نــأتي إلى الدنيا وننطلق في دروبها وطرقها الشائكة، لكن هل نحس بقيمة وجودنا؟ هل ندرك الهدف من حضورنا إلى هذا العالم؟ هل نسلك الطريق الصحيح؟ أم نمشي في الطريق الخاطئ دون أن ندرك ذلك؟ كم منا وقف متأملا أمام نفسه؟ وكم منا قيم أعماله؟ وكم منا أدرك مكنون شخصيته؟ وهل نفهم حقيقة ذواتنا؟ وهل هي نتاج تراكمات صهرتها عوامل عدة، أم تلعب المآسي والمحن دورا في غربلة شخوصنا وتغيير اتجاهاتنا في الحياة ؟
إن أفكارنا وعواطفنا وخطواتنا تتشاغل بشكل دائم بأشياء أخرى من حولنا كالأسرة والرزق والوظيفة وعلاقاتنا بالآخرين، وتطغى على تفكيرنا عقلية المال والمصلحة الدنيوية والانغماس في مستنقع الملذات، ونستنفذ طاقاتنا في الركض وراء شظف العيش، وتضيع سنواتنا وأيامنا في خضم الأحداث والظروف وقسوة الحياة بأشياء مفيدة وضارة، وتتحكم فينا الغفلة، ونسهو عما هو مهم، وتقودنا ضغوط الحياة إلى مسارات متباينة، ونضع محاسبة الذات في سلة الإهمال، وتتحول " الشهوة " إلى حالة إدمان حينما نجد فيها حلاوة ولذة حتى ولو كانت تلك اللذة ممزوجة بالألم، وسط كل هذا تتناسى نفوسنا وعقولنا " المكتوب" أو " القدر" القادم في الطريق إلا من أدرك حقيقة الدنيا وإنها سلسلة من الامتحانات والأحداث الصعبة.
فجأة تحدث الفاجعة أو الصاعقة أو المأساة أو المحنة سميها ما شئت، ويهز الزلزال كل أرجاء كياننا ونكون إما نحن السبب أو يكون الآخرون شركاء في حدوث المأساة أو يلعب القدر دوره، وربما تخرج المأساة من مساحاتنا الشخصية لتكون مأساة جماعية يشاركنا الآخرون في التمرغ بأوجاعها – الحرب مثلا - ، فما الذي تفعله في ذواتنا؟ وما الذي تحفره في جدران قلوبنا؟ وما هو طعم الغصة وحجم مرارتها في النفوس؟ وكيف تمر تلك اللحظات؟ وما هو الهول الذي تحمله؟ وكيف نعيش تلك الدقائق الرهيبة؟
تمر تلك الدقائق كأنها ساعات، وتعيش أجسادنا ونفوسنا وعقولنا حالة اتحاد في مواجهة تلك اللحظات العصيبة، وتتدفق عواطفنا في كل الاتجاهات، وتتهيج مشاعرنا، وتمتلئ قلوبنا بالحزن، وتعتصر نفوسنا بالألم، وتعج نظراتنا بالمعاناة، ويبرز الهلع في أقصى درجاته، ونشعر بانكسار الذات، ونفقد توازننا، وتموت الكلمات على شفاهنا وتعجز ألسنتنا عن النطق بالحروف...
عندئذ نرى الدنيا بصورة قاتمة ...نرى الدنيا صغيرة اقل مما في كفة الميزان بل اتفه من التراب الذي تمشي عليه أقدامنا، ومن ثم تتساقط صورها المزيفة وتصدر من كل أرجائها روائح ولعنات وآهات وأنات متباينة.
حينئذ لا جدوى من قبول أو رفض المأساة أو الفرار من المواجهة لان بعضنا يرفض المأساة بشدة ولا يقبلها بتاتا، هنا تحدث " الصدمة " فتختزلها عقولنا، وتتبرمج مشاعرنا على القهر والحسرة، ويحدث الشرخ وتشهد دواخلنا صراع خفي يستمر لفترة طويلة دون أن يمد أو يحتوي من حولنا يديه ليساعدنا، ويصبح التنبؤ بالمآسي عادة مترسخة في أذهاننا، ونعيش هواجس الخوف من القادم.
وتتضاعف المأساة ويتعمق اليأس والوحدة والجزع ويموت الأمل، وتكون أرواحنا عرضة لشتى الأمراض، ونكون أمام النزول إلى أدنى مستويات الانحطاط، وتتوالى الخيبات وتتلاحق الانتكاسات، وبذلك نرفع رايات الاستسلام ونقدم وعاء الهزيمة والتنازل على طبق من ذهب إلى المجهول.
أما بعضنا فتوعز له خلفيته الإيمانية الربط بين الذات الإلهية ودورها في التخطيط لوقوع المأساة لان - حسب ما نعتقد - لم تخلق المأساة في حياتنا صدفة بل لأجل حكمة و سنة كونية حتى تقيس مدى صبرنا و تختبر قوة قلوبنا على التحمل، عندئذ نرى المأساة بعين النعمة وتظهر رؤيتنا الإيجابية للمأساة، ونندفع للاقتراب من" الخالق" وننظر إلى المأساة من زوايا الابتلاء والامتحان الإلهي، ونربط بين حدوث المأساة وسلسلة أخطائنا وزلاتنا الفظيعة، فنفوز بمهارة مواجهة الأحداث القادمة، ونكسب طاقة رهيبة تحبس الجزع والسخط والشكوى، ونرث الصبر على ما سببته المأساة من هموم مستمرة، وتتساقط كل الأمراض أمام إرادتنا، وتصبح قلوبنا حصون منيعة من جميع الهجمات حتى ولو ضاقت الظروف أكثر من ذلك وانعدمت الحلول.
بمرور الأيام تخف سخونة الألم، وتهبط حرارة الوجع في أعماق نفوسنا، وتغزو فطرة النسيان عقولنا، ويتصاغر حجم المأساة. عند ذلك هل نستذكر لحظات المأساة؟ هل نسترجع شريط الاستسلام؟ هل نستشعر ثواني الضعف التي مررنا بها؟ وفي نفس الوقت هل راجعنا صفحات أفكارنا وتصرفاتنا؟ هل تشكلت صورة أخرى عن الحياة في تفكيرنا؟... من منا وقف وقفة طويلة مع نفسه ووضع نصب عينيه العبرة والعضة والتدبر...قليل من فعل ذلك لأننا تناسينا إن المأساة هي من أعطتنا شهادات النجاح أو الرسوب، وهي من فرقت بين الذهب والنحاس، وهي من شخصت هشاشة وقوة شخصياتنا، وهي من قسمتنا إلى فريقين أصحاب العقول والمشاعر اليقضة أو اتباع العقول والقلوب الخامدة.
إذا تختلف أحاسيسنا ونظراتنا وتتباين مواقفنا وتصرفاتنا ما بعد المأساة، وذلك يرجع لاختلاف طباعنا وخلفياتنا المعرفية والفكرية والأسرية والدينية، لكن المأساة هي بداية حقيقية لتغيير مجهول في شخصياتنا لأنها زرعت في الذاكرة لحظات ومواقف لن تنسى، وشقت في النفس طرق واتجاهات جديدة، وأجبرتنا على التغيير الذي نحن فقط نتحكم في شكله ونوعه، فإما أن يكون تغييرا للأفضل أو تغييرا للأسوأ، فقد يخمد ذلك التغيير مشاعرنا وتصرفاتنا الخاطئة أو يروضنا على صفات حميدة أو قد نتراجع عن أخلاقياتنا وقناعاتنا فنصبح أمام خيارين خيار المصالحة والمصارحة مع الذات أو خيار التجاهل أو الهروب أو الكذب على الذات.
لكن السؤال الذي نوجهه لنفوسنا لماذا ننتظر المأساة حتى نتغيير؟ لماذا لم نتخذ قرار التغيير قبل حدوث المأساة؟ لماذا لم نفهم حقيقة الحياة ولعبة القدر؟ لماذا لم نتعظ من كل الاحداث الصعبة والمحن التي يمر بها من حولنا؟ولماذا ننتظر نيران الماساة حتى تنكوي قلوبنا بمزيد من الآلآم؟ لماذ لا ننقذ انفسنا قبل وقوع الخطر؟ لماذا؟؟؟؟؟؟؟؟
حينئذ لا جدوى من قبول أو رفض المأساة أو الفرار من المواجهة لان بعضنا يرفض المأساة بشدة ولا يقبلها بتاتا، هنا تحدث " الصدمة " فتختزلها عقولنا، وتتبرمج مشاعرنا على القهر والحسرة، ويحدث الشرخ وتشهد دواخلنا صراع خفي يستمر لفترة طويلة دون أن يمد أو يحتوي من حولنا يديه ليساعدنا، ويصبح التنبؤ بالمآسي عادة مترسخة في أذهاننا، ونعيش هواجس الخوف من القادم.
وتتضاعف المأساة ويتعمق اليأس والوحدة والجزع ويموت الأمل، وتكون أرواحنا عرضة لشتى الأمراض، ونكون أمام النزول إلى أدنى مستويات الانحطاط، وتتوالى الخيبات وتتلاحق الانتكاسات، وبذلك نرفع رايات الاستسلام ونقدم وعاء الهزيمة والتنازل على طبق من ذهب إلى المجهول.
أما بعضنا فتوعز له خلفيته الإيمانية الربط بين الذات الإلهية ودورها في التخطيط لوقوع المأساة لان - حسب ما نعتقد - لم تخلق المأساة في حياتنا صدفة بل لأجل حكمة و سنة كونية حتى تقيس مدى صبرنا و تختبر قوة قلوبنا على التحمل، عندئذ نرى المأساة بعين النعمة وتظهر رؤيتنا الإيجابية للمأساة، ونندفع للاقتراب من" الخالق" وننظر إلى المأساة من زوايا الابتلاء والامتحان الإلهي، ونربط بين حدوث المأساة وسلسلة أخطائنا وزلاتنا الفظيعة، فنفوز بمهارة مواجهة الأحداث القادمة، ونكسب طاقة رهيبة تحبس الجزع والسخط والشكوى، ونرث الصبر على ما سببته المأساة من هموم مستمرة، وتتساقط كل الأمراض أمام إرادتنا، وتصبح قلوبنا حصون منيعة من جميع الهجمات حتى ولو ضاقت الظروف أكثر من ذلك وانعدمت الحلول.
بمرور الأيام تخف سخونة الألم، وتهبط حرارة الوجع في أعماق نفوسنا، وتغزو فطرة النسيان عقولنا، ويتصاغر حجم المأساة. عند ذلك هل نستذكر لحظات المأساة؟ هل نسترجع شريط الاستسلام؟ هل نستشعر ثواني الضعف التي مررنا بها؟ وفي نفس الوقت هل راجعنا صفحات أفكارنا وتصرفاتنا؟ هل تشكلت صورة أخرى عن الحياة في تفكيرنا؟... من منا وقف وقفة طويلة مع نفسه ووضع نصب عينيه العبرة والعضة والتدبر...قليل من فعل ذلك لأننا تناسينا إن المأساة هي من أعطتنا شهادات النجاح أو الرسوب، وهي من فرقت بين الذهب والنحاس، وهي من شخصت هشاشة وقوة شخصياتنا، وهي من قسمتنا إلى فريقين أصحاب العقول والمشاعر اليقضة أو اتباع العقول والقلوب الخامدة.
إذا تختلف أحاسيسنا ونظراتنا وتتباين مواقفنا وتصرفاتنا ما بعد المأساة، وذلك يرجع لاختلاف طباعنا وخلفياتنا المعرفية والفكرية والأسرية والدينية، لكن المأساة هي بداية حقيقية لتغيير مجهول في شخصياتنا لأنها زرعت في الذاكرة لحظات ومواقف لن تنسى، وشقت في النفس طرق واتجاهات جديدة، وأجبرتنا على التغيير الذي نحن فقط نتحكم في شكله ونوعه، فإما أن يكون تغييرا للأفضل أو تغييرا للأسوأ، فقد يخمد ذلك التغيير مشاعرنا وتصرفاتنا الخاطئة أو يروضنا على صفات حميدة أو قد نتراجع عن أخلاقياتنا وقناعاتنا فنصبح أمام خيارين خيار المصالحة والمصارحة مع الذات أو خيار التجاهل أو الهروب أو الكذب على الذات.
لكن السؤال الذي نوجهه لنفوسنا لماذا ننتظر المأساة حتى نتغيير؟ لماذا لم نتخذ قرار التغيير قبل حدوث المأساة؟ لماذا لم نفهم حقيقة الحياة ولعبة القدر؟ لماذا لم نتعظ من كل الاحداث الصعبة والمحن التي يمر بها من حولنا؟ولماذا ننتظر نيران الماساة حتى تنكوي قلوبنا بمزيد من الآلآم؟ لماذ لا ننقذ انفسنا قبل وقوع الخطر؟ لماذا؟؟؟؟؟؟؟؟