المُزيٌفُ – نص : محمد بقوح

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
أنفاسهذا الصمت المشروخ الوجه ، ليس كباقي عطور صمت الرجال النابتة ، في حقول خريطتنا العطشى ، و التي ما فتئت تنمو ألوانها الحالمة بنور حجارة حارقة ..، و كالأفكار البريئة هذه الأمواج البطيئة تخترق الكائن ، .. هي بلا شك ، في حاجة إلى دفعة أخرى ، من سحر عصا موسى ، حتى  يزبد البحر ، و  إلى مجراه الغريب يعود النهر غانما و طليقا  .
 لم تعد تقوى عيون غربال شيخ القبيلة ، على إخفاء ما يجري داخل أنفاق الغابة ، من تفاصيل دامية ، صارت تفوح برائحة الأجساد المنهكة حتى الثمالة . و بشط من نار و تراب ، ها هي ذي فراشات المدينة المتفحمة تصر ، على تحقيق هذا التحليق الأبدي ، وراء نجمات جبال عبد الكريم الحزينة ، لكن قيل : إن كل من جدٌ ، داخل خندق ، مخدوع يصنع الجرح الغائر في أرواح الشجر  ، حتما سوف يصل  ، إلى بداية طريق الشوق العظيم . أما صناعة الجراح ، بماركة مسجلة في معامل تلفيف سواعد الوطن ، فتبقى أمتع لعبة تمارسها خفافيش مغارات مدن البؤس  ، بتواطؤ  عار من أوراق التوت ، مع ربان سفينة تائهة ، حبلى بعلامات شقوق الرعب البليغ .
 هي  مساحات الكلمة الحرة المشتهاة ..أنشودة ترانيم جحيم الأسئلة الصعبة ، و بريشة فنان ، تكتبني هذه المعاني المغسولة السواعد بيقظة التوقع الجميل  ، لتختصر إشارات  تلك المسارات  الطويلة ، مكعبات كؤوس القمر "السهران" ، بمعية الذئاب و الذباب ، في أفخم فنادق مدينة العباد ...فمَن يضع حدا للعب الكبار بأنفاس الصغار ..و يسلم القاتل مغلولا بأسلاك رفيعة في كتاب ..؟؟
*   *   *
تذكر .. يا حارث مياه بحر ، اختار سبيل اللعب الطفولي ، في مغارة مفككة  ، .. تذكر  يا صانع أنفاس قلب خريطة ، تئن في قبضة كلاب تحرس غابة مفروضة ...تذكر أنك البداية و المنتهى ..
تخلص ..يا صوت المدى ، من سلطان خوفك الجائر ، بالخروج من دائرة الطاعة العمياء ، و بكسرك لمحارة التقليد الطاغي ، إليك تعود سواعدك المنفية ..سواعد النار التي تصدت ، في أزمنة خريف المدينة ،  لأعداء من فلاذ ..تذكر يا غيمة كل الأمكنة الجريحة .. ، أن لتجاعيد  ظمأ الغضب رائحة فيض الرماد ، و بعد كل سقوط  شمس ، تحترق  بلهيب لعنة سلطان الاستبعاد  ، ثمة ثمار من دوالي النار  ، فجأة تشرق ، في جوف صمت السحاب .
 لعل هذا المساء الحزين  ، بات حرفا  أجمل ، حين كتب فصلا آخر ،  من تاريخ صراع قديم ، لأحفاد الرمل المهرب ، و الفقر المعلب ، و الدم المصدر ، مجانا لآلهة التراب  ، ضد جيل جديد ، من حفاري جنبات أرصفة أضلعنا ، الذين  يزحفون  خاشعين و مهرولين .. وراء سؤال الفتات  ، ترتوي بتفاصيله زيوت الحطب ، المخزنة داخل صهاريج الأجساد المعطلة .. ، إنها  بيوت الوجدان ، الذي اكتوى بدخان  صفعة الموت الفاضح ..
 هي  دوالي الماء المتألق  ، الذي يرفض اليوم أن يموت ، مهما أبدعوا في طرائق قتله ، هذا الماء اللعين فشل .. في إطفاء حريق البحر ..، لأنه ماءهم .. و ليس ماءنا ...
لماذا افتقدنا بريق جحيم التكسير ، و استسلمنا لمتعة الجري وراء ظلال الأشياء ، ..هل لأننا من تربة جنوب آثم ..تجبل على الخضوع لشهوة الرياح ..؟؟  أم لأننا من لهيب منير ..، غزته جنود الثلج ، منذ سقوط الجدار ، و  صعود ابن آوى ، إلى صهوة القيم المقلوبة ، على وجه حق كبلته الأيدي الخفية ..، و قد قيل أن ثمة رياح صفراء ، تبدو أكثر شعبية ، كانت وراء قمع  الرماد ، و إحياء فوضى الرمال ، داخل عيون ضيقة ، آخذة اليوم في الاتساع ، و تسلق برج بابل ، دون الحاجة إلى سلالم ...

محمد بقوح
المغرب

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة