قارب الحب الوهمي - قصة : دريسي مولاي عبد الرحمان

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

أنفاسكنت ارقب مجيئها كل يوم,انتظر إطلالة بهائها الساحر وأنا رابض في زوايا التيه الدامسة.هدني التعب وأضناني شوقها الحارق.تمثل أمامي في كل أحلامي باعتبارها ملاكا قادما من عمق السماء.تداعب فروة راسي غارزة أصابعها الناعمة,الممدودة بشكل أسيل.ملامح وجهي المتلاشية تحت ظل الذكريات العابرة فوق سقف الحلم,تتفصد عرقا يتلالا على مسام جلدي المصفوع بلهيب الشوق.ولكن لما تقبلني بشفتيها المكتنزتين,تبرح جسدي كل ضروب الألم لأنتشي تحت ضغط رحيقها العسلي,ثم تمضي سرابا يتعرج في التواءات وتقاطع أزقة الضياع,بين تهويمات الواقع المدلهمة.كيف يمكن لقصة حبي هاته التي تماهت مع أوصال الجسد المتداعي,الآيل للسقوط في كل لحظة,أن تصير لغوا أنفس به عن ضيق صدري وحرج خيالي؟
قررت بعد عناء ملاحقتها انه يجب ان أوقفها عند حدود استطاعتي لالتمس منها أعذارا عساها تستحيي من دلالها الزائد.وتفسح لي مجالاتها كي اندس بين تلابيب غنجها واكشف سرها الدفين ليصير حلمي هدا ناموسا أطبقه في حياتي قبل مماتي.

حسمت أمري انه يجب أن أبحر في فلك عشقها.أن اقتحم غمار أمواجها العتية,ربما تكسر شوكتي التي استطالت معاناتها.جهزت قاربي بعدة تجربتي الوجودية,شراعه مرقع من بقايا أحلام أثوابها الزاهية.ألوانه تتداخل بكل زهوها لتصبح إثارة لكل مخلوقات مياهها العذبة التي تعج بكل ألوان الهدوء والصخب القاتلين.وانتظرت لحظة الإقلاع بفارغ الصبر.فهاهي الرياح الغربية تؤشر بهبوبها على أن الوقت قد حان.وهاهي طيور النوارس تحوم فوق راسي وأنا اتاملها بذهول فائق.عدتي ليست سوى قصائد نظمتها في خلوتي,سأرددها مع هدير الموج حتى تضيع حروفها في الأمد البعيد,ثم انثر أوراقها في وجه الريح.
لما أبحرت على متنها.غصت إلى أعماق الحب التي لا قرار لها.تنفست الصعداء وأنا أطفو على سطحها الأجاج.وتنسمت عبق جسدها الذي يضرب بجذوره في الأغوار.تعلقت بمركبي المتواضع الذي تصدعت جوانبه من كثرة الإبحار في فيافي الصحراء.امتزاج الطبيعة باختلافها شكل منها ذاكرة مبصومة على أخشابه المهترئة,التي نقشت فيها كلمات عابرة لبحارة كنته وما زلت يصارع اموا ج الحلم العاتية.فغرقت وانتزعني هياج المشاعر الداخلية,إلى أن أصبحت جثة هامدة.انتشلتني مرة وتركتني انزلق إلى أسفل مرات متتالية.صرخت ملئ جوفي,ففزعت حيتان البحر.وتمردت ثعابينه الهائجة.حوطت جسدي بأكمله والتفت حولي حتى الاختناق.حاولت التخلص منها بحركات معربدة.لم أتمكن من الفكاك منها.تمسكت بقاربي المتأرجح بين الحلم والواقع.لكن بقوة خارقة أغرقتنا الثعابين
بلمسة سحرية.صرخت بعد ان قمت من نومي,أفتش عن مركبي وشراعي,فلم أجد سوى ظلام الغرفة الدامسة.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة