناعي، ضرورة تربوية ملحة. مجلة دراسات - نوفمبر 2022.

8- راي كيرزويل.(2010 ).عصر الآلات الروحية – عندما تتخطى الكمبيوترات الذكاء البشري. (ط2 ). ت. عزت عامر، كلمة وكلمات عربية للترجمة والنشر.

9- . راي كيرزويل. ( 2005 ). المفردة ضمن كتاب الإنسانيون الجدد، العلم عند الحافة( ط 1). ت. مصطفى ابراهيم فهمي، القاهرة، المجلس الأعلى للثقافة.

10- بيل غيتس. ( 1998 ). المعلوماتية بعد الانترنت طريق المستقبل . الكويت: عالم المعرفة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

11- واريك كيفن. ( 2013 ). أساسيات الذكاء الاصطناعي (ط 1). ت, هاشم أحمد مراجعة السيد عطا، القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.

12- آلان بونيه.(1970). الذكاء الاصطناعي. ت.علي صبري فرغلي ، دار الفاروق للنشر.جانفي1970.

13- Jacques Pitrat. De la machine à l’intelligence. Hermès. 1995.                                             

[1] يرجى التحقق من الرابط التالي  https://fr.wikipedia.org/wiki/Automata

[2]  يعود أول عرض للفيلم إلى يوم 16 ديسمبر 2014 وقد عرض في الولايات المتحدة الأمريكية يوم 10 أفريل 2015

[3] اختبار " تورينج " نسبة إلى الفيلسوف وعالم الرياضيات الإنجليزي " آلان تورينغ" Alan Mathison Turing)  ) وهو اختبار ذكاء اصطناعي يستهدف التحقق من قدرة الآلة على محاكاة المحادثة البشرية التي تتم وجها لوجه.

[4]  خلال دراسة منشورة في 13 فيفري 2023 بدورية "Public Understanding of Science " حصر باحثو مركز ليفرهيوم للذكاء الاصطناعي بجامعة كامبريدج 142 عملاً سينمائياً خلال قرن (1920/ 2020) تطرقت للذكاء الاصطناعي منها فيلم التعالي Transcendence ، الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence ، الآلة The Machine ، الروبوت Robot ، شابي Chappie ...

[5] ميشيو كاكو. (2001). رؤى مستقبلية، كيف سيغير العلم حياتنا في القرن الواحد والعشرين. (ت. سعد الدين خرفان، مراجعة محمد يونس)، الكويت: عالم المعرفة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

[6] انظر على سبيل المثال الندوة الافتراضية الخاصة باستخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم في الوطن العربي والتي نظمتها إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصال التابعة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم موفى شهر أكتوبر 2021.

[7]  مجمع اللغة العربية بالقاهرة (2003). معجم الحاسبات (بالعربية والإنجليزية) (ط. 3) القاهرة. ص. 19

[8] عبد النور عادل. (2005). مدخل إلى عالم الذكاء الاصطناعي. السعودية: مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.

[9]  بدأ الاهتمام رسميا بالذكاء الاصطناعي عام 1956 في كلية " دارتموث" في هانوفر بالولايات المتحدة الأمريكية، خلال انعقاد مدرسة صيفية نظمها أربعة باحثين أمريكيين هم : جون مكارثي، مارفن مينسكي، ناثانييل روتشستر وكلود شانون.

[10]  من أهم الانجازات في مجال الذكاء الاصطناعي ما قام به عالم الرياضيات ورائد الحاسوب البريطاني " آلان تورينج" الذي بشرعام 1950 بقرب ابتكار آلة تكون قادرة على مضاهاة الذكاء البشري من خلال اجتياز اختبار تطرح فيه أسئلة متطابقة وعشوائية على جهاز حاسوب وإنسان مخفي عن الأنظار، وعندها سينجح الحاسوب إلى درجة لن يتمكن فيها السائل من تمييز إجابات الآلة عن إجابات الشخص.

[11]  من تصميم عالم الحاسوب والمهندس الأسترالي " رودني بروكس" Rodney Brooks)‏ )

[12]  حاسوب ديب بلو هو حاسوب متخصص في لعبة الشطرنج من خلال إضافة دوائر محددة تم تطوريها في بداية التسعينات من القرن الماضي، من أنتاج شركة اي بي ام IBM يستخدم تقنية المعالجة التفرعية الشاملة لحل المشاكل.

[13]  الذكاء الاصطناعي والألعاب الذهنية https://www.aljazeera.net/tech/2021/10/30

[14]  أصبح بإمكان الآلة اليوم تحديد موعد خضوعها للصيانة الدورية بشكل ذاتي ومستقل عن أي برمجة مسبقة.

[15]  جون سيرل.(2007).العقل. (ميشيل حنا متياس، المترجمون) الكويت: عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.

[16]  يطلق المختصون على هذه المرحلة اسم الثورة الصناعية الرابعة

[17]  الكم هو مصطلح فيزيائي يستخدم لوصف أصغر كمية يمكن تقسيم بعض الصفات الطبيعية إليها مثل الطاقة والشحنات الكهربائية فهي تنتقل في هيئة كم أي وحدات صغيرة لا يوجد أصغر منها.

[18] تكنولوجيا النانو أو تقنية الجزيئات متناهية الصغر أو تقانة الصغائر هي العلم الذي يهتم بدراسة معالجة المادة على المقياس الذري والجزيئي. وهي تهتم بابتكار تقنيات ووسائل جديدة تقاس أبعادها بالنانومتر وهو جزء من الألف من الميكرومتر أي جزء من المليون من الميليمتر.

[19]  البوزيترون هو جسيم أولي لا يدخل في تكوين المادة العادية ولا يوجد حرا طليقا، ولا في نواة الذرة والنيوترون ويعتبر الجسيم المُضاد للإلكترون. وهو يتطابق معه في الصفات والخصائص الفيزيائية فيما عدا الشحنة الكهربائية إذ يحمل شحنة كهربائية موجبة مساوية لشحنة الإلكترون.و في حال اصطدامه بالإلكترون يحدث ما يعرف بإبادة إلكترون- بوزيترون أي يتحولان إلي شعاعين من أشعة غاما.

[20]  مليكة مذكور التربية المستقبلية والذكاء الاصطناعي، المجلة الجزائرية للأبحاث والدراسات، العدد الأول، الجزائر جانفي 2015 ص91.

[21] الذكاء الاصطناعي والتعليم :إرشادات لواضعي السياسات ، منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بمشاركة المركز الإقليمي للتخطيط التربوي. مجموعة من المؤلفين .ترجمة محمد حامد إسماعيل. باريس 2021.ص19.

[22] الذكاء الاصطناعي والتعليم :إرشادات لواضعي السياسات ، مرجع سابق، ص 18/19.

[23]  انظر مثلا تطبيق "ستوري ساين" StorySign)) الذي طورته شركة الهواتف الجوالة الصينية "هواوي" Huawei ) لمساعدة الأطفال الصم على القراءة من خلال ترجمة النصوص إلى لغة الإشارة.

[24] من بين برامج المساعدة الافتراضية نذكر " سيري " (Siri) و" أليكسا" (Alexa) و" ديوروس" (DuerOS)

[25]  " شات جي بي تي" أوالمُحوّل التوليدي المُدرب مُسبقا للدردشة هو روبوت محادثة مجانية طوّرته " أوبن إيه آي" وأُطلق في نوفمبر 2022، وهو مبني على عائلة جي بي تي-3 الخاصة بأوبن إي آي لنماذج اللغات الكبيرة وضُبط بدقة باستخدام تقنيات التعلم المراقب والتعليم المدعوم.

[26]  شحاته، نشوى رفعت (2022). توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية، كلية التربية، جامعة دمياط، مجلة الجمعية المصرية للكمبيوتر التعليمي، المجلد العاشر – العدد الثاني – مسلسل العدد 20 - ديسمبر 2022.

[27]  أبو سويرح، أحمد إسماعيل (2022). تدريس الذكاء الاصطناعي، ضرورة تربوية ملحة. مجلة دراسات - نوفمبر 2022.

[28]  صدر الخطاب عن مؤسسة " فيوتشر أوف لايف " Future of Life) ) وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى حماية مستقبل البشرية من أخطار التكنولوجيا وقد وقّع عليه أكثر من 2000 شخص في مقدمتهم إيلون ماسك وستيف وزنياك المؤسس المشارك لشركة آبل بالإضافة إلى عدد من الشخصيات المهمة في مجال الذكاء الاصطناعي.

[29] راي كيرزويل.(2010 ).عصر الآلات الروحية - عندما تتخطى الكمبيوترات الذكاء البشري. (ط 1). ت. عزت عامر، كلمة وكلمات عربية للترجمة والنشر.