” التحليل الاجتماعي هو أداة بالغة الأهمية لفهم وفحص الظواهر الاجتماعية المختلفة. وإذا كنت طالباً أو باحثاً في علم الاجتماع، فستحتاج إلى معرفة كيفية إجراء هذا النوع من التحليل إذا كنت ترغب في إنتاج بحث ثاقب وسديد “.
كيف نولد المعرفة عن العالم البشري؟ كيف يمكننا تقديم ادعاءات صحيحة حول الظواهر الاجتماعية؟ الإجابة البسيطة هي إجراء تحليلات جيدة، بناءً على البيانات ذات الصلة. ولكن ماذا يعني إجراء تحليلات (جيدة) في العلوم الاجتماعية؟ يتضمن التحليل في العلوم الاجتماعية دائماً استخدام النظرية بطريقة أو بأخرى. ولكن كيف تتفاعل النظرية مع معطيات الظاهرة؟ كيف ينبغي لنا أن ننظر إلى النظرية في علاقتها بالبيانات الإحصائية؟ وكيف نستغل النظرية بشكل عملي في تحليلاتنا السوسيولوجية؟ هذه التساؤلات سنحاول الإجابة عنها باختصار شديد في هذا المقال.
إن البحث قد لا يزودنا دائما بالنتائج التي تتوقعها أو تريدها بل يعطينا شيئاً مما أشار إليه جون رونالد تولكين (1892-1973) J. R. Tolkein في مؤلفه سيد الخواتم The Lord of Range " " حيث قال " ليس أمامك سوى البحث، إذ كنت تريد اكتشاف شيء ما، ومن المؤكد أنك سوف تكتشف بعد أن تقوم بالبحث شيئاً ما، إلا أنه لا يكون دائماً نفس الشيء الذي كنت تسعى للوصول إليه ".
تعبّر المنهجية عن مجموعة من الخطوات المتعارف عليها بين العلماء، والتي يتبعها الباحث في محاولة فهمه للأمور والعلاقات في المحيط الذي يعيش فيه الإنسان، والعرض الجوهري منها اكتساب المعرفة العلمية والوصول إلى حقائق تتمير بعنصرها الجاد والأصيل، ويعتبرها الفرنسي موريس أنجرس Maurice Angers مجموعة من المناهج والتقنيات التي توجه إعداد البحث العلمي وترتيب الطريقة العلمية. أي في دراسة المناهج والتقنيات المستعملة في العلوم الإنسانية والاجتماعية.
بناءً على ما تقدم يعتبر البحث السوسيولوجي تمرين أكاديمي يهدف إلى تعميق المعرفة وبناء قاعدة معرفية ابستمولوجية حول موضوع ما من خلال عملية التحليل السوسيولوجي، التي تسعى إلى فهم المادة المدروسة وما يحيط بها من أنساق معرفية، بالإضافة إلى التعبير عن المعارف المستنبطة والمستنتجة بلغة علمية موضوعية سليمة، بهدف توضيح المتغيرات الفاعلة التي تقف وراء حدوث الظاهرة المدروسة مما يؤدي إلى فهم معطياتها والتحكم بها وتوقع النتائج المترتبة عليها من خلال استخدام المنهج المناسب.
- مفهوم التحليل الاجتماعي: يُعرف علم الاجتماع بأنه الدراسة العلمية للمجتمع والسلوك الاجتماعي والتغيير الاجتماعي. بذلك يمكننا النظر إلى مفهوم التحليل الاجتماعي باعتباره أسلوب لدراسة المجتمع والتفاعلات الاجتماعية لفهم أنماطها وعملياتها وتأثيراتها على الأفراد والجماعات. وهو يتضمن فحصاً نقدياً للظواهر الاجتماعية وبنيتها الأساسية، بما في ذلك المعايير الاجتماعية، والمعتقدات، وبناءات القوة والضعف. كما يستخدم علماء الاجتماع مجموعة متنوعة من الأساليب، بما في ذلك الملاحظة والاستطلاعات والمقابلات والتحليل الإحصائي، لجمع وتحليل البيانات حول السلوك الاجتماعي والاتجاهات الاجتماعية. وهو أيضاً أداة مهمة لفهم تعقيدات المجتمع المعاصر والقضايا الاجتماعية التي تؤثر على حياتنا. ومن خلال فحص التفاعلات الاجتماعية، يمكن لعلماء الاجتماع اكتساب نظرة ثاقبة للعوامل التي تشكل سلوكنا ومواقفنا، بما في ذلك الطبقة الاجتماعية والعرق والنوع والثقافة والانتماءات الاجتماعية والإيديولوجية. فعلى سبيل المثال، قد يقوم علماء الاجتماع بتحليل أنماط التمييز في مكان العمل أو فحص كيف تؤثر المعتقدات والقيم الثقافية على المواقف تجاه الصحة العقلية.