نسخر ..و نسخر ..و نضحك - محمد بقوح

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
أنفاسدخل أبي من عمل ، هو بمثابة فخ جميل و محترم بالنسبة إلي . يبدو عليه التعب واضحا . أظهرت بذكاء طفولي اهتمامي بالدرس و التحصيل الناجح . فتحت محفظتي ، و أخرجت من كتاب التربية التشكيلية ، الورقة المزدوجة الزرقاء التي حصلت فيها على أحسن نقطة في قسمنا خلال الأسبوع الفائت . قبل أن يقف هو للذهاب إلى ساحة الدار، حيث تعود على الوضوء . قدمت له ورقة نتيجتي . نظر إليها دون أن يكترث بالأمر . لكن و هو ينظر دون أن يفهم ، لفت انتباهه الرسم في الورقة . قال و عيناه في عيني :
ما هذا الدود الذي و كأنه في سباق ..؟
إنه ليس دودا  ..هي حيوانات منوية ..يا أبي .
الحيوان أعرفه ..لكن ..المن..وية لا أفقه فيها شيئا ..
الحيوان المنوي يا أبي منه خلقنا ، هكذا قال لنا معلمنا في الدرس ..
سقطت الورقة من بين أصابعه الغليظة و الصلبة .. حاولت الانحناء لالتقاطها قبل وصولها إلى الأرض ...،شدني بقوة من ذراعي النحيفة .و قال بنوع من القسوة ، التي عرف بها ، عندما يحس بعدم الارتياح . ثم قال :
أفصح ..هل صحيح المعلم هو الذي قال لكم أننا خلقنا من حيوان ...؟
ليس من أي حيوان ..هو حيوان منوي ..يشبه الديدان يا أبي .. كما في الورقة .
ألقى في هذه اللحظة بنظرة إلى داخل البيت ، ثم جرني إلى حيث توجد ربوة ، ألف الجلوس عليها حين ينتظر آذان الصلاة ، فأردف :
لكن قل لي ..كيف يحدث يا بني ..هذا .. نحن آدميون يكون أصلنا حيوان من الديدان ..أو كما سماه معلمكم ..حيوان م ن وي..أريد أن أفهم أكثر ..هذا العلم الجديد ...
هو ليس بعلم جديد يا أبي ..إنه موجود في القرآن ..عندما ينكح رجل امرأة ...و قبل أن أنهي كلامي ، أنزل صفعة كالصاعقة على وجهي ، و لم أتذكر بعد ذلك ما حصل.
في السنوات الموالية ، عندما أصبحت صحفيا ، قررت أن أواصل كتابة الشغب . و كتبت ذات يوم عمودي الفكري الأسبوعي ، أسخر فيه من سلطة الأجداد و كل من يدور في فلكها ، لكونها سلطة جوفاء ، لا قدرة لها على التفكيرعندنا  ، إلا في غرائزها و أحلام يقظتها ..فتم تكفيري من طرف جهات رسمية .. ومع ذلك ، تم طردي من العمل الصحفي ، لكن  ما زلت صحفيا أمارس كتابة الشغب ، أسخر منهم ...ومن مكونات فلكهم ..و سأبقى كذلك إلى يوم الدين ..
و عندما أعود إلى مسقط رأسي ، أتعمد المناداة على أطفال الحي ،و أفسح لهم المجال لطرح أصعب الأسئلة ، التي تجول و تدور في رؤوسهم الصغيرة ،دون أن تقدر على الخروج منها.
ثم  نختم اللقاء برواية كل أنواع الحكايات ، التي تسخر من الناس المتسلطين ، و العالم من حولنا ..ثم نسخر..و..نسخر.. و نضحك..

محمد بقوح
 
 

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة