هناك ظواهر اجتماعية خفية ، في كثير من المؤسسات التعليمية ، لم تولها الدراسات التربوية والبيداغوجية، والسيكولوجية اهتماما بالغا ، حتى يتأتى لها أن تبرز إلى سطح الوجود ، وتصبح بالتالي قابلة للرصد والدراسة .. بل بقيت هذه الظواهر، حبيسة جدران المنظومة التربوية . يتحدث عنها المعنيون بها، والمكتوون بنارها في صمت ، أو من وراء حجاب ... هدَه الظواهر في شموليتها لاتنتظمها في الأغلب الأعم ، القوانين والتشريعات ، بل تخضع للأعراف المتعامل بها ، والتقاليد المتوارثة ، والنظرة السائدة بين جميع الفاعلين التربويين ..والتي يطبعها أحيانا المزاج الشخصي ، والانفعال ، والذاتية .. دون تحكيم المنطق .. والاحتكام إلى القوانين والتشريعات المنصوص عليها..
ومن بين هدَه الظواهر : العلاقات السائدة داخل الحياة المدرسية ــ بين جميع الأطراف ــ و التي لاتتسم في غالب الأحيان بالشفافية ،والديموقراطية ، ونكران الذات .. وعدم تغليب الجانب الإنساني ... وبالتالي فقنوات التواصل ، والحوار، والتفاهم البناء ، ضيقة إلى أبعد الحدود....
ونتحدث هنا عن العلاقات داخل الفصول الدراسية ــ أي بين المدرسين وتلامذتهم ــ أوخارج الفصول الدراسية ــ أي بين الإدارة التربوية ، وبين الأعوان ، وبينها ، وبين التلاميذ ، والمدرسين ، وبين هؤلاء جميعا وبين آباء وأمهات التلاميدَ ــ أو خارج أسوارالمؤسسة ــ أي بين الإدارة التربوية، وبين مجموع أطراف المجتمع المدني ومكوناته . فهدَه العلاقات كلها تتسم بشيء من الحيطة والريبة والحذر . فهل هدَه الأشياء كلها لها علاقة بالمنظومة التربوية .. هل تلعب دورا إيجابيا في تطويرها والسير بها إلى الأمام ؟؟ أم هي شي ء ثانوي لا يجب الالتفات إليه . ولايمس بنية التعليم في شيء ..
لعل الثقافة السائدة في مجتمعنا، والتي تتسم بتقليديتها، وتغليب الجانب التسلطي ، والباتريريكي / الأبوي .. هي التي تحدد السلوكات البشرية ، وتنعكس على الممارسات الحياتية واليومية ، في جميع القطاعات الخدماتية والوظيفية بما فيها التعليم ..
هذه التسلطية وأسلوب التحكم ، وإبراز النرجسية المفرطة ، أو ممارسة السادية أحيانا أمام الآخر، تجد لها صدى في أسلوب التعامل بين فئات متساكنة متجاورة ، أو تعيش بين جدران واحدة ، كما هو الشأن في المؤسسات التعليمية .
ولنبدأ في مناقشة هدَه السادية المادية والرمزية تجاه التلاميدَ في مختلف المستويات : فالتلميذ مندَ حداثة عهده بالمؤسسة تفرض عليه قوانين زجرية . عليه ألا يتجاوزها .. إدَ هي خطوط حمراء .. وإلا تعرض للعقاب البدني أو التعنيف اللفظي في غياب تام عن حقوق الطفل . ودون الرأفة بجسمه الغض الطري ، ولامراعاة لسيكولوجيته المرهفة .. المدرس هنا يمثل سلطة أبوية / باتريريكية .. لايَسأل عما يفعل .. بل يأمر فيطاع . يعتقد أنه لايطاله النقص أو الهفوات .. يغض الطرف عن مسؤولياته الإدارية والمدنية والجنحية .. كأي مواطن عاد ، يتابع حين ارتكاب الجنح ،تجاه من هم تحت رعايته في الفصل الدراسي .. فمما لاشك فيه أن مواهب التلاميدَ تختلف من الواحد الآخر .. كما أن قابلية التعلم تكون لدى البعض منهم سريعة . وعند الآخرين بطيئة .. فيستوجب على المدرس أن يتعرف على الفروق الفردية ، بطرقه التربوية الخاصة .. وأن لايلجأ إلى زجر المتعثرين دراسيا ، كوسيلة بيداغوجية .. فقد ينفر التلاميذ المعاقبون .. وينطوون على أنفسهم ... فتنتفي عملية التعلم آنئذ .. ويصعب بعد دَلك التواصل معهم ..
إن مفهوم البداغوجيا الفارقية ، له دور أساسي في عملية التواصل والتجانس داخل الفصل .. وعلى المدرس أن يبذل قصارى جهده لتنويع أساليب طريقة التدريس .. وتحسين الوسائل الممكنة والمتاحة ، والطرق البيداغوجية ، وتنويع وسائل التقويم .. ودَلك لإيصال المعارف وتبسيطها.. والتيقن من تحقيق الأهداف المتوخاة ..
هذا غيض من فيض .. فمما لاشك فيه ان المدرس ، يدرك في قرارات نفسه أن مخاطبة التلاميذ على قدم المساواة ،وبوتيرة واحدة .. يعد إجحافا في حقهم .. وقتلا للمواهب .. مما قد يؤدي إلى عكس طموحات المدرس في تحقيق الأهداف المسطرة.. ولن يحدث أي تغيير جوهري وأساسي في فكر التلميدَ و نسقية تفكيره ..
لاشك أن عملية التواصل ، وخلق علاقة طيبة مع التلاميدَ ، والتقرب من عالمهم المبهم ، والغامض، والعصي على الاقتحام لمن شأنه ، أن يقرب المسافة بينه وبينهم .. ويذوب الحاجز الجليدي المصطنع .. الذي ساهمت فيه كما قلت في البداية النظرة الدونية والنرجسية والسادية والتسلطية التي تطغى على أساليب التدريس والطرق البداغوجية المنتهجة ...هذا عن علاقة المدرس بالتلميذ .. أما عن علاقة الإدارة التربوية بهيئة التدريس فهي الأخرى تتسم بشيء من الحيطة والحذر.. ولا تخضع في غالبيتها ــ كما قلت ــ آنفا ــ لما تنص عليه القوانين والتشريعات .. وأنا لاأتحدث هنا عن تطبيق بعض بنود المساطر و المذكرات والتشريعات فيما يخص المسائل الإدارية . ولكن أتحدث عن طبيعة العلاقات التي قد تؤثر بشكل إيجابي او سلبي على الجو العام السائد داخل جدران المؤسسة التعليمية . كما تؤثر على مردودية الجميع بما فيهم التلاميد ( محور العملية التعليمية ) وعلى سمعة المؤسسة ككل .. مما قد يستوجب أحيانا تدخل أطراف أخرى في حالة الصراع ( وشد الحبل باش نقطع ) هذا هو الدَي أعنيه و أركز عليه هنا في مداخلتي .. فهدَه العلاقة كما ألمحت سابقا تؤثر عليها النظرة المزاجية .. وتغليب الذاتية .. وعدم تحكيم المنطق .. و..و.. فشخصية المدير لها دور حاسم في قيادة المؤسسة ، وتطويرها واستثمار المهارات ، لدى كل الأطراف المتواجدة في
المؤسسة .. كي ينخرطوا جميعا في مشروع التجديد التربوي .. فما عليه وعليهم ، إلا المبادرة واتخاذ القرارات الصائبة والهادفة ، ومواجهة الصعاب والعراقيل والمثبطات .. وتغليب الإيثار وحب الآخر، وتجاوز الرتابة الطاغية على فضاء المؤسسة.. وعدم تغليب الأفكار الأحادية والقرارات الفردية والمزاجية ....و من الملاحظ أنه على ا لرغم من أن صلاحيات المدير مؤطرة بالقوانين والمدَكرات الوزارية والنصوص القانونيةوما حدده الميثاق الوطني للتربية والتكوين سابقا من اختصاصات الإدارة التربوية ، فإن المدير يغلب الصلاحيات والاختصاصات الإدارية على الجوانب الاجتماعية والإنسانية والعلائقية .. فيبقى عمله ــ وما أكثرها من أعمال ـــ محصورا في الغالب في رصد التأخرات.. والتغيبات .. وخروج الموظف قبل الوقت القانوني المحدد .. والاستفسارات..والانقطاعات عن العمل .. وإرفاق الشواهد الطبية بالفحص المضاد .. والمراقبة التربوية .. ومراجعة أوراق التنقيطوتوافقها مع فروض المراقبة المستمرة .. ومراقبة ودفاتر النصوص وترأس المجالس التقنية .. وغير هدَا كثير ... رغم كل هدَا فعلى المدير تغليب الجانب الإنساني في المعاملات الإدارية والتربوية .. وتحقيق التوازن بين كل الجوانب
في الحياة المدرسية .. وتجاوز النظرة التقليدية للإدارة التربوية .. التي كانت تنحصرـ سابقا ــ في اتخاذ القرارات الفردية والتسلطية ، والتسيير والتدبير الأحادي الجانب، والتحكم بشكل مطلق وصارم في جميع القرارات المتخذة مما يجعلالآخرين يشعرون بالدونية والإحباط والاحتقار.. ورد الفعل السلبي وانعدام الثقة والتفكير في الانتقام بأشكال مختلفة ..
على المدير (المعاصر ) امتلاك ثقافة تشاركية .. ثقافة إدارية مطلعة على الثقافة الحديثة المرتكزة على المعلوميات..والتجديد التربوي.. والتسيير الديمقراطي ، والتسيير العقلاني .. وترسيخ قيم التعاون والمبادرة الخلاقة...
أما الأطر التربوية فعليها أيضا أن لا تقتصر فقط على مناخ الفصل الدراسي والتفرغ للتدريس وحده ، بل عليها توسيع علاقاتها خارج إطاره الضيق .. والاحتكاك بأطر الإدارة التربوية ، من مدير وحراس عامين ونظار ومقتصدين ، قصد التعرف عن قرب على كل الوثائق الإدارية .. وعلى ما يجول في الإدارة التربوية .. وتكوين علاقات طيبة مع أطرها المذكورة آنفا .. وذلك حتى لا تبقى الفجوة قائمة بينهم جميعا .. علاقة يشوبها الحذر والحيطة والأسرار التي لا تجدي فتيلا .. يل علاقة مبنية على الشفافية ، والمحبة ، والأخوة التربوية والإنسانية .. التي لا مناص لهم من تمتينها وترسيخها .. كقيمة من أسمى القيم..
وفي خاتمة هذا المقال المقتضب ، فإنني هنا ، لا أوجه نصائح ولا أكيل اتهامات .. بل أؤكد كما ذكرت آنفا أن هذه الظواهر الاجتماعية الموجودة بالمؤسسات التعليمية تحتاج إلى إبرازها ودراستها علميا .. حتى يتأتى للجميع معرفتها ومناقشتها لتجاوز العثرات والاختلالات وتجاوز السلوكات السلبية حتى يعمل الجميع في جو شفاف وديمقراطي ..
إن مفهوم البداغوجيا الفارقية ، له دور أساسي في عملية التواصل والتجانس داخل الفصل .. وعلى المدرس أن يبذل قصارى جهده لتنويع أساليب طريقة التدريس .. وتحسين الوسائل الممكنة والمتاحة ، والطرق البيداغوجية ، وتنويع وسائل التقويم .. ودَلك لإيصال المعارف وتبسيطها.. والتيقن من تحقيق الأهداف المتوخاة ..
هذا غيض من فيض .. فمما لاشك فيه ان المدرس ، يدرك في قرارات نفسه أن مخاطبة التلاميذ على قدم المساواة ،وبوتيرة واحدة .. يعد إجحافا في حقهم .. وقتلا للمواهب .. مما قد يؤدي إلى عكس طموحات المدرس في تحقيق الأهداف المسطرة.. ولن يحدث أي تغيير جوهري وأساسي في فكر التلميدَ و نسقية تفكيره ..
لاشك أن عملية التواصل ، وخلق علاقة طيبة مع التلاميدَ ، والتقرب من عالمهم المبهم ، والغامض، والعصي على الاقتحام لمن شأنه ، أن يقرب المسافة بينه وبينهم .. ويذوب الحاجز الجليدي المصطنع .. الذي ساهمت فيه كما قلت في البداية النظرة الدونية والنرجسية والسادية والتسلطية التي تطغى على أساليب التدريس والطرق البداغوجية المنتهجة ...هذا عن علاقة المدرس بالتلميذ .. أما عن علاقة الإدارة التربوية بهيئة التدريس فهي الأخرى تتسم بشيء من الحيطة والحذر.. ولا تخضع في غالبيتها ــ كما قلت ــ آنفا ــ لما تنص عليه القوانين والتشريعات .. وأنا لاأتحدث هنا عن تطبيق بعض بنود المساطر و المذكرات والتشريعات فيما يخص المسائل الإدارية . ولكن أتحدث عن طبيعة العلاقات التي قد تؤثر بشكل إيجابي او سلبي على الجو العام السائد داخل جدران المؤسسة التعليمية . كما تؤثر على مردودية الجميع بما فيهم التلاميد ( محور العملية التعليمية ) وعلى سمعة المؤسسة ككل .. مما قد يستوجب أحيانا تدخل أطراف أخرى في حالة الصراع ( وشد الحبل باش نقطع ) هذا هو الدَي أعنيه و أركز عليه هنا في مداخلتي .. فهدَه العلاقة كما ألمحت سابقا تؤثر عليها النظرة المزاجية .. وتغليب الذاتية .. وعدم تحكيم المنطق .. و..و.. فشخصية المدير لها دور حاسم في قيادة المؤسسة ، وتطويرها واستثمار المهارات ، لدى كل الأطراف المتواجدة في
المؤسسة .. كي ينخرطوا جميعا في مشروع التجديد التربوي .. فما عليه وعليهم ، إلا المبادرة واتخاذ القرارات الصائبة والهادفة ، ومواجهة الصعاب والعراقيل والمثبطات .. وتغليب الإيثار وحب الآخر، وتجاوز الرتابة الطاغية على فضاء المؤسسة.. وعدم تغليب الأفكار الأحادية والقرارات الفردية والمزاجية ....و من الملاحظ أنه على ا لرغم من أن صلاحيات المدير مؤطرة بالقوانين والمدَكرات الوزارية والنصوص القانونيةوما حدده الميثاق الوطني للتربية والتكوين سابقا من اختصاصات الإدارة التربوية ، فإن المدير يغلب الصلاحيات والاختصاصات الإدارية على الجوانب الاجتماعية والإنسانية والعلائقية .. فيبقى عمله ــ وما أكثرها من أعمال ـــ محصورا في الغالب في رصد التأخرات.. والتغيبات .. وخروج الموظف قبل الوقت القانوني المحدد .. والاستفسارات..والانقطاعات عن العمل .. وإرفاق الشواهد الطبية بالفحص المضاد .. والمراقبة التربوية .. ومراجعة أوراق التنقيطوتوافقها مع فروض المراقبة المستمرة .. ومراقبة ودفاتر النصوص وترأس المجالس التقنية .. وغير هدَا كثير ... رغم كل هدَا فعلى المدير تغليب الجانب الإنساني في المعاملات الإدارية والتربوية .. وتحقيق التوازن بين كل الجوانب
في الحياة المدرسية .. وتجاوز النظرة التقليدية للإدارة التربوية .. التي كانت تنحصرـ سابقا ــ في اتخاذ القرارات الفردية والتسلطية ، والتسيير والتدبير الأحادي الجانب، والتحكم بشكل مطلق وصارم في جميع القرارات المتخذة مما يجعلالآخرين يشعرون بالدونية والإحباط والاحتقار.. ورد الفعل السلبي وانعدام الثقة والتفكير في الانتقام بأشكال مختلفة ..
على المدير (المعاصر ) امتلاك ثقافة تشاركية .. ثقافة إدارية مطلعة على الثقافة الحديثة المرتكزة على المعلوميات..والتجديد التربوي.. والتسيير الديمقراطي ، والتسيير العقلاني .. وترسيخ قيم التعاون والمبادرة الخلاقة...
أما الأطر التربوية فعليها أيضا أن لا تقتصر فقط على مناخ الفصل الدراسي والتفرغ للتدريس وحده ، بل عليها توسيع علاقاتها خارج إطاره الضيق .. والاحتكاك بأطر الإدارة التربوية ، من مدير وحراس عامين ونظار ومقتصدين ، قصد التعرف عن قرب على كل الوثائق الإدارية .. وعلى ما يجول في الإدارة التربوية .. وتكوين علاقات طيبة مع أطرها المذكورة آنفا .. وذلك حتى لا تبقى الفجوة قائمة بينهم جميعا .. علاقة يشوبها الحذر والحيطة والأسرار التي لا تجدي فتيلا .. يل علاقة مبنية على الشفافية ، والمحبة ، والأخوة التربوية والإنسانية .. التي لا مناص لهم من تمتينها وترسيخها .. كقيمة من أسمى القيم..
وفي خاتمة هذا المقال المقتضب ، فإنني هنا ، لا أوجه نصائح ولا أكيل اتهامات .. بل أؤكد كما ذكرت آنفا أن هذه الظواهر الاجتماعية الموجودة بالمؤسسات التعليمية تحتاج إلى إبرازها ودراستها علميا .. حتى يتأتى للجميع معرفتها ومناقشتها لتجاوز العثرات والاختلالات وتجاوز السلوكات السلبية حتى يعمل الجميع في جو شفاف وديمقراطي ..