اللعب في البياض - قصة : عمر الازمي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
anfasse.orgارتمى على وجهه كأن عفريتا رفعه الى الأعلى ، ولوح به فوق الفراش .
وسمع صوت أمه تقول باستغراب :
-  لم أره على هذا التعب قط .
فيجيب الأب في أناة :
- ربما بذل مجهودا في اللعب .
كان جواب الأب مدعاة للراحة عند الطفل المسجى فوق الفراش ، فقد ظن أن جواب أبيه سيقنع أمه الملحة في الاستغراب .غير أنها لم تلبث  أن نادته :
- يابني... يابني .
فتمنى أن يخونه كل شئ لحظتئذ عدا أن يخونه اللسان ، فهذا قد تمكن منه المخدر وعقد لغالغه ، كانت خيبته مميتة  وفكر ماذا قد يحدث لو دخلت عليه أمه ووجدته على هذه الحالة ، بعينين غائرتين وجسد خار مترهل .. ولسان قادر على كل شيء سوى النطق السليم .
ومرت خاطرة خاطفة مريرة بلبه :
  - ألا لعن الله المخدر.. .
ثم عاد يحاول أن يحتج بذريعة تمنع أمه من أن تقتحم عليه غرفته ، لكن اللسان بدا  أبعد ما يكون عن القدرة على النطق ، وسمع خطوات أمه تقترب ... ورآها تدخل عليه متلحفة بالبياض ، ثم بدت له الغرفة كاملة بيضاء ، ثم طغى البياض على عينيه حتى كاد يفقئهما، ففكر أن يغمضهما ، لكن البياض ظل بياضا ...
وسمع صوتا يأتيه من العالم الآخر:
  يا ولدي...-
وراح البياض يسيح على أطرافه ، ثم انجذب إلى كل ناحية من نواحي جسده النحيل ...إلى أن استحال البياض اصفرارا فاقعا .
و توالت صيحات الأم المحتدة حتى بلغت أعنان السماء.لكنها باتت تخفت في مسمعيه حتى انعدمت... غابت عن وجهه بشاشة الأحياء، فلم يسمع بحة الهلع في صيحة أمه :
 - مات ولدي...
...
كان صوت الأم رنانا صخابا ، لكن من تحته كان صوت الأب المتدفق الخافت ما زال متواصلا:
- ربما بذل مجهودا في اللعب .. هذا كل ما في الأمر...
 
 قصة عمر الازمي

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة