تقديم:
لا يمكن إدخال الثقافة الشعبية والتراث الشفاهي في إطار ثقافة الأسطورة أو الخرافة، خاصة وأن هذه الثقافة والتراث أضحيا مرتعا خصبا لكثير من العلوم الإنسانية مثل التاريخ وعلم الاجتماع والأنتربولوجيا والإكيولوجيا(1).
انصبت الكتابات التاريخية الحديثة على ما هو شائع ومشهور في مجال التاريخ المغربي معتمدة على مصادر ووثائق النفوذ المهيمنة. ولعل الاهتمام بالتراث الشفاهي ساهم في تغطية سلبيات ونقائص وثائق المعرفة التاريخية أو قدم وجهة نظر مغايرة. بل يمنح الدارس رؤية تأويلية وتفسيرية معاكسة لمصادر التاريخ المدون وتقدم الوجه الآخر المضمر في مشاهد الماضي(2).
يعد الاعتماد على المأثورات الشفوية نبشا في نمط الحياة الشعبية من الاقتصاد والفنون، بل إنها نبش في العلاقة التي يقيمها الفرد والمجتمع وكل ما يحيط بهما.
يمكن إرجاع النصوص الشفاهية عند معاينتها وتفكيك رموزها إلى الوعي الجماعي المغربي، وهو بمثابة سجل حقيقي وواقعي لحياة الجماعات والقبائل المغربية.
عند قراءة التاريخ المغربي نجد مصادره قد تناولت ملامح البنى الاقتصادية والاجتماعية والأحداث السياسية والوطنية، ويستشف منها الظروف المعيشية التي عانتها قوى اجتماعية ضعيفة، والتفاوت الاجتماعي(3).
تحدث عبد الوهاب الفيلالي في مقاله "الملحون في المغرب قيمته الفنية وبعض آفاق اشتغاله":« الملحون تراث، والتراث أبو الحداثة، ولا تبنى الحداثة إلا بالحوار المستمر بين حاضر الإنسان وماضيه ومستقبله. وكلما استمر هذا الحوار في الوجود وتمادى في الإنتاج اتضحت نفعية هذا التراث أكثر، وبرزت نجاعة أساليب الحوار المعتمدة معه... إن القضية، إذن قضية هوية وكيان، خاصة عندما يتعلق الأمر بتراث أصيل ومتجدر مثل فن الملحون»(4).
إذ يعتبر الملحون ديوان وهوية المغاربة خاصة وأنه يجمع بين الفن والجمال وبين الثقافة والحضارة. وجاء في كتاب "المصادر العربية لتاريخ المغرب" لمحمد المنوني:« فإذاكانت التاريخية الموضوعية، إنما تهتم باتجاه محدد فإن المصادر الأخرى تفتح ـ أمام الباحثين ـ آفاقا قد تكون فسيحة في الكشف عن ألوان في التاريخ الحضاري، وأحيانا عن حياة الشعوب»(5)، ومن بين هذه المصادر التي تحدث عنها المنوني في كتابه شعر الملحون الذي اختزنته ذاكرة الحفاظ في العديد من قصائده.
ومن هنا يمكن طرح الإشكال التالي: إلى أي حد يجوز القول إن قصيدة الملحون تضطلع بدور المساعد والمكمل للوثائق؟ وإلى أي حد يمكن لقصائد الملحون أن تملئ بعض الثغرات التاريخية أو بعض الحلقات المفقودة في التاريخ؟ لتصبح هي الأخرى أي قصيدة الملحون مصدر الكتابة التاريخية ورافدا من روافدها التي لا ينبغي إهمالها بالمرة، ما دامت طبيعة البحث التاريخي تلح على المؤرخ اعتماد كل المصادر التي تمده بالمادة التاريخية، ولو كانت شفاهية شريطة أن تكون متداولة بين أفراد الشعب.
ويعود تاريخ نشأة الملحون إلى الفترة الموحدية حيث اشتهر من الشعراء ابن غرلة وعبد المومن الموحدي وابن خبازة وابن حسون. وخلال الفترة المرينية اشتهر الكفيف الزرهوني ومولاي الشاد وعبد الله بن حساين.
ويعد العهد السعدي فترة ازدهار الملحون حيث ظهرت مستجدات في الأوزان والبحور والأغراض على يد المغراوي والمصمودي. وقد بلغ أوجه خلال الفترة العلوية على عهد السلطان محمد الثالث مع بروز فطاحل هذا الفن أمثال الجيلالي امثيرد ثم فيما تلا ذلك من العهود مع العمراني وابن سليمان وسيدي عبد القادر العلمي والتهامي المدغري(6).
ومن المؤلفات التي اهتمت بالتراث الشعبي الملحون، هناك:
ـ عبد العزيز عماشي، ديوان شطارة الملحون.
ـ القول المأثور من كلام سيدي عبد الرحمن المجذوب.
ـ ديوان شيخ من أشياخ مراكش الحاج محمد بن عمر الملحوني.
ـ عبد الصمد الكبير، شعر الملحون الظاهرة ودلالتها.
ـ محمد الفاسي، معلمة الملحون.
- Fouad Guessous, le Melhoun marocain dans la longue de moliére.
- Fouad Guessous, Anthologie de la poésie de Malhoun Marocain.
تعريف بمؤلفين القصائد:
يعد محمد بن أحمد المدغري العيساوي الفلوس من الشعراء المرموقين في حظيرة الملحون، وقد امتهن مهنة أمين دلالة بسوق الغزل بمدينة فاس، ونظم في مختلف أغراض شعر الملحون، فكتب في قصائد الحراز، والغزل والطرحمات (القصص الملحونة) كما أنه نظم في الشعر الوطني، توفي سنة 1955م بمدينة فاس(7).
ترجمة مؤلف قصيدة الفرانة:
يعد بلعيد السوسي من أكثر شعراء الملحون نظما لقصائد الفرجة، وقد تخرج على يده العديد من الفنانين، كما أنه قطن بالعاصمة العلمية استجابة إلى طلب صديقه عبد الرحمان السليماني صاحب" فران تقليدي" بمدينة تازة، ومن مؤلفاته: مول السبسي فرمضان، الكزارة نهار العيد(8).
لم تسعفني المصادر في التقصي عن مؤلفي هذه القصائد الثلاث ولم أجد بدا من الاستعانة بالشبكة العنكبوتية، التي كانت شحيحة على مستوى المعلومات المتعلقة بحياتهما، ولم تذكر إلا ما قدمته سالفا.
أهم القضايا التي عالجتها القصائد الثلاث:
1ـ أحياء مدينة فاس:
إن القارئ لقصيدة دمليج زهيرو يشعر وكأنه يقوم بجولة بأزقة فاس « درت في باب الخوخة مع الكنيف وحوز الكدان... ورجعت على الصفاح ... ودخلت مع الاقواس والجزيرة حتى العدوة مع حواز المخفيا، بوعجارة درتو... قطعت الواد وسرت للصفيفح... وطلعت على راس الجنان... والدوح... ودخلت على صلاج... درت فدرب السراج...الطالعة صغيرة... ودرب الحرة مع السياج... والقطانين... ومشيت للبليدة ودرت درب الميتر... ومشيت ودرت فالزجزفور... والحفارين...وزقاق الرمان... وبوعقدة... وزقاق الما... وطلعت على المنية... ولدرب بن عزاهم ... واحواز الطالعة...جينا لجنان السبيل قدام الصهريج الجديد»(9).
كما تمدنا قصيدة قصة حمان بإشارة عن بعض الأحياء بمدينة فاس مثل درب واندوا وسيدي ميمون وخريشفة وجوطية وباب فتوح و كرواوة(10).
ويبدو أن بعض الأماكن كان أهل فاس يرتادونها للترويح عن النفس مثل جنان السبيل والسينما والقطانين « سول فالقطانين راك تجبر تما جمع الاريام عند العشويا»(11).
2ـ لباس أهل فاس:
تميزت المرأة الفاسية بلباس الجلباب واللثام والبلغة والمنصوريا والسبنية، فأم حمان قبل ذهابها للخطبة لبست« سبنيا، كذلك الجلاب»(12)، وعند لقائها بأم الفتاة وجدتها «لابسة منصوريا»(13).أما الباحث عن دمليج زهيرو عند لقائه « يوم الجمعة... بنات الغيوان... [وجدهن] بجلالب فضيا، وشرابل من ذهب الشريق والتلثيمة»(14).
ووصف العيساوي الفلوس لباس الرجل الفاسي حين قال:« سمعوا قصت حمان... محزم بطوال...اشرى حندير... حمدوشيا، دار فرجله بلغة مطلعه وقميص وسروال، واعمل رزة متبرجه لواها بالصنعه ودار ليها طاقيا»(15)، وفي موضع آخر يصف لنا صهر حمان حين قال:«الرجل ف الركنة ... بالرزة والشال»(16).
3- الخطبة:
من عادات وتقاليد أهل مدينة فاس عند إقبال شاب على الزواج، الاستشارة مع أمه وإعطائها في أغلب الحالات المواصفات التي يتمناها في عروسه ويترك لها حق الاختيار بعد ذلك. تقدم لنا قصيدة الملحون قصة حمان صورة عن مراسيم الخطبة، حيث يقول العيساوي الفلوس فيها: « سمعوا قصت حمان ...حسن ومشى لدار قال لمه زوجني من بنات لحضر عصريا، انتي شوفي لي لزين وأنا نسخى بلمال»(17). ويبدو أن من عادات الأمهات عند البحث عن عروس تقوم بزيارة العديد من البيوت قبل أن تحصل على المواصفات التي ترغب فيها «خرجت ومشات تدور عل لخطبة دارت لبلاد كلها في صبيحا»(18)، وبعد ذلك تتقدم إلى الأسرة طالبة ودها والمصاهرة معها: «سمعت عندك صبيا، وأنا عندي ولدي ظريف وبغى زوجه لحلال»(19). وبعد ذلك تدخل النسوة في مرحلة ثانية وهي مرحلة التعارف بين الأسرتين والتواصل: «قالت إيمان البنت : خبريني بقبيلتكم والسميه والكنيا، والحومه فاش انتم باش نعرف ناسي ف الحال ؟، قالت إيمان الولد :... أنا طامو المقدمه سيدي ميمون قبيلتي شجعيا، ولدي هو حمان سول عليه الجزارة جميع...وأهل لكرنة ... سول ناس الحومه... حمان الخربيطي كتعرفه نسا ورجال، قالت إيمان لبنت :... بنتي من بنات لوقتيا، ظريفه ورجيحه... [ومها] طهور بنت الشاويا، وأبان لبنت ... منسوب لدرقاوه»(20).
ومن عادات أهل فاس أنه بعد التعارف بين الأسرتين يتم الاتفاق حول الصداق وتاريخ الاحتفال بالزواج:« شراط قفطان خضر ف الصبوحي وماية ريال، ودفع حمان صداقهم وشراط عنهم لعرس ف زمان الصفيا، قبلوا ومشاوا بزوج»(21).
4- حفل الزفاف:
ومن العادات الفاسية خلال حفل العرس الذهاب بموكب بهيج لإحضار العروس من بيت أبيها إلى بيت زوجها، حيث يصف العيساوي الفلوس ذلك حين قال:« مشات أمه والناس لعروسه جابوها من دارهم تريا، وبنات المدرسه عل لعروسه ينشدوا... مهما دخلت لدار ولبنات معها خطبوا جميع بلفاظ قويا»(22).
5ـ الحرف والمهن:
وتمدنا قصائد الملحون الثلاث بإشارات عن الحرف والمهن التي امتهنها الفاسيون مثل الجزارة « ولدي هو حمان سول عليه الجزارة»(23)، ومهنة الدلالة «وأباها هو رزوق راه ف جوطية دلال»(24)، ومهنة الحلاقة «غوفل وجه ومشى يا فهيم للحجام اللي يوالمه فالجوطيا»(25)، وحرفة طهو الخبز«لله يا الفرانة ليكم جيت داعي مول الفران»(26)، ومهنة تغسيل الأموات « واليوم فكرووا شهير بن عاشور لغسال»(27)، ومهنة التعليم «وخدات أستاذ بحالها بقدرة نعم لفعال»(28).
كما كانت المرأة الفاسية تمارس العديد من المهن حيث كانت طبيبة وأستاذة ومولدة ومقدمة وكاهنة، فأم حمان:« طامو المقدمه سيدي ميمون...[كانت] طبيبه وشوافه وقابلة عند صحاب لحال»(29)، وزوجته كانت أستاذة(30).
6ـ حلويات الأعياد والحفلات:
جرت العادة بين أهل فاس تخصيص بعض الحلويات، وكذلك القديد " للطراح" وهو العامل في الفران كزكاة أو كتعبير عن أهميته في الحياة اليومية، وما يقدمه من مساعدة للساكنة. ولعل قصيدة الفرانة توضح ذلك حين ذكرت:« درنا قريشلات نهار العيد الكبير... قال [ ليا الطراح] نهار سعيد تهلا لنا فحق العيد و حقنا من القديد و جيب حق شعبانة و جيب لنا الفطرة دا شهر رمضان و الا جبت الفقاص جيب ثمنه»(31).
وفي موضع آخر تحدثت القصيدة عن ما يقدم في حفل العقيقة من حلويات: «درنا سبوعنا اتزادنا صبي صغير اتافقوا لنا العيال داروا شويش من الفال غريبة وكعب غزال»(32).
7ـ معاناة ساكنة فاس مع صاحب الفران:
يبدو أن أهل فاس كانوا يعانون من بعض سلوكات أصحاب الفران، حين قال أحدهم في قصيدة الفرانة « لله يا الفرانة كي ماشي ندير فران جا لحومتنا... و حلف عن خبزي ما يدير له شانه، مرة يسيفطه مشوط مرة فطير مرة يقول ليك جلاه واللي حنى عليه اداه حتى لبدال ما خلاه ... عسى يصيب لينا غير الوصلة تبان الله يدير شي تاويل من صانعه قليق هبيل جلانا حتى المنديل ديما مفسد عشانا فطير خبزنا وكحل بالدخان و انا سكاري ما خطاش برقانه»(33).
8ـ سلوكات منحرفة:
كما وصف العيساوي الفلوس المرأة الفاسية بأنها «بهله وقديمه»(34). وتمارس بعض السلوكات المشينة حيث « قالت... دمليجك عندي... لكن لا تمشي لعندنا تصطاب الكيسان، قلت لها يا اعز البنات مالي قدرة حتى نخون بعد الولفيا»(35). ولم يكن الرجل في منأى عن هذه الانحرافات، فأبو العروس في قصة حمان كان «نفايحي»(36)، وصهره حمان « مشى وضرب سكرى وجا معربد خارج لحوال»(37).
لا يعني ما أوردته في هذا العرض من قضايا أن القصائد الثلاث لم تتناول أمورا أخرى، فهي لا زالت تزخر بقضايا اقتصادية وعلاقات تجارية وتتطلب الدراسة والتمحيص.
إن أهم ما يمكن استخلاصه من القصائد الثلاث هو أهمية التراث الشعبي في دراسة التاريخ الاجتماعي والاقتصادي، وعلها تسد بعض الثغرات أو تشرح بعض القضايا التاريخية التي لم تتناولها المصادر الرسمية أو تغاضت عنها. ومن تم أضحت ضرورة الاهتمام بهذا التراث الغني بالمعطيات التاريخية خاصة المرتبطة بالحياة الاجتماعية والاقتصادية للمغاربة، وبالتالي لا مناص من الرجوع إليها للاستئناس بها واعتمادها كأداة تكميلية لما أغفله التاريخ الرسمي.
------------------------------------------------------------------------
الهوامش:
1- علال ركوك، المقاومة وأحداث من التاريخ الاجتماعي في الأدب الشفوي المغربي (1980ـ 1956)، المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مطبعة بني يزناسـن، سلا، 2001، ص 6.
2- نفس المرجع والصفحة.
3- نفس المرجع والصفحة.
4- https://groups.google.com/forum/#!msg/fayad61/hevhiQzWVOQ/Fiuv5clWHHIJ
5- المنوني محمد، المصادر العربية لتاريخ المغرب من الفتح الإسلامي إلى العصر الحديث، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1983، الجزء 1، ص. 8.
6- http://isesco_cpi.leguide.ma/article.php3?id_article=54
7- www.melhoun.over- blog.com
8- www.tazacity.info/news4189.html.
9- قصيدة دمليج زهيرو.http://hakimmamout.arabblogs.com/malhon/archive/2009/1/792478.html
10- قصيدة قصة حمان. https://sites.google.com/site/starziko1/malhoun/qsydte-qste-hman
11- قصيدة دمليج زهيرو، م.س.
12- قصيدة قصة حمان، م.س.
13- نفس القصيدة.
14- قصيدة دمليج زهيرو، م.س.
15- قصيدة قصة حمان، م.س.
16- نفس القصيدة.
17- نفس القصيدة.
18- نفس القصيدة.
19- نفس القصيدة.
20- نفس القصيدة.
21- نفس القصيدة.
22- نفس القصيدة.
23- نفس القصيدة.
24- نفس القصيدة.
25- نفس القصيدة.
26- قصيدة الفرانة. https://sites.google.com/site/starziko1/malhoun/qsydte-alfrante
27- قصيدة قصة حمان، م.س.
28- نفس القصيدة.
29- نفس القصيدة.
30- نفس القصيدة.
31- قصيدة الفرانة، م.س.
32- نفس القصيدة.
33- نفس القصيدة.
34- قصيدة قصة حمان، م.س.
35- قصيدة دمليج زهيرو، م.س.
36- قصيدة قصة حمان، م.س.
37- نفس القصيدة.
-------------------------------------------------------
لائحة المراجع والمواقع الإلكترونية:
1) ركوك علال ، المقاومة وأحداث من التاريخ الاجتماعي في الأدب الشفوي المغربي (1980ـ 1956)، المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مطبعة بني يزناسـن، سلا، 2001.
2) المنوني محمد، المصادر العربية لتاريخ المغرب من الفتح الإسلامي إلى العصر الحديث، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط 1983، الجزء 1.
3) http://hakimmamout.arabblogs.com/malhon/archive/2009/1/792478.html
4) http://isesco_cpi.leguide.ma/article.php3?id_article=54
5) https://groups.google.com/forum/#!msg/fayad61/hevhiQzWVOQ/Fiuv5clWHHIJ
6) https://sites.google.com/site/starziko1/malhoun/qsydte-alfrante
7) www.melhoun.over- blog.com
8) www.tazacity.info/news4189.html.
9) https://sites.google.com/site/starziko1/malhoun/qsydte-qste-hman