مسرح الأقنعة – قصة : البسابسي سهام

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
انفاسعاد إلى بيته في المساء بعد يوم عمل شاق، فتح الباب لتستقبله وحدته بثوبها الأسود المسترسل الذي يرتد صدى حفيفه في صمت المكان...تطلع حوله في تذمر و قد سئم النظر إلى وجهها المطموس الملامح و نظراتها الفارغة المتلهفة إليه... أقنعة معلقة على الحائط، مكتب في الزاوية المظلمة من المكان عليه حاسوب، أقلام و أوراق متناثرة، فنجان قهوة فارغ و سجائر سلبت منها الحياة مهملة في صحن الفنجان تزيد من وحشة المكان...إنه مسرحه الصغير حيث يؤدي كل ليلة أدواره بنجاح ليغيض وحدته و يثير غيرتها... ترى أي دور سيلعب هذا المساء؟ و بأي قناع؟..
أنقذه صوت أمعائه من تساؤلاته و هي تصرخ مطالبة إياه بالشفقة لحالها...دخل مسرعا إلى غرفته لينزع عنه ملابسه و يدخل إلى المطبخ..

عاد بعد ساعة و هو يحمل فنجان قهوة في يده و علبة سجائر ليستقر أمام الحاسوب و يرفع الستار...ليبدأ العرض.. متجاهلا وحدته التي تغازله بنظراتها لينضم إليها و يطفئ لهيب شوقها إليه، استلقت بإغراء على الأريكة المقابلة له كاشفة عن ساقيها، محاولة إغواءه، فنيران الغيرة تفتك بها كلما جلس أمام مرآة الزمن تلك..إنه ملكها و لن تسمح لأي امرأة أخرى أن تسلبها إياه... تأملته و هو يرتدي القناع تلو القناع، تارة يضحك و أخرى يقطب جبينه و دخان سجائره يحجب عنها الرؤية..رؤية بريق عينيه و هو يطعنها بخنجر خيانته و غدره..رؤية محاولاته المستمرة للخلاص منها...و هي مستكينة إلى حبه، وفية لعهده، نظراتها معلقة بعقارب الساعة كأنها طوق النجاة.. تنتظر أن يعيده سلطان النوم إليها لتدللـه و تهدهده حتى ينام كطفل خائف في أحضانها.. و يهجرها عند الصباح...ليتركها فريسة خوفها من أن لا يعود، و توجسها من عودته و قد فقد الإحساس بوجودها..فلا تملك حينها إلا أن تتلاشى خلف ستار فرحته و حسرتها... لكنها ستمكث في أعماقه مع الأمل في أن يعود إليها ذات يوم ….

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة