آدم بريء ـ نص : بغاديد عبد القادر

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

-تهمة كاذبة-
صعب جدا أن تجمع الأحلام في سنوات لتفارقها عند مجرد لحظة، و الأكبر من ذلك أن تكون المـُذنب والذَّنبُ و أن تكون الجلاد و المجلود في نفس الوقت.  
ما أتعس لحظات تكون فيها في عين من تحب آثما و قد شاركك إثمك عن طواعية، غريب ذاك الذي يعيش مع الحلم و يجرك عنوة إلى أمل سرعان ما يكون أول من يقتله في قلبك.
أصعب ما في الأمر أن يسكنك الذهول، فلا تدري أين أجرمت، و متى أجرمت، و كيف كان شكل و لون و رائحة جرمك.
الجريمة تحتاج إلى جثة ولكن في هذه الحالة القاتل والقتيل صورتان لإنسان واحد، السفاح و المسفوح إنسان واحد، من يُصدق هذا؟

عندما كان اللقاء الأول و الهمس الأول دار بينهما حديث كان حديثهما عاديا عن الأحلام و عن أسماء الأولاد، وعن الألوان وعن غرفة النوم وعن الشراشف وعن القبلات والأحضان وعن متعة الأسفار.
لم يكن ثمة حديث عن الشرع، ولا عن العقيدة، ولا الدين. 
و عندما سالت عيون من عرقه و انهمرت على صدرها كالسيل، كانت تتلذذ و تطفئ ظمأ روحها العطشى، ربما كانت هائمة دون وعي و عندما أفاقت بعدما ارتوت من جسده وروت عطش روحها.
قالت: أنت مجرم.
أنت قاتل.
أنت سفاح.
أنت الذي أضلني.
أنت الذي أخرجتني من الجنة.
أنت الذي غيرت من عقيدتي.
أنت الذي خربت عفتي.
يا ليتها قالت حقا
و لكنها كانت تهذي
و لما أفاقت اتهمته أنه هدم حياءها.
لا أعلم؟
لماذا لم تتذكر الحياء
و الدين إلا بعد أن ارتوت من روحه.
و شربت من عرقه
و تعطرت برائحة جسده.
و اغتسلت من عقدها الأنثوية
و أشبعت جسدها الجائع.
تذكرت أنها أجرمت.
و أن حبيب قلبها الذي عاشرته طواعية.
لم يكن سوى مجرما و قاتلا.
يا لها من تعيسة تلك التي تبحث عن دفء المشاعر في لحظة، ثم تقتل نفسها عندما تنطفئ نار شوقها.
على مدار الزمن كانت حواء هي الضحية
وكان  آدم هو الجلاد
يجلدها في الفراش
و في العلن
و في السر
كان هو الذي يخون
و يغير فراش نومه كلما سئم.
لكن... هذه المرة هي التي حولت دفة الشراع
هي التي قتلته في صميم كبرياءه
عندما قالت له: حبك جرم
عشقك إثم و خطيئة
ارتكبتها.
وجودك معي كان معصية
و قبلاتك كانت من علامات الزنا
وقد حرم الله الزنا.
وقف آدم مذهولا.
تساءل لماذا لم تتذكر بأنها كانت على ضلال وهي بين ذراعيه؟
لماذا لم تتذكر الهدى و عذاب الآخرة و هي تفترسه كسمكة القرش؟
أدمعت عيناه عندما أدرك بأن حبه كان في نظرها مجرد خطيئة.
لم يجد كلاما، رفع رأسه إلى السماء وقال:يا رب أنت أعلم بما في القلوب.
بكت عيناه، و همس بينه و بين نفسه آسف أيتها القاتلة.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة