هجير ـ نص : عامر القديري

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

abstract-art-17500سابرٌ في غور الوحل، متلفعٌ برداء حمل، يرتجفُ في ليلةٍ تتجلى بقذاراتِ الأشباه، والرعدُ ينذر بتشريفات الوصول.
في جوفِ المعنى لمحةٌ منطلقةٌ من رذاذِ ماءٍ آسنٍ كيومٍ نحس ...... عانى من خضم الأهوال المتلاحقة عليه، شاهدَ بعينيهِ ما لم تره الخلائق، استرسل بخياله باحثا عن صورة مشابهة، دون القتل، والاغتصاب .. تحامل على نفسه يحاول أن يحلل شيئا من مظهر الأشياء المتقاذفة عليه، يقنع نفسه بأنه في حلم ٍعابر، شاهد جماداتٍ تشبه البشر، حاول أن يحادثها ولكنها كانت تبتسم له.. لم يفهم في الوهلة الأولى سرها ... سينتظر للوهلة الأخيرة ...


*****
في حينه تجمعت رؤى تضرب في جمعٍ غفير، ... الحادثة واحدة ... والأسماء عديدة
القصة تقول أن عبدا ًأسودا ًاعتدى على فتاة بيضاء، السبب مجهول والنتيجة غائبة والعيون تعبر عن دهشتها ببلاغة الناطقين.
في القرب مغسلة كبيرة لأهل الحي يتقاطرون عليها من أطراف المنطقة يصحب دخولهم عبقٌ عطنٌ، ليس رائحة عرق وإنما شيءٌ يشبه الإثم .....
الغائرون في المكان لم يعودوا يستطيعون التنفس، فنشبت بينهم فوضى خلفت ضحايا من بعض الوافدين.
ورجل الموت يبحث عن فتاته الأخرى، هذه المرة يريدها ذو شأن رفيع، سيكون أكثر جموحا وسيحاول ألا يطيل.
غاب اليوم مع شمسه المنشغلة بأفقها، وتوالت اللحظات، وصوتها يترنم في أذنيه، اعتدل في فراشه، خرج من مخدعه .. لم يحتمل الانتظار.
دائما ما يحتاج أن يجلس طويلا في غرفته المعتمة، بظلامها الذي يتصل بظلام عالمه ويتسع به، فيرى أفكاره ماثلة أمامه يمزجها كيف شاء دون أن يتخيلها.
الليل يحاول أن يعالج ضجيج أفكاره الهائجة وصوت الطبيعة الثائرة ما فتئ يناور ليتخلل فيه.
وهو يسعى قبل كل واقعة أن يستجيب لنداءٍ بعيد، يسمعه بكليّته،  صوتٌ باطنيٌ لا لغة له يتحسسه بوجدانه فيتشكل بفعله، عادة ما ينتهي به هذا السلوك إلى الاغتصاب، يحاول أن يعبر عن مكونٍ طبيعي في طويته، ولكن لا أحد يريد أن يسمعه، الكل يشيح بوجهه عنه، في الحقيقة لم يصرح له أحد بذلك ولكنه يقرأ الحكم في الوجوه فيتراجع عن نيته التحدث إلى أحد.
وعندما يحتقن كل شيء في داخله يثور، يبحث عن شيئه المعدم وفي سورة الغضب يجد وجه فتاة وديع يحدثه:
- تعال إليّ فأنا سرك الدفين ، أنا البئر الذي سيسترك.
وبكل براءة يهرب إليها كطفل ينشد أمان أمه، ولا يفيق على نفسه إلا وهو يجهز على آخر نفس فيها.
يهرب من نفسه ومنها، تظل تطارده في كل موجود، يحلم بالعدم، بالظلام، بكل شيء خارج حدوده، إلى أن يهذي من فرط الجهد.
في غرفته المظلمة وبعد آخر إجهاز على روح طريدة، قتلها دون أن تعرف السبب.. لم تشعر بجدوى اختيارها، وكل ما في الأمر أنها لم تكن على قائمته، أصابته نوبة غضب شديدة، اهتز كيانه من هول ما اقترف، دار حول نفسه، فشعر بنعاس شديد لم
أتته شاخصة تعاتب قسوته، تعلم أنه بر بقسمه، عندما كان آخر حديث بينهما صرخت في وجهه أن يبتعد عنها، فهي لا تريد أن تتعذب بسببه، وهو يتوسل قلبها أن لا حياة لي سواك، وكان آخر طيف لها ينتزع كل أمل في نبض قلبه، فأقسم خلفها أنني سوف آتيك بثمنك.
*******
عندما اعتلاها حيوان ضال، أذهب السكر بعقله، فارتشف رحيقها العذري دون استئذان، لم تتوقع هذه الفجيعة، وحبيبها ينتظرها بكل ما فيه من اللهفة والشوق، كان يوم ميلادها وقبله بثلاثة أشهر عمل بكد في مغسلة للحي كي يوفر ثمن هديتها.
فستانٌ جميل كانت تتمناه كلما مرت بجواره، تتخيل نفسها وهي تدور فيه مكتنزا بهاءها، ثلاثة أشهر تحمّل رائحة الآثام العالقة بالملابس، تُزكم أنفه، تعشعش في جوفه، حتى ظن أنه لن يتخلص منها.
صريعا من فرط الجهد صار يجري، مذعورا، مبهوتا من هول ما رأى، ... وجهها الملائكي، ينسل منه النور، يهرب منه آخر رمق للحياة، تهتكت أحاسيسه التي اختزنها طويلا كي يُسكنها أحشاء فتاته، فيسري في عروقها روحا لا تنضب، كانت ليلته طويلة باردة في غموضها، كاسرة في جبروتها، تمزق الأرواح.
قال في نشيج:
- ربي الذي في السماء تتجلى، اجعلني الليلة أكتمل بروحها، وأرسل في أثيرها روحا جديدة، تسر خاطرها، وتنقذها من عذاب الألم.
***
على أعتاب الصباح، مع لسعات الهواء الأولى، دب الخبر كالجند في الساحات، فتاة جديدة, والطريقة نفسها، فزع الخلق، وماج السوق, اجتمع الناس في ساحة كبيرة, وبدأت الأصوات تتعالى، .. لننه الأمر.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة