يتحدد المرمى الذي يحرك هذه المقالة في التفكير، باقتضاب ، في المعالم الأساسية للمنجز السوسيولوجي لبول باسكون ( 1932 – 1985 ) من خلال النظر في منطلقاته النظرية والمنهجية؛ والتطرق للحيثيات التي انبنى عليها مفهومه عن " المجتمع المركب ".
من الملاحظ أنه لا يتخلف اثنان البتة في القول إن باسكون يمثل علامة فارقة في ما يرتهن بالإنتاج السوسيولوجي المغربي؛ بحثا وتنظيرا ، أهلته للانتماء ، بحق ، إلى سلالة الأساتذة الكبار الذين ساهموا في تأطير أجيال من الشباب كانوا قد انفتحوا على كتاباته بشغف كبير فأفادوا منها بالإصغاء إلى أدق تفاصيلها و تضاريسها، أو تلك حالفها الحظ فاشتغلت معه غداة الإعداد للأوراش الكبر ى التي تطلبتها لحظة الاستقلال ومشروع بناء الدولة الوطنية في مستهل عقد ستينات القرن المنصرم .
كانت الأرياف المغربية بؤرة اهتمام باسكون طيلة حياته العلمية ؛وضمن هذا السياق طفق يعتبر السوسيولوجيا القروية نبيلة الوظائف لأن مهمتها لا تتحدد في تفسير اختلاف العادات ،والأنماط السلوكية وأساليب العيش فحسب وإنما أيضا في محاولة فهم الأنساق الثقافية للآخرين وتبين مصادر الاختلاف ومدى مساهمتها في الثقافة الوطنية ... بهذا المعنى انشغل باسكون بالتاريخ الاجتماعي للقرى وبالمسألة الفلاَّحِية ennpaysa ؛ وبكل ما يرتبط بها من قضايا محورية مثل الأرض والهجرة والديمغرافيا والمعتقدات وهي كلها مشاكل ترتهن في العمق ،سلبا أوإيجابا، بعملية التنمية وسيرورة التغير محليا ووطنيا...