الأخلاق كإرادة ـ البوعيادي محمد

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

ANFASSEالأخلاق تمثل إنساني قبل كل شيء، إشكالية الأخلاق الإلهية المرتبطة بالأسطورة المتطورة(الدين) و الأخلاق الإنسية لم تنته إلى الفصل الكلي بين هذه و تلك ، و ككل الصيغ الصورية للعقل و العاطفة البشريين تتموقع الأخلاق ضمن واحدة من أكبر إشكاليات الفكر الحديث : إشكالية الفكر و الواقع، على اعتبار الأخلاق قواعد صورية مجردة، إذا : هل تكون الأخلاق مستقلة عنا استقلالا كليا بمعنى أنها إلهية المنشأ و المقصد؟ هل الأخلاق ناجزة بمعزل عن تمثلاتنا و إدراكنا و تصوراتنا الذهنية و السيكولوجية؟ إذا نفينا استقلال البنية الأخلاقية عن قوة خارجية و علوية ، فهل تكون الأخلاق عبارة عن منظومات من الخلق الإنساني و مرصوفات إيديولوجية من خلقنا نحن، تخييل بشري هادف ؟ ألا يمكن أن تكون الأخلاق باعتبارها تمثلات بشرية مجرد آليات لتنظيم العالم وفق رؤى معينة بالذات؟ هل من تاريخ للأخلاق يساعد على كشف بنيتها المضمرة؟ و هل الأخلاق ضرورة في عالم التنظيم القانوني للمجتمعات ؟ ألم يقضي العقد الاجتماعي على ضرورة الأخلاق باعتبارها بنية ناتجة عن المخيال الاجتماعي للناس لا تربطها صلة بالتنظيم الدولتي المُبَنين ؟


المفارقة الأولى في موضوعة الأخلاق هي مفارقة تاريخية،  هي إشكال تنظيم معرفة الأخلاق، لن تكون الإجابات  عن تفرعات السؤال ممكنة دون الحسم في تاريخية أو لا تاريخية الأخلاق، و كما أشرنا يدخل السؤال هنا ضمن إشكالية الفكر و الواقع على وجه الخصوص، لكن ما يهمنا هنا ليس الوجه الإبستيمولوجي للإشكال، لن نكون في حاجة إلى سرد الآراء المختلفة و التي لم تستطع الخلوص إلى تأسيس معرفة ملموسة في هذا المضمار و لو على سبيل "الوهم الضروري"(الحقيقة)، ذلك الوهم  الذي يقعد رؤانا المختلفة للمسائل الأنطولوجية عموما، سنكون في حاجة إلى رؤية أكثر استقلالا عن أغلال المعرفة المنظمة و "الأكاديمية"، المعرفة المعلبة التي يرصدها مؤرخ الفكر الفلسفي و كأنها حلقات متصلة في السلسلة الكبرى لتاريخ الفكر و التفكير، وهم الاتصال الكلّي لن يقدم لنا شيئا كبيرا، كما أن الفكرة "المتقدمة" عن اعتبار الانفصال آلية من آليات التأريخ للكون و المعرفة و الحدث هي الأخرى لن تفيدنا في شيء، لما ؟
لأن التنظير للقيم أو الدعوة"التبشيرية" في حقيقتها ليست في متناول الكرونولوجيا الزمنية، اللعبة الأخلاقية في واقعها المر هي خارج التاريخ، سواء أخدنا بمنهج الاتصال التقليدي لأجل تشكيل و هم المعرفة الكلية و التاريخ الشامل للأخلاق، أو أخدنا بنهج البنيوية المتقدمة التي توظيف الانفصال آلية من آليات التأريخ المعاصر لأجل بناء الحدث فإن "تاريخ الأخلاق" في زعم ممكن  غير ممكن، لأن ماهية الأخلاق مختلفة عن كل التقسيمات التي تعطى لها خصوصا فيما يخص الفكر الأنواري، الأخلاق في ماهيتها خلية واحدة أحادية غير قابلة للاختزالات و الانقسامات التصنيفية: هذه أخلاق إلهية ، هذه أخلاق بشرية ... في واقعها كلها أخلاق مصنوعة من قبل البشر، يبقى إسناد المصدر و المرجع مختلفا ، لكن المنطق الذي يحكمها واحد و المنبع واحد إلا أن الحيثيات التاريخية فعلت فعلتها في عقل مؤرخ الفلسفة...


يشكل تمثلنا للعالم قضية أخلاقية بالأساس، ليس على افتراض التعريف الكلاسيكي للأخلاق بأنها مجموع السلوك المرتكز في شرعيته على سند نظري (لا تهم طبيعته) ، الأخلاق الضرورية التي أسس لها الأولون من أتباع المذهب الطبيعي هي المقصودة هنا ، أخلاق الضرورة بلغة أخرى ( قبل تبلور الحاجة الإيديولوجية في مجتمع الصناعة)، ليست الأخلاق القواعدية الأرثوذكسية محط نقاش هنا ، فما الذي يمكن أن يربط بين استقلال المنظومات و البنيات عن آلية الصورنة البشرية و بين قاعدة أخلاقية دينية كلاسيكية (الديني هنا تشمل كانط وواجبه الأخلاقي و الذرائعية الأنغلوساكسونية ) ؟؟؟..
لاشيء يمكن أن يربط بين ما زعمناه عن كون المنظومات الأخلاقية كُلاَّ من صنع البشر و بين إسناد بعض هذه المنظومات لمرجع إلهي في ظل التسمية : الأخلاق الدينية..  نعود إذا إلى موقع الأخلاق من محاولات القراء التاريخية ، هل يمكن اعتبار الأخلاق قابلة لدراسة تاريخية ، هل من تاريخ للأخلاق أساسا؟
عن تاريخية الأخلاق:
ليس تاريخ الأخلاق و إنما أخلاق التاريخ هي الممكنة، الأخلاق منظومة قادرة على تقييم التاريخ و قراءته وفق منطلقات إيديولوجية مختلفة، المعرفة التاريخية للموضوعة الصورية أشبه بمغامرة كبرى إلى المجهول، حتى في مجال المعرفة التاريخية للملموس و الأركيولوجي  تطرح إشكالات كبيرة، وجود الوثيقة يكون هو الأساس( هنري مارو) فما بالك عن موضوعة صورية لا يوجد أي دليل خارجي عنها يساعد على تشريحها سوى ما تكتبه هي عن نفسها، كل من كتبوا عن الأخلاق كتبوا عن أخلاقهم هم عن تصوراتهم هم، لم أسمع يوما عن مؤرخ للأخلاق ، يؤرخون لها ضمن الفلسفة كجزء من قراءة عامة لفلسفة أحدهم، و الدافع إلى ذلك هو كونها لاتاريخية فعلا، الأخلاق لاتاريخية لأن استحضار الحدث من عمق الماضي و محاولة تقييم وزنه القيمي في الوقت الآني بنهج تزامني أشبه بقولك أن الأقصوصة الدينية صحيحة: سقط إبراهيم في النار فعلا و لم تمسسه فكانت بردا و سلاما، التقييم الأخلاقي للحدث يحدث مرة واحدة في واقع الأمر في زمن واحد غير قابل للتكرر هو الزمن الذي يلي الحدث مباشرة، أن نقول بأن نابليون كان وغدا لأنه زج بجنوده في ثلوج روسيا و شتائها القاسي قول ينطوي على شذرات عاطفية كثيرة، نقبله بكونه عاطفة تاريخية، لكن هل هو تقييم "موضوعي" للحدث و لقيمته الأخلاقية؟ أشك في ذلك ..
أن نقول بأن عليا كان أحق من معاوية بالحكم أو العكس قول أخلاقي يجعلنا نتخندق مذهبيا شئنا أم أبينا، هي عاطفة فقط ، نقبل التحيز لجهة دون أخرى و إصدار أحكام لصالح هذه على حساب تلك و لكن من "وجهة نظر عاطفية" فقط.. ماذا يبقى إذا ؟: القيمة الأخلاقية  تصبح عاطفية كلما امتدت عبر الزمن، كما أن أنها لا يمكن أن تمتد تاريخيا دون أن تغير من ذبذباتها و نبضها وزاوية تمثلها، فكيف يتحدثون عن تاريخ للأخلاق؟؟و كيف يقيمون الحدث التاريخي بكل برودة و يسقطون التقييمات على الشخصيات بل و في حالات عديدة يقدسونها باسم القيمة الأخلاقية التي ينسبونها إليها دون حذر و تفكر، بل إن الأخطر من هؤلاء أولئك  الذين يتحدثون عن جمال أخلاق الماضي في مقابل قبح أخلاق الحاضر وهم لا يطالون إلا وهم الحقيقة التاريخية للأخلاق، لكن هذا يجرنا لمحاولة النبش عن القول بجمال الأخلاق الذي يعتبر قنطرة لتدعيم الرؤية الماضوية و ما يرتبط بها من ديماغوجية غير أخلاقية بالأساس ...
عن جمالية الأخلاق
"عليك أن تكون متوترا و ممتعضا و غير متكيف أبدا، وحين تمتلكك إحدى العادات عليك أن تحطمها، إن أكبر الأخطاء هو الاستسلام للرضا" {1}..
الحديث عن جمالية الأخلاق غير ممكن إلا في إطار ما تأسس من وعي عقب محاولات تشريحها على أيد الشعراء( نيتشه رغما عنه شاعر بلغته الاستعارية)، فبنية الأخلاق وجينالوجيتها تفرضان أنها ثابتة لكنها ليست كذلك بالمعنى الذي يعطيه لها الأرثوذكسيون، لكن لنوضح أولا ما المقصود بجمالية الأخلاق؟
ليس المقصود هنا هو "الأخلاق الجميلة"،"الحميدة"،"الحسنة"، نسبة الصفة في عمومها إلى مفردة الأخلاق خطأ دلالي و معرفي و إن كانت الجملة صحيحة في نظر "النحاة"، ليست مقولة الجمال هنا مرتبطة بأخلاق نوعية، بمرصوفة  أخلاقية دون غيرها، و مهما حاولت بعض المنظومات أن تنسب الجمال لنفسها من خلال خطابها الإيديولوجي و من داخله فهي تفشل، لأن الظرف الذهني الداخلي، السيكولوجي(ولا أقول التاريخي أو الاقتصادي) هو ما يعطي لأي منظومة أخلاقية قيمتها الجمالية ، ما يمكن الحديث عنه هنا هو التصور الفرداني للجمال ، يمكن الحديث أيضا عن الجمالية الإجرائية للمبدإ الأخلاقي من باب التنظير ، كأن نقول وفق المبدأ الفيتاغوري للجمال: هذه المنظومة متناسقة داخليا، متراصة و محكمة البناء و هذا مكمن جمالها ...

عندما يُنجز الصرح النظري أو صرح القواعد الأولية يكون واضعه متأكدا من اختلاف التلقيات و التصورات الفردية، يكون متأكدا بأن التطبيق( هنا السلوك) عالم آخر، التطبيق اختبار فعلي للمبدأ يمكن أن يقوضه أو يثبته كما يمكن أن يغير و يعدل فيه قليلا ، و هنا نختلف مع الذين يقولون بأزلية المبدأ ، نحن نقول ضرورة ثباته و ليس أزليته التي تجعل منه غير قابلا للتغير و التعديل، ثباته لا يعني تحجره، هو ثبات وظيفي ، إن الهدف من المبدأ هو الثابت وليس المبدأ في حد ذاته لكن البعض يعتقد أنه أزلي و في مقابلهم "يعتقد" آخرون "متنورون" أنه نسبي جدرا و بشكل جذري، كلا الموقفين يسببان إسهالا حادا للأخلاق، ما معنى أن يكون مبدأ ما ثابتا و بالتالي جميلا؟
معناه أن يكون قاعدة واقعة خارج التاريخ و الزمن،"واقعة خارج التاريخ" مسألة قريبة لما زعمناه لكن أوضحنا أن ما يقع خارج التاريخ ليس هو المبدأ ذاته و إنما الهدف الخير منه (أزلية الخير)، واقع خارج التاريخ نعم، لكن ليس بهذه البساطة، أن يكون المبدأ خارج التاريخ يعني بالنسبة "لهم" أنه غير قابل لتتغير و التعديل(ليس التطور)، أما نحن فنقول أنه فعلا يتغير دائما ، ليس وفق ظروف خارجية بل وفق أخرى داخلية بالأساس، لذلك فالهدف الوظيفي منه معزول عن التاريخ، لسنا تطهريين لكن انسحاب الكون في ظل المد التقنوي الجارف{2}  يفرض العود الأخلاقي كوظائف و ليس كمنظومات و مرصوفات جاهزة،  لأن الإنسان في ظل تاريخ التدهور هذا بقي مكتوف الأيدي   ومعدوما رد الفعل  بسبب أحد المشكلتين: 1- التحجر الأرثوذكسي الأخلاقي  بما فيه الديني و الإيديولوجي عموما \2- اللاأدرية الأخلاقية المرتكزة على مبدأ نسبية المبدأ الأخلاقي.
و المشكل الثاني مرتبط غالبا بقولة "نسبية الأخلاق" التي لا يفهم منها المرء شيئا ماعدا استنشاقه لرائحة نتنة لنزوع نفعي صارخ...
تكون الجمالية  من هنا مرتبطة بالأداء الفردي للمبدأ و ليس بالمبدأ ذاته، مبدأ الرحمة يمكن أن ينزاح عن وظيفته الخيرة فيكون أسوأ المبادئ إذا ما مورس مثلا في سياق علني (التشهير و المنّ)، مبدأ الشفقة سيئ في تمثله العاطفي عكس ما يظهر عليه من جلال في التمثل الاجتماعي خاصة بمنظور التكافل و الإخاء، من هنا نفهم قول نيكوس كازانتزاكيس بضرورة مقاومة الاستسلام و التكيف..
الجمالية الأخلاقية في "أفضل" تجلياتها مرتبطة بالثورة على المبدأ الأخلاقي و ليس على وظيفته، الحاجة لهذه الثورة الصغيرة سيكولوجية \معرفية بالأساس، التاريخ لا يمكن إلا أن يكون محفزا جانبيا مساعدا بشكل أو بآخر، الجمالية تكون في الثورة على المبدأ عندما يتم استشعار الحاجة إلى ذلك ارتكازا على الشعور الفردي و الإرادة الإنسانية، لكن كيف تكون هذه الجمالية؟
التنقيب عن فهم(ليس جواب) يزجنا في دائرة الإناسية المغالية، نقول نحن هم الجنس الحيواني الأجمل،" ليس هناك كائن أكثر تعقيدا من التركيب البشري قادر على إرادة الحياة"{3} ، وحدنا نستطيع وعي الفعل الأخلاقي و غير الأخلاقي ، وحدنا نستطيع السير إلى الأمام، ضد الطبيعة، مع الطبيعة، بالأخلاق، ضد أخلاق ما، "نحن" هم الكائنات" العاقلة" في الكوكب و سيكون علينا ألاَّ ننقرض (معرفيا و أدبيا على الأقل)، كي لا ننقرض فنحن في دوران دائم، في تشكل دائم و أخلاقنا هي الأخرى كي تواكب ارتقاءنا تكون زئبقية متغيرة، كيف نفسر إذا هذه الحركية اللاتنتهي، الصاعدة أو الهابطة؟
نفسرها بالجمالية ، بجمالية الأخلاق و كثير من "الكائنات الماضوية" تفسر –على الطرف النقيض- رفضها لهذه الحركية و التغير بأزلية "الأخلاق الجميلة"، بالتشبث، بالثبات و المركزية العاطفية التي محور دورانها "الإيمان" ، أما نحن فنعتبر الجمالية إجراء جيدا يمهد نفسيا لتقبل التغير القادم و الضروري و العفوي أيضا... الذين يتحدثون عن الأزلية الأخلاقية و الذين يتحدثون عن نسبية الأخلاق بالرغم من التباعد الكبير بينهما و الذي يقاس بالسنوات الضوئية ، يهدفون إلى تبرير ما، جهودهم تصب في قالب استعراضي هدفه الأساسي تفسيري تبريري، تبرر الديناصورات موقفها "الخالد" بالجمال الألوهي ، و يبرر "الزئبقيون" المتطرفون موقفهم الدينامكي بالجمالية ، ماذا يبقى إذا؟.. خليط غير متجانس، لا بأس بالاختلاف و عدم التطابق، لكنه خليط متناقض ، متقابل، متنافر، خليط يجمع بين طرفي النقيض، يكون لزاما إذا الفصل بين الاختلاف و التناطح بعيدا عن مزاعم الجمالية و الجمال في صيغتة التابعة لكلمة "الاختلاف".. فأي اختلاف هو و بين من و من؟
البحث عن قاعدة للاختلاف:
معصية الخلق الكبرى هي التنوع: بيولوجيا، ثقافيا، أخلاقيا... ، لكن هل يعتبر  الاستتار عن المعاصي و الصمت سلاحا أو حلا؟ هل الاستتار عن الاختلاف\المعصية ضروري؟
1-حلا:
زعم أول: تكريس تقبل الاختلاف لا يكون بالصمت.
الاعتراف بثبات الأخلاق و بنسبيتها سيكون تناقضا مطلوبا ، "ضروريا"، "مفروضا" من قبل الدول الليبرالية، الجراد والثعابين و الحرباوات ستجد ضالتها في ظل دولة الاختلاف لتمارس طقوسها المختلفة هي الأخرى، مأسسة الأخلاق هي لعبة الليبرالية الأولى، لكنها لن تصنع لنا رجالا فضلاء كما أن نظريات الشعر لن تصنع شعراء{4}...
نبحث عن "إنقاذ" الكون من انسحابه و عن "إنقاذ" التاريخ من تدهوره، لا نبحث عن تكريس المدينة الفاضلة أو تكريس متروبول الانحلال بلغة الديناصورات، يكون الابتعاد عن لعبة الاختلاف ذا مزايا لأنه يبعدنا عن التعمية التي يكرسها هذا الاختلاف عن قصد أو بدونه...
الوجهة الأساسية و بشكل قصدي ستكون هي البحث عن الائتلاف الإجرائي (نظريا)، الائتلاف في كليته لا يعني بالضرورة نسف الاختلاف الإيجابي بل هو تكريس له و نبذ للاختلاف المُكرَّس، تكريس هو لكن بشكل دينامي أكثر ، ليس "بصدق" طبعا، يظل العامل السيكولوجي مضمرا ، كامنا، شبه دائم: يكره الناس بعضهم بسبب الاختلاف و يقصون بعضهم و يجرحون بعضهم عن قصد ، عموما تبقى النوايا الأخلاقية مسألة خارجة عن متناول اليد ، تبقى النوايا مسألة معمَّاة لا منفذ إليها، لكن القول في الاختلاف أو بالاختلاف لن يكون نظريا فقط، المنشود هو التأسيس لأرضية صلبة للممارسة ، حيث لن يستطيع القساوسة و الليبراليون تكميم و أنمطة السلوك، كلهم أبطال، و نحن لا يجب أن نسقط لعبة في هذه البطولة أو هذا الشريط السينمائي، السابقون منهم قاسوا كثيرا لذلك يحبون تعذيب الآخرين{5}، اللاحقون عانوا من السابقين ثم قرروا رد الصاع صاعين ، و الصمت على نطاحهم لن يكون حلا ، ليس التشهير و العرض السردي الأفقي "لأخطائهم" و "منزلقاتهم" هو الأساس ، كل قول يعاند أو يناقش لا يمكن أن يؤسس، منطق المصارعة الديناصوري على وجه الخصوص لا يفضي إلى مشروع قول في الأخلاق لأنه موقف  غير أخلاقي  أساسا ، ماذا يبقى غير القول بقاعدة مركبة تُعتبر مبدأ، لنمارس العادة السيئة في وضع المقدمات بشكل أولي فقط، تكون المقدمة هكذا :
~ الأخلاق الجديدة لن تتأسس على نزعة  تطهرية دينية، كما أنها لن تتأسس على نزعة لادينية  أو عدمية أو لاأدرية أو براغماتية ، كما أنها لن تتأسس بالضرورة ضد أية واحدة من هذه المرصوفات الأخلاقية المذكورة، بل يمكن أن تجمع بين كل هذه البنيات من حيث هدفُها الوظيفي الأساس  مادام يبحث عن غاية واحدة : الخير للإنسان،... لكن ذلك إن تحقق سيكون لزاما أن يكون بشكل غير بنائي ، غير قواعدي أو و ضعي سواء كان ربانيا أو كان  إنسانويا ، لأن هدف هذه الأخلاق لن يكون ذاتيا فقط من حيث كونها موجهة للسلوك بل يجب أن يتعداها إليها و إلى ما بعدها ،إلى تدبير الاختلاف الأخلاقي\ الخُلقي  لكل الأشكال المذكورة التي بنت و تبني قواعدا لا أسسا للسلوك..
ليس ضروريا وضع قواعد  جماعية ملموسة ، القواعد النظرية هنا و على غير المعهود ستلعب دورا "أجمل" و أكثر إفادة، إذا احترمت الفردانية في الطرح الجديد عن الأخلاق يكون ذلك نصرا في حد ذاته، من الجيد أن تُراعي الفردانية في الشكل المتطور للأخلاق (القانون) ، لكنه و غني عن القول : لا يعوض القانون الأخلاق أبدا..،الأخلاق كما القانون إذا جابها النزوع الفردي بالكبت و القمع السافر سيؤديان إلى نسف العقد، و هذا هو ما انقادت إليه الرأسمالية دون وعيها ، كان على الاشتراكية أن تفهم اللعبة في طور من أطوارها المختلفة لكنها لم تفعل ، فما النتيجة ؟  خبت شعلتها لأنها قررت الصمت حلا وجها لوجه أمام إشكال الاختلاف بل و إشكال الأخلاق عموما : النزوع الفردي.
2- سلاحا:
زعم ثان : كل صمت هو تواطؤ أو عجز عن القول في مسألة الاختلاف الأخلاقي.
الصمت عن ديكتاتورية الأخلاق القواعدية  بشقيها الإلهي و الإنسانوي (التقسيم المفتعل) يعد حالة انتهازية قصوى، انتقائية الدولة " الحديثة" للقيم و المبادئ واضحة من خلال تكريسها في الخطاب العمومي خاصة في أشكال التواصل الجماهيري، يكون تجريد الدولة (الوحش البارد) من أشكال التمويه وظيفة " المعلم" الأخلاقي المؤقت ، لأنها تمارس ما تمارسه ضد الإنسان (الغالبية من الناس) لصالح الإنسان(النخبة من اللوبيات الضاغطة)، و لكن ما لم يكن في الحسبان  وقع، في مرحلة متقدمة من التكريس الدولتي لمؤسسات النخبة ، فُقدت السيطرة  على المؤسسات الداعمة للاستغلال بفعل اشتراك " المُستغلين" (بفتح الغين)  في تثبيت شرعية هذه المؤسسات من خلال الانخراط و الانضواء تحت لوائها ، ذلك الخضوع المستمر الذي لا يبدو خضوعا حين يتكرر بشكل دوري توارثي ، و بسبب التناسل و التكاثر في نسيج المؤسسات المكرسة للانتقاء تصبح مستقلة أو شبه مستقلة، ترتفع الأصوات لكن ليس في الاتجاه الضروري (ليس الصحيح)، فتكون ساعتها وكأنها أصوات صامتة، كصراخ ضاعت ذبذباته الصوتية في عظمة فراغ أبدي...
"ليست في الاتجاه الضروري" هذه نقصد بها ذاك الصراع الطويل الذي يبدو لوهلة أنه مبني على أسس مبدئية، على مواقف أصيلة، لكنه في جوهره صراع مُفتعل، جعجعة بلا طحين كما قالت العرب قديما، تظل المؤسسة النفعية هي الرابحة في صراع الأضداد هذا ، لأنها و بكل برودة عقل أداتي بارد و"العقل الأداتي هو العقل الذي يربط الحق و الخير و الحسن بالمنفعة و النجاح، شعاره: كل ما يحقق النجاح فهو حق و صواب و جميل و من الطبيعي أن ينساق هذا العقل الأداتي مع شعار: الغاية تبرر الوسيلة"{6}، العقل  الأداتي هذا هو المستفيد الأول من حفر الخنادق المذهبية و تحطيم كل محاولة لبناء نسق ائتلافي لتدبير السلوكيات الناتجة عن تنوع في المبادئ ، و ليس تدبير اختلاف المبادئ في حد ذاتها ، تدبير الاختلاف السلوكي سيكون هنا هو المطلوب و ليس تدبير الاختلاف المدعوم من قبل "دولة  المؤسسات"...
وحدهما الدولة الليبرالية و الدولة الدينية قادرتان على عمل وسخ و نتن كهذا، يكون الاختلاف الأخلاقي هنا كما أسلفنا نقمة كبرى لأن الهيكل الذي كان من المفترض أن "يدبره"، صار يستفيد من جعله اختلافا تطرفيا يكرسه ثم يصمت عليه ، الصمت سلاحا هذا هو نهج العقل الأداتي الدولتي ، لكن الاختلاف التطرفي ما كان ليكون لولا وجود بذرة، بذرات، شتيلات، بقايا جذور تساعد على تسهيل عمل العقل الأداتي، هذه البذرة هي في تاريخية الأخلاق المنبوذة ( ليس تاريخ الأخلاق)، هذه البذرة تشكلت منذ فكَّر التطهريون في معاداة الطبيعة، في السير ضد غرائز الحياة{7}، منذ أن لحق بهم " المجاهدون" أيضا: المجاهدون من الجهاد و المجاهدة و" المجاهدة تتمثل في حياة الزهد الذي يقترن بإرادة الحرمان من الدنيا و مباهجها و التصميم على الانصراف حتى عما أباحه الشرع منها و تجريد النفس من علائق البدن و محاربة نوازعه الحسية أو التحقق بفضائل الطريق من فقر و قناعة و صبر و رضا و محبة إلهية"{8} منذ أن تفشت الطُّهرانية الأخلاقية ضد الجسد الإنساني الديونيزيسي، منذ ذلك الحين دخلت تاريخية الأخلاق مضيقا بفتحتين، الفتحة الأولى كانت هي الأخلاق الدينية "بأخطائها" القاتلة ضد الجسد و النزوع الفردي و الطبيعة البشرية، و الفتحة الثانية هي الأخلاق المنفعلة التي كانت ردود فعل  منفصلة عن كليانية الأخلاق الدينية...
الأخلاق الدينية و اللادينية
ما محلها من التأسيس الجديد" لقواعد" الأخلاق؟ (كلمة قواعد إجرائية وبتجاوز)
لا تؤخذ كلا و لا تُقصى كلا( ليس من باب الوسطية و الاعتدال الظريفين)، ليس إشكال التأسيس إشكالا تخندقيا، هذا دين، هذا علم، اجثتات الصراع من جذوره لا يمكن أن يؤدي إلاَّ إلى مقاومة أكثر ، و لكن بالرغم من ذلك " نحن لا نقبل القيم المعطاة لمراحل معينة على أنها قيم مطلقة"{9}، الصراع الديني الكنسي\اللاديني"العلمي"  في أوروبا الوسيطة أرخى بظلاله على منظومة الأخلاق في أوروبا، الصراع الديني في الإسلام من جهته و بمختلف تشعيباته أثر في منظومة الأخلاق الإسلامية بشكل كبير، خاصة و أن "القرآن يتضمن تقريبا كل المبادئ العامة للأخلاق المنغلقة في كل الأديان"{10} على اعتباره الدين الجامع لكل مقومات الأديان السابقة (خاتم الأديان السماوية و الرسالات كلها) ، لكن الأخلاق الدينية في مجموعها لا تجعلنا نستغني عن الفهم المتمعن لكل ديانة على حدة ، الدولة الليبرالية الرأسمالية وفق البعض تجد أسسها الاقتصادية في أخلاق بعض الديانات ، أو في جزئيات أخلاقية من هذه الديانات ، " تعتبر الكالفينية تاريخيا من باعثي روح الرأسمالية"{11} على أساس عدم معارضة الأخلاق البروتستانتية لمبدأ الفائدة عكس الكاثوليكية تماما ، الدين ليس وحدة أخلاقية أو خلية لا تنقسم ، لكن الأخلاق في كليتها لا تنقسم و الدليل هو هذا الجمع بين نشوء الرأسمالية و قيمها العلمانوية و بين البروتستانتية في المراحل الأولى لنشأة النظام الرأسمالي ، الرأسمالية المتوحشة في صورتها الآن نشأت عن دعوة دينية  إلى التقشف الذي فرضته المسيحية البروتستانتية بالأساس حيث تكدست رؤوس الأموال و نشأت لأول مرة في تاريخ أوروبا، فهل يكون إذا تأسيس " الأخلاق" المنقذة و الفعالة منبنيا على مسح الطاولة من كل تصور ديني سابق أو حتى لاديني ؟؟
سبق و أن أشرنا إلى أن الممارسة الأخلاقية مختلفة كثيرا عن التنظير الأخلاقي، المبدأ لا يكتسي أهمية " لذاته"،لكن هذا لا يعني أن نبرر التوجه "النفعي" الذي يسمح لبعض اللوبيات من رجال الأعمال باستخدام المبادئ كما شاؤوا، الدينية منها بالأساس، لأنها طالما كانت حمارا طائعا لركوب السياسويين و الاقتصاديين، الأخلاق الجديدة بمفهوم "وضع القواعد الجاهزة" هو زعم غير ممكن  إذا ما كانت الفضيلة الإنسانية هي الهدف، "النموذج المثالي" لأخلاق الانعتاق من عبودية الثيولوجي و استغلالية الليبرالي و همجيته غير ممكن هو الآخر، ماذا يبقى إذا غير منفذ الإرادة البشرية المتعالية عن كل قانون وضعي أو "إلهي" (تجاوزا  نسميه إلهيا حتى تفهم الديناصورات المقصود)..
الأخلاق إرادة:
"لقد أصبح الأفراد في عصرنا هذا أكثر قدرة على تغيير مسارات و خيارات حياتهم، لقد كانت التقاليد و العادات في الماضي تمارس تأثيرا قويا على مسالك الناس و أساليب حياتهم، و كانت الاعتبارات الطبقية و الجنوسية و الإثنية و الانتماء الديني تسد بعض المسارات و المسالك أمام الأفراد و تفتح أخرى.."{12}، يشير عالم الاجتماع هنا إلى حالة حاصلة لا يستطيع المرور إلى عمقها الفلسفي، يكتفي وفقا لمبدأ "تخصصات غير متداخلة" باستقرائها و إحصائها و تنظيمها، لكن منظر الأخلاق و الفيلسوف ( المبغوضان طبعا في عصر التخصصات) يحاولان تأمل أساست حصول إرادة الفعل و إرادة الانعتاق التي أشار إليها عالم الاجتماع هنا، لا يهم هنا تكميم السلوك الأخلاقي و إحصاؤه ، ذلك غير مجد على أساس ذاتية الفعل الأخلاقي ، المبدأ الذي يسعى إليه كل من يحمل نية "الإصلاح" ألا وهو "التَّخلق" لا يحدث عن تأسيس قواعدي بسيط، إنما يتحقق عن نبش أركيولوجي  في بحيرة الإرادة الإنسانية الراكدة، صنع الأخلاق لن يكون ضرورة لأنها تأتي وحدها عفوية في تدفق الحياة المستمر، أن يُصبح الأفراد أكثر قدرة على تغيير المسارات و "خيارات الحياة"  هذا هو المبتغى من القول : الأخلاق إرادة ، لأن"الفضائل يجب أن تكون محاسنا  للإرادة"{13}، الإرادة وحدها تستطيع تخليصنا من ثقل الأخلاق الثقيلة، من "أخلاق العبادة" أو بلغة نيتشه "أخلاق العبيد" ، ليست الأخلاق الدينية وحدها المقصودة هنا إنما كل أخلاق أرثوذوكسية تنبني على ثبات المبدأ لأجل الثبات فقط لا لأجل الحفاظ على مبدأ الحياة و إنسانية الإنسان، و لنا في المجازر الناتجة عن التعصب الديني و مجازر الامبريالية الجديدة المتخفية تحت لواء الحداثة أسوة سيئة ، "أخلاق العبيد تحتاج دائما و قبل كل شيء إلى الولادة، تحتاج إلى عالم متناقض  "{14}، لسنا في حاجة إلى التموقع في ظل خريطة منظومية للفعل، أي شخص يفهم أن فعله السلوكي الأخلاقي ينبع من إرادة جامحة للحياة يبتعد لاواعيا عن "الكره الغريزي للواقع" لأن هذا الكره " نتيجة لقدرة متطرفة للمعاناة و التهيج" نتيجة ل"قابلية متطرفة للمعاناة و التهيج"{15}..
تكون إرادة الحياة بكليتها هي قمة التخلق ، منظومات الدين و الليبرالية و الاشتراكية "الجميلة" كلها أساسات بنائية للسلوك، لكن الإرادة الإنسانية هي المحرك الرئيسي لكل سلوك، تنفلت الإرادة من بين براثن الإيديولوجيات لتصنع إيديولوجيتها الأكثر خصوصية، إيديولوجية إله العصر: الإنسان ، وماذا تكون الأخلاق في صفائها الأول غير إيديولوجية منفتحة، ستكون متحققة بعيدا عن أي أساس بنيوي، ليس للأخلاق المنشودة هنا أي تجسد نصي أو شفوي، "افعل هذا لا تفعل هذا" أنموذج تسلطي لا مكان له في مرصوفة الأخلاق الجديدة، لأنها و بكل بساطة أخلاق غير قابلة للسجن النصي أو الشفوي، إنها أشبه ب"النموذج المثالي" للسلوك، النمودج غير المتحقق كليا و القابل للتحقق الجزئي، لكل فرد سيكون هناك أنموذج مثالي خاص به لكن المبدأ الوحيد الذي يقف وراء كل هذه النماذج سيكون عكسيا بالنسبة للمبادئ التطهرية و الليبرالية (بكل ما تحمله من اتفاق في السوء رغم تناقضها الظاهري) المبدأ الذي سيكون وراءها هو: حفظ الحياة ، بلغة المتدين: حفظ النفس، لكن التوافق تعبيري فقط ، النهج و الطريق للوصول إليه كغاية مختلفان، و في هذا النهج  تكمن الهوة الكبيرة بين "جمال الأخلاق" و جمالية الأخلاق، بين الحديث عن "تاريخ الأخلاق" و أخلاق التاريخ ، بين الأخلاق الأرثوذوكسية (دينية ولا دينية) و بين الأخلاق كإرادة، هنا يكمن الفرق بين الأخلاق كضرورة و الأخلاق "الإلزامية"، إن حفظ الحياة هو الهدف الأول لكل أخلاق جديدة و هو الشيء الذي فشلت فيه  الأخلاق المنبنية على القواعد الثابتة لحد الآن، غير ذلك سنسقط من جديد في هوة لاهوتية الأخلاق و التخلُّق أو في نفعية الأخلاق التي تكيفت مع تقنوية العالم الحالية .

محمد البوعيادي \ طالب الأدب العربي – كلية الآداب ، مكناس
الهوامش :
{1} نيكوس كازانتزاكيس، تصوف، ص 22
{2} ريتشارد فيسر،حوار مع مارتن هيدجر، ترجمه: إسماعيل المصدق عن الألمانية. (متوفر على الأنترنت في صيغة و ورد)
{3} choppenhewer,Ethique-droit-politique, preface par Auguste Dietrich
{4} ibid. p5
{5} Frederic Nietzsche, Ainsi parlait Zarathoustra, p62, version numérique, www.blackmask.com
{6} محمد عابد الجابري، ضمن فكر و نقد، ص9، عدد أبريل -8- 1998
{7} ف . نيتشه، أفول الأصنام، ص40، ترجمة: حسان بورقية\محمد الناجي، إفريقيا الشرق ط 1996.
{8} الكتاب التذكاري، محيي الدين بن عربي،ص157\158، دار الكتاب العربي، ط 1969.
{9} Karl Manheim, Idéologie et Utopie, p52, introduit par Pauline Rollet/Librairie Marcel rivière et Cie.
{10}  Alexis de Tocqueville, Notes sur le coran et autres textes sur les religions, p31, Bayard, 2007.
{11} ماكس فيبر، الأخلاق البروتستانتية و روح الرأسمالية، ص 48، ترجمة: محمد علي مقلد، مركز الإنماء القومي، لبنان.
{12} أنتوني جيدنز، علم الاجتماع، ص 136، ترجمة: د. فايز الصباغ، المنظمة العربية للترجمة و مؤسسة ترجمان،بيروت ط الرابعة 2005.
{13} Choppenhewer, Ibid. p 16
{14} Fréderic Nietchzsche, Généalogie de la Morale, première dissertation, « bien et mal », « bon et mauvais », trd par Henri Albert, mercure de France, Paris (version numérique).
{15} ف . نيتشه، عدو المسيح، ص 88، ترجمة: جورج ميخائيل ديب، دار الحوار الطبعة الثانية.

 

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟