العقل الأنطولوجيا وخاصية تجريد اللغة - علي محمد اليوسف

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

تمهيد:
من جملة فلاسفة عديدين قدامى ومحدثين ممن اثاروا اشكالية حقيقة وجود العقل برز في الفلسفة الغربية المعاصرة بعدما ظل ديكارت يتخبط بين العقل المجرد الذي اعتبره خاصيته الماهوية التفكير وتزويدنا بالمعارف كما واعتبره جوهرا خالدا خلود النفس . برز في الفلسفة الغربية الحديثة ثلاثة فلاسفة اسبقهم الاسكتلندي ديفيد هيوم حينما انكر وجود شيء اسمه العقل، والاخر الفيلسوف الانكليزي جلبرت رايل ت 1976 الذي اعلن تاييده باكثر حدة وصرامة قائلا :لا يوجد عقل ابدا ولن يكون. ليقتفي اثرهما الفيلسوف الامريكي ريتشارد رورتي طبعا في تفاوت فلسفي مختلف الواحد عن الاخر ناتي على توضيح فلسفته.
العقل وماهية الادراك وتعبير اللغة
فيلسوف العقل الانكليزي جلبرت رايل (1900 – 1976) أعتمد افصاحات العقل مثل" المعتقدات، الرغبات، المواقف، النوايا، المهارات، الفضائل، حالات المزاج" 1،أعتمدها مجرد طرق واساليب استخدامات الكلام فارغا من محتوياته المضمونية في تاكيد حضور اللغة كمرتكز تدعيم محورية المعنى في التوازي مع محكومية نظام الواقع الخارجي المادي. وركنت فلسفة العقل المتعالقة مع اللغة مركزية جوهر العقل كماهية انطولوجية ....
معنى اللغة التقليدي فلسفيا هي وظيفة اللغة التاويلية كبنية نسقية داخلية في أعتماد العقل بمحدوديته الوظائفية في الوعي وتعبير اللغة. على أن التعبير الحقيقي الوحيد الذي بات يمتلكه العقل هو (المفاهيم) كمطلقات خارج معرفة العالم الخارجي الواقعي كمثل موروثات الاهتمام الاستثنائي في الابستمولوجيا، فالمفهوم لم يعد في فلسفة العقل واللغة يعوّل عليه حضوريا محوريا بدلالة معنى اللغة وفائض المعنى التأويلي الملازم لمدركات العقل في تعبير اللغة.، حينما جعلت من العقل مجردا من خاصية التجريد اللغوي الذي باتت تحتكره اللغة بعيدا عن الخصائص المعرفية التي تقوم على مادية وفيزياء العقل لتحتل اللغة مكانة الابستمولوجيا في فلسفة العقل على أنها سلوك لغوي وليست وسيلة تواصل أجتماعي ولا هي وسيلة أستحصال معارف أبستميولوجية وهو ما أعتمده فلاسفة العقل اللغوي الاميركان تحديدا.

يذهب ريتشارد رورتي(1931 – 2007) أحد رواد فلسفة العقل واللغة الاميركان الى "مسألة العلاقة بين العقل والجسد هي مجرد خطأ مؤسف وقع فيه لوك، يختص بكيفية حصول الكلمات على معنى" 2،.
من المؤكد أن الكلمات الشيئية لا تسبق مدلولات معانيها في انطباعات الذهن الصوري التجريدي عنها، ومعنى الشيء لا تبحث عنه الكلمات التجريدية، التي تناسبه في المطابقة التعبيرية اللغوية عنه الا بدلالة العقل.
بل الاشياء هي التي تبحث عن معانيها في الحصول على الكلمات التي تجانسها التعبير عن حقيقتها التي يمكن الاطمئنان الاخذ بها. أهم ميزة للاشياء هي أن يدركها العقل كموجودات لا معنى لها من غير تعبير الفكر واللغة عنها. الاشياء المستقلة خارجيا في عالم الاشياء تفقد التعريف الادراكي بها من غير فكر لغوي يعبر عنها، لكنها لا تفقد موجوديتها الانطولوجية من غير عقل يدركها.
من الامور التي نتجاوزها بسهولة هو عدم الاعتراف بأن موجودات الاشياء لا تعطي الادراكات والانطباعات الاولية واللغة نفسها على حقيقتها، الموجودات الواقعية لا تفهم بتعابير اللغة الادراكية المباشرة في التعبير عنها تماما.
وأنما كل موجود في عالمنا الخارجي يمتلك لغة خاصة به متموضعة فيه هي جزء من تكوينه المادي كصفات خارجية وجوهر. بمعنى ادراك الشيء هو ادراك اللغة الكامنة المتموضعة في تكوينه قبل تشكيل لغة المدركات الانطباعية الذهنية التي تنقلها الحواس عنه.
كل معنى لفظي بالكلمات أو بالكلام أو بتعبير اللغة عنه كتابة هو معنى زائف حينما يكون منطلقه (وهم) أحتكار حقيقة الشيء تكمن بالتعبير عن معناه كمدرك صفاتي خارجي فقط... بل حقيقته في فهم تفسير العقل له وليس في ادراكه الانطباعي الاولي. حتى الوعي لا يكون معبّرا عن نفسه ذاتيا منفصلا عن مرجعية العقل.
التعبير عن المعنى الادراكي البدئي الاولي للصفات الخارجية لا يعني التعبير عن حقيقة تلك المدركات بتمامها عقليا، وحقيقة كل شيء يعطي معناه في وجوده الواقعي ضمن نظام الاشياء والموجودات. الادراك الحسي هو اولوية بدئية يليها وعي العقل وتعبير اللغة.
محاولة فلسفة العقل جعل نظام اللغة نسقا مستقلا كافيا لمعرفة العالم بدلالته المتوازية مع الحياة الواقعية، في انفصال تعبيرات اللغة عن مدلولاتها الخارجية المادية هي بالنتيجة عملية مصطنعة لا فائدة منها لسبب عدم توافر شروط انبثاقها، قبل عدم توافر شروط براهينها الصادقة.
اللغة نسق يعبّر عن ماهية معنى معرفي لا يوازي سيرورة الحياة بل يحتدم معها في التفسير والمعنى ولماذا تحصل تلك السيرورات الحياتية وما هي اهدافها المتحقق منها وغير المتحقق.
الفكر واللغة وجودهما الحقيقي كجوهرين يتبعان العقل يكمن في تداخلهما الاحتدامي مع موجودات العالم الخارجي في سيرورة الحياة، ومن غير المتاح الممكن جعل زيف توازي نظام اللغة النسقي داخليا وانفصاله عن نظام العالم الخارجي حقيقة صادقة يخطئها العقل بالادانة. هذا المعنى جسدّه فينجشتين في مؤلفه الثاني (مقالات فلسفية) متراجعا ان تكون اللغة كيانا نسقيا يوازي الحياة ولا يحتدم معها من اجل تغييرها. ووصل الحد الى ان جورج مور وهو ابرز اقطاب الوضعية التحليلية للغة تحت زعامة بيرتراند راسل مقولته الشهيرة قائلا: اذا اردتم فهم المعنى الكامل للغة ابحثوا عنها في كلام العامة من الناس.
كما يعتبر رورتي دقيقا قوله (أن نعقل الشيء (خطأ) حينما نعتبر العقل مجردا من حالات الظاهرية والقصدية) 3، الوعي القصدي عند رورتي وسيلارز ومن قبلهما فلاسفة الوجودية برينتانو، هوسرل، هيدجر، وسارتر ينتقص من خصائص الوعي العقلي الادراكي مجردا عن قصديته...فالادراك القصدي العقلي هو جوهر فاعلية حقيقة العقل. الوعي لا يحيط بما لا معنى له في تعبيره اللغوي عنه.
ولو يتسّنى لنا مقايسة تعبير رورتي مع فلاسفة الوجودية، نجدهم توقفوا عند نقطة التقاء لا تزال فاعلة، بمعنى رفضهم تجريد العقل الادراكي من وعيه القصدي، يعني تجريده من ملكة التعبير عن نفسه وذاتيته قبل تجريده من التعريف عن مدركاته الشيئية. لا يوجد معنى لغوي لا يحمل حمولته القصدية في ادراكه لموضوع.
العقل يدرك بخصائصه الجوهرية الثابتة التي منها الوعي القصدي، فالعقل بأدراكه موجودات العالم الخارجي لا يدركها من دون ملازمة سؤال لماذا يدركها ؟ ولا نكتفي بتوضيح كيف يدركها؟ أي أن التعبير عن مدركات العقل يستبقها توفر شرطين هما توفر موضوع ادراك العقل واقعيا أو خياليا، وثانيا الهدف المتوخى المطلوب قصديا من عملية الادراك وما هو الوسط الذي يحتويه العقل ومدركاته.
كل مدرك مادي يكون ادراكه العقلي ناقصا حينما يكون تعبيره اللغوي وصفا لصفاته الخارجية وليس أمعانا قصديا في معرفة حقيقته الوجودية. لذا فالعقل لا يعقل الاشياء بمنطق جون لوك التجريدي وبيريكلي على صعيد الفكر فقط الذي يوازي الواقع الخارجي ولا يقاطعه الذي يدينه رورتي لكنه يعتمده في محاججته الفلسفية في ادانته انهمام العقل بالابستمولوجيا كمبحث تاريخي فلسفي.
وأيمان رورتي بتوازي نسقية نظام اللغة الداخلي كبنية مستقلة في قطع علاقتها بالانسان والعالم الخارجي، قبل وضع اكتمال نظام اللغة القائم على المعنى المجرد اولا قبل المضي في أعتماد نظام نسق اللغة تفسيرا للعالم وموجودات الطبيعة من ضمنها الانسان. من المهم ان بداية هذا الانحراف في انحراف فلسفة اللغة كانت بدايتها فرنسية على يد كل من بول ريكور في الهورمنطيقا وجاك دريدا في تطرف التفكيكية.
لذا مقولة رورتي بالوعي القصدي شرط إدراك العقل هو مانود تاكيد سلامته وصحته وأن كان الوعي القصدي لم يكن من اختراع فلاسفة العقل واللغة أبرزهم جون سيرل كما بيناه في اسطر سابقة. الوعي القصدي كانت بدايته عند برينتانو ومن ثم هوسرل في الظاهراتية واخيرا في وجودية سارتر وهيدجر...
قصور الادراك الحسي الانطباعي هو تعبير عن تجريد فعل الادراك الحقيقي للعقل في معرفة الاشياء بادراك وعي قصدي هادف ولا يكون هناك معنى لادراك لا يتوخى ما هو مطلوب وراء عملية الادراك.
الادراك وسيلة معرفية وليست هدفا معرفيا. ولا يلزم أن يكون للعقل فاعلية أدراكية بدون أسبقية قصدية تلازمه وتتقدمه. ولم تكن القصدية فتحا جديدا بالفلسفة التي ركزّت اهتمامها على تعالق الوعي بين فهم كلا من الذات والموضوع وعلاقة الوعي بالادراك وتعبير اللغة ايضا.
نجد رورتي يؤكد هذا المنحى القصدي في الوعي العقلي تشبيهه الاشخاص مثل الكتابات لهم صفات قصدية تسعى تحقيقها باسلوب الكتابة. فهو يؤمن بالاشخاص سلوكا معرفيا يرتبط بعلم النفس والاجتماع على صعيد السلوك الذي هو تجسيد لغوي نفسي غرضي. فكما يكون للاشخاص أهدافا يسعون تحقيقها هي نفسها الكتابات التي تلازمها قصديتها وتكون الاهداف التي تريد توصيل قصديتها بوسيلة لغة الكتابة.
طبعا المنهج السلوكي النفسي باللغة الذي يعتمده فلاسفة اللغة الاميركان ينكره عليهم بشدة عالم وفيلسوف اللغة الشهير نعوم جومسكي في منهجه التوليدي القائم على الفطرة اللغوية التي تنمو طبيعيا مع تقدم الطفل بالعمر.كما ينكر ذلك جلبرت رايل فيلسوف العقل الانجليزي.
والاكثر أهمية أن فلاسفة التاويلية اللغوية التحليلية الاميركان مثل سيرل، وسيلارز، وكواين، وسانتيانا، وغيرهم يفهمون بأيمان مطلق أن كل تجديد فلسفي امريكي هو في جوهره تعبير عن الحياة بالاستناد الى مرجعية الفلسفة الاميريكية الام (البراجماتية ) أو الذرائعية النفعية.
فالفلسفة عندهم ليس مهمتها تغيير الحياة بمباشرة تعبير ايديولوجي بل مهمتها فهم وتفسير الحياة بمنطق نفعي عملياتي واقعي يقوم على التجربة الميدانية وليس على تناسق النظام التنظيري البنيوي الذي يفتقد تجربته في الحياة.
لا قيمة حقيقية لنظرية فلسفية أو ابستمولوجية لا تحقق منفعة بالحياة. وفلاسفة العقل واللغة الاميركان أنما يجدون في الفلسفات الاوربية والفرنسية منها بالذات هي تقليعات وموضات تعوّدها الفلاسفة الفرنسيين ويتعاملون معها الاميركان دونما المساس بمرجعية الفلسفة الذرائعية الأم.
رورتي والعقل
يقسم رورتي كينونة الانسان كوجود فيزيائي كالتالي:
- الوعي ومركزه الدماغ والمشاعر والحركات الجسدية.
- العقل الذي تدور حوله مواضيع المعرفة والذكاء واللغة.
- الشخص في صفاته المنسوبة له الحرية، المسؤولية، الاخلاق.4
هذه الفعاليات التمييزية الصفاتية التي ذكرها رورتي هي وظائف العقل بدلالة تعريف معنى الوعي / ودلالة المعرفة والذكاء واللغة / ودلالة معنى الحرية والمسؤولية والاخلاق/. هذه الدلالات الثلاث المتفرعة على اكثر من منحى هي تجريدات ذهنية يطلقها العقل مصدرها الوحيد.
لذا ما يرغب توصيله رورتي منها أن هذه التجريدات الذهنية المتفق عليها اصطلاحا لا معنى تجريدي لها ولا معنى حقيقي لمعرفتها بدون دلالة العقل البيولوجية الفيزيائية فقط. العقل يعقل ماله معنى واقعي او خيالي.
رورتي رغم مزجه بين العقل غير الفيزيائي الذي ماهيته الفكر واللغة التجريديين حسب تعبير ديكارت، مع العقل الفيزيائي الذي يعتمده كعضو بيولوجي يتعالق بجسم الانسان لحين وفاته لم يخلط بين الفارق ماهو صادر عن مخ الانسان بيولوجيا، مع ما ينسب للعقل مهمته توليد الافكارالمجردة المعبرة عن مدركاته من المواضيع والاشياء.
ديكارت حين اطلق مقولته العقل جوهر ماهيته الفكر التجريدي لم يكن يخطر في وارد تفكيره عن العقل الفيزيائي وغير الفيزيائي هما عقل واحد في التعبير عن المدركات بالفكر واللغة تجريديا وهو صحيح.
هنا نستطيع القول أن العقل غير الفيزيائي هو الانجاب اللقيط للعقل الفيزيائي وليس هناك من وارد صحيح في الفصل الحقيقي بينهما على صعيد الدلالة البيولوجية والتجريد فالعقل بدلالة الوظيفة الادراكية والتعبير عنها هو عقل واحد غير قابل للتجزئة.
ويميز رورتي بين الكائنات ذات العقول (الانسان) يقابلها الكائنات الفيزيائية التي لا تمتلك العقل مثل الجسد، المادة، الجهاز العصبي المركزي، والطبيعة . ويعمد الى تعداد صفات العقل الذي يخلط فيها عدم التمييز بين العقل كعضو بيولوجي فيزيائي جزء من تكوين الانسان يختص بمهام لا يمتلكها العقل غير الفيزيائي الذي له مهام لا يستطيعها العقل الفيزيائي ألا في المداخلة بينهما الفيزيائي مع غير الفيزيائي في التعبير اللغوي المجرد وهذا الخلط قصدي من رورتي وليس عابرا لا يفهمه فالعقل جوهر تجريدي واحد. ونرى تلك المواصفات الخليط التي أجملها رورتي بما يلي بعد التنبيه أن الكلمات المضافة بين قوسين هي تعقيب لكاتب المقال :
1. قدرة العقل على معرفة نفسه بصورة راسخة وهذه امكانية مميزة . (ولم يقل خاصية نوعية فيزيائية يمتلكها الانسان فقط، فالعقل لا يدرك ذاته بخاصية غير فيزيائية خارج الوعي القصدي الذي هو المنهج الساري المفعول الدال على ادراك العقل نفسه وادراكه موضوعاته بملكة تعبيرية لغوية تجريدية. ادراك الذات استبطانيا داخليا لا يخلو أو ينعدم فيه الوعي القصدي الخارجي، فالتفكير بموضوع هو الوعي القصدي المترتب على ذلك التفكير الادراكي).
2. قدرة العقل عن الوجود بمعزل عن الجسد.(خاصية غير فيزيائية للعقل ماهيتها التفكير المجرد بعيدا عن مؤثرات الجسم. العقل هو ادراك قصدي تعبيري عن الاشياء في تجريدها أي في انفصال العقل كموجود بيولوجي عنها، وارتباط تجريد العقل مع تعبيره عن الاشياء تجريديا لا يلغي استقلالية الموجود عن مدركاته كمواضيع واشياء. )
3. لا مكانية العقل أي ليس له جزء أو عنصر مكاني.( ميزة غير فيزيائية يكون العقل فيه مفهوما لا يدركه غيره ولا يكون موضوعا لوعي غيره به، فالعقل غير الفيزيائي هو مفهوم مطلق ولا يمكن الاحاطة بتعريفه وادراكه الا بدلالة مدركاته. )
4. القدرة على ادراك الكليّات. ( ميزة فيزيائية للعقل وغير فيزيائية متداخلتين في وقت واحد، بمعنى يدرك العقل الماديات في كليتها كما يدرك غير الماديات في منهج التفكير التجريدي الموحد في كلا الادراكين، تفكير العقل الفلسفي شمولي في موضوعي الادراك المادي والخيالي).
5. القدرة على أستبقاء علاقات ليس لها وجود مثل القصدية .( خاصية فيزيائية للعقل تتداخل معها خاصية غير فيزيائية، والقول بالقصدية هي الشيء الذي ليس له وجود غير فيزيائي خطأ ينسف أمكانية العقل ادراك أي موجود مادي أو أي موضوع خيالي، صحيح القصدية ميزة تصورية تجريدية مسبقة يمتلكها العقل قبل تعبير الذهن واللغة عنها لكن قصدية العقل تشترط ادراك العقل لوجود شيء مادي متعين كموضوع يستبق التفكير به ادراكيا. وبخلاف غياب موضوع الادراك ينتفي ادراك العقل وتنتفي ملازمة القصدية له. القصدية ادراك عقلي يحمل معناه لكنه يفتقد التعبير عن نفسه فكريا لغويا الا بدلالة ادراك غيره من الاشياء والموضوعات..)
6. القدرة على استعمال اللغة .(خاصية عقلية فيزيائية هي ميزة انسانية لا يمتلكها ولا يمارسها غيره من كائنات مثل الحيوان فهو يمتلك لغة على نطاق محدود جدا يفتقد بها الذكاء والوعي القصدي الناضج، والشعور بالزمن، اللغة وسيلة ذكية لانهائية الغايات والاستعمالات وهذا ما لا ينطبق على الحيوان الذي تقصر وظيفة اللغة عنده وسيلة اشباع غريزة الجنس، وتحذير نوعه من الخطر وهي لغة صوتية فقط تصدر عن حنجرة ليست متطورة صوتيا كما هي عند الانسان في مخرجاته الاصوات بدلالة اشارية مفهومة داخل الجنس الواحد من نوعه. ).
7. القدرة على الفعل الحر.(خاصية فيزيائية يمتلكها عقل الانسان بأعتباره كائن تحكمه الحرية والارادة والاختيار. ).
8. القدرة على أن يشكل جزءا من مجموعة اجتماعية. (خاصية فيزيائية فالوجود الحقيقي لعقل الانسان هو أن يجعل منه كائنا أجتماعيا بالغريزة والحاجة الضرورية الملزمة له كموجود تشغل وجوده الطبيعة باحتوائها له. )
9. العجز عن مطابقته بأي شيء بالعالم . (خاصية فيزيائية مع خاصية غير فيزيائية فقابليات العقل الانساني وملكاته التي لا حصر لها تجعل منه جوهرا متميزا لا ينوب عنه ولا يماثله شيئا بالعالم. ). النقاط التسع منقولة عن المصدرهامش5 .
لا يختلف اثنان أن هذه المواصفات التسع التي أجملها رورتي للعقل التي يتداخل فيها العقل الفيزيائي بما هو وجود عضوي الدماغ في تكويناته المترابطة عصبونيا في جمجمة الانسان، والعقل غير الفيزيائي بما هو تجريد ماهيته التفكير باستقلالية عن ارتباطه البيولوجي بجسم الانسان وليس ارتباطه بعقله الفيزيائي داخل الجمجمة أذ كل تعبير لغوي تجريدي عن شيء هو صادر عن تفكير عقلي يستبقه.
كما يصبح التعليق أو الايضاح عن كل فقرة صفاتية وردت مضيعة وقت لسهولة معرفتها أن الانسان هو العقل وبقية الاعراض والمواصفات التابعة هي خصائص عقل الانسان في حال تجريدنا العقل منها لا يبقى هناك كينونة انسانية سوية تمتلك وعيها، أو نحصل على انسان بلا عقل بمعنى مريض غير سوي. وشرحنا توصيفات رورتي التسع للعقل في تعقيبنا عن كل واحدة حصرناه بين قوسين نجده كافيا.
علي محمد اليوسف /الموصل
المصدر:

ريتشارد رورتي/ الفلسفة ومرآة الطبيعة /ترجمة د.حيدر حاج اسماعيل 1ص 70/2 ص87/3 ص88/ 4 ص 89،/5 ص 90

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟