لقد تفحّصنا في ما سبق من هذا الكتاب بعض الآثار التي يُمكن أن تترتّب عن النتائج المستجدّة في الذكاء الاصطناعيّ على أسئلةٍ قديمةٍ في كل من فلسفة العلم وفلسفة المنطق. أعتقد أنّنا متفقون الآن على أنّ النتائج كانت صاعقة بعض الشيء. فقد دعمت تقدّمات التعلّم الآلي نظرة بيكون الاستقرائيّة للمنهج العلميّ في مواجهة بدائل أكثر حداثة. كما وفّر تطوّر PROLOG حججًا لصالح التصوّر الإمبيري للمنطق مقابل التصوّر القبليّ له، واقترحت البرمجة بالمنطق إطار عَملٍ جديد للمنطق سمح بإمكانية تطوير منطق استقرائيّ يشبه إلى حدٍ ما المنطق الإستنباطيّ. تستدعي هذه النتائج كلّها السؤال عن العديد من الأفكار المتعلقة بالمنطق والمنهج العلمي السائدة منذ ما يُـقارب الخمسين عاما.
لكنّ هذا التفاعل بين الذكاء الإصطناعيّ ودراسة المنطق والمنطق العلميّ لا يسير في إتجاه واحد. فمن الممكن ومن المحبّذ أيضًا دراسة ما يترتّب من آثار لنتائج المنطق والمنهج العلميّ على الذكاء الاصطناعيّ في حال توفّرها. لن أحاول في هذا الفصل القيام بدراسة شاملة لهذا الجانب من السؤال، وإنما سأركّز على مثلٍ واحدٍ كان محط نقاشًا أكثر من غيره. تعتبر برهانيّتا غودل (GOdel) أللاتماميّة من أشهر نتائج المنطق (والرياضيات طبعًا) في القرن العشرين، وتم نـشر البراهين على هاتين البرهانيتين للمرة الأولى في العام 1931(انظر غودل 1931). لقد حاجج بعض المفكرين ومن بينهم لوكاس (Lucas)، بنروز (Penrose) وغودل نفسه بأنّ هاتين البرهانيتين المنطقيتين تُظهرا وجود حدود لما يُـمكن إنجازه في الذكاء الاصطناعيّ وأظهرا أيضًا أنّه بإمكان الذهن البشريّ، أقلّه في بعض النواحي، تخطي كل ما يمكن إنجازه بواسطة الحاسوب الرقميّ.
تتمثل إحدى ردّات الفعل على مزاعم لوكاس والآخرين هذه بالسؤال عمّا إذا كانوا حقًا على هذا القدر من الأهميّة. «قبل كل شيء»، يمكن الردّ بأنّه «حتى ولو كان هنالك نوع من الحدود النظريّ لما يُمكن أن يحقّقه الذكاء الاصطناعيّ، فمن الأرجح أنّه ما زلنا بعيدين عنه كلّ البعد. وبالتالي يمكن لأبحاث الذكاء الاصطناعي أن تستمرّ بكل هدوء.» إنّ هذا الجواب هو، من وجهة نظري، لطيف وغير رافض. فهو يهمل من الحسبان حقيقةً مهمةً تمثلت في الآراء المتضاربة التي إثارتها التقدّمات الصاعقة التي تمّ تحقيقها في الذكاء الاصطناعي والتي جئنا على وصف القليل منها في بداية هذا الكتاب . فمن جهة الأولى، لا يمكن لأحدهم إنكار أنّ بناء الحواسيب وتمكينها من تحقيق مآثر مثل اكتشاف قوانين علميّة جديدة هو إنجاز بشريّ مدهش. ومن الجهة الثانية فإنّ هذه النجاحات هي مقلقة وتطرح العديد من المخاوف . فهل من الممكن أنّ يكون الباحثون في مجال الذكاء الاصطناعيّ قد قاموا بتقويض التفوّق البشريّ من غير أن يقصدوا ذلك؟ هل من المحتمل أن يأتي وقت تصبح فيه الحواسيب بالفعل متفوّقة فكريًّا على البشر فيمسي حينها الذكاء البشريّ شيئاً نافلاً؟ فإذا صدقت حُجَج لوكس، بنروز وغودل لن يكون هنالك أساس لهذه المخاوف كلّها. لذلك، نحن بحاجة لدراسة هذه الحجج بالتفصيل لكن، وقبل الشروع بذلك، سيكون من المفيد أن نتفحص عن كثب بعض هذه المخاوف التي نشأت بسبب تقدمات الحوسبة والذكاء الإصطناعي. ستكون هذه المهمة من اختصاص القسم التالي.
1ــ 6 مخاوف سببها تقدمات الذكاء الاصطناعي
لقد عبّر بنروز عن هذه المخاوف بشكل رائع، وبالتالي لن يمكنني القيام بأمر أفضل من الأستشهاد بما قاله :
«لقد حققت تكنولوجيا الحاسوب الإلكترونيّة إبّان العقود القليلة الماضية خطوات هائلة... هنالك شيء مخيف بعض الشيء في مسار هذا التقدّم. فقد أصبحت الحواسيب قادرة على أداء عدد من المهام التي لطالما كانت في السابق من ضمن النطاق الحصريّ للتفكير البشري، كما أنّها أصبحت قادرة على إنجازها بدقّةٍ وسرعةٍ تجاوزتا كلّ ما يكمن للبشر إنجازه بكثير. لقد إعتدنا منذ زمنٍ بعيد على تفوّق الالآت بسهولةٍ علينا في الأمور الجسدّية. لَم يسبّب هذا الآمر أيّ قلق بالنسبة الينا. لا بل على العكس، فإننا سعداء جدًّا لإمتلاكنا أجهزة تنقلنا بانتظامٍ وبسرعةٍ كبيرةٍ في كل أرجاء المعمورة فهي تنقلنا بسرعةٍ تفوق أسرع رياضي بشري بخمس مرّات على الأقل... كما أننا سنكون أكثر سعادة عندما نمتلك آلات تخولنا القيام بأعمال جسدية لم نكن قادرين على القيام بها من قبل، كآلات يمكنها أن ترفعنا في السماء وتضعنا على الجانب الأخر من المحيط في غضون ساعات. فمثل هذه الإنجازات لا تخدش كبرياءنا. بيد أنّ القدرة على التفكير لطالما كانت امتيازًا بشريًّا. قبل كل شيء، فقد مكّنتنا هذه القدرة عندما ترجمناها فيزيائيًا من تخطّي قيودنا الجسديّة، ما جعلنا أعلى مرتبةً من الكائنات الأخرى في تحقيق المآثر. فإذا تفوّقت الآلات يومًا ما علينا في هذه الميزة المهمّة التي مكّنتنا من الاعتقاد بأنّنا متفوقون، ألا نكون حينها قد سلّمنا هذا التفوّق الفريد إلى مخلوقاتنا ؟» (بنروز 1989: 3_4)
رغم أنّ ليس الجميع ينتابه مثل هذا الشعور حيال تقدّمات تقانة الحاسوب، لكنّ وجهة نظر بنروز هذه شائعة على نطاقٍ واسع ويتفّهمها الكثيرون. ومن المؤكّد أنّ فكرته حول بيان الذكاء الاصطناعي بمظهر المفتِّت للتفوّق الإنسانيّ الفريد هي فكرة مقبولة تاريخيًّا. أنظر إلى مناجاة هاملت عن الإنسان (الفصل II، المشهد ii ):” والإنسان ما أروع صنعه! ما أنبله في العقل! كم هو لامتناهٍ بقدراته! في الشكل والحركة ما ألبقه وما أروعه! في الحركة ما أشبهه بالملائكة! في الفهم ما أشبهه بالإله! إنه جمال الدنيا ولؤلؤة الحيوانات! ومع ذلك، ما هي خلاصة التراب هذه !» بدأ هاملت في تعداده لصفات الإنسان الأكثرأهمية من: «ما أنبله في العقل!» ينسجم هذا الأمر تمامًا مع التصوّر الأرسطيّ للإنسان في كونه حيوانًا ناطقًا. لا بل يذهب هاملت إلى أبعد من ذلك ليقول: في الفهم ما أشبهه بالإله !... لؤلؤة الحيوانات !» وبالتالي فإن العقل والإدراك (الفهم) يرفعان الكائنات البشريّة فوق كلّ الحيوانات الأخرى. لكن لنفترض الآن، أنّه أصبح بوسع الحواسيب التعقّل والفهم مثلها مثل الكائنات البشرية تمامًا إذا لم يكن أفضل منها. ألن تخسر البشرية آنذاك موقعها الرياديّ؟ ألن تصبح الكائنات البشريّة بالواقع خلاصة من التراب أو أقله خلاصة من العصبونات التي يمكن محاكاتها بالشرائح الإلكترونية؟ كلّ هذه الأمور تُوضّح الآثار الفلسفيّة العميقة المترتّبة عن الذكاء الاصطناعيّ التي بإمكانها أيضًا تقديم مفهومًا جديدًا لا يحبِّذه البعض عن الكائنات البشريّة وعلاقتها مع باقي الطبيعة.
لم يكن بنروز مخطئا في قوله: « فقد أصبحت الحواسيب قادرة على أداء عدد من المهام لطالما اعتُبرت في السابق من ضمن النطاق الحصريّ للتفكير البشري...» (1989:3). لقد سبق واستشهدت في بداية هذا الكتاب بقول الفيلسوف اليونانيّ القديم ديموقريطس عندما فضّل «اكتشاف علّة واحدة على اكتساب مملكة الفرس» (ديلز،شذرة 118 مأخوذة من فريمان 1947: 104). من الواضح أنّ ديموقرطس كان ينظر إلى النجاح في الإكتشاف العلميّ على أنّه إحدى الإنجازات البشريّة النبيلة إذا لم يكن أنبلها. أما الآن، فقد أصبح بوسع الحواسيب اكتشاف قوانين طبيعية لم تكن معروفة من قبل، كما بيّن لنا غوليم في المثل الذي قدّمناه في الفصل الثاني. صحيح أنّ القانون الذي اكتشفه غوليم لم يكن مثيرًا للإعجاب، لكنّ دراسة التعلّم الآلي لم تبدأ إلّا مؤخرًا جدًا. من يستطيع أن يتوقّع ما يُمكن إنجازه في هذا المجال خلال السنوات الخمسين القادمة على سبيل المثال؟
من النشاطات الأخرى التي سجّلت فيها الحواسيب نجاحًا كبيرًا هي لعبة الشطرنج. من الواضح أنّ هذه النجاحات هي ليست بأهميّة البحث العلمي عينها لكنّها ذات دلالة كبيرة. فقبل اختراع الحواسيب، ظلّ العالَم بأكمله طيلة قرون عدة ينظرالى المهارة في لعب الشطرنج بإعجاب تامّ كونها علامة ذكاء عظيم. لقد عبّر درايفوس بالواقع في كتابه المثير للجدل «ما لا يمكن للحواسيب أن تقوم به» الصادر سنة 1972، أي قبل أكثر من عشرين عامًا فقط، (تاريخ صدور الكتاب) عن شكوكٍ كبيرةٍ حول تمكن الحواسيب من لعب الشطرنج بمهارةٍ أبدًا.
يحاجج درايفوس في كتابه هذا ويقول ما يلي: « تقدّم إضافيّ دال كهذا ... في الذكاء الاصطناعيّ هو أمرغير ممكن إلى أقصى الحدود» (1972: 197). يمكن للقارىء اليوم أن يحكم بنفسه على هذا التكهّن من خلال العودة إلى الأمثلة التي قدّمتها في هذا الكتاب والتي يرجع معظمها الى ما بعد العام 1972، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّني لم أتمكّن من تقديم إلّا عدد قليل من أمثلة عديدة في ميدان واسع. رغم ذلك، دعونا ننظر إلى واقع لعبة الشطرنج اليوم.
كانت مزاعم درايفوس في العام 1972 حول عدم تمكن الحواسيب من لعب الشطرنج على نحوٍ جيد لازعة جدًا. فهو رفض الأمر على اعتبار أنّه «خرافة علميّة» وقال في هذا الصدد :
« لقد شكلت سذاجة الجمهور إضافةً إلى حماسة سايمون لمزاعمه ومزاعم نيويل وشو حول برنامجهم الذي تشوبه الكثير من الأخطاء البرمجيّة سببًا كافيًا لإطلاق آلة الشطرنج في عالم الخرافة العلميّة. وفي العام 1959 رفع نوربرت فاينر من هذا الإدعاء بقوله أنّ البرنامج « كان جيداً بالافتتاحيّات» كما أخبر معهد الفلسفة في جامعة نيويورك بأن « آلات لعب الشطرنج الحاليّة ستردّ على خطوات لاعب محترف بخطواتٍ تُعتبر صحيحة وفقًا للكتب المدرسيّة حتّى الوصول إلى نقطة ما في منتصف اللعبة. وفي الندوة عينها، انتقل مايكل سكريفن من الإدّعاء الملتبس بأنّه «يمكن للحواسيب الحالية لعب الشطرنج» إلى التأكيد الإيجابيّ على أنه « بمقدور الآلات الحاليّة تقديم مباراة جيدة».
لقد حقق في الواقع برنامج نيويل، شو وسايمون مستوى ضعيف من العب لكن قانونيّ في مباراياته القليلة المسجّلة، ليخسر في مباراته الرسميّة الأخيرة (اكتوبر 1960) في الخطوة الخمس وثلاثين امام مبتدىء عمره 10 سنوات . إلّا أنّ هذا الأمر لَم يعُد مهمًّا.» (درايفوس 1972).
لقد خسر درايفوس في الشطرنج أمام الحاسوب وعبّر بقليلً من الاشمئزاز عن «الغبطة التي تمّ بها إبلاغ النتيجة إلى جماعة الحاسوب» (1972: المقدمة،223، رقم 45). لكنّ هذا الأمر لم يُقنعه بمستقبلٍ زاهرٍ لشطرنج الحاسوب. فكتب:
«بعدما أُحرجتُ العاملين في الذكاء الاصطناعي بعرضي للتفاوت القائم بين حماسهم ونتائجهم، أنتجوا أخيرًا برنامجًا ذات كفاءة مقبولة. لقد تغلّب بالواقع برنامج ر.غرينبلات المسمى ماكلهاك على الكاتب المصنف هاوٍ، كما تمكن من الاشتراك في دوراتٍ عديدةٍ ربح خلالها مبارايات قليلة... ومن ثمّ، تمّ تحسين هذا البرنامج تدريجيًّا لكنّه وصل إلى نقطة التشبّع كما يبدو. فقد خسر في السنتين الأخيرتين جميع مبارياته في الدورات التي اشترك بها ولم يحظ بأيّة دعايةٍ إضافيةٍ. سنرى قريبًا أنّ وضع القيود على الحواسيب الرقميّة هو كل ما يمكن للمرء أن يتوقّعه». (درايفوس 1972)
لكن، ما هو واقع فنّ شطرنج الحاسوب اليوم في العام 1995 أي بعد ثلاث وعشرين سنة من صدور كتاب درايفوس؟1 يوجد حاليًّا 100 استاذ كبير في عالم الشطرنج البشريّ، وتلعب أفضل برامج الشطرنج بمستوى الحد الأدنى تقريبًا للأستاذ الكبير. يُصنف لاعبو الشطرنج، على وجه الدقّة، وفقًا لمقياس يحصل فيه بطل العالم على 2.800 ، هنالك ما يُقارب الـ300 لاعب من الذين تم تقييمهم بـ2.500 أو أكثر. ووفقا لهذا المقياس، فقد حصل أفضل برنامج حاسوب على 2.555. وبالتالي يوجد في العالم الآن أقل من 300 بشريّ فقط ممن بوسعهم هزيمة أفضل حاسوب في لعبة الشطرنج على نحوٍ منتظم.
هذه هي الصورة العامة. إلّا أنّ برنامج بنتيوم جينيوس أثار بلبلةً كبيرةً عندما هزم بطل العالم في الشطرنج كاسباروف نهار الأربعاء الواقع في 31 اغسطس 1994 2. وفقًا لمقالٍ نشر في جريدة الجارديان حول هذا الحدث يوم الجمعة في 2 سبتمبر 1994، فقد سبق لكاسباروف وأن تباهى قائلًا: « في الحقيقة، أستطيع بكل بساطة هزيمة أي حاسوبٍ إذا ما ركّزت على أسلوب اللعب الذي يعتمده. يستطيع الكمبيوتر حساب مليارات الخطوات لكنّ ينقصه الحدّس»، لهذه الكلمات صدىً مألوفًا. إلى سيادة الاعتقاد باستحالة وجود إستقراء بيكونيّ أو ميكانيكيّ لأنّ صياغة القوانين العلميّة الجديدة تتطلّب حدْسًا بشريًّا خلّاقًا. أمّا الآن فقد أصبح بوسع الحاسوب إكتشاف قوانين طبيعيّة. لطالما اعتبر بيكون أنّ كلّ هذا الإطراء الذي تحظى به عجائب الحدس البشري هو أمر مضلل وله نتائج عكسية، فقد كتب: «إنّ أصل معظم الشرور في العلوم ووسببها هو التالي؛ ففي حين نمجّد ونُعجب زورًا بقوى الذهن البشريّ نهمل البحث عن قواه الحقيقيّة.» (بيكون 1620:260 ).
وبالعودة إلى شطرنج الحاسوب، فإذا استمرّت بالتقدّم على هذه الوتيرة التي اعتمدتها إبّان السنوات العشرين الماضية، لن يكون مستبعدًا أبدًا أن توجد في العقود القليلة المقبلة برامج حاسوب تلعب الشطرنج دون أن يتمكن أي بشريّ من هزيمتها. عندها، وأقله في هذا المجال، سيكون البشر قد سلّموا تفوّقهم إلى مخلوقاتهم؛ وبما أنّه أمر ممكن في ميدانٍ معيّنٍ فلما لا يكون ممكنًا في ميادين أخرى؟ يبدو أنّ قلق بنروز فيما يخص هذه المسألة مسوَّغ بما فيه الكفاية.
لقد ناقشت حتّى الآن وجهات نظر أولئك الذين انتابهم شعور غير مستقر حيال تقدّمات الحوسبة والذكاء الاصطناعي. لكنّ القصّة لا تنتهي عند هذا الحد. فقد سمح في الواقع تنوّع الآراء البشريّة بوجود عددٍ غير قليلٍ من الأشخاص الذين يسرهم الاعتقاد بالفرضية التي ترجح أفضلية قدرات حاسوبٍ كبير على القوى الفكريّة البشرية، التي يمكن أن تكون أسواء منها. كان ألن تيورينج من أشهر مؤيّدي وجهة النظر هذه، وعبّر عنها بكل وضوحا في مقالته «آلية الحوسبة والذكاء» الصادرة عام 1950.
يتخيّل تيورينج الحالة التالية التي يسمّيها لعبة الإحتزاء. يقف المحقّق أمام بابين مُقفلَين. يوجد خلف إحداها حاسوب في حين يوجد وراء الثاني إنسان. يمكن للمحقّق أن يتواصل مع كلٍ منهما بواسطة طابعة عن بُعد بحيث تمكنّه/ها طباعة السؤال، ليحصل أو تحصل بعد برهةٍ من الوقت على جوابٍ مطبوع. وقد طُلب من الإنسان الإجابة بالطريقة عينها بغية مساعدة المحقّق. يلحظ تيورينج أنّ الإستراتيجيّة الأمثل لإنجازهذا الأمر تتمثل في تقديم الإنسان إجابات صادقة عن كلّ الأسئلة التي تُطرح عليه. وفي المقابل، يُبرمج الحاسوب بطريقةٍ تخوّله الاحتزاء بالإنسان مع الأخذ بعين الاعتبار هذه الغاية إبّان بناء أجوبته بغضّ النظر عن صدقها. ففي حال طلب المحقّق من الحاسوب تنفيذ عمليّة قسمة طويلة على سبيل المثال، سيتعمّد الحاسوب التأخير في تنفيذها رغم قدرته على الإجابة مباشرةً، كما يمكن أيضًا أن يضمنها بعض الأخطاء بهدف محاكاة الإنسان. وإذا سئل سؤالًا من هذا القبيل: «هل تحبّ الفراولة والمثلجات؟» فمن المحتمل أن يجاوب الحاسوب كالتالي: «نعم، أحبها كثيرًا. لطالما أتناولها في الصيف مع حلوى البودينغ»، رغم أنّه لم يتذوّقها أبدًا. تكمن مشكلة المحقق في تحديد أي غرفة يوجد فيها الحاسوب وأيها يوجد فيها الإنسان بالاستناد إلى الأجوبة التي يتلقّاها. وفي حال لم يتمكن المحقّق بعد سلسلة من المحاولات التمييز بين الحاسوب والإنسان على أكثر من مستوى، يمكننا القول حينها أن الحاسوب فاز في لعبة الإحتزاء. وهذا ما أصبح يُعرف باختبار تيورينج في معرفة ما إذا كان بوسع الحاسوب التفكير بأسلوبٍ بشريٍّ أم لا.
كتب تيورينج في العام 1950 التوقّع التالي: «أعتقد أنّه خلال الخمسين السنة المقبلة، سيصبح بإمكاننا برمجة حواسيب بقدرة تخزينٍ تعادل109 تمكنّها من لعب لعبة الإحتزاء بشكلٍ جيّد، بحيث لن تتخطى فرصة المحقّق العادي في التحديد الصحيح أكثر من 70 بالمائة بعد خمس دقائق من بدء الاستجواب» (1950:13). لقد شارفت مهلة الخمسين عام التي وضعها تيورينج على الإنتهاء وأصبح بمقدورنا اليوم تقييم مدى النجاح الذي حققه توقّعه. من المؤكّد أنّه أصبح من السهل تحقيقُ قدرةَ تخزينٍ بـ109، لقد تخطت التقدّمات، بشكل عام، في هذا الإتجاه كل توقعات تيورينج. أما بالنسبة إلى لعبة الإحتزاء، فتقام اليوم مسابقات سنويّة لأكثر البرامج نجاحًا في أداء هذه اللعبة لكنّه تمّ إدخال بعض القيود المهمّة إليها مثل التصريح عن الموضوع الذي ستُطرح حوله الأسئلة. لقد إشتمل توقّع تيورينج مثله مثل العديد من توقّعات الذكاء الإصطناعيّ، على قدرٍ كبيرٍ من المبالغة الذي، رغم ذلك، يبدو وكأنّه يسير في الإتجاه القويم.
يشير تيورينج إلى أنّ الحواسيب الرقميّة التي يتخيّلها تلعب لعبة الإحتزاء هي عبارة عن آلات حالاتٍ منفصلةٍ. يشرح تيورينج هذا المفهوم على النحو التالي :
« يمكن تصنيف الحواسيب الرقميّة في خانة «آلات الحالة المنفصلة». تنتقل هذه الآلات من حالة معيّنة إلى حالةٍ أخرى بواسطة قفزات مفاجئة ونقرات. تختلف هذه الحالات بعضهاعن بعض بالقدر الكافي الذي يؤمن تفادي احتمال الخلط في ما بينها. لا يوجود في الحقيقة مثل هذه الآلات. فكلّ شيء يتحرّك في الواقع بشكلٍ متّصلٍ. لكنّه يوجد عدة أنواعٍ من الآلات التي يمكن تخيّلها بشكلٍ مفيدٍ على أنّها آلاتّ حالةٍ منفصلةٍ. لننظر إلى مفاتيح الضوء على سبيل المثال، فإنّها تشكل مثلا ملائما، بحيث يتعين على كل مفتاح إمّا أن يكون مضاءً وإما أن يكون مطفاءً. لكنه لا بدّ من وجود حالاتٍ تتوسّط هاتين الحالتين، لكن بإمكاننا تناسيها وذلك لعدة أسبابٍ مختلفة.» (تيورينج 1950: 10-11).
يمكننا محاكاة أيّة آلة حالةٍ منفصلةٍ بواسطة الحاسوب النظريّ الذي كان تيورينج أولّ من تكلّم عنه في بحثه الصادر بين عامي 1936-37، والذي بات يُعرف باسم آلة تيورينج. تُمثّل آلة تيورينج أبسط حاسوبٍ يُمكننا تخيّله. فهي ذات شريط واحد مُقسَّم إلى مربعاتٍ التي يُمكن طباعة رمز واحد من أبجديّةٍ متناهيةٍ على كلّ منها. تستطيع الآلة مَسْحُ مربّع واحد في كل مرّةٍ، كما يمكنها أداء عمليّة واحدة فقط من بين عددٍ محدّدٍ من العمليّات. وبوسعها أيضًا ترك المربع على حاله أو محو الرمز المطبوع وطباعة رمزٍ جديدٍ. تسطيع الآلة بعد ذلك إما الإنتقال إلى مربعٍ واحدٍ إلى اليسار أو مربعٍ واحد إلى اليمين أو البقاء في مكانها أو التوقّف. إن حالة الآلة الداخليّة بالإضافة إلى الرمز الذي تمسحه يحددان كل عمليةٍ تقوم بها. بعد الإنتهاء من أداء عمليتها، تصبح الآلة مُجبرة على الانتقال إلى حالةٍ داخليّةٍ جديدة محدّدة. إنّ عدد الحالات الداخلية هو متناه. أما إمكانيّة أن يكون الشريط بطولٍ لامتناه فهي مَثْلنة مهمّة للآلة. تتجلى النتيجة المذهلة التي أظهرها تيورينج في كون هذه الآلة البسيطة قادرة على إنجاز أيّة عمليّة حوسبةٍ يُمكن تحقيقها بواسطة أيّ حاسوب حالةٍ منفصلةٍ مهما بلغ مدى تعقيد بنيتها ومهما كان أسلوب عملها.
بسبب هذه النتيجة العامّة، تُصاغ في بعض الأحيان الأطروحة الآلية كما لو أنّها تزعم بأنّ الذهن البشريّ هو آلة تيورينج. لكنه من المهمّ الإشارة هنا إلى أنّ تيورينج لم يأتِ على إستخدام هذه الصيغة. وكل ما تضمنته أطروحته هو إمكانية برمجة حاسوب قويّ بما فيه الكفاية ليتمكن من أداء لعبة الإحتزاء بنجاحٍ وبالتالي، يستطيع محاكاة التفكير البشريّ. فالنقطة هنا هي أنّه بإمكان للدماغ البشريّ أيضًا أن يعمل بشكلٍ متّصلٍ، وبالتالي فهو ليس آلة حالةٍ منفصلةٍ. بالطبع أنّ تيورينج يعتبر بشكل صريح أنّ هذا الإحتمال هو الاعتراض السابع على أطروحته. يكتب تيورينج في هذا الصدد: «من المؤكّد أنّ الجهاز العصبيّ ليس آلة حالةٍ منفصلة. فأيّ خطىء صغير في معلومةٍ بحجم نبضةٍ عصبيةٍ سيكون له تأثير في العصبون، ويمكن أن يسبّب فارق كبير في حجم النبض الخارج. لذلك يمكن أن يعترض البعض بالقول أنّه ليس باستطاعة أحد أن يتوقّع إحتزاء سلوك الجهاز العصبيّ بواسطة نسق الحالة المنفصلة» (تيوريج 1950: 22). يرفض تيورينج هذا الإعتراض ويردّ عليه بالتالي: «صحيح أنّ آلة الحالة المنفصلة هي مختلفة عن الآلة المتّصلة. لكن في حال التزمنا بشروط لعبة الاحتزاء، لن يكون بوسع المحقّق الاستفادة من هذا الاختلاف.» تيورينج (1950:22). بمعنى آخر يبدو تيورينج وكأنّه يفكّر أنّه بمقدور آلته محاكاة مخرجات الدماغ بشكل تام رغم إحتمال أن يكون الدماغ مختلفًا عنها. وهنا تفترق وجهات نظر بنروز عن وجهات نظر تيورينج. يتّفق بنروز مع تيورينج على أنّ الدماغ ليس آلة تيورينج، لكنّه يعتقد بإمكانية أن يقود هذا الفارق إلى آثارٍ ملحوظة،و يمكنه على وجه الخصوص، أن يسمح للدماغ بالتفوّق على الآت تيورينج كلّها. إزاء وجهات النظر هذه، اعتقد غودل أنّ الدماغ هو بالتأكيد آلة تيورينج، لكن لا يجبّ علينا مماهاته مع الذهن البشريّ الذي اعتقد غودل بتفوّقه على آلات تيورينج كلّها، بما فيها الدماغ. كما سنرى، يوجد هنا سلسلة من المواقف المهمّة التي سيتعين علينا تفحص بعضًا منها بالتفصيل في الأقسام التالية.
يبدو واضحًا من النبرة التي استخدمها تيورينج في مقالته الصادرة عام 1950 أنّه لم يكن قلقًا من فكرة تكافؤ الحواسيب مع الآداء الفكريّ للبشر ولا حتّى من فكرة تخطيه. لا بل على عكس ذلك، يبدو تيورنغ وكأنّه ينظر إلى هذا الأفق بسرورٍ ورضى. وبالطبع، فقد كان مدركًا تمامًا للمشاعرالمغايرة التي تنتاب الآخرين، لكنه وصفها ساخرًا بأنها اعتراض «الرؤوس في الرمل» على حد تعبيره (تيورينج 1950:15). ويصيغ هذا الإعتراض على النحو التالي:
« يمكن أن تكون عواقب التفكير الآلي مروّعة للغاية. لنأمل ونؤمن أنّها لن تستطيع القيام بذلك.»
قلّما يُعبَّر عن هذه الحجّة بهذه الصراحة متجليّة في الصورة أعلاه. فمجرّد التفكير فيها يترك أثرًا في معظمنا، كوننا نحبّذ الإعتقاد بتفوق الإنسان على سائر المخلوقات بطريقة حذقة ما. وأفضل ما يمكننا القيام به هو إظهاره متفوّقًا بالضرورة، عندها لن يكون هنالك أيّ خطرٍ يهدّده بخسارة موقعه الرياديّ... من الأرحج أنّ سبب الشعبية القويّة التي تكتسبها هذه الحجة بين المثقفين يعود إلى كونهم يثمّنون القوى المفكرة أكثر من غيرهم و يميلون أكثر من غيرهم أيضًا إلى تأسيس اعتقاداتهم عن تفوّق الإنسان على هذه القوى.
لا يأخذ تيورينج هذه الحجة على محمل الجد أبدًا ويرفضها بالكلمات الساخرة التالية : «لا أعتقد أن هذه الحجة جوهريّة بما فيه الكفاية لاستدعاء الدحض. لعل المواساة هي الأكثر ملائمة: ولربما يجب البحث عن هذا الأمر في تقمّص الأرواح» (تيورينج 1950:15).
لكنّ أولئك الذين كان لهم نظرة معاكسة لنظرة تيورينج لم يدعوه يفلت بسهولةٍ بحجته هذه. لا بل على العكس، فقد استخدموا الذين درسوا أفكار تيورينج عن كثب أمثال لوكاس، غودل وبنروز برهانيّتا غودل الّلاتماميّة للمحاججة بأنّ الذهن البشريّ يختلف في بعض جوانبه الأساسيّة عن آلة تيورينج. فمن الواضح هنا أنّ بعض الإلمام ببرهنيّتا غودل الّلاتماميّة هو أمر ضروريّ لفهم حججهم، لذلك سأقوم في القسم التالي بتقديم عرضًا لاصوريًّا موجزًا لغير المطلّعين على هذه البرهانيّات. أما بالنسبة للمطّلعين عليها فيمكنهم أن يهملوا هذا القسم، في حين يمكن لغير المطّلعين من الذين يريدون النظر إليها بالتفصيل مراجعة بَحْثَ غودل الأصليّ الصادر سنة 1931 أو العرض الأحدث الذي قام به كلّ من بل وماكوفر (1977:316-60) أوعرض مندلسون (1964:102-58).
2-6 عرض لاصوري لبرهانيّات غودل اللّاتماميّة
تُعنى برهانيّتا غودل اللّاتماميّة بالأنساق الصوريّة للأرثماطيقا. لذا، سأبدأ بالتعليق على هذه المصطلحات بالترتيب المعكوس. بالطبع أنّ الأرثماطيقا هي علم مألوف لدى الجميع منذ العصور الأولى. بيد أنّ المعنى الذي استُخدمت فيه بصلتها مع برهانيّتا اللّاتماميّة يختلف قليلاً عن المعنى الذي تُستخدم فيه بالحياة اليوميّة. تُعنى الأرثماطيقا في كلا المعنيين بإضافات مثل 5+7= 12، وعمليّات ضرب مثل 6×9 = 54. إلّا أنّ الأرثماطيقا في حياتنا اليوميّة تحتوي على كسور مثل 4/3، كما تحتوي أحيانًا على أرقام سالبة. يمكن لرصيدٍ بنكي بقيمة -3 أن يساوي سحبا زائدا بقيمة 3 باوند. لكننا سنشير بمصطلح الأرثماطيقا فيما يلي إلى ما يُعرف بالأرقام الطبيعيّة فقط مثل، 0،1،2،3،.... وبالتالي ستُستبعد الكسور والأرقام السالبة. كما سيتوسّع معنى الأرثماطيقا ليشمل الأحكام العامّة حول الأرقام الطبيعيّة وليس الإضافات وعمليّات الضرب البسيطة فقط. إليك بمَثل عن هذه الأحكام العامة : لكلّ عدد طبيعيّ ن مُعطى، يوجد عدد طبيعيّ م حيث كون م أكبر من ن (م > ن)، و يكون م عددا أوّليا. يكون العدد الطبيعيّ عدد أوّلي إذا كان لا يقبل القسمة إلّا على العددين الطبيعيّين التاليين فقط: 1 وعلى عينه. سنستخدم من الآن وصاعدًا كلمة عدد للدلالة الحصريّة على الأعداد الطبيعيّة بمعنى أنّ الأعداد ستقتصر على 0،1،2،3،.... يمكن اعتبار الأرثماطيقا بالمعنى الذي سنستخدمها فيه أنّها نظريّة العدد.
لقد ظهرت الأرثماطيقا بهذا المعنى في بدايات تاريخ الرياضيّات مع أعمال المدرسة الفيثاغوريّة في اليونان القديمة. ومع ذلك، فقد عالج اليونانيّون القدماء ومن خلَفهم وصولاً إلى العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر الأرثماطيقا وعلم الهندسة بطريقتين مختلفتين جدًّا. فقد أكسم إقليدس علم الهندسة في زمن اليونان القديم وبقيت تُقدّم على أنها نسق أكسيومي استنباطيّ. رغم ذلك، لم يحاول اليونانيّون وخلفاؤهم طيلة هذه القرون العديدة أن يقدّموا الأرثماطيقا كنسق أكسيوميّ. فقد تَمّ تقديم الأعداد بأسلوب لاصوريّ، وتَم البرهنة على مسائلها المعقّدة، إلّا أنّه لم يحاول أحد أن يشتقّ جملة نتائج من مجموعة أكسيومات مفردة إلّا مؤخرًا في ثمانينيّات القرن التاسع عشر. لقد طُوّرت أولى الأنساق الأكسيوميّة للأرثماطيقا في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر بواسطة جهود فريغه، دديكيند وبيانو (لمزيد من التفاصيل انظر غيليز 1982).
قَدّمَ ديديكند نسقه الأكسيومي بشكل لاصوريّ تمامًا كما فعل إقليدس. بينما سعى كل من فريغه وبينو لخلق نسق أكسيوميّ للأرثماطيقا مُصَوْرَن بالكامل. يُعبّر في مثل هذه الأنساق الصوريّة عن الأكسيومات بلغة رمزيّة تكون أدق من اللغة العاديّة، ويجب أن تكون كل خطوة في البرهانيّة مسوّغة من خلال الاحتكام إلى عدد صغير من قواعد الاستدلال المقررة بدقة.
استمرت أعمال فريغه وبيانو فيما بعد من خلال أعمال وايتهد وراسل اللذان أنتجا في ثلاثة مجلدات ضخمة نشرت بين عامي 1910 و 1913 نسقًا صوريًّا مشهورًا يُعرف باسم مبادىء الرياضيّات Principia Mathematica أوM P على سبيل الاختصار3. كان هذا النسق بغاية الأهميّة للأسباب التالية : فقد زعما أنّ أكسيومات هذا النسق هي حقائقَ منطقيّة، واعتقدا أيضًا أنّه يمكن البرهنة على أيّة برهانيّة رياضيّة في نسق مبادىء الرياضيّات هذا. ولو صدقا بذلك لتبيّن آنذاك أنّ ما عِلْم الرياضيات إلّا امتداد للمنطق. يُعرف هذا الزعم بالفلسفة المنطقانيّة للرياضيّات. بالطبع أنّه لم يكن بمقدور وايتهد وراسل البرهنة على كل مسائل علم الرياضيّات الموجودة آنذاك، ناهيك ذلك عن كل مسائل علوم الرياضيّات المستقبلية. لكنهما استطاعا في مجلّداتهما الثلاثة الضخمة البرهنة على عدد كبير من المسائل الرياضيّة بحيث تبدو في نهاية المجلد الثالث إمكانيّة البرهنة على أيّة مسألة رياضيّة إضافيّة أخرى في نسقهم الصوري هي أمر معقول. لكن غودل استطاع بناء حُكم أرثماطيقيّ صادق لا يمكن البرهنة عليه في نسق مبادىء الرياضيّات (مع الأخذ بعين الاعتبار بأنْ نسق مبادئ الرياضيّات لبّى بعض الشروط). وهكذا بيّن غودل عدم صحّة فلسفة الرياضيّات المنطقانيّة التي وضعها راسل و وايتهد.