أحمد المجاطي: الشاعر العاشق للنزوة الأميرة والساكن في قرارة الكأس- د. امحمد برغوت

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
أنفاسيكاد يكون الاقتراب من عالم أحمد المجاطي الشعري، اقترابا من المخاض العسير الذي عاشته القصيدة المغربية الحديثة والمعاصرة بكل أسئلتها العميقة وأجوبتها. ذلك أن الشاعر المجاطي هو أحد أصواتها البارزة الذي منحها الألق والتوهج الضروريين لتستوي على الصورة التي استهوت العديد من الشعراء المبدعين بعد ذلك، وحرضتهم على الانخراط الفعلي في رسم منحنيات تحولاتها والمساهمة في تطوير ملامحها التي ميزتها عن نظيراتها في الشرق والغرب على حد سواء.
صحا أحمد المجاطي على مصرع الكبرياء في وطن غارق في قرارة الأمواج، وطن ينتظر الآتي على صهوة الغيم والضيم، إذ لم يكن يرى في الوطن الذي آواه إلا جواسيس يحرسون جفون المواطنين وشفاههم، ويطوقونهم بالخوف والحزن ومكابدة الأسى الذي غلف أيامهم ولياليهم، ولذلك آلى على نفسه أن "يرتب الحروف المصلوبة على سرايا القصر ليؤانس بؤسها في المتاه"، "وينسج من سمته ومن نعته خط المداد" الذي هشم به سلاسل الصمت، "وأذاب به ينابيع فجر الأسى في سطوة الدهر اللعينة"، لتتحول مياها رقراقة تروي البساتين والبراري.
إن الحديث عن أحمد المجاطي، هو حديث عن العاشق للنزوة الأميرة، والساكن في قرارة الكأس، والراقص في مملكة العرايا، "والرافض أن يغسله الفجر لتشر به الغمامة".
إنه حديث عن الذي صحا على مذبح النهر، وتفتق على غصن قافية، وتشرب من حنينه للردى واعاد الصبيب لمجرى الكلمة لتكتسي سندسا من خضرة. إنه حديث عن الذي حمل الحقد الأكبر على الطاغية الذي يسرق خبز الجائعين والذي آثر النقع أعواما حتى انفلتت من أصابعه الثواني.
إنه حديث عن الذي أسلم للخلد يقينه وعانق السماء وذوب نهر الدم في قطرة ماء.
هكذا يتبدى لك المجاطي وأنت تتلمس ملامحه عبر قراءة متأنية لديوانه اليتيم: "الفروسية" هذه القراءة التي اقترح لها أربع مداخل هي على التوالي:
الكلمة الشعرية وجلالها.
ملامح الذات الشاعرة.
استلهام المخزون التراثي.
الفروسية الضائعة.

1-الكلمة الشعرية وجلالها:
لقد اقترن اسم المجاطي بناحت الكلمة التي أضفى عليها السحر والبهاء لمخاطبة الضمير الجمعي للأمة، وأودعها كل الأسرار الغائرة فيه بطريقة إيحائية قل نظيرها في المتن الشعري المغربي على الإطلاق. وللكمة في شعر المجاطي وجودان: وجود خارج القصيدة يختزل بها ما يروج في الواقع وما يحبل به من أحداث وأفعال، ووجود داخلها في سياقها واحتمالاته، وهي تقنية أبدع الشاعر في توظيفها بمهارة فائقة. فاللفظة في قصيدته لها وجود بالقوة ووجود بالإمكان ـ على حد تعبير الفلاسفة ـ. ولعل احتفاله بجلال الكلمة وصياغتها بعناية الصائغ هو سر تجربته التي راكمها هذا المبدع عبر أربعة عقود من الزمن. فهو "يخطها فوق الماء، وتمشي بها الرياح وتبثها الرمال في الصحراء، ويسكبها الصباح أو تهمي بها الظهيرة، وتكبر في الهواء حتى تحجب وجه الشمس" على حد تعبيره في قصيدته التي يستهل بها ديوان الفروسية" (1).
فالكلمة عبارة عن طريدة في نظر المجاطي، وعملية اقتناصها تحتاج إلى وقت ومهارة. ولعل مبالغته في الاهتمام باصطياد الكلمات المناسبة في المقام اللائق بها صوتا وصرفا وتركيبا، هو سر نذرة إنتاجه الشعري وكأنه أحد حفدة أوس بن حجر في الزمن المعاصر.
وللغة في تجربة أحمد المجاطي بهاء وجلال، إذ بلغ به تعامله معها إلى درجة الشعور بنوع من القدسية تجاهها؛  إذ أنها النواة التي بنى بها صرح عالم شعري متماسك البناء، وغني بحمولات لغوية ومعرفية متجذرة في التراث اللغوي العربي. ولعل مرد ذلك إلى تسلح الشاعر بمعرفة دقيقة وشاملة لأسرار الكتابة الشعرية. فهو متعدد الاهتمامات، ومتنوع المشارب، باعتباره أستاذا جامعيا وناقدا متمرسا ومفكرا متأملا وشاعرا مؤسسا لملامح القصيدة المغربية المعاصرة، ومتوحدا عاشقا لمملكة البهاء.
إن تعامل الشاعر مع الكلمة يتم وفق طقس احتفالي شبيه بالطقوس الدينية:
                            
       
       "وأنا الذي آنستها نارا            
    وجدلت السرايا                   
    عبر احرفها                      
    لتقتحم السرايا"(2)               
    والحرف الذي يقصده المجاطي عسير المنال عصي منفلت باستمرار، متوهج يسكن المنزلة ما بين المنزليتين- على حد تعبير المعتزلة:
    حرف توهج
    والتهب
صب السليقة في الغضب   
وأقام في المابين
حرف توسم
        في ازرقاق البحر
        محبرة وفي الشجر المسافر
        في شقوق الغيم   
        أقلاما
        فادخل في مراسيم الكتابة" (3)
   
إن للكتابة مراسيم وجب احترامها إذن، وطقوسا لابد من توفرها. ويكاد تعامل الشاعر مع الحرف يحكمه طقس ديني، فهو دائم البحث عن الحروف الشاردة ليسكن إليها، وهو يطوف حول الأبجدية كالحاج سبع مرات يتلمس قطف المناسب منها للتعبير عما يريد.
" وأنا أراود كل شاردة
لأ سكن في حماها،
وأطوف سبعا
حول دانية القطوف (4)
وكأن عملية دخوله في صياغة حروف قصائده لحظة إحساسه بحمى البوح الشعري هي عملية دخول في محراب مملكة البهاء تقتضي منه مناجاة آلهة الشعر لمراودة شوارد الوحي، أو أوابد الشعر.
" وأنا أراود
كل آبدة
أطوف ما أطوف" (5).
والكلمة النافذة هي تلك التي يجيزها الدم وتتراءى وكأنها نار موسى الهادية:
" هي كلمة خفقت
بسبعة أحرف
وأجازها الدم
قبل أن تفتضها
السبع الخطايا
وأنا الذي آنستها
  نارا"(6).
إن الكلمة الصادقة في نظر المجاطي هي تلك التي تتراءى له نارا كنار موسى التي كانت هدى وحدا فاصلا بين الحق والباطل.
ومن ثم كان تعامل الشاعر مع الكلمات يتم وفق طقوس أشبه بطقوس الكهنة فهي مستعصية الانقياد، متمنعة، ولذلك فهو يتوسل إليها بالتمتمات ونشر التوابل والبخور:
" بالتمتمات
وبالتوابل
فك أحجية المرايا" (7).
وقبل أن تنهمر الحروف، فهي تسخر من جديته وتطوافه، فتمط ألسنتها تعابثه متمنعة، وبفعل إصرار الشاعر وتوسله لها، فهي سرعان ما تتقاطر عليه، وأولها الحرف الذي يدعي الغضب والرفض، وثانيها الحرف الذي يستهلك الكلمات، وثالثها الذي يطير إلى الوراء ليذكر الشاعر بالمراحل التي قطعها منذ أن ولج مراسيم الكتابة.
"حرف توهج
        والتهب
        صب السليقة
        في الغضب
حرف تجاوز
        ثم واجه
        ثم أقعى
حرف يطير
        إلى الوراء
    لفظته آلهة الثمانينات
فانتعل الهواء
وعد عكسا..."(8).
بهذه الطريقة يكشف المجاطي في تعامله مع الكلمة الشعرية أنه راهب في محراب جلالها، ناسك في فك طلاسمها، حريص على تتبع شواردها واقتفاء أوابدها. وقد احتاج منه ذلك إلى العودة لينابيعها كما تجلت في الكتب الصفراء القديمة، ليضفي عليها الجدة والحيوية اللازمين والاستعانة بها كي يسترسل في بوحه الشعري:
" ألم أطراف الحروف
        اقرأ الإشارة
            واللغز
            والطلسم
            والتميمة
        اقرأ عل الحكمة القديمة
        تخرج من أثوابها الصفراء
            من محبرة الهزيمه" (9).
2- ملامح الذات الشاعرة:
تحضر الذات في المتن الشعري للمجاطي وهي مشغولة بالأسئلة الكبرى، ومنغمسة في أوجاع المرحلة التاريخية التي تفتق فيها وعيه الشعري، ومنخرطة في الهموم التي كانت تشغل الجماهير المستعجلة لحلول الأضواء الحاملة للبشارات، وإطلالة مستقبل واعد بالتطلعات المشروعة والآمال العريضة التي أرقت أجيالا ممن انخرطت في تهيئة البلاد المنيعة التي لم تكن تنجب إلا القلق المتأصل في تربتها، والبؤس المتمكن من أبنائها، والحزن الطاغي على كل ملمح من ملامح أهلها. ويكفي أن نتأمل هذا المقطع من قصيدته "دار لقمان" لتتضح لنا صورة من صور هذه الهموم التي لم تفارقه حيث يقول:
" لكني أخرج من سوالف الأوتاد
أمازج الأعشاب والأسماك والطوب
أدق باب السجن
في مراكش
افلت من محفظة
الجلاد
ارسم فوق جبهة القرصان
علامة الثورة
...
كأن ذاك الأطلس العاشق
حين رقرق الماء
بكى دما
وشق في الصحراء
صحراء." (10)
أمام وضع الوطن المسبي هذا، انخرط الشاعر في التنديد بمن سرق مواسم فرحه، يتوسد حلم عشقه لبلاده المنهارة ويتأهب كي يطفئ الجمر الذي يهدد يناعة وطنه المسروق. هذا هو المجاطي إذن، إنسان بقلب كبير، مترع بالأسئلة التي لا تكاد تنتهي، فهم منشغل باستمرار في حكاية قصة هذا الوطن الذي لا يبدو أنه أكمل العدة للتحرك نحو المستقبل الذي يستحقه.
والمتأمل في شعر المجاطي المنشغل بأسئلة الوطن، يلاحظ أنه مغلف ببؤس داخلي مهيمن على فضاء قصائده، إنه عبارة عن إحساس بفراغ داخلي لأن الزمن يدور دورة رتيبة، وهذا ما يولد لديه صراعا نفسيا لا يستطيع الفكاك منه:



" وها أنا على مدار الطحلب الجافي        
أنسج من سمتي ومن نعتي                لافتة تسير في الشارع
 وأوصافي                         فيا فلول الزمن الضائع:
خط مداد                        دمي على مصارع الأبطال نواره
مطرا جائعا                        رسم على معصم....(11)
ويبدو لك المجاطي وهو يحدثك عن نفسه في قصائده الذاتية ذلك المبعد المنزوي الذي يحس بفراغ الزمن، ومن ثم تتغلفه مسحة داكنة من الحزن الحاد الذي يتملكه ليسلمه إلى نوع من الحزن السوداوي الذي يجري في أعماق وجدانه، ولعل أوضح صورة لهذا الشعور بالغربة والحزن الداخلي ما جاء على لسانه في قصيدته: "من كلام الأموات" حيث يقول:
" أنا المنسي عند مقالع الأحجار
وتحت الصخرة الصماء
تأكل من شراييني
مسامير الدخان
أكاد لا أصحو ولا أغفو
تجاوزني المدى
وانحل ما بيني وبين الله
تمزق كل شيء في يقيني
...
أنا المنسي
يسمر عند أبوابي نباح الليل
ويرقص في بصيص النجم
ظل من شياطين
...
وتنبش في التراب يدي
وافتل في ظلام الليل حبلا
...
أنا المنسي عند مقالع الأحجار" (12)
إنها مجموعة من الصور المعبرة عن الإحساس بالعجز وعدم الفاعلية والجدوى، ومن ثم تبدو الذات مفجوعة متبرمة منكسرة نتيجة اصطدام شهوة الحلم بجهامة الواقع الذي أصبح يحاصره بالأسئلة المؤرقة، ومن ثم ينساب إحساسه بهول المصاب انسيابا يتدفق في مجرى قصائده :
" يا شارب الديجور
أي غامة فتلتك حبلا من دم
ورمت بك الدار"(13)
ها قد لبسه الليل ولم يعد له أمل بعدما انحل ما بينه وبين الله، وتمزق كل شيء في يقينه، لقد بدأ اليقين يزحزح مكانه ليحتله الشك، ولذلك ينساق المجاطي لسلطة التوغل في خراب السكر، وينخطف لنشوة الدهشة العالية، وينذر عمره للتسكع في أرصفة مملكة النبيذ باحثا عمن يحرره من غلالة حزنه الذي استبد به، ويعتقه من فراغه الداخلي وبؤسه واغترابه، ومن ثم لم يعد يملك إلا سلطة الراح التي يستعين بها على مواصلة السير بعد رحيل النهار:
" تلبسني الأشياء
حين يرحل النهار
تلبسني شوارع المدينه
اسكن في قرارة الكأس
أحيل شبحي
    مريا
أرقص في مملكة العرايا
أعشق كل هاجس غفل
وكل نزوة
    أميره
أبحر في الهنيهة الفقيره
أصالح الكائن
    والممكن
    والمحال
...
 تسعفني الكأس ولا
   تسعفني العباره" (14).
بهذه الطريقة ينقاد المجاطي لسلطة الراح التي تسعفه، فينصاع لها بطواعية، وينساق لدهاليز الحانات التي يتلمس فيها العزاء على بؤس حاله، منخطفا لأعراس النبيذ، وكلما رحل النهار، تتأبطه الشوارع وتمتصه الكأس التي أصبحت منصاعة له عله يتخلص بواسطتها من حزن الزمن الرتيب الذي أصبح يدور دورة فارغة، فيتحول إلى عاشق لنزوته الأميرة، وراقص في أعراس مملكة البهاء:
"أقيم من قهقة السكارى
 عرسا
وراء اللحظة الشمطاء
        والدقائق العذارى
            أقول:
يا أرض ابلعي ماءك
أو فلتغرقي
    في الدم
    والأشلاء
    والأنين
في اللحظة الأخيره
إذا تلاشى الليل
في سعلته الضريره
يرفض أن يغسلني الفجر
وأن تشربني الغمامه
    أبقى وراء السيف
    والعمامه
    ملقى على ظهر الثرى
    ملقى
    بلا قبر
        ولا قيامه".  (15)
تختزل قصيدة المجاطي:" السقوط" الزمن وتكثفه، إنه زمن مأساوي يقود الشاعر إلى مسحة من الحزن الذي يجري في أعماقه، حيث تختلط انفعالاته لتجعله أكثر إحساسا بالضياع والعجز، ولذلك فهو لا يستطيع التخلص من حزن الزمن الرتيب الذي لا يبشره بالأعراس الآتية.
فلا المكان قادر على إضفاء نوع من الإحساس بالاطمئنان، ولا الزمن بمستطيع أن يحرره من الشعور بالإحباط والأسى ليعيد إليه صوابه؛ ولذلك فهو دائم الانقياد لسحر المدام التي استباحت كل جارحة لديه، وهو إذ يعاقرها لا يرتوي، لقد استبد به الظمأ وأسلمه للإحساس بعطش الأحقاب الغابرة؛ فها هي "الخمر استباحت خلوة الصفصاف بالشمس وارتمت نهرا عقيقيا":
" تصبين القبور
وتشربين
فتظمأ الأحقاب
ويظمأ كل ما عتقت
من سحب ومن أكواب
ظمئنا
والردى فيك
فأين نموت يا عمه".(16)
هكذا يبدو الشاعر مشلول الإرادة أمام بريق الكأس التي تستهويه، وهو ما يقوده إلى إعداد طقوس جلساته الخمرية بعناية كلما حل وقت الأصيل ومع بداية تفتق ضوء الفجر، ينقشع الوهم، وتتمطى حقيقة اللحظات الشمطاء لتعيده إلى وعيه ورشده الضائعين.
لقد انخطف عن طيب خاطر لسلطة الراح وقهقهة السكارى لا يبغي عنها بدلا.
ويحس متتبع أشعار المجاطي الخمرية أنه يسبغ عليها طقوسا احتفالية وكأنه في معاقرته للخمرة يقوم بعملية جنسية، إذ تتناسل الألفاظ الموحية بذلك وتنسرب في ثنايا قصائده بطريقة مقصودة كـ: الدم- العذارى- الأنين- خلع الثياب...) ومن ثم تتحول الجلسة الخمرية عنده إلى عرس ينتهي بفض البكارة. فالجنس كان دائما تعبيرا طقوسيا عن شعائر مقدسة كما ذهب إلى ذلك علماء النفس.
إن الخمارة في شعر المجاطي لها ملامح أنثى تستدرج الشاعر إلى حضنها، وتفتح صدرها له وتضحك في وجهه وتبادله القبلة:
"حين أخلو بها
بعد منتصف الليل
ترشق في الخصلة المستريحة
        زنقبة
تفتح الصدر لي والشوارع
تضحك من وجهي المستدير
        قليلا
تبادلني قبلة (17).

استلهام التراث:
إن إثارة اهتمام الناس بالتراث الساكن في أعماقهم، هو جزء من وظيفة الشاعر الإبداعية، وهو باستلهامه ومحاورته للعناصر المشعة، فيه، إنما يوقظ ما ترسب في الضمير الجمعي لأمته قصد حثها على توطيد الصلة به لتوسيع دائرة الوعي والانتماء كي يظل هاديا ومنيرا. وقد حرص المجاطي على أن يتعامل مع هذا التراث بطرق عدة، منها:
- الاستشهاد والتمثل كمستوى أول.
التضمين التراثي كمستوى أعلى من سابقه.
محاورة التراث وإسقاط ما يحبل به على الحالة الراهنة كمستوى ثالث.
المستوى الأول: الاستشهاد والتمثل:
يمكن اعتبار المجاطي إلى جانب شيخ الشعراء المجددين محمد السرغيني، من أكثر الشعراء المغاربة استلهاما للإرث المتوهج للغة العربية سواء عبر روائعها الشعرية أو النثرية على حد سواء، ولعل ذلك راجع بالأساس إلى تمرسهما بتدريسها في الجامعة المغربية وتمثلهما الدقيق لخفايا وأسرار هذا الإرث اللغوي.
والمتأمل في نصوص المجاطي يلاحظ مدى حرصه على تمثل النماذج الرائعة للأبيات الشعرية التي كانت مضرب الأمثال في بلاغتها – والاستشهاد النصي بكلمات وتعابير، ووضعها ضمن سياق آخر جديد يخول له إزاحة الاقتباس عن معناه الأصلي.
 يقول في قصيدة "كتابة على شاطئ طنجة":
"ربما عاج بنا الفجر على دارة من نهوى قليلا
فخططنا في نقا الرمل، ولم تحفظ" (18).
ففي السطر الأول تضمين لقول أبي نواس:
عاج الشقي على دار يسائلها     **    وعجت أسأل عن خمارة البلد
أما في السطر الثاني، فيضمنه بيت أحمد شوقي الذي يقول فيه:
فخططنا في نقا الرمل فلم         **    تحفظ الريح، ولا الرمل وعى
وتشكل اللمحات التراثية التي أغنى بها المجاطي متنه الشعري عملية عميقة يستعين بها على بناء نص شعري متماسك لا يستقيم له فهم دقيق دون فك رموزه. وفيما يلي نماذج معبرة عن هذه اللمحات التراثية:
"رأيتهم مروا بلا عمائم"(19): المعروف أن العمائم هي تيجان العرب على حد تعبير الجاحظ، وسقوطها في قصيدة المجاطي تحيل على الوضع المأزوم لفرسان العرب الذين نزعت عنهم عمائمهم رمز نخوتهم وعزتهم.
"قيل أفرخت حرباء
 في وجوههم
وقيل باضت قبرة"(20)   : تعبير عن هوان وذل فرسان العرب، فالقبرة المعروفة بكثرة فزعها استقرت في وجوههم وعشعشت وباضت وكذلك الشأن بالنسبة للحرباء.
وتدري
 كيف فاض الماء في التنور"(21): إحالة على الآية الكريمة التي نبه فيها الله نوحا باقتراب الطوفان ليركب الفلك وينجو بنفسه وبأهله: "حتى إذا جاء امرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين" سورة هود آية 40.


المستوى الثاني: التضمين التراثي:
ومن أجل الانفعال بالواقع والتعبير عنه بطريقة فنية تبعده عن المباشرة والخطابة، يعمد المجاطي إلى التضمين التراثي كمستوى أعلى من الاستشهاد والتمثل. يقول في قصيدة: "وراء أسوار دمشق":
"وتبحث عن غوطة الغرب
في كل ملهى وفي كل حانه
وفي كل درب تجوع البنادق فيه
        وتعرى
وفي كل كأس قرارتها
        تاج كسرى"(22)
يضمن الشاعر في هذا المقطع الشعري قول أبي نواس شاعره الأثير:
تدور علينا الراح في عسجدية     **    حبتها بأنواع التصاوير فارس
قرارتها كسرى وفي جنباتـها     **    مها تديرها بالقسي الفـوارس
والأمثلة على اعتماد الشاعر على هذا النوع من التضمين كثيرة جدا، ويكفي أن ندرج هذه النماذج للدلالة على ذلك:
-" تخلع الكأس اسماءها
تتواتر فيها النعوت
تتنكر في ثوب زنزانة
تنثر الورد من شرفات البيوت"(23)
يستوحي المجاطي هنا معنى قول أبي نواس في إحدى خمرياته:
اثن على الخمر بآلائها     **    وسمـــهــا أحسن أسمائها
-" ولم يبق الاك
للخيل والليل
والكلمة المستحيله"(24)
وهو تضمين لبيت المتنبي المشهور:
الخيل والليل والبيداء تعرفني     **    والسيف والرمح والقرطاس والقلم
" هذي هتافاتنا
تملأ الرحب
فاسترق السمع إن شئت
أو فادع ناديك التمركز"(25)
وهذا ما يحيل على قول أبو العلاء المعري:
هذي قبورنا تملأ الرحـ         **     بـ فأين القبور من عهد عاد.
-" منتظرا ما زلت
 ارقب العصا
تفسخ جلد الحية الرقطاء
ألقيتها على الثرى
 فلم تفض
أخشابها باللحم والدماء"(26)
يوظف الشاعر هنا معجزة موسى أمام فرعون وسحرته.
"كيف ارتمت حوافر الجواد
          دون أن أرى التفاحه
في ضحكة الثعبان"(27)
يستلهم المجاطي هنا سورة الأعراف التي تضمنت إغراء الشيطان لحواء وآدم بأكل التفاحة، فحقق بذلك هدفه وبقي يضحك منهما ضحكة الشامت المنتصر.
"هل أنت عاشقتي
لم لا تزرعيني في رحم الأبدية
أو تزرعيني بين الترائب والصلب"(28)
وهو تضمين لما جاء في سورة "طارق": "فلينظر الإنسان مم خلق، خلق من ماء دافق يخرج بين الصلب والترائب" آية 5-6.
إن الشاعر وهو يتعمد تضمين قصائده بالأقوال المأثورة للشعراء: أبي نواس، والمعري والمتنبي وآخرين – لا يتسع المجال لذكرهم في هذا السياق- أو استلهام مضمون بعض الآيات الكريمة، إنما هو فعل إرادي يروم منه أحمد المجاطي تطعيم بوحه الشعري الذاتي بنسغ تراثي يساعده في عملية الإبلاغ الشعري، والسمو به لاستيعاب ما ترسب في التراث العربي من نماذج التعبير المأثورة والتي مازالت حية في ضمير الناطقين باللغة العربية.
المستوى الثالث: محاورة التراث وإسقاط ما يحبل به على الواقع الراهن:
يرتبط استلهام الملامح التراثية عند المجاطي بذلك النوع من التناص الذي يهدف إلى تضمين قصائده أبياتا شعرية آو آيات قرآنية أو أقوالا تاريخية، والشاعر هنا لا يريد الاستعانة بقول مأثور أو بيت شعري فحسب، بل يسعى إلى أن يكشف فيه عن وجه معاصر، أو إفراغه من مضمونه الأصلي وشحنه بمضمون جديد.
وقد ابتكر المجاطي في عملية تضميناته التراثية طريقة تفرد بها عن باقي شعراء جيله، ذلك أنه يستلهم هذا المخزون التراثي من أجل إسقاط مضامينه على الزمن المعاصر بغية مخاطبة الضمير الجمعي لامته لإيقاظ ما ترسب فيها من مواقف إيجابية تحققت في الماضي، والاستعانة بها من أجل تجاوز السلبيات التي تعوق انعتاقه وتحرره في الزمن الحاضر.
يقول في قصيدة "كتابة على شاطئ طنجة":
" هل شربت الشاي
في اسواقها السفلى
... ام شققت النهر في أحشائها
        قلت:
        هي اليرموك
        والزلاقة الحسناء
            من أسمائها" (29).
فكلمة "شق" مستوحاة من القرآن، إذ وردت في أكثر من آية كـ:
"اقتربت الساعة وانشق القمر" و"شققنا الأرض شقا".
وانشقاق النهر في أحشاء طنجة، وانهمار الماء يوحي بتبشير الشاعر بولادة جديدة للحياة كما كانت معركة "اليرموك" بداية جديدة لازدهار الحضارة الإسلامية، وكما كانت "الزلاقة" انعطافا مهما في مسيرة الحضارة العربية ساهم فيها المغاربة بقسط وافر.
بهذه الطريقة، يستعين المجاطي ببعض ملامح التراث التاريخي والحضاري لامته من أجل بناء نص شعري متماسك يتطلب من المتلقي إعادة قراءته مسترشدا بما يحبل به من أحداث ومواقف وإدراك سياقها الجديد المراد توظيفه.
ففي قصيدة "سبتة" مثلا، يرسم الشاعر ملامح المدينة المغربية التي أصبح يحكمها وضع سياسي واجتماعي متردي، ولذلك فهو يحز في نفسه أن يقارن مدينة تطوان بوضع الجارية، ويصف مراكش وكأنها تنفش العهن حينما يقول:
"هل همست نسمة،
أن تطوان جارية
أن مراكش تنفش العهن" (30)
وفي ذلك استلهام للآية الكريمة، "يوم يكون الناس كالفراش المبثوث، وتكون الجبال كالعهن المنفوش".
وهذا الإحساس بوطأة الانكسار الذي أصبح يستشعره المجاطي في مظاهر الحياة الاجتماعية، هو ما يدفعه إلى لجوئه إلى استنطاق الشخصيات التاريخية واستلهام أحوالها في تجاربها الغابرة، وإسقاطها على الواقع الذي يحياه، وهذا ما يساعده على الانتقال بتعبيره إلى نوع من السرد الفني الممزوج بتأمل جوهري للظواهر والعلاقات ترفد نصه الشعري بحمولات تراثية مضيئة.
4- الفروسية الضائعة:
لقد شكلت القضية الوطنية أرق الشاعر، وداءه المزمن، ولذلك فهو لا يستطيع الإفلات من هذا الأرق الذي يحاصره رغم ارتداده على ضجيج الغانيات أو ظلمة الحانة.
وهو حين يتأمل ملامح هذا الوطن يحز في نفسه أن يجده مسلوب الإرادة، فاقدا لحرية الحركة، ولإبراز مظاهر الذل والمسكنة الجاثمة على الواقع في ستينيات القرن الماضي، يعود الشاعر إلى محطات موحية من تاريخ هذه الأمة ليقارنه مع حاضرها، فيحاور الشاعر ما يزخر به هذا التاريخ من عزة ومجد وبطولة ويسقطه على الحالة الراهنة بكل سلبياتها.
" ما عادت الأفراس تجمع
أو تصول الريح
شد خناجر الفرسان في أغمادها
               صدأ" (31)
لقد انقلبت بنادق الفرسان في الزمن العصيب هذا إلى عصي عديمة الفائدة.
" جئت بخيل طارق
وعقدت ألوية الرفاق
 وراء عقبة
اعلم الفرسان
كيف تغص بالدمع
    البنادق" (32)
إن حال الوطن حالك بدون بريق أمل، انه في غيبوبة الاستقالة والترقب، بعيد عن الانخراط في صراع ملحمي يؤهله لولادة جديدة، يلبسه الليل ولا أمل له في فجر يعيد له بهاءه وعزته ونخوته المتحققة في الزمن المنفلت. فها قد أصبح الوطن عبارة عن قفر يباب يحن إلى النهر الرقراق الذي يبعث الحياة في أوصاله التي أصابها الشلل من كثرة جمودها عن الحركة والفعل.
ويهيمن حزن عميق على الشاعر ، وغشاوة داكنة من الإحساس بالمهانة نتيجة ما يحياه وطنه من ذل وخدلان، فلا جسور المحبة امتدت ليحضنه وطنه، ولا الفرسان عادت لصولتها القديمة، ولا الخناجر استلت من أغمادها، بل ران عليها الصدأ، وهذا ما يطوح بالشاعر في منافي الغربة والتشرد، لقد تمزق كل شيء في يقينه، وترك منسيا عند مقالع الأحجار:
" يا أحبائي
مضى أبد ولم يمتد جسر
        بيننا
ما عادت الأفراس تجمع
    أو تصول الريح
    شد خناجر الفرسان في أغمادها
                صدأ
سأبقى ها هنا ظلا
    على سفح الجدار
    يلمني جزر
    وينشرني هدير الموج
    يا ويحي
    تمزق كل شيء في يقيني
    ما هدير الموج
    ما الأنهار
    أنا المنسي عند مقالع الأحجار" (33)
لقد بدأ الإحساس بالخراب يحاصره من الجهات كلها، وبالوحدة القاتلة المدمرة، ولذلك لم يجد ما يحرره من غلالة هذه الوحدة سوى أن يجعل من الشعر عالما موازيا للواقع المزري ومعوضا له.
لقد انتهى الزمن الذي كان الفرسان فيه يصولون ويجولون، ليتحولوا في الزمن الحاضر إلى شاردين في أحلامهم المنهارة، مستسلمين في اقبية السكينة بلا آمال بعدما هاجرت الغيوم أفقهم الذي لا يبشر بقطرات الغيث أو "رعب الثلج":
" في الليل
لا جبل يصول إذا مشوا
لا غيمة تدنو
    لتنفث رعبها الثلجي
        عبر المرتقى
كانوا هنالك
    تشرد الأحلام في خطواتهم
تتعذب الأوتار
    في لحن يكفن صولة الماضي
    يفتح لاصطخاب الموج
    أقبية السكينه" (34)
إن اليأس جو غامر طاغ على روح الشاعر، وهو نابع من تبدل حال الوطن، وهذا ما يغذي لديه هذا الإفراط في التعبير عن حزنه الموجع وهمه القاتل وقلقة المدمر، ولذلك تنسرب مشاعر الخيبة والبؤس النفسي لتغذي عنده صور الاغتراب عن هذا الواقع، والانطواء على الذات المتعبة واجترار مشاعر الإحباط والأسى على ما آلت إليه أوضاع وطنه:
" تسمر الموج على الرمال
        والريح زورق
        بلا رجال
...   رائحة الموت على الحديقه
تهزأ بالفصول
وانت يا صديقه
    حشرجة
    ودمعة بثول
    ووقع أقدام
    على الطلول
    تبحث عن
    حقيقه
    عن خنجر
    عن ساعد يصول" (35)
لقد بدأت خيوط الأسى تتسلل إلى العينين، وبدأ الإحباط يهيمن على ما عداه، ولذلك فهو لا ينظر في المقبل الآتي ما يبشره بإشراقة أفراحه وبأحلامه المنشودة:
" وما ذا كان في عيني من حلم فلم نفلح
    سوى قطرات هذا الضوء
    اشربها ندى
    واصبها سحبا
    وامطارا
    وماذا؟ (36)
إنها الخلاصة التي ينتهي إليها الشاعر، فلا النسر حط على أسوار المدينة ولا هو تغلغل في الظلام، لقد طوى جناحيه ولم يعد محلقا في الأفق المنظور:
" ظننا النسر حط على
    مدينتكم
    فأين مضى؟
تغلغل في الظلام
    طوى حفيف جناحه
    المسحور
وكيف تسامرون النجم بعد غيابه؟ (37)
إن الشعور بالعجز والمهانة كبير جدا، ولذلك نجده كثير الاهتمام برسم ملامح هذا الشعور في كثير من قصائده:
" ومرت حقبة وتصرمت أخرى
        ونحن ندور
ذبحنا الضب من سغب
    ونمنا في ظلال الشيح
    وما عرفت لنا الأوتار
    غير قصائد من ريح"(38)
لقد انقشع الوهم، وتمطت دائرة الحقيقة، فها هو ذا الأسى يهيمن من جديد، لقد استنامت فورة اللهيب وانساقت لنشوة الصمت:
" دب الأسى في مكبس القرس
استنامت فورة اللهيب
لنشوة الصمت
    خلال رعشة الدخان
يا نافش الطاووس في ذيل
    بلا سبيب
كيف ارتمت حوافر الجواد
    دون أن أرى التفاحه
في ضحك الثعبان" (39)
هكذا ارتبط صوت المجاطي الشعري بخيبة الأمل والمرارة والاحتراق الداخلي، وتتضخم عنده صور خيبة الأمل هذه لتبلغ مداها في إدانة للذات العاجزة عن رد الفعل، وللإرادة المشلولة عن القيام بشيء يذكر سوى كتابة قصائد التعزية.
" وكنا اثنين
فصار الصمت ثالثنا
ورابعنا
دموع العين"(40)
والنتيجة التي يخلص إليها يجملها في قوله:
" كنا نلفق أحرفا
ونبيع أشعارا
فلم نفلح....." (41)

وهو كلما أصر على مواصلة سيره في صقيع هذا الزمن الحارق، يصطدم بالعذاب الذي يلفه من كل جانب :
" فقلت أشق للمرقى طريقا
    في العذاب
    أدق باب الريح
    افتح جوف صدري
        للغراب
    فتشرق الفرحة
    على قطرات دمع أو دم
    رعشت بها الأقدام عند السفح
    دونك عشوة الصحراء
    فاضرب في صميم الملح
    صب الكل في الأجزاء
        أثينا من وراء السور
            ما ضحكت لنا قمحه" (42).
بهذه الطريقة تحضر الذات الشاعرة في متن المجاطي الشعري، إنها منصهرة في بعدها الإنساني والاجتماعي عبر حلمها المشروع الذي بدأ يخفت وميضه مع مرور الزمن ليسلمه إلى نوع من الرؤية السوداوية حتى خيل إليه أنه ترك منسيا في قفار العالم، وهذا ما دفعه إلى تكريس غلالة الحزن العميق الذي بدأ يؤثث فضاء قصائده. وبذلك يكون المجاطي قد استقرأ الواقع السياسي لوطنه وأمته ليلقي بصوته الشعري داخل انهيار الزمن الرديء ويكتب مرثية له، ملتقطا صور الفجائع والهزائم بكل تفاصيلها الغائرة في ضميره، ومن ثم بدأت تتسع دائرة الإحباط عنده حتى غدت موالا حزينا ينساب كالسيل في كل ما كتب من شعر.

الهوامش:
أحمد المجاطي: ديوان "الفروسية"، منشورات المجلس القومي للثقافة العربية، سلسلة الإبداع-2- الطبعة الأولى، 1987، من قصيدة "الخوف" ص 9-10.
من قصيدة: "الحروف"، ص 128-129.
نفسه، ص 123-125.
نفسه، ص 121.
نفسه، ص 121-122.
نفسه، ص 128-129.
نفسه، ص 126.
نفسه، ص 123-124-125.
من قصيدة: "مشاهد من سقوط الحكمة في دار لقمان"، ص 96.
من قصيدة: "قراءة في مرآة النهر المتجمد"، ص 39-40-41-42 بتصرف.
 نفسه، ص 41.
من قصيدة: "من كلام الأموات"، ص 105-106-108.
من قصيدة: "خف حنين"، ص 112.
من قصيدة: "السقوط"، ص 63-64.
نفسه، ص 65-66.
من قصيدة: "القدس"، ص 55.
من قصيدة: "الخمارة"، ص 99.
من قصيدة: "كتابة على شاطئ طنجة"، ص 69.
من قصيدة: "عودة المرجفين"، ص 17.
نفسه، ص 18.
نفسه.
من قصيدة : " وراء أسوار دمشق"، ص 89.
من قصيدة: "الخمارة"، ص 102.
من قصيدة: "وراء أسوار دمشق، ص 92.
من قصيدة: "ملصقات على ظهر مهراز"، الملصقة الثانية، ص 48.
من قصيدة : "الفروسية"، ص 28-29.
نفسه، ص 28.
من قصيدة: "الدار البيضاء"، ص 84.
من قصيدة: "كتابة على شاطئ طنجة"، ص 67-68.
من قصيدة: "سبتة"، ص 77.
من قصيدة: "من كلام الأموات"، ص 107.
من قصيدة: "الحروف"، ص 129.
من قصيدة: "من كلام الأموات"، ص 107-108.
من قصيدة: "عودة المرجفين"، ص 13.
من قصيدة: "كبوة الريح"، ص 21-22.
من قصيدة: "خف حنين"، ص 111-112.
نفسه، ص 112-113.
من قصيدة: "خف حنين"، ص 110.
من قصيدة: "الفروسية"، ص 27-28.
نفسه، ص 110-111.
نفسه، ص 113.
نفسه، 113-114.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة