من أجل عالم بلا أسرار حققت السلطة الرابعة ثورة فعلية، بكشفها عن أسرار وجرائم ذوي الياقات البيض، من سياسيين ومسؤولين حكوميين ورجال أعمال، ظلت انحرافاتهم وتجاوزاتهم غائبة عن أدبيات علم الاجتماع، بسبب ندرة المعلومات أو صعوبة الحصول عليها.
يعود الفضل بالأساس لثورة المعلومات التي لا تجامل مطابخ الأسرار الملوثة، ليتمكن الناس من رؤية الحقيقة كما هي لا كما تقررها الأنظمة. وهذا الكم المفجع من الفضائح التي تنكشف بوتيرة غير مسبوقة، يعزز الحاجة إلى إرساء حقل جديد في علم الاجتماع، يدرس الخروقات والتجاوزات التي تشوش على استقرار المجتمع وقواعده الضبطية.
كان عالم الاجتماع الأمريكي وليام سون William Son أول من دعا إلى العناية بهذا الحقل المعرفي، وضرورة تدخل الباحث الاجتماعي لتحليل وتأويل ردود الأفعال إزاء الفضائح، ورصد الآليات التي تعمل على توحيد الأحكام القيمية بشأنها. إلا أن هذا التقصي والبحث ينبغي أن يتم ضمن المتعارف عليه بشأن مسؤولية الباحث العلمي، وتجرده أثناء دراسة المعضلات الاجتماعية، لأن الهدف ليس هو التشهير وإنما تحرير المجتمع من العاهات والتقرحات التي تعيق استشرافه للمستقبل.
تنشأ الفضيحة حين يفشل المرء في التفاوض مع المعتقدات الاجتماعية الراسخة، والتزام المبادئ التي يفرضها المجتمع. وهي في عمقها جزء من طبيعة البشر" التلصصية" التي تتطلع لإطلاق الأحكام على الغير؛ لكنها في الوقت ذاته تحفز ميكانيزمات المجتمع على استئصال الفاسدين، لإضرارهم بالمؤسسات، وزعزعة الثقة بالقوانين والآداب العامة.