"الفلسفة" في الصّـــــــــورة أو " التفكير بالصّور": عن الرسام السريالي روني ماغريت - عبد الوهاب البراهمــي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

  " إنّ فنّ الرسم فنّ تفكير "  ( روني ماغريت)
  اتسم الموقف الفلسفي إزاء الصورة لوقت طويل بحذر بل وبكراهية، كان الأصل فيها نظرة أفلاطونية محتقرة للفنّ عموما وللصورة باعتبارها نسخة مشوّهة " للمثال " أو الفكرة  المطلقة القائمة في عالم المعقولات، عالما أرفع منزلة أنطولوجيا من عالم المحسوس الذي تنتمي إليه الصورة، بوصفها شيئا مرئيا يدرك بالحواس. وكان لابدّ من انتظار العصر الحديث، و" الثورة الفكرية والنهضة الفنية"  لبدء " الاهتمام" فلسفيا بالوجود الحسّي ودوره في المعرفة وغيرها وللانتباه فيما بعد وبشكل تدريجي لأهمية التخيل والصورة في مجال الإدراك وفي مجال الإبداع الفنّي بوجه خاص . وقد ساهم العلم بفروعه في تأكيد منزلة " المحسوس" أو العيني عموما ولفت الانتباه إلى أهمية الخيال ودوره في العملية الإبداعية عموما، بل وأدى تطوّره تاريخيا إضافة لعوامل عدّة إلى  ما نعيشه اليوم من ثورة اتصالية رقمية جعلت الصورة تملأ حياتنا بل وتحدّدها على وجه من الوجوه. وقد أدّى هذا طبعا إلى تجاوز النظرة الأفلاطونية للصورة بل وإلى اهتمام فلسفي متزايد بمنزلة الصورة ودورها في مجالات الحياة عموما ومنها الفنّ، والمرئي منه بالذات . يشهد بهذا ما يكتب من مؤلفات حول فنّ الرسم وعلاقته بالفلسفة، وما تجده مؤلفات فلسفية كثيرة من حاجة إلى الارتكاز إلى أعمال فنية لرسامين بارزين كأمثلة وأسانيد لتناول موضوعات فلسفية كالإدراك ومنزلة المرئي واللامرئي لدى مارلوبونتي مثلا، الذي يجد في لوحات " بول سيزان" سندا مُعينا على التفلسف بل على التفكير فلسفيا وعلميا أيضا في موضوعات شتّى . ولنا في فرويد وجيل دولوز وفوكو و هيدجر  وغيرهم أمثلة بارزة على ما بات يسمّى بالتصاق الفن والفلسفة و بالحركة الحرّة أو الهجرة بين الفن والفلسفة وغياب التخوم بينهما وارتحال الفيلسوف وتجواله ضمن سائر الميادين الفنية والعلمية ... ناقدا محللا مؤولا على نهج نيتشه الذي كان بداية حقيقيّة لهذا " التشرّد الفلسفي" إن صحّ التعبير، و الذي اقتضاه تحوّل اجتماعي وثقافي وفكري الخ لعصرنا الراهن.

  فليس من الغريب إذن بل لعلّه ضروري بمعنى ما أن يولي فيلسوف أمثال فوكو اهتماما خاصّا بفنان برسام سريالي مميّز كروني ماغريت، اهتماما لا تفسره علاقة الصداقة بينهما فحسب، بل ربما" التقارب" الفكري والمشاركة في الاهتمام  بمسائل من قبيل " علاقة الكلمات بالأشياء" وغيرها. وقد يكون هذا التقارب مردّه أيضا تقارب في " الرؤية " إلى الأشياء، إلى العالم والوجود الإنساني ومنهج تناوله كموضوع للتفلسف وكموضوع للتعبير الفني . فإذا عرف عن فوكو منهجه الأركيولوجي في تحليل الموضوعات، منهجا يجعله شبيها بالمنقب في آثار " الفعل الإنساني في التاريخ" ومنتجاته . منقبا في الجسد مثلا "كأثر" أو في المعرفة ومنظوماتها الخ، فإنّ التوجّه " السريالي" للرسّام ماغريت، يسمح له " بالتعبير" جماليا عن الموضوعات على نحو ينقّب فيه هو الآخر ويحلّل بنياتها ويعيد بناءها ويخترق ظاهرها مستكشفا معانيها ودلالاتها، بل مستنبطا معاني جديدة ...لقد وجد فوكو بالتأكيد في رسوم ماغريت نزوعا " إلى التفلسف"، بل ربّما ضربا " من التفلسف " المخصوص الذي يجعل من فنّ الرسم حيّزا أو أداة قادرة على " التفلسف" على "نحو جمالي"، يجعل الرسم والفلسفة على مسافة واحدة تقريبا من استخدام " الكلمة" في التعبير عن الفكرة، وإن اختلف فنّ الرسم عن الفلسفة بإضافة " العنصر الخطّي"، والصورة، مرئيا محسوسا يشكّل الفكرة ويظهرها أو يجعلها مرئية للناظرين. ومن المؤكّد أنه ما كان لهذا الذي أسميناه " جنوح ماغريت إلى التفلسف"  أن يكون ممكنا لو لم يتأتى لماغريت أن يلتقي بالشعر و بالفلسفة وبالخطابة ..من خلال فلاسفة أمثال فوكو، فلاسفة فتحوا له أبوابا أو أرضا لم يكن ليطأها لولا صداقته ومراسلاته وحواراته مع فوكو مثلا أو بيريلمان، فقد كان لإطلاعه على كتاب " فينومينولوجيا الإدراك " لمارلوبونتي ولكتابات بريلمان حول " الخطابة " والحجاج ولمؤلفات فوكو ككتاب " الكلمات والأشياء" وغيرها ...أثره البارز والعميق في نظرته إلى فنّ الرسم وأشكال تعبيره الفنية ودوره في " التفكير" على وجه مخصوص في موضوعات الحياة والوجود والإنسان الخ ... وبالرغم من أن ماغريت قد استقى من " المدرسة السريالية " في الرسم أسلوبه في التعبير الفني وكان للقائه بالرسام السريالي الايطالي جيوجيو دي شيريكو أثره العميق في تميّزه " الأسلوبي " في الرسم، فإنّه قد حمّل رسومه " مضامين فلسفية"  وسعى إلى التعبير عنها أو طرحها على طريقة الفلاسفة " كمشكلات" تحمل على التفكير وإعمال العقل، وكانت مفاتيح لوحاته " مفارقات" و" استعارات" " وكلمات"  الخ تظهر المرئي على صورة " مشكلة"  محيّرة ومربكة وغريبة . وعلى نحو ما يفعل الفلاسفة في اشتغالهم على " المفهوم"، يسعى ماغريت بأسلوبه الفني في الاشتغال على " الصورة" جاعلا منها كما يقول " فكرة" وجاعلا من فنّ الرسم " فن التفكير" كما يقول أيضا، أو جاعلا، كما قال بعضهم، " الفكرة على طرف الريشة" . من هنا جاز لنا أن نعتبر الرسام السريالي المعاصر روني ماغريت، رساما مميزا يقف على مفترق الطرق بين الفلسفة وفن الرسم، جاعلا فنّ الرسم "ملتصقا" بالفلسفة وإن تميّز عنها بأن ظلّ مع ذلك فنّا لا فلسفة آو غير بعيد عنها يشتغل بما تشتغل به الفلسفة ويشاركها الموضوع و الاهتمام وربما الغاية وإن بطريقته الخاصّة . الأمر الذي حمل الفيلسوف  فوكو وغيره على الإحالة إلى رسوماته مثالا يمكن أن نحاجج به  أو نستدل به على تناول فلسفي معين لموضوعات الفكر والثقافة والإنسان الخ، بل وألّف كتابا فلسفيا عن " فن الرسم" لديه.

    ولكي ندرك حقيقة هذه العلاقة بين ماغريت والفلسفة علينا أولا أن نتعرّف على هذا الرسام كإنسان ثم كرسام من خلال رسوماته في تنوعها .     

 روني ماغريت رسام بلجيكي ولد يوم 21 نوفمبر  في ليسين 1896 وتوفي يوم 15 أكوتبر 1967 في ساشريبيك . تلقى تعليمه لفنّ الرسم في " الأكاديمية الملكية للفنون التشكيلية" . ينتمي إلى التيار السريالي في الرسم (نوع تشخيصي figuratif : مناظر، شخصيات الخ..) من أعماله " خداع الصور " و" مملكة الضوء" وغيرهما من أعمال كثيرة ومتنوّعه وتشترك أحيانا في الموضوع مع اختلاف في أسلوب التعبير عنه والتي تنتمي في كليتها إلى ما يعرف بـ " التيار السريالي" ولكن في "سريالية مدروسة" تجعل من ماغريت رساما متفرّدا متميزا عن غير من السرياليين.  وتعني السريالية  بالمناسبة حركة أدبية وفنيّة نشأت سنة 1924. وقد اقترح هذه " التسمية" ( السريالية) جيوم أبولينار سنة 1917 في خصوص ديكورات " لبيكاسو" لباليه " الباراد"  والتي اعتبرها  "جيوم"  ناتجة عن فكر جديد يَعِدُ بتغيير عميق للفنون والآداب عامّة". عرّف  أندريه بروتون صاحب كتاب " ما هي السريالية ؟" ( وهو البيان الأول عن السريالية 1924) بقوله : " السريالية هي آلية بسيكولوجية خالصة، بواسطتها  نقترح على أنفسنا التعبير إمّا لفظيا سواء بالكتابة، أو بطريقة أخرى، عن الاشتغال الحقيقيّ للفكر. وهي مفروضة من الفكر في غياب كلّ مراقبة للعقل، وخارج كلّ انشغال جمالي أو أخلاقي. " وقد جاء في الموسوعة الفلسفية هذا التعريف أيضا  للسريالية بكونها :" تقوم على الاعتقاد في حقيقة أسمى لبعض أشكال التداعي المهملة إلى حدّ الآن، وفي القوّة الخارقة للحلم، وفي اللعبة المجرّدة للفكر . تميل السريالية إلى تحطيم الآليات النفسية الأخرى والاستغناء عنها في حلّ مشكلات الحياة الأساسيّة." ّ تقوم السريالية بهذا المعنى على الفكر دون أن تكون ضربا من التفكّر أو التأمل لتظلّ طريقة في  التعبير عن الإنسان ومشكلاته . في هذا المعنى العام نفهم سبب التقارب بين فنّ الرسم السريالي لدى ماغريت وبين " الممارسة الفلسفية " دون أن يحوّل ذلك فن الرسم لدى هذا الرسام إلى فلسفة بالمعنى " الاصطلاحي" للكلمة وعلى نحو ما نفهم عامة بالفلسفة بوصفها " استخداما حرّا نقديا للعقل" أو " التفكير الهادئ الرصين بأسلوب خاص".

- بدايات عاشق للصور:

   كان روني ماغريت الشابّ قارئا نهما للأشرطة المصوّرة، ومحبّ للسينما  وفنّ التصوير، وكان عاشقا من دون شكّ للصور. أنجز ماغريت أولى لوحاته أثناء الحرب العالمية الأولى . والتقى في الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة ببروكسال، بفنانين ينتمون لتيار الفنّ الجديد، الذين لم يشبعوا رغبته شأنهم في ذلك شأن المدرسة الانطباعية.

   حدث التحوّل الجذري في مساره الفنّي حينما اكتشف ماغريت لوحة" أغنية الحبّ" “Chant d’amour  للرسام السريالي  الإيطالي جيورجيو دي شيريكو Giorgio de Chirico . كان الفضاء في هذه اللوحة خاصّا حيث وضعت أشياء مألوفة في فضاء غريب و لاواقعي: قناع الآلهة القديمة  يواجه قفازات حمراء:

لوحة " أغنية الحبّ" لوحة " أغنية الحبّ"

وقد انتهى هذا الاكتشاف الذي شكّل منعرجا حاسما في مسيرة الرسام بماغريت إلى الانضمام إلى " السرياليين" قبل أن يتقدّم بالسريالية نحو سريالية أكثر " بحثا". وذلك  حينما بات يزاوج في لوحاته بين الشعر والفكاهة ليضع أمامنا صعوبة التمييز بين الواقع والصورة التي تنطبع في دماغنا. ليطرح تبعا لهذا وفي علاقة به أيضا مشكل العلاقة بين الكلمات والأشياء، خاصة بعد تطوّر علاقته بالفيلسوف ميشيل فوكو وبعد قراءة ماغريت لكتاب " الكلمات والأشياء" و استفادته بحاصل علاقته ومراسلاته مع الفيلسوف البلجيكي شاييم بيريلمان المؤسس "للخطابة الجديدة" . وإذا كانت هذه الصلات قد أثمرت عملا فلسفيا لفوكو  "هذا ليس غليونا" و لوحة  ماغريت " مفتاح الأحلام" 1935 " :

" مفتاح الأحلام" " مفتاح الأحلام"

فإنّها قد أكّدت على تأثير أعمال ماغريت على مسار التفكير الفلسفي لدى على الأقل بعض الفلاسفة أمثال فوكو خاصّة ولم لا " مارلوبونتي" الذي كان معجبا مع ذلك أكثر بالرسام المابعد انطباعي " سوزان" واشتغل على رسومه فلسفيا ولكنه لم يغفل عن رسوم ماغريت وكاندنسكي وبول كلي الخ ... في سياق حديثه مثلا عن " المرئيّ واللامرئيّ" او " العين والعقل " الخ.

ماغريت والإشهار :

     كان ماغريت يكره الإشهار .غير أنّه كان مضطرا للاشتغال على عديد الملصقات الاشهارية  لضمان قوت يومه. وكان يستفيد من مخزون الصور لديه في إنجاز أعماله الاشهارية. وكانت أولى هذه الأعمال :

ملصقة "قِدْر تغلي.." (1918) ثم ملصقة " عصفور السماء" المستوحاة من  لوحة " العودة" ( 1940).

لوحة إشهارية :" قدر تغلي  (1918)"لوحة إشهارية :" قدر تغلي (1918)"

retour 1940ملصقة : "عصفور السماء" ولوحة "العودة".

 وهو ما يعني أنّه على الرغم من اضطراره إلى الاشتغال بـ"الإشهار"، فقد كان روني ماغريت يستفيد في " إنجاز صوره الإشهارية" بإعماله الفنية السريالية مؤكّدا بذلك أسلوبه الخاص وتوجّهه الفنّي الذي يصرّ عليه بان يجعل الصورة الفنية، وربّما حتى الإشهارية منها، لا موضوعا للرؤية والمتعة فحسب، بل موضوع تفكير من حيث هي " فكرة مرئيّة" .

      ولكن، كيف يشتغل الرسام ماغريت ؟ على أيّ وجه يمثل الرسم لديه " مناسبة للتفكير "؟ كيف وبأي معنى يجسّد الرسم عند ماغريت ضربا من "إقامة الفلسفة" في الصورة؟ كيف يمكن وعلى أيّ وجه أن يتحقّق التفكير بالصورة " في رسوماته؟

فن الرسم عند ماغريت: دعوة إلى التفكير

      يقوم رونيه ماغريت بعملية إخراج لأشياء مألوفة يضعها في فضاء لاواقعي.  من أعمال هذا الرسام التي تتبادر إلى ذهنا لشهرتها " خداع الصور" “La trahison des images.. ويعرض فيها على الناظر غليونا مع حاشية نصية " هذا ليس غليونا" ؛ والهدف من ذلك هو التأكيد على أن التمثّل للشيء ليس الشيء ذاته. يقول ماغريت عن هذه اللوحة بالذات :

" الغليون المشهور، الذي طالما آخذتموني عليه! ومع ذلك هل بإمكانكم حشو غليوني. لا، أليس كذلك، فليس غير تمثّل. إذن. لو كتبت تحت لوحتي " هذا غليون"، فسأكون كاذبا!".

لوحة:  "خداع الصور( هذا ليس غليونا)"  -  1929 لوحة: "خداع الصور( هذا ليس غليونا)" - 1929

يستلهم روني ماغريت الواقع ليقودنا إلى الخيالي. ويدعو الناظر إلى التفكير بالصور، التي تحل بالنسبة إليه محلّ الكلمات. وتحمل لوحاته كلّها رسائل.

    روني ماغريت والجنوح إلى الفلسفة   

" يستخدم - الرسام - فن الرسم لجعل الفكر مرئيّا" ( ماغريت)

لقد أَطْلَع  صديقه الشاعر "بول نوقييه" Paul Nougé، ماغريت على عالم الفلسفة، واكتشف الأعمال الفلسفية الكبرى .لقد أدرك ماغريت مبكّرا أنّ  الصورة تنقل، وتعبّر عن أفكار ومشاعر، وتقوم مقال الكلمات وتجعل من الفكر مرئيا . لذا، فقد سعى إلى أن يجعل من فنّ الرسم " مساويا للشعر والفلسفة". فلم  يتردّد عن أن يقدم نفسه فيلسوفا في 1936 مع لوحة:  " المصباح الفلسفي" :

لوحة "  المصباح الفلسفي " - 1936لوحة " المصباح الفلسفي " - 1936

 والتي هي عبارة عن صورة ذاتية  autoportrait أو رسم ذاتي، حيث يمدّد ماغريت أنفه الطويل في غليون، مثل خرطوم فيل، في إحالة إلى بينوكيو Pinocchio أكبر الكذّابين... ويبدو أنّ نظرته الساخرة تتحدّانا " لست مخدوعا بأكاذيبكم". وبجانبه شمعة تمثّل " نور الفلسفة ".

       يريد ماغريت،  في مجابهة السريالية التي أوجدها الشعراء، بجعل الكلمة أسمى من الصورة، أن يثبت أنّ الصور في منزلة الكلمات، وأنها تستطيع التعبير عن الأحاسيس والأفكار مثل الشعر والفلسفة. في لوحته"  النائم الجسور (1928)" يظهر شخص ممدّد فوق رسوم تذكّر بالهلوغرافيين، صور تعبّر عن كلمات.

النائم الجسور (1928)النائم الجسور (1928)

   يلخّص "ديدييه أوتينغر" علاقات روني ماغريت بمثقفي عصره فيقول إّنه " احتك في البداية بشعراء. وبعد الحرب العالمية الثانية،احتك بالفلاسفة. " وذلك حتى  يصقل معارفه الفلسفية.

  أحاط ماغريت نفسه إذن "بمرشدين" أمثال الفيلسوف البلجيكي ألفنونس دي والانسAlphonse de Waelhens المختص في فلسفة مارتان هيدجر، والذي بدأ ماغريت في مراسلته سنوات 1950 وكان ينصحه في رسائله تلك بمطالعات ويطلعه ماغريت على كتاباته. نصحه يوما في إحدى رسائله بقراءة الفيلسوف الفينومينولوجي موريس مارلوبونتي، المشهور بأمثلته المستقاة من فنّ الرسم والمساعدة على التفكير في منبع التعبير الإبداعي. فردّ عليه ماغريت دون تردّد بقوله:" إنّ الخطاب الممتاز لمارلوبونتي هو جدّ رائع بغرض القراءة، ولكنّه لا يسمح بالمرّة بالتفكير في فنّ الرسم- الذي يبدو مع ذلك أنّه يتناوله . بل عليّ أن أقول بأنّه حينما يحدث ذلك، فإنّه يتكلّم عن فنّ الرسم مثلما نتكلّم عن أثر فلسفي منشغلين بالمقلمة وبالورق الذي استخدمه الكاتب". ويبدو بهذا الردّ أن ماغريت يريد أن يتّجه إلى الشيء كشيء،( على نحو ما تزعمه الفينومينولوجيا بالذات) جاعلا من  " فنّ الرسم، كما يقول، فنّ تفكير" بالالتفات صوب العين، فـ" جهة النظر هي فقط  ما تهتم به اللوحة فعلا". فهو القائل عن فنّ الرسم: " الفكر لامرئي مثل اللذة والألم. غير أن فنّ الرسم يتضمّن مشكلة : يوجد فكر يرى ويمكن أن يوصف بطريقة مرئية". فكر يريد الوصف بطريقة مرئية، أي التفكير بطريقة مرئية، من خلال الصور، أي التفكير بالصورة. ذلك أن الصورة في نظره قادرة كما قلنا على أن تنقل، وتعبّر عن أفكار ومشاعر، وتقوم مقال الكلمات وتجعل من الفكر مرئيا. بل إنّها قادرة على إثارة " المشكلات" وهو بالذات ما يلحّ عليه ماغريت بالانتقال "بالسريالية " أو بالرسم السريالي من اعتباطيته في مراحله الأولى إلى " سريالية " أكثر " دراسة" . حدث هذا التحوّل سنة 1936 مع لوحة" الصلات الاختيارية""Les affinités électives" " التي تظهر بيضة في قفص. ويقول عنها ماغريت بأنّه "استلهمها من رؤية في المنام:" إنّ ما أحسسته من صدمة كان ناتجا بالتحديد عن صلة بين شيئين، القفص والبيضة، بينما نتجت هذه الصدمة مسبقا عن التقاء أشياء غريبة عن بعضها بعضا."

لوحة "الصلات الاختيارية" ونص رواية ماغريت للحلملوحة "الصلات الاختيارية" ونص رواية ماغريت للحلم

   يجعلنا ماغريت بهذا نمرّ فنيّا من " الجمال الاعتباطي "، من عرضية اللقاء بين المطرية وآلة الخياطة، إلى جمال سيكون من هنا فصاعدا " أكثر دراسة" كما يقول " ديديه اوتنغر "  المشرف على معرض للوحات ماغريت في اللوفر.

إنّ مشروع الرسام إذن هو "حلّ المشكلات" وهو ما يجعل ماغريت أبعد ما يكون عن السريالية الآلية  أو الاعتباطية. على هذا النحو كانت " أعمال ماغريت" مُنَاَسَبة ، إن صحّ التعبير " لطرح " مشكلات وجعلها " مرئية" ، الأمر الذي يدعو الناظر إلى التفكير ، وربّما إلى "التفلسف" على معنى التساؤل عن " المقاصد" والدلالات و اللميات الخ .وربّما " التساؤل" عن دلالة الجمع مثلا بين مطرية تسقط على غيوم تزحف على الأرض ...أو لوحة :مطرية تجمع بكأس ماء مثلا لوحة ( عُطَلُ هيجل  1958) كأس ماء يتقبل الماء الذي يسقط من المطرية  ليشير بذلك إلى مقولة لينين. يعوض كأس الماء إذن آلة الخياطة للسرياليين.

parapluie

     يقدّم ماغريت سنة 1938 " خطّ الحياة" La Ligne de vie, وهو عبارة عن مقالة في منهج ماغريت  المكوّن لعقيدته في الرسم.  يعرض فيه تمشيه المتبصّر الذي يتجه إلى حلّ " المشكلات".

ما هو " المشكل" في نظر ماغريت؟  إنّه إيضاح معادلة مرئية توفّق بين، كما يقول، " الموضوع، الشيء المرتبط به في ظلّ الوعي والنور حيث يجب أن يصدر ذلك الشيء".

      لم يكن توجّه ماغريت في الرسم إلى " الصورة التي تفكّر" أو إلى " التفكير بالصورة" سوى ثمرة لثقافته الفلسفية التي حصّلها من مطالعاته ولقاءاته ومراسلاته مع الفلاسفة أمثال بيريلمان وفوكو الذي انتهى إلى تأليف فوكو لكتاب في 1973  بعنوان يستعيد جملة  ضمنها ماغريت لوحته الشهيرة " هذا ليس غليونا". وقد تناول فوكو في هذا الكتاب ضمن  مقاربة جمالية رسوم ماغريت وما تثيره من مشكلات فلسفية من قبيل مسألة " التشابه" التي تحيل إليها مشكلة علاقة " الصورة بالشيء" وبالتالي مشكل علاقة  التطابق بين الفكر والشيء  ومن هنا مشكل الحقيقة ومعيارها ...وهذا المؤلف الفلسفي لفوكو تجسيد "للقرابة " التي كشفها الرسام رونيه ماغريت بين " فنّ الرسم والفلسفة " ، أو بين " الصورة والفكرة" أو المفهوم . ليضع حدّا نهائيا ربما للقطيعة التاريخية التي دشنها أفلاطون بين الفلسفة والصورة بين المفهوم أو الحقيقة والصورة. لقد كان رسم ماغريت للوحة " خداع الصور" سنة 1929 شعارا لتحطيم الريبة الأفلاطونية من " المحاكاة والصورة ، التي يفترض أنّها خادعة وتبعدنا عن الحقيقيّ: نعم قد تكون الصور خادعة مثل اللغة ، لكنه من العبث البحث عن حقيقة أخرى " في موضع آخر" ، حقيقة أكثر أصالة مما تقترحه الصورة . هذا ما يذهب إليه ماغريت حينما كتب في مجلة " الثورة السريالية" مقاله :" الكلمات والصور". حيث يتساءل عن التطابق الفاشل دوما بينها والموضوعات والواقع وهي التي يفترض فيها  تمثيل هذا الواقع. وبعد رسمه للوحة " الصلات الانتقائية" 1932 أصبح ماغريت متميزا بوضوح عن السريالية في "اعتباطيتها" حينما أضحى مهتما أكثر "بعملية إخراج للمشكلات"  مثلما هو الشأن في هذا التمثّل " المراوغ"  لأمثولة الكهف" المعروف نسبتها إلى أفلاطون. يعرض ماغريت فيها، لوحة تعرض لوحة  على محمل تمثّل الأفق منظورا إليه من خلال فتحة  كهف مظلم مضاء مع ذلك بنار ، جملة من " الأشباه" simulacres . هذا الإخراج إذن هو تشخيص للخلط بين الواقع وتمثّلنا له،  ليوضح ماغريت بهذا ما عبّر عنه " بالوضع البشري" وهي العبارة التي اختارها عنوانا للوحته هذه:

    “La condition humaine” 1935 (الوضع البشري)"الوضع البشري"  (1935) ، قفزة إلى عالم المظهر الخادع.

illusion anfa 19124

- في رسالة وجهها إلى أندري برودون في 1934  عبّر ماغريت عن لوحة " الوضع الإنساني " بهذه الكلمات:" لا يمكن أن نفترض بأنّه خلف اللوحة يكون المشهد مختلفا عمّا نراه، ولكن المهمّ هو حذف الاختلاف الذي يوجد بين منظر نراه من الخارج وداخل غرفة " ( سلفستر د. ، ماغريت ، باريس ، أعمال  2009 ص 386). يشير ماغريت بلوحة " الوضع البشري" إلى  "أمثولة الكهف في " جمهورية أفلاطون" ، حيث نرى بشرا مقيّدين بالأغلال في كهف؛ يظنون  الصور التي هي ظلال دمى في الخارج تنعكس على جدار الكهف، أشياء واقعية. يعالج الفيلسوف أفلاطون مسألة المعرفة والرأي، ويقرّ بأنّ المنزلة الطبيعية للبشر هي الجهل. "فأغلب البشر يحيون تحت نير " الدوكسا" (doxa) أي الرأي"، وقد نشئوا على الانقياد للحواسّ والأحكام المسبقة. هذه الأمثولة allégorie هي الأصل في الإدانة الفلسفية للصور. وقد كان ماغريت عارفا بها ( ويشير إليها مباشرة في بعض لوحاته) ويجيب عنها بأعمال تستعيد عناصر مثل الكهف والنيران والظلال، موجّها النظر إلى الخارج. اشتغل ماغريت إذن على مشكل " التمثّل" وعلاقته بالواقع، على الصورة والواقع أو على الشبيه والشيء في الواقع وقد أنجز أعمالا كثيرة في هذا الباب  منها مثلا :

لوحته " حامل اللوحات" :

  - في لوحة: الحامل Le chevalet  ( حامل اللوحات)   موضوعٌ في المدخل يختفي ويتراكب مع المشهد بقصد - اتهام عالم المظاهر والأشباه :

chevalet anf

- أو  لوحة:" مبدأ اللايقين" 1944، تكون الظلال  كاذبة  وتمثل هذه اللوحة شكل امرأة ينعكس ليأخذ شكل عصفور. فللظلال بالنسبة إلى الرسّام تمويه ، ويمكن أن تكون خدعة مثلما يكون في لعبة ما.

- في لوحة " إعادة الإنتاج ممنوعة" 1937 ، يكون الرسم مرآة مزيفة:

reproduction anfa

وفيها إشارة إلى التلاحم بين شبيه الحقيقة والكتاب الموضوع على الطاولة الصغيرة ، واختراق قواعد البورتريه؛ تعكس المرآة صورة مزيفة بإظهار إنسان من خلف لا وجهه.

fils etre humain anfa

يقول ماغريت عن هذه اللوحة:" كل شيء يخفي شيئا آخر، نرغب دوما في رؤية ما يخفيه الشيء الذي نراه.  يمكن أن يأخذ هذا الاهتمام شكل إحساس شديد ، ضربا من الصراع بين المرئي المخفيّ والمرئي الظاهر".

   الكلمات والأشياء  والصور :

     يستخدم رونيه ماغريت في بحثه عن فنّ يسمح بالتفكير ، عددا محدودا من العناصر المرئية التي تتكرر في أعماله من حين إلى آخر مثل الستائر والكلمات والنّار والظلال والأجساد المجزأة..  ولكنه أيضا كثيرا ما يركب بين الكلمات والأشياء ويحللها و يساءلها، متأثرا كما أسلفنا الذكر بفوكو وكتابه " الكلمات والأشياء" .1966 وبرغم أنّ ماغريت مات سنة بعد صدور هذا الكتاب 1967 وهو ما يعني أن علاقته بفوكو كانت قصيرة ، فإنّ لهذه العلاقة أثرها الكبير والعميق في مسار ماغريت الفنّي كما أسلفنا . وقد كشف فوكو فيما بعد في كتاب حمل عنوان " هذا ليس غليونا" جوانب من هذا المسار حينما طرح من خلال كتابه رؤية ماغريت للعلاقة بين الكلمات والأشياء ، بين الصورة والشيء ، منبّها إلى أنّ أعمال ماغريت تسمح " بالتفكير الفلسفي" في مسائل فلسفية من قبيل " مسألة التشابه" الذي هو بتعبير فوكو :"  فعل، وفعل لا ينتمي إلاّ التفكير ، وبالتالي مسألة الحقيقة ومعيارها الخ ." فقد بين ماغريت من خلال رسمه مثلا " لغليون"  بأنّ كلمة "غليون" ليست سوى خطّا لا يشبه إلاّ ذاته وليس له من قيمة بالنسبة إلى الشيء الذي يتكلّم عنه" . من هنا يقول فوكو بأنّ ماغريت حينما يظهر " صورة تشابه" ، فهو لا يقرّ بشيء بل يساءل من جديد العلاقات بين الشيء والصورة . ثمّ إنّه باشتغاله على مبدأ الاحتمال principe d'incertitude" " يغامر في مجال المنطق ومعضلاته معبّرا عن تأثّره ببيرلمان صاحب كتاب " مقالة في المنطق" ( لوحة " اللايقين أو الاحتمال 1944)، الأمر الذي سمح له بإعادة بناء فكره وفن الرسم لديه وفق " استعارات" tropes : أشكال وعناصر أسلوبية مكونة لمعجمية خاصة : شمعة وظلّ وشبح وستار الخ. وزلعلّه في هذا كان متأثرا " بثقافته الشعرية " وببأسلوبه التعبيري " المجازي"  الاستعاري الإشاريّ. ففي إحدى رسائله  إلى صديقه الشاعر "بول نوقي"  في نوفمبر 1927 يخبره فيها بأنه قد حدث له اكتشاف أخّاذ. وهو يشير بهذا إلى لوحة  بعنوان:" اكتشاف"  حيث طبق فيها مبدأ " التحوّل " la métamorphose الذي استخدمه كثيرا فيما بعد. ويتعلق الأمر فيه بالمزج بين صورتين دون رابط منطقي ( أ و  ب أو إمرأة ولوح) وبعد جمعهما وامتزاجهما ، نكون إزاء صورة ثالثة (س، أو قوسين ، د،ذ، ج، ح الخ) ولكن دون أن تكون صورة ثنائية ( إمراة - لوح). وهذا الجمع غريب يختلف ضرورة عن عملية الجمع للأعداد الطبيعية مثلا. يواجه ماغريت  بعد هذا " الاكتشاف"  مشكل اللغة أساسا لوجودنا برسم لوحات تظهر صورا وكلمات في علاقات سريالية ( يوافق هذا مرحلة إقامته في باريس 1927-1930). وفي هذه المرحلة سنشاهد لوحاته الكثيرة ( لوحات الكلمات) والتي يستكشف فيها ماغريت كل الإمكانات الشعرية : الجمع والتعويض والتراكب والمزج ... لكلمة مع شيء يفترض أن يشير إلى علاقة اعتباطية ليخلق معنى آخر جديد.  ألف ماغريت سنة 1929 كل هذه الإمكانات في رسم نشره في العدد 123 من " الثورة السريالية"  تحت عنوان:" الكلمات والصور":  لوحة " الكلمات والصور" ماغريت 1929:

mots et images

ماغريت بين الضوء والمفارقة ،" أشكلة الصورة":

  يراوح ماغريت لوحاته بين عنصر "الضوء" ( "مملكة الضوء" عمل مربك ضمن هذه السلسة من اللوحات المنجزة ما بين 1953و1954)

مملكة الضوء L’empire des Lumièresمملكة الضوء L’empire des Lumières

تمثل اللوحة منزلا في الظلمة ، مضاء بمصباح يقابل السماء الزرقاء  التي تحتل الواجهة الخلفية . وفي اللوحة جمع غريب بين عناصر متنافرة ، تحملنا إلى الحلم.  يؤكّد ماغريت على عنصر " المفارقة" paradoxe في أعماله  وهذا أحد مميزات " التوجّه السريالي" في فنّ الرسم.، تأكيدا يجعله غير بعيد عن " الفلسفيّ" في بنائه " "الإشكالي" على عنصر "المفارقة " التي تحمل معنى " صعوبة "aporie التي تدفع الفكر إلى التفكير والدهشة والتساؤل . ( ويبدو أن ماغريت استمدّ مفهوم " المفاوقة paradoxe من لقاءه بالمنطق من خلال اطلاعه على أعمال صديقه بيريلمان). يقول ماغريت:" كلّ أعمالي متأتية من الإحساس باللايقين الذي يسكننا فعلا في عالم ملغز". ويضيف :" يجب أن ينظر إلى الصور بوصفها كذلك، أحبّ الصور مجهولة المعنى ، لأنّ الفكر ذاته مجهول". من هنا كانت لوحات ماغريت عبارة عن " ألغاز"  وحكايات  تدفع الناظر إلى التساؤل عن مظهرها المفارقي الغريب بحثا عن معناها. إنّ فنّ الرسم لدى ماغريت يتراوح بين المرئي واللامرئيّ .بل إنّه " يجعل الفكر مرئيا" وفي هذا تكمن مهمّته وطرافته.  ولأنّ الفكر مجهول وملغز كما يقول كانت الصورة بالضرورة كذلك ( ملغزة) بوصفها نتاجا للفكر، لتفكير خاص " تفكير بالصورة" ، نتاجا لتخيّل فنّي يتصرّف تصرّفا "مدروسا" غير اعتباطي في " الكلمات و الأشياء والموضوعات.. " وفق علاقات " منطقية خاصة"  أي وفق " مزج وتركيب أو تراكب أو دمج وجمع ... يختارها الفنان بحريّة ليعبّر عن مشكلات الحياة ويبعث برسائل للناظر ، بل ربما " للقارئ" باعتبار اللوحة " فكرة " أو " نصّا" كما يقول ، يتكلّم بلغة خاصّة ، ويُرى ويُشاهد بوصفه نصّا مرئيّا ، "حقيقته"  تتجاوزه كمرئيّ، أو من وراء " مظهره" الخادع المموه الكاذب . من أجل هذا كانت اللوحة الفنية عند ماغريت تقدّم إن صحّت العبارة " أطروحة " " وتحاجج" و" تطرح مشكلا" على نحو ما تفعل الفلسفة وإن بأسلوب التشخيص والتجسيد المرئي للفكرة، بأسلوب فنّ الرسم.   

      لقد جعل ماغريت فنّ الرسم لا مجالا تستمدّ منه " الفلسفة" أمثلتها "الحجاجية" إن صح التعبير ، رسوما  لفنانين  أمثال ماغريت أو ماتيس او سيزان  الخ يلتمس من خلالها  الفلاسفة في سياقات التحليل الفينومينولوجي  ( مارلوبونتي ..) أو غيره  تعميقا وتوسيعا لـ" معنى" فلسفي، بل إنه جعل من الرسم " مجالا " لضرب من التفلسف" الخاص" ، يشارك الفلسفة في حقولها المعتادة وموضوعاتها، يشارك الفلسفة بل الشعر أيضا وربما المنطق على نحو ما، الاهتمام والغاية والمحتوى وإن بأسلوب " خاص" يتفرّد به ليكون وليظلّ فنّه " فنّا" حتى وإن " فكّر" على نحو ما يفعل الفلاسفة أو " حاكاهم " أو " ابتكر لنفسه " ممارسته الفلسفية" الخاّصة إن صحّ القول.

 ولكن إلى أيّ حدّ يظل الفني في أفق جمالي إذا ما اضطلع هو الآخر بمهمّة " التفكير" ؟ ما شأن المتعة الفنية  وما أفق بلوغها إن لم يكن الفنّ لا غيره؟  هل يمكن أن نقول مع ذلك أنّ ماغريت قد ضايف بين الفكرة و" المتعة"  أم انّه أقصاها أو  " نغّصها" على وجه من الوجوه حينما جعلها "موضوعا  للتذهّن" ثانويا بدل " الفكرة"؟ كيف لي أن أفكّر أمام لوحة " سريالية" واستمتع في آن واحد؟ هل نحن مع " ماغريت" أبعد ما يكون عن" أفق المتعة الجمالية" ؟ أيّ منزلة استيتيقية لفنّ يتهم " جمالية" المرئيّ أو يجعل منه " مرئّ " يفكّر" إن ّ صحّ التعبير ؟

المراجع:

-  ويكيبديا

- كتاب فوكو " هذا ليس غليونا" .

- خداع الصور " معرض مركز بومبيدوللرسام ماغريت

- ماغريت السريالية والفلسفة ، رسوم ماغريت في معرض مركز بونبيدو - فليري أودوس

- روني ماغريت ّ، الفلسفة في صور - نيك بلانشار تيبو

- ما السريالية ؟ أندريه بروتون .

 

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟