أركيولوجيا اللغة الأبيسية : قراءة في خطاب التفكيك * - نورالدين بويمجان

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
anfasse.org"بسم الله الرحمن الرحيم. ن. والقلم وما يسطرون."
ثمة موجة من الكتابات النقدية أجهزت بكل ثقلها على اللغة العربية معتبرة إياها إحدى القلاع الحصينة التي تحتمي بداخلها الإيديولوجيا الأبيسية (1). ولا مراء أنها كتابات تستمد قوتها من النفس التحرري الذي يسري في أوردة القول الحداثي، ملهبا ذلك الحماس الثائر الداعي إلى تفكيك خطاب الوحدة والأصل، بتفجير كل تناقضاته وإحالته على الصمت. إنها كتابات تفرض حضورها بكل قوة وتتميز باستعمالها للغة مدججة تتمترس خلفها طموحات إيديولوجية تنزع نحو أكثر المواقع راديكالية وتتوق إلى تحرير الهوامش الأنثوية المكبوتة داخل النسق الأبيسي الكلياني وفتح كوة على خطاب الاختلاف: خطاب الحرية والمساواة.
         على أن خطورة تلك الكتابات تكمن في كونها تمارس النقد أساسا كفعل تفكيكي تهتز له أركان الخطاب الأبيسي، يهوي له سقفه الحديدي وتتزلزل الأرضية التي شيد صرحه فوقها بثقة واطمئنان كبيرين. فالتفكيك هنا ضرب في صميم العمق الاستراتيجي للخطاب الأبيسي: ذلك العمق الذي ينتهي قراره عند أرضية صلبة هي أرضية اللسان العربي. فهذا الأخير يبقى بمثابة الرأسمال الدلالي الذي يستثمره ذلك الخطاب في إنتاج مضامينه وإعادة إنتاجها وفق شروط تاريخيته. بعبارة أخرى، إن الخطاب الأبيسي لا يتمخض  عن فراغ، وإنما ينطلق من اللغة العربية كخلفية رمزية تمنحه العمق التاريخي والدلالي الذي يرغب في اكتسابهما.
         تلك في عجالة، إحدى الركائز التي يستند عليها خطاب التفكيك ويبلور، بناء عليها، أطروحاته حول اللغة العربية. يبقى أن نتساءل من جهتنا: إلى أي مدى استطاعت الكتابة النقدية تحقيق ادعاءاتها؟ هل نجحت حقا في تفكيك السلطة الأبيسية وخلخلة اللغة العربية التي شكلت الأرضية الرمزية للدائرة الأبوية؟


  
1- الكتابة النقدية وتفكيك الأرضية الرمزية للدائرة الأبوية.
  
     في معرض حديثة عن "الكتابة الديالوجية كنقد لسلطة الأصل والأبيسة"، يقول محمد نورالدين أفاية شارحا لأطروحة عبد الكبير الخطيبي:
         "إن "الأب" عند الخطيبي سلطة لا متناهية يتعين  تأزيمها وخلخلتها لأن الأب في المجتمع البطريركي   يلد الذكر – الإبن – الذي هو امتداد حاسم للأب. وكل تفكيك لسلطة الأب يجب أن يبدأ من قراءة جديدة للغة العربية التي شكلت الأرضية الرمزية للدائرة الأبوية".(2)
    من الواضح أننا هنا أمام خطاب يعلن منذ الوهلة الأولى عن رغبته في القراءة: قراءة اللغة العربية بتقنية جديدة تمكنه من خلخلة السلطة الأبيسية اللامتناهية التي تتحصن في بروجها. لكن لنا أن نتساءل: ما هي ضوابط ومحددات هذه "القراءة الجديدة"؟ ما هي مراسيمها المنهجية؟ ما هي فرضياتها، تقنياتها ونتائجها؟
         إن النص الذي بين أيدينا، للأسف الشديد، لا يمدنا بأي جواب. فهو يغرق في "صمت إبستمولوجي" يتحول معه وداخله من "كتابة ديالوجية" إلى "كتابة أبولوجية" يحركها هاجس الدفاع عن الفكر-المغاير الذي تستعرضه بطريقة فولكلورية لا تخلو من سحر وجاذبية: كتابة ابتهاجية تحتفل بالمولود الجديد (القراءة الجديدة) وفقا للطقوس المعاصرة. ونظير ذلك، يلزمنا إذا، توخيا للوضوح، أن نخلص أطروحة الخطيبي من إسار النص السابق، بإخراج هذا الأخير من صمته الإبستمولوجي المطبق ودعوته للنطق بعناصر الإجابة. أو بالأحرى ينبغي أن نعتبر ذلك الصمت بياضا نصيا يمنحنا مشروعية التساؤل في إطار أقواس هامشية. لا بد إذا من كتابة على الهامش. ولتكن بين الأقواس.

2 -  صمت القراءة وقراءة الصمت

     أمام الصمت الإبستمولوجي للقراءة التفكيكية لا معدى لنا من قراءة الصمت. وفي هذا الإطار يتعين علينا أن نتساءل بداءة: هل يتعلق الأمر بقراءة عفوية وتلقائية؟ أم عكس ذلك، بقراءة ممنهجة سواء أكانت واعية بذلك أم غير واعية؟
    إننا نعتقد أن "القراءة الجديدة" التي يتحدث عنها محمد نور الدين أفاية، والتي يقدمها من خلال فعل قرائي نموذجي، قراءة ممنهجة وإن كانت لا تفصح عن ذلك. صحيح أن النص – وهذه إحدى ثغراته – لا يقدم لنا "بطاقتها الميتودولوجية"، لكنها تبقى في العمق – أي على صعيد الممارسة القرائية– ذات توجه دقيق ومحدد. ولكي يتسنى لنا أن نحدد توجهها ذاك يتوجب علينا أن ننصت إلى النص بإصغاء كبير:
     "(...) باللغة فقط يمكن تثبيت سيطرة الأب والهيمنة الذكورية وقتل وتهميش المرأة. فالأب حين يدخل في علاقة جنسية مع الأم ينتج عنه ازدياد مولود. هذا المولود إما أن يكون ذكرا أو أنثى. فإذا كان ذكرا نكتفي بإضافة حرف النون إلى كلمة الأب الأصلية فنحصل على كلمة الإبن. وما دام حرف النون في اللغة العربية مثنويا، أي أنه يفيد الإخفاء والإظهار، فإنه إذا دخل على كلمة من الكلمات أصبحت هذه الكلمة بدورها تفيد الإخفاء والإظهار. ومن ثم يغدو الإبن عنصرا وجوديا يخفي أباه حين يموت هذا الأخير، وفي الآن نفسه يظهره بمعنى أنه يحل محله. إنه امتداده الرمزي والوجودي. أما إذا كان المولود أنثى فإننا نضيف حرف التاء المربوطة فنحصل على كلمة الابنة."(3).
     ويستطرد أفاية موضحا:
         "وانطلاقا من اللغة العربية يتبين لنا أنها تؤكد على أن النوع البشري يتمحور أساسا على "الأب" وأن هذا الأخير هو مصدر الحياة وسيدها. في حين أن المرأة التي تكتوي بحرارة الموت أثناء المخاض لا موقع لها في هذه الدائرة ولا مكان. بل مكانها هو اللامكان في المنطق الذكوري. مكانها في مكبوت الرجل، وحقيقتها المكانية في الاستعباد والإقصاء والاغتصاب. إنها الهامش بامتياز". (4)
      من المؤكد يقينا أن هذه الأطروحة تتميز بالعمق والخصوبة كما تتميز بالجرأة والخطورة. فاللغة العربية قد زلزلت أرضها زلزالا عميقا، انشقت له الكلمات وتفجر ما كان ثاويا بين ثنايا حروفها. إن هذه القراءة النقدية استطاعت أن تكشف عن الآليات التي تعمل، داخل فضائها التمثلي، على إنتاج دلالات أبيسية خفية، من خلال "ممارسة التسمية" (5). فهي إذ تنتج  صورة للأسرة داخل اللغة (من خلال الكلمات التالية على سبيل المثال لا الحصر:"الأب"، "الأم"، "الابن"، "الابنة") للإحالة على الأسرة الموجودة في الواقع تعمل في الآونة ذاتها، وبشكل تلقائي، على تنظيم تلك الصورة الأسر وية وفقا لنظام أبيسي يتأسس على قرار إقصاء الأم من الدائرة الأبوية، وإحالتها على الهامش. لقد استطاعت القراءة النقدية، بذكاء حاد، إزاحة النقاب عن حقيقة هذا الإقصاء التعسفي الذي يمارس بشكل خفي في كواليس اللسان العربي، بل في أعمق مناطق اللاشعور اللغوي. وذلك بمساءلة الأسماء، لا عن دلالاتها - بالمعنى السيمانطيقي (6)- أو عن المراجع التي تحيل عليها في وضعها الأنطولوجي داخل العالم (7)، وإنما عن القواعد المتحكمة في "ممارسة التسمية" ذاتها.
         عند هذا المستوى من التحليل يغدو واضحا أننا أمام قراءة أركيولوجية للغة العربية، قراءة تعتمد في نظرنا على المبادئ التالية:
1-  الفصل الإجرائي بين اللسان والكلام. (8).
2-  اعتبار اللسان فضاء تمثليا ترتسم على لوحاته صور الكائنات والأشياء. (9)
3-  تحويل الدليل اللغوي إلى أثر يجب مساءلته عن "الدلالة الأثرية" المحايثة لشكله المعماري. (10)
4-  تحليل قواعد "ممارسة التسمية" التي يعمل اللسان العربي من خلالها، وفي نطاقها، على إنتاج "دلالاته الأثرية" وفق شروط تاريخيتة: أي حسب الإمكانات الإبستمية لانبثاقها.
     إن المقاربة الأركيولوجية تقود إلى اكتشاف ما نود أن نصطلح عليه باسم "الدلالة الأثرية". وهي دلالة لم يتحدث عنها الخطاب اللساني ولا حتى الخطاب السيمانطيقي. وذلك لأن ذينك الخطابين ينظران إلى الدليل اللغوي نظرة سانكرونية تؤدي إلى اعتباره منذ الوهلة الأولى تركيبا – اعتباطيا  ( عند فردينان دو سوسير) أو ضروريا (عند إميل بنفنيست)– للدال والمدلول؛ في حين أن المقاربة الأركيولوجية ستنظر إليه نظرة دينامية باعتباره حدثا: أي أنها ستعتبره نتاجا لممارسة التسمية. إنها  لن تنظر إلى ما يدل عليه الدليل (استحضار المدلول كمعطى) ولكن إلى الكيفية التي يدل بها الدليل على مدلوله (المدلول كشكل أثري تم بناؤه). (11)
    تلك في نظرنا أهم المبادئ التي تنطلق منها ضمنيا "القراءة الجديدة" للغة العربية. على أننا لم نجتهد في إعادة تأسيسها ميتودولوجيا داخل الحقل الأركيولوجي إلا بقدر ما أتاحت لنا إمكانية إعادة قراءتها بهذا الشكل. وذلك من خلال تجليها بشكل ملموس في فعل قرائي يبقى في اعتقادنا أقرب إلى الوصف الأركيولوجي منه إلى أي شيء آخر.

 3- استراتيجية التفكيك

         أخذا بالاعتبارات المنهجية السابقة، تستطيع القراءة التفكيكية أن تتوجه إلى عمق اللغة العربية. وبالفعل، لقد استطاعت أن تمسها في صميم كينونتها. فالحديث عن اللسان هو، في البدء والنهاية، حديث عن ذلك النسق السابق على الذوات، والذي يتكون، بشكل رئيس، من الدلائل اللغوية ومن قواعد بنائها وتركيبها. فالتسمية هي الفعل الماهوي للغة، ومن خلالها تتجلى كينونة هذه الأخيرة لتغدو أمامنا كائنا منفتحا أنطولوجيا على العالم، وبالتالي فضاء تسكنه كل الكائنات أو ربما "مأوى للكينونة" كما يقول هايدغر بأسلوبه الشعري المتميز.
         على أن التعامل مع اللغة العربية في "لحظتها اللسانية" وليس في "تجلياتها الخطابية" سيسمح للقراءة التفكيكية بتعليق أبعادها الأنثروبولوجية التي تبرز، على مدى كبير من الوضوح والجلاء، عندما نجتاز عتبة الخطاب، أي عندما نحول اللغة إلى أداة للتواصل. فاللسان بنية فارغة من الذوات ومن الوعي الملازم لها. غير أنها بحكم المواضعة والتواطؤ تترجم معرفة قبلية بالأشياء والكائنات. وفي هذا السياق نذكر أن ميشيل فوكو يرى- في "الكلمات و الأشياء" أن تجربة اللغة تنتمي إلى نفس الشبكة الأركيولوجية التي تنتمي إليها المعرفة بأشياء الطبيعة.  وبالمناسبة نود أن نتساءل: إذا كانت اللغة تترجم معرفة قبلية بأشياء الطبيعة ألا يمكن اعتبارها فضاء تتجلى فيه قصدية الذات الواضعة؟
         صحيح أن اللسان بنية رمزية فارغة من قصديات الذات المتكلمة، وذلك بحكم الأسبقية المنطقية للبنية. فالذات المتكلمة عندما تتحدث إنما تستعمل كلمات وقواعد تركيبية موجودة سلفا. لكن إذا كان الإنسان هو واضع هذه البنية الرمزية ألا يمكن اعتبار اللسان إذا بمثابة امتداد لقصدية الذات الواضعة؟ إننا نميل إلى الاعتقاد أن هناك، من جهة أولى، أسبقية للذات على البنية، وأن هناك من جهة ثانية، أسبقية للبنية على الذات. فاللغة بمثابة سفينة فضائية يصنعها الإنسان ويركبها ليرى الكون من داخلها!
         على أننا حين نتحدث عن قصدية الذات الواضعة نكاد نخرج ميتودولوجيا عن حدود المقاربة الأركيولوجية ونقترب من التصور الفينومينولوجي. ترى، هل هناك ما يبرر هذا الانتقال من مقاربة إلى أخرى؟ أم أن هناك نقطة التقاء توحد بينهما؟
         الحقيقة أن تصورنا "للمعرفة القبلية" التي يكشف عنها التحليل الأركيولوجي للسان، والتي تتجلى في استراتيجية التسمية بشكل ملموس، يدفعنا للاجتهاد في بلورة قراءة فينومينولوجية لمفهوم "استراتيجية التسمية". وفي هذا الإطار نتحدث عن قصدية الذات الواضعة كقصدية مؤسسة للغة. غير أن اللسان يظل مع ذلك في وضعية مفارقة: إنه سابق على الذات ولاحق عليها، وهو بذلك ينتمي للوعي واللاوعي في نفس الوقت. فاللسان باعتباره تراكما رمزيا على مدى التاريخ يحمل دلالات لا يمكن للفرد أن يحيط بها. وهناك رواسب من الدلالات الأثرية تتراكم في اللاشعور الجمعي ولا ينتبه إليها إلا باحث منقب أو عاشق للغة يتمتع إزاءها بحساسية جد مرهفة و حدس لا يخطئ. وإلا فإن تلك الدلالات تبقى لاشعورية بالنسبة للذات المتكلمة.  أما بالنسبة للذات الواضعة فهي قطعا ليست كذلك. فممارسة التسمية ليست ممارسة اعتباطية بإطلاق (12). إنها تخضع بالتأكيد لقصدية ما. فهي ممارسة واعية. ولذلك فاللسان باعتباره تواطؤا اجتماعيا يشكل على هذا النحو أو ذاك إطارا إيديولوجيا مرجعيا. وهنا تجدر الإشارة إلى أن القراءة التفكيكية تمسك بالبعد السوسيو– ثقافي للغة: ذلك البعد الذي تبرز معه بشكل جلي خلفياتها الإيديولوجية الأبيسية.
         إن اللسان، في ضوء القراءة التفكيكية، لا يحيل على العالم، بالمعنى الأنطولوجي للكلمة – بقدر ما يحيل على المجتمع والمجتمع البطريركي، على وجه التحديد. وبطبيعة الحال، بفعل هذه التقنية البراكسيماتيكية (13) يتحول اللسان العربي إلى متخيل جمعي يتمثل صور الأشخاص (الأب، الابن، الابنة، الأم) وفق نظام خاص هو نظام الخطاب الأبيسي.
         ولعله من نافلة القول التأكيد على أن نظام الخطاب، بحكم كونه نظاما إيديولوجيا - اللغة مؤسسة اجتماعية لها وظيفتها الأيديولوجية - لا يكتفي بأن يعكس نظام الواقع أو أن يدل عليه، بهذه الطريقة أو تلك، وإنما يسهر على تأصيل النظام الاجتماعي السائد على الصعيد الرمزي بتثبيته في اللاشعور الجمعي. وبناء على ذلك يتضح جليا أن هذه القراءة النقدية بتفكيكها للسان العربي سيكون من شأنها توريط كل الخطابات الناطقة بالعربية في "جريمة التواطؤ الذكوري" ضد المرأة: هذا التواطؤ الذي يصل إلى حد إقصاء الأم – داخل المؤسسة اللسانية – من الدائرة الأبوية وتجريدها من حقها في انتساب أبنائها إليها ليبقى هذا الحق حكرا على الرجل ليس إلا.
         من الأكيد أننا أمام قراءة راديكالية – الحقيقة أن الخطيبي لا يسير بهذه القراءة إلى حدودها القصوى(14)– تخلخل الخطاب العربي اللاواعي  بخلفيته اللغوية وقد تضعه أمام "نهايته التاريخية"، وذلك لأن اللسان العربي الذي أعطاه عمقه التاريخي قد استهلك تاريخيته وتجووزت الدلالة الأثرية الأبيسية التي يتضمنها وتجووز معها المنطق الأيبسي الذي يتم إنتاجها حسب قوانينه. إنها قراءة تفكيكية بالمعنى القوي للكلمة. فهي تستهدف بشكل استراتيجي المنطقة الحساسة في الثقافة العربية: تلك التي تحتضن الثوابت الكبرى منذ فجر التاريخ العربي. وطبعا بتوجهها إلى تلك الثوابت فإنها تعمل على تكسير طوق الزمان الدائري الرتيب – الزمان اللاشعوري – الذي تتقوقع بداخله، وذلك قصد انتشال الثقافة العربية من مرجعيتها الماضوية المتقهقرة وزحزحتها عن مراكزها وثوابتها وفتحها على هوامشها اللامحدودة  في أفق الاختلاف والمغايرة.(15)
         ولا يفوتنا أن  نؤكد في هذا السياق أن هذه القراءة التفكيكية للسان العربي لا تكتفي بالتصدي للخطاب الأبيسي الذي يعتمد اللغة العربية خلفية ومنطلقا لبلورة أطاريحه حول الاختلاف الجنسي، بل إن التفكيك يطال حتى الخطاب التحرري ذاته، ما دام يقع هو أيضا، شاء أم أبى، في إسار اللسان العربي، ويستثمر رصيده الرمزي. ولا غرو أن يعترف هذا الخطاب التحرري بإحساسه العميق بوعي شقي ناتج عن انشداده بأحابيل متينة إلى الأرضية الرمزية للسان العربي. نقرأ مثلا لدى أفاية في معرض حديثه عن "خطاب التحرر أو تحرير الخطاب":
         "(...) إن اللغة التي يمكن أن نستعملها وسيلة لصياغة خطاب تحرري تحدد مسبقا موقع المرأة ووظائفها داخل المجتمع، أي أنه قبل وضع القوانين التي تسعف الرجل في تدجين أو تسييج حضور وإيقاع المرأة ككائن، فإن اللغة تقدم له، بشكل أولي، ما يرنو إليه." (16)
       ويضيف بعبارات أكثر وضوحا:
      "إن جل الكتابات العربة المتعلقة بمسألة المرأة سواء قام بها الرجال أو النساء، والتي تريد أن تعطي لنفسها أبعادا تحريرية، تنسى أن اللغة لا تسعفهم في الحديث عن التحرر. إن اللغة لا تخضع دوما لنيات الخطاب."(17)
وإذا بإدراك هذه الحقيقة، حقيقة اللاشعور اللغوي الذي يمتص نوايا الخطاب، يغدو مقدرا على خطاب التحرر أن يخوض تجربة الوعي الشقي.

 4- ممارسة التفكيك

           إذا كانت اللغة تنقل الأشخاص من وضعهم داخل المجتمع، لتفرض عليهم وضعا جديدا داخل اللسان، فإن التفكيك دعوة صريحة إلى نوع من "البراكسيس": "تغيير" العالم اللغوي وخلخلة السلطة الأبيسية التي يقوم عليها نظامه الرمزي. إن نظام الكلمات غير مطابق لنظام الأشياء والكائنات. لذلك قد يجب علينا الإطاحة بذلك النظام اللامساواتي، بكل العنف التفكيكي، والقيام بانقلاب رمزي تنهار معه السلطة الأبيسية، ولو على  صعيد الوعي النظري فحسب . وكـأن رائد الحركة التفكيكية في الفكر العربي الحديث، يعلن على طريقة الفيلسوف الألماني الثائر:"لم يعمل الفلاسفة حتى الآن إلى على محاولة تفسير العالم (اللغوي) بطرق مختلفة، في حين أن المهم هو العمل على [تفكيكه]".
         إن التفكيك يمكن أن يعتبر حقا بمثابة "فعل براكسيسي" داخل "عالم الكلمات" الذي تسوده الإيديولوجيا الأبيسية بشكل مطلق. لكن كيف يمكن ممارسة التغيير داخل هذا العالم الرمزي الذي خلقه المتخيل العربي وفق الإرادة الذكورية (التواطؤ)؟ كيف سيتسنى لنا التصدي للسلطة الأبيسية التي تعمل بداخله على إقامة التراتبية بين الجنسين وتكريس دونية المرأة؟
     ينطلق الفكر-المغاير من قناعة أكيدة وراسخة مفادها أن المرأة لها هوية مستقلة وأنها في حد ذاتها اختلاف غير قابل للاختزال، اختلاف لا يمكن البتة إخضاعه لسلطة الأصل الذكوري. إن هاته القناعة هي الأساس الفلسفي الذي تنبني عليه أطروحة التفكيك. فالخطيبي ينطلق من نظرة اختلافية راديكالية كفيلة بإحداث جرح نرجسي في الجسد الرمزي للرجل: أي في اللسان العربي. وذلك نظرا "لأنه باللغة فقط يمكن تثبيت سيطرة الأب والهيمنة الذكورية وقتل وتهميش المرأة."(18)
          لكن كيف تحرص اللغة العربية، من جهتها، على "تثبيت سيطرة الأب والهيمنة الذكورية"؟ كيف تعمل على "قتل وتهميش المرأة"؟
         إن القراءة التي يقترحها الخطيبي تفاجئنا باكتشاف مدهش: اكتشاف النظام الرمزي للأسرة داخل اللسان العربي. إن هذا الأخير، أي اللسان العربي، يقيم بشكل استراتيجي (لنتذكر أن الإستراتيجية إحدى القواعد الأركيولوجية المنظمة لممارسة التسمية باعتبارها ممارسة خطابية) علاقة اشتقاقية بين الكلمات الثلاث (الأب، الابن، الابنة) للدلالة على العلاقة الجنيالوجية القائمة، على صعيد الواقع، بين الكائنات التي تحيل عليها. لكن مع هذا الفارق: إن العلاقة الاشتقاقية المؤسسة لنظام الكلمات تتحدد من خلال إقصائها الاستراتيجي للأم والإلقاء بها في موضع هامشي، خارج "الدائرة الأبوية". في حين أن العلاقة الجنيالوجية التي تؤسس نظام الكائنات هي حسب خطاب الاختلاف (خطاب الازدواجية والتعدد) علاقة بين الأب والأم من جهة وأبنائهما من جهة ثانية  (ومن هنا طابعه المساواتي).
         انطلاقا من الاختلاف بين العلاقتين – العلاقة الاشتقاقية (نظام الكلمات) والعلاقة الجنيالوجية (نظام الكائنات) – تتدخل القراءة النقدية كفعل تفكيكي يكسر منطق الوحدة والأصل: المنطق الأبيسي الذي يتأسس بدوره – حسب خطاب الاختلاف – على أرضية ميتافيزيقا  الواحد. (19) يتعلق الأمر إذا بفتح النسق اللغوي على العالم حيث لا يوجد إلى الاختلاف والتعدد.
         على أن اكتمال النسق وانغلاقه لا يدعان مجالا للحديث عن المرأة (هنا الأم). فإمكانية انبثاق حديث جديد حول المرأة لا توجد إلا خارج النسق. ولتكن على هامشه. على ذلك الهامش اليقظ الذي يسمح بتفكيك النسق وفضح خيانته لنظام الكائنات التي يتمثلها من جهة أولى ولنيات الخطاب التحرري من جهة ثانية. على أن اللسان العربي بإقصائه للأم من "الدائرة الأبوية" وربطه الأبناء بالأب وحده يجد أرضيته الإيستمية في قصة بداية الخلق التي تقول بالأصل الذكوري. فالأبناء، في ظل هذا التصور، ينتمون للأب وللأب وحده. أما الأم فلاحق لها في انتماء أبنائها إليها على الرغم من أنها هي التي تعاني حتى الموت من ألم المخاض.
         تلك هي الخلفية الرمزية للسان العربي. إنها المعرفة القبلية التي تحولت عبر القراءة التفكيكية إلى  ادعاء إيدويولوجي من أجل تبرير السلطة الأبيسية. إنها الإمكانية الإبستمية التي سمحت بانبثاق مفردات على السطح اللغوي، لها "دلالة أثرية" لا يمكن تبنيها في إطار فلسفة الاختلاف. إن الخطيبي يسعى جاهدا إلى تحرير المرأة من سجن هذه "الأسطورة الأبيسية" التي تكرس اللاعدالة بين الجنسين. وخليق بنا أن نذكر مرة أخرى أن موضوع التفكيك في النص الذي نحن بصدد مناقشته ليس هو الخطاب الأبيسي الذي يتأسس داخل نصوص إبداعية أو نقدية كثيرة ومتنوعة وإنما هو اللسان العربي الذي يمد ذلك الخطاب بمادته الأولى: أي بالكلمات التي سيصهرها في بوتقة النص، بهذه الطريقة أو تلك، للتعبير عن مضامينه ودلالاته. وهنا نريد أن نتساءل: أليس من الحري، لكي نتعامل مع هذه القراءة تعاملا إيجابيا، أن نخرج بها من دائرة اللسان المغلقة لنقف بها على عتبة الخطاب؟ إننا نعتقد أنه يبقى لزاما علينا، كي نزن كل ثقلها ونقيس كل خطورتها، أن نذهب بها إلى أقصى نقطة ممكنة: هناك عند أقصى أقاصي حدودها حيث سيتسنى لنا إعادة اكتشافها من جديد تحت أضواء الخطاب.

 5- من  تفكيك اللسان إلى تفكيك الخطاب

         لسنا في حاجة إلى التأكيد على أن اللغة العربية قد اشتغلت بطرق مختلفة داخل خطابات أبيسية كثيرة ومتنوعة. تلك بداهة لا مراء فيها. غير أننا نؤثر التعامل هنا مع الخطاب القرآني بصفة خاصة. وذلك لسببين: أولا، لأنه أكثر الخطابات حضورا داخل الثقافة العربية. ثانيا لأنه أكثرها تمثيلا للغة العربية، ويشهد بذلك طابعه الإعجازي. غير أننا في تعاملنا مع الخطاب القرآني سنكتفي بإثارة سؤال واحد: كيف تعامل القرآن مع الدلالة الأثرية لكلمة "ابن"؟
         لن نتناول بالتحليل كل السياقات التي وردت فيها تلك الكلمات الأربعة (الأب، الأم، الابن، الابنة). سنكتفي بوقفة تأملية قصيرة عند سياق واحد: ذلك السياق الذي وردت فيه كلمة "ابن" بطريقة أثارت انتباهنا، بل بلغت بنا مبلغ الاندهاش و الحيرة. نقرأ في سورة مريم:
" ذلك عيسى بن مريم، قول الحق الذي فيه يمترون". (20)
ترى أتكون تلك أم المفارقات؟ إن كلمة "ابن" كما ذكرنا سابقا ملازمة لكلمة "أب"، أو على الأصح هذه ملازمة لتلك. فكلما نبسنا بكلمة "ابن" - لنتذكر أنها حسب رأي الخطيبي:"إب + ن"- فإننا نستحضر أو يجب أن نستحضر حتما صورة الأب. لكن، وهذه مفارقة تندى لها الجبين:  ماذا عن "عيسى بن مريم"؟ هل نسيت الضاد أنه ولد أصلا من غير أب؟ بأي "عناد مسيحي" تصر إذا على الإشارة إلى أب لا وجود له إطلاقا؟ ألا نشعر هنا بنوع من الاصطدام بين الخطاب القرآني وبين "اللامفكر فيه"؟ أو بينه و بين "اللامنطوق" أو ما لا يمكن النطق به؟
الآن ندرك مدى الخطورة التي تتسم بها أطروحة الخطيبي حول اللغة الأبيسية. إنها تفرض علينا تساؤلات في غاية التعقيد ومنتهى الخطورة. فهل يعقل أن القرآن الذي أسعفته اللغة العربية في كل عبارة من عباراته يمكن أن يقع في "حبال" هذه المفارقة؟ هل يعقل أن الخطاب القرآني الذي حير العقول باستعماله لفواتح السور، ومن ضمنها حرف النون، يمكن أن تغيب عنه دلالة هذا الحرف؟

6- من التفكيك إلى التفكك

من الملاحظ  أن الصياغة الأفايوية لأطروحة الخطيبي صياغة تفتقد إلى الحس الإشكالي، إنها صياغة لانقدية لأطروحة تتسم بطابع نقدي. فهناك داخل النص معطيات أساسية تستوقف القراءة و تدعوها إلى التساؤل والمراجعة، و سنحاول من جهتنا أن نقف وقفات نقدية سريعة عند أربع معطيات رئيسة:
-1 هل يمكن التسليم بأن حرف النون كما يدعي الخطيبي "حرفا مثنويا"؟ لا أحد يستطيع أن يسلم له ذلك إلا بدليل قوي، والحال أن النص لا يقدم أي دليل على ذلك. فكل ما نستطيع تأكيده هو أن النون حرف متعدد الدلالات.
أ- فقد يضاف إلى الأفعال، بمفرده أو مع حرف آخر، ليفيد التثنية أو الجمع على حد سواء (مثلا "نعمل"- "تعملان"- "تعملون"-" يعملن") وقد يدل على الفاعل - مثنى أو جمعا- ( مثلا "عملنا") بل و على المفرد أيضا، كما هو الحال في معنى العظمة (مثلا " أمرنا"). و قد لا يدل على العدد أصلا كما هو الحال في نون الوقاية ونون التوكيد.  و هذه مجرد أمثلة...
ب- وقد يضاف إلى الأسماء ويدل بمفرده أو مع حرف آخر على التثنية والجمع (مدرسان- مدرسون)، أو يدل على التثنية (حسب ما ذهب إليه بهاء الدين الوردي في تأويله لكلمة "فرعون" التي تعني باللغة الهيروغليفية "ذو القصرين") (21) وليس المقصود هنا حصر جميع الحالات.
و إذا ليس هناك دليل يسمح بتخصيص دلالة العدد دون سواها فضلا عن تخصيص دلالة التثنية خاصة وقد رأينا أنه قد يدل على العدد كله إفرادا و تثنية و جمعا.
2- إذا سلمنا جدلا بأن" حرف النون في اللغة العربية حرفا "مثنويا"- كما ورد في النص- فهل يفيد حتما الإخفاء و الإظهار؟ لماذا اختزال كل الثنائيات الممكنة في ثنائية واحدة؟ ما الذي يسمح، في غياب كل المؤشرات التأويلية (22) باتخاذ هذا القرار الهيرمينوطيقي الحاسم؟ لماذا إعطاء حرف النون بحكم إفادته للتثنية - افتراضا-  دلالة مزدوجة هي بالتحديد وعلى سبيل الحصر دلالة الإخفاء والإظهار؟ لماذا تم إقصاء كل الثنائيات الممكنة الأخرى؟ كيف يجب علينا أن نقرأ هذا الإقصاء ؟
3- إذا سلمنا جدلا بأن اللسان العربي يقيم بين كلمتي " أب " و "ابن " علاقة اشتقاقية يرمز بها إلى علاقة الإخفاء و الإظهار، فكيف ينبغي أن نفهم هذه العلاقة الأخيرة ؟
أ – علاقة الإخفاء:
" ومن ثم- يقول النص – يغدو الابن عنصرا وجوديا يخفي أباه حين يموت هذا الأخير "
إننا نستغرب هذا القول المؤسس على اللامعنى. أليس الموت في حد ذاته اختفاء؟
ب – علاقة الإظهار:
يقول النص بأن الابن " في الآن نفسه [ أي بعد وفاة الأب] يظهره بمعنى أنه يحل محله، إنه امتداده الرمزي و الوجودي". وهنا نتساءل: ألا يمكن للابن أن يظهر أباه إلا بعد وفاته؟ لماذا التركيز على وفاة الأب؟ إن الخطيبي – أو أفاية؟  لست أدري – يفهم أن الإظهار بمعنى الاستبدال أو التعويض. و هذا ما لا يمكن أن نقره عليه. فالابن باعتباره امتدادا رمزيا ووجوديا للأب يظهر هذا الأخير، ليس بعد الموت فقط، و لكن أيضا وهو على قيد الحياة. إنه يظهره كأب و ليس كشخص . و بعبارة أخرى ، يمكن القول بأن الابن ، في إطار تصور سيميائي للكائنات، يلعب دور "الدليل" الذي يدل على أبوة الأب ، أي على قدرته على الإنجاب، وذلك بالضبط هو شرط الأبوة أو حدها المنطقي . ففي إطار الجنس البشري يمكن القول بأن كل أب إنسان و ليس كل إنسان أبا . ولكي يصير شخص ما أبا عليه أن يخلف ابنا أو بنتا على الأقل فالابن من هذا المنطق هو الشرط الضروري لإظهار معنى الأبوة. و من ثم فإننا كلما نظرنا إلى إنسان ما  باعتباره ابنا  استنتجنا بحكم الضرورة المنطقية ( إلا في حالتين استثنائيتين) أن له أبا. وهنا يصير الابن دليلا يظهر وجود الأب، سواء أكان حيا أم ميتا، فالإظهار هنا بمعنى الاستحضار الذهني للمدلول و ليس بمعنى الاستبدال.
  وخلاصة القول أن الخطيبي لم يفلح في تأسيس علاقة منطقية بين كلمتي " أب " و " ابن " انطلاقا من جدلية الإخفاء و الإظهار التي يزعمها.
3 – إذا كان حرف النون مثنيا، فهل يمكن اعتباره كذلك في كل الكلمات؟ وهل كلمة " ابن " التي تعنينا هنا على نحو خاص مركبة حقا من كلمة "أب" ومن حرف النون باعتباره "مورفيما إضافيا" أصبح مع التداول جزءا لا يتجزأ من الكلمة ؟
لنسجل الملاحظات التالية :
أ – إن كلمة "ابن " تكتب ، حسب و ضعها في الجملة أو موضعها في السطر ، تارة بالألف و تارة دونها ، فإذا كانت بين علمين تكتب بدون ألف (عيسى بن مريم)، أما إذا ابتدأ بها الاسم العلم أو جاءت في بداية السطر فإنها تكتب بالألف ( مثلا ، " ابن المقفع ")
ب – حين تكتب تلك الألف – عكس الخطأ الشائع الذي ذهب ضحيته الخطيبي  وأفاية – لا تحمل همزة القطع،  وبالتالي يجب أن تكتب و تنطق " ابن " بدل " إبن " (23). (وبالمناسبة تجدر الإشارة إلى أن الكلمة الفرنسية ibn   نقلت إلى النسق الفرنسي انطلاقا من تأويل فونولوجي خاطئ لألف البدء . في حين أن كلمة ben تشف عن فهم صحيح). هذا فيما يخص وضعية الألف في كلمة " ابن " أما في كلمة " أب" فالملاحظ أن الألف تكتب دائما وهي ألف مهموزة رقما و لفظا. و لا تكسر الهمزة أبدا، حسب علمنا، عكس ما أجازه الخطيبي الذي يبدو لنا و كأنه تأثر – وهذا مجرد افتراض- بما جاء في التوراة عن التغيير الذي طرأ على اسم" أبرام" فصار إبراهيم (أي أبا لذرية كثيرة) و الذي يسميه هو جرحا في الاسم. وعلى افتراض أن الهمزة قد تكسر كما هو الحال في اسم إبراهيم –يبدو أنها كسرت من أجل التناغم الصوتي - فإنها تبقى همزة قطع أصلية و ليست همزة ابتداء عرضية تظهر و تختفي بحسب موقعها داخل النص.
ج – إن كلمة "ابن" تجمع في صيغتي " بنين" و "أبناء" وبذلك تختفي ألف البدء التي يبدو أن الخطيبي قد اعتبرها ثابتة، وكذلك الأمر في كلمة "بنات" (جمع " بنت "أو " ابنة"). ويجب أن نشير إلى أن الألف في كلمة "أبناء" هي ألف الوزن وليست ألفا أصلية: نقول " ابن –أبناء" على وزن" فعل – أفعال" أما في كلمة " أب" فالألف أصلية نقول في صيغة الجمع " آباء " أي " أأباء".
د – و إذا رجعنا إلى القواميس اللغوية لا نجد  كلمة "ابن" مشتقة من كلمة " أب" بل – وهذا ما ينساه الخطيبي و أفاية – من فعل " بني" (24). يقول الزمخشري:
" ومن المجاز: بني على أهله: دخل عليها و أصله أن المعرس كان يبني على أهله خباء، و قالوا: بني بأهله كقولهم أعرس بها،  واستبى فلان و ابتنى إذا أعرس وقال:
 أرى كل ذي أهل يقيم ويبتني  //   مقيما وما استبنيت إلا على ظهر
تزوج وهو مسافر على ظهر راحلته  (25 ).
 ويعلمنا صاحب "المزهر":
" فائدة: قال ابن درستويه  في شرح الصحيح : البنوة أصلها الياء من بنيت لأن الابن مبني من الأبوين" (26 ).
 وهكذا يبني ابن درستويه ما هدمه الخطيبي !

وأخيرا ألا تكفي هذه الأقواس لكي نتبين بوضوح أن أطروحة الخطيبي واهية ولا أساس لها من الصحة؟    
الحقيقة أن خطاب التفكيك، في مغامرته التأويلية هاته، يتفكك تلقائيا و يؤول إلى الصمت عجزا عن الكلام . ليس القرآن الكريم هو الذي اصطدم باللامفكر فيه أو ما لا يمكن النطق به بل خطاب التفكيك هو الذي ارتطم بجدار اللامفكك بل ما لا يمكن تفكيكه: " الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب و لم يجعل له عوجا". (27)

  7- التفكيك المتوحش و مغامرة النسيان

بعد المراجعة النقدية، يبدو التفكيك الذي يمارسه الخطيبي مثيرا للخجل . إنه"تفكيك متوحش" يورط الذات القارئة في اغتراب حقيقي عن موضوعها . فالخطيبي يبقى في نهاية المطاف بمثابة من يتعب كل التعب في الهدم والتقويض وهو مستلق على سريره  يغط في نوم عميق. إن القراءة التي ينتجها تغري بجدتها؛ فهي حقا كما يدعي أفاية قراءة جديدة، إلا أنها للأسف قراءة غير مؤسسة جيدا. قد يكون الأمر مجرد تأويل مغامر قادته متعة الكتابة بسهولة كبيرة إلى منطقة الخطأ. فلكل اجتهاد ثغراته وأخطاؤه.  يبقى أننا مهما تسامحنا مع هذا الخطأ أمام نص بالغ الخطورة: نص يدعونا للوقوف عنده والإنصات إلى كلماته وهمساته وصمته. إن الأمر يتعلق بنص نقدي يمارس تفكيكا متوحشا تستهويه متعة التأويل والتقويض، ولذلك فقد وقع في خطأ مدهش، وإنه لمن الغريب حقا أن يكون لهذا الخطأ بالذات مضاعفات خطيرة جدا تستوجب مراجعة نقدية صارمة.
   إذا كان من  البدهي أن لكل  خطأ دلالة ما ، فإننا  في حاجة إلى إنجاز "سيمانطيقا الخطأ". علينا إذن أن نتساءل: ماذا يعني الخطأ الذي ارتكبه الخطيبي؟ وكيف نفهمه فهما فلسفيا عميقا ؟
إنها في اعتقادنا قراءة تصدر عن النسيان و تكرس النسيان : نسيان اللغة العربية كما هي  في صميم كينونتها واختلاق "لغة عربية" أخرى، يجد خطاب الاختلاف في فضائها التمثلي متسعا لممارسة العنف التفكيكي المحبب إليه بقوة خارقة ومدهشة . قراءة تكمن هناتها أساسا و بشكل جوهري في ذلك النسيان الخطير الذي يولد تعاملا سلطويا مع اللغة المقروءة. إنها تعتمد على سلطة الذات القارئة التي تفرض على هذه الأخيرة، أي اللغة العربية، صمتا مطلقا لتتحدث باسمها وبالنيابة عنها. فهي تفقدها  كينونتها أو تكاد وتحولها في شعور المتلقي إلى موضوع  مصطنع للنقد والتفكيك. ويمكن أن نقول مجازا إن اللغة العربية تتحول، في ضوء القراءة التفكيكية التي يمارسها الخطيبي، إلى "عملة أبيسية" تثير الهزأ والسخرية وكأنها أصبحت بلغة بديع الزمان الهمداني "درهما لا يجوز"، أو كأنها وَرٍقٌ أتى بها العرب إلى المدينة - مدينة الحداثة - بعدما أفاقوا من نوم تاريخي طويل، و خرجوا أو أزمعوا الخروج من الكهف الذي لبثوا فيه  سنين عددا .
إن القراءة التي يقترحها الخطيبي تعمل ، طبقا لدستور الحداثة ،على المساءلة و النقد و التفكيك . فهي بذلك قراءة معاصرة. لكن عيبها  أنها تحيل مقروءها على الصمت لتنطق بدلا عنه بخطاب تتجلى في فضائه الذات القارئة كذات ممتلئة إلى حد الفيض، ومن هنا طابعها الإسقاطي. فهي لا تعرف ولا يمكن أن تعرف معنى الإنصات ولا معنى تجربة الإنصات للموضوع الذي تصادر حقه في القول وتراهن سلفا على أنه يستحق التقويض و الهدم. تلك التجربة التي من شأنها أن تفتح ذواتنا على اللغة كمصدر للقول لا سيما إذا كانت لغة الخطاب الإلهي .
   لكن هل يتسنى لنا الإنصات إلا بذات فارغة من الأحكام الجاهزة؟ يهمس إلينا صاحب "المواقف و المخاطبات" بصوت غير مسموع "كل ما كان أنصت كان أفرغ، و كل ما كان أفرغ كان أنصت" (28).  إن الإنصات يفترض ذاتا فارغة من كل المسبقات الإيديولوجية المبتذلة لكي تستطيع أن تلقي السمع بإصغاء كبير، ذاتا متفرغة للمعرفة لها استعداد قوي و طاقة استيعابية تسمح لها بتلقي المعاني و ليس ذاتا ممتلئة إلى حد الفيض تمارس امتدادها عبر مقروئها عن طريق الإسقاط المخجل.

8- من السطح الإيديولوجي إلى العمق اللاشعوري               

لا مراء في أن القراءة النقدية للغة العربية تطمح إلى تحقيق حداثة ترتكز على مبدأ الحرية و المساواة. لذلك فهي تعمل بشكل استراتيجي على تفكيك السلطة الأبيسية و تحرير الهوامش الأنثوية المكبوتة في فضاء اللغة العربية. بيد أننا نلاحظ أن الخطاب التفكيكي يؤسس مشروعه الإيديولوجي على أساس النسيان: نسيان كينونة اللغة في ذاتها وتحويلها إلى موضوع مموه أعيد بناؤه بكيفية تسمح بتفكيكه والإجهاز عليه. ويبدو أن النسيان ذاك غير متعمد ولا مقصود، وإن كان يعطي الانطباع بأنه ماكر ومتمحل. إنه ليس  تناسيا وإنما هو سلوك عفوي حيال اللغة، سلوك لا يمكن فهمه إلا باختراق المنطق الإيديولوجي الذي يحكم سطح الخطاب والغوص في عمقه اللاشعوري ، في إطار تأويل سيكو-تحليلي للخطأ .
إن التحليل-النفسي لخطاب التفكيك يجد هنا كل مشروعيته، بل و يفرض نفسه بإلحاح شديد. و لدينا ميل إلى الاعتقاد أننا في ضوء المقاربة السيكو-تحليلية نستطيع أن نفهم بشكل أكثر وضوحا لماذا يتحدث النص عن اللغة العربية في حين أن المتن اللغوي الذي يخضعه عمليا للتحليل لا يتجاوز أربع كلمات (أب ، أم ، ابن ، ابنة)، ولماذا يستخدم كلمات رنانة مثل " القتل" و " الوفاة" و "الإظهار" و "الإخفاء ".
   إذا كان الخطيبي كما أوضحنا ذلك سابقا، قد حاول القيام بقراءة أركيولوجية للغة العربية فإننا الآن في حاجة إلى إنجاز أركيولوجيا الذات القارئة(29) .
 لقد حاول الخطيبي أن يؤسس بين الأب والابن علاقة مزدوجة (الإخفاء و الإظهار). وقد تبين لنا أنها علاقة غير منطقية. غير أن هذا الأمر يجب ألا يبعثنا على الاستغراب. و ذلك لأن هذا القول نابع من منطقة ينتفي فيها المنطق ويستقيل فيها العقل. إنه نابع من اللاشعور . فالذات القارئة (أو الذات الكاتبة) تتحدث عن وفاة الأب. و ليس الأسلوب التقريري ( رأينا سابقا أنه يقوم على استدلال خاطئ ) إلا قناعا يخفي الرغبة في موت هذا الأخير . وهنا يتحول النص من فضاء استدلالي إلى "فضاء حلمي" ينسج فيه الحلم علاقة خاصة  بين الابن  والأب . إن الابن يحلم بقتل الأب (الإخفاء) ليحل محله (الإظهار). "فالأب – كما جاء في معجم الرموز- ليس هو فقط الكائن الذي نمتلكه ولكنه أيضا الكائن الذي نريد أن نصيره أن نكونه أو نعادله. و هذا التقدم يحصل بمحو "الأب الذي يمثله الأخر" والوصول إلى "الأب الذي سأمثله أنا"(....) و تقمص شخصية الأب بهذا الشكل تنجم عنه حركة مزدوجة: قتل الأب (الآخر) وولادتي الجديدة أنا كأب"(30) .
 إنها الرغبة اللاشعورية في انهيار الجدار- "سلطة الأب اللامتناهية" التي يتحدث عنها أفاية- الفاصل بين الذات القارئة (التي تتخذ موقع الابن) وموضوع رغبتها (الأم). ولنا أن نتساءل : ألا يبدو واضحا أن الذات القارئة تعاني من عقدة أوديبية ؟
على أن العداء للأب ملازم للرغبة في امتلاك الأم . فكيف نفهم إذا تصريح النص بإقصاء الأم و تهميشها ؟
يبدو لنا أن الذات الكاتبة (وهي تكتب ذاتها أكثر مما تكتب عن موضوعها) لم تتوهم نفي الأم إلى "اللامكان" في كابوسها المرعب ذاك إلا لتضفي المشروعية على عنفها ضد الأب من جهة أولى، ولتطلب الأم من جهة ثانية برغبة أشد إلحاحا. فالأم حين تظهر بمظهر الضحية تصبح أكثر جاذبية. فمبدأ الرغبة لا يتعارض هنا ومبدأ الواقع بل يتأسس عليه بصورة مفارقة : إن الذات تخلق مسافة ما بينها وبين الموضوع المرغوب فيه لكي تبقي على رغبتها مشتعلة و متأججة . إن الرغبة هنا ليست نزوعا نحو الإشباع، بل هي عكس ذلك ، ميل نحو الخصاص والافتقار المستمرين (31). إنها تعدم موضوعها لتضمن الاستمرارية لنفسها . فالرغبة متعلقها العدم !
إن خطاب التفكيك يتوهم إقصاء الأم و تهميشها – بل وربما أيضا قتلها يطريقة ما ("مكانها هو اللامكان في المنطق الذكوري"، "..." وقتل وتهميش المرأة")- لأنه يجد في هذا الوهم إمكانية للحديث عن الرغبة في تحريرها من السلطة الأبوية اللامحدودة، حسب زعمه. وهذا ما يجعل منه ، في نهاية التحليل خطابا عصابيا إفكيا و ليس تفكيكيا. وكأننا أمام رواية بوليسية يُتهم فيها الأب بجريمة اختطاف شيء ما يخوله احتكار سلطة لا محدودة. ويكشف البحث في نهاية التحريات أن الابن مصاب بعصاب حاد يشعر معه بفقدان الأم و يقتص من الأب على أنه هو الذي سرقها منه و حال بينه و بين الشعور بالانتماء إليها. هل هي عقدة الفطام؟
 إنه يجرم الأب ويدعو إلى خلخلة سلطته بل وربما أيضا بشكل لاشعوري إلى  قتله والحلول محله  ليحتمي هو من مخاوفه.  ترى ما الذي اختطفه الأب؟ إنه حرف النون، الذي يعطيه القدرة العجائبية على الاختفاء و الظهور حتى بعد الموت. ذلك الحرف السحري الذي ربما لو أعيد للأم لحصل لصاحبنا شيء من "الأمن". لكن، مات الخطيبي و في نفسه شيء من الخوف ! وربما بقي في قلمه شيء من النون ! .  »ن.  والقلم وما يسطرون«  (32)  

 
- إلى روح أبي - تغمده الله بواسع رحمته - الذي انتقل إلى عفو الله وأنا قيد إنجاز هذه المقالة.         
- إلى أبي الروحي، أستاذي الحبيب الشيخ الأجل سيدي حمزة  الذي علمني أن الأبوة حب لا متناه وأن الواحد هو الأفق الذي لا يمكن تجاوزه.
- إلى أستاذي العزيز جان لوباتيير الذي أدين له بالشيء الكثير.
                                                                                                                                          

الهوامش

* قد لا يكون من اللائق أن ننشر مقالة يرجع تاريخ كتابتها إلى حوالي عشرين سنة دون تحيينها بشكل كاف يعبر عن تطور فكر صاحبها. فقد اكتفينا بضربات مقص ولمسات طفيفة لحسن التخلص. ولو قيض لنا إعادة كتابتها لأصبحت بالتأكيد مختلفة تماما عما هي عليه الآن.  لكن ربما كان للتحف القديمة قيمة ما يدركها المولعون بحب القديم.

 (1)– نشير هنا على سبيل المثال إلى العملين الذين قام يهما:
- محمد نور الدين أ: الهوية و الاختلاف – في المرأة و الكتابة و الهامش، أفريقيا الشرق 1988.
- هيثم المناع: المرأة في الإسلام، دار الحداثة الطبعة الأولى 1980 .
وتجدر الإشارة أيضا إلى عملين آخرين يتطرقان للغة العربية بأسلوب متميز :
الطاهر لبيب : سوسيولوجيا الغزل العربي  (الشعر العذري نموذجا)  ترجمة مصطفى المسناوي، دار الطليعة عيون الطبعة الأولى . الدار البيضاء.
Abdelkebir  Khatibi: Maghreb  pluriel. Semer. Denoël   paris 1983
(2) – محمد نور الدين أفاية: الهوية و الاختلاف ، ص 94  .
(3)  نفس المرجع ص  .94
 (4) – نفس المرجع ص 94
(5) – نقترح هنا مفهوم "ممارسة التسمية" على غرار ما أطلق عليه ميشيل فوكو "الممارسة الخطابية «La pratique discursive »   طبعا مع مراعاة كل الاختلافات بين الاسم الذي هو مجرد كلمة وبين الخطاب.
 (6) – تتحدد دلالة كلمة ما- سيمانطيقيا- بعدد السيمات أو الوحدات الدلالية الصغرى التي  يتكون منها معنمها أو مدلولها .انظر على سبيل المثال التحليل السيمي عند غريماس             
Greimas, La sémantique Structurale. P.U.F. 1986
 (7) – من بين الدراسات العديدة التي ركزت على تحديد المعنى بالعلاقة القائمة بين الدليل والمرجع الذي يحيل عليه، يمكن الرجوع مثلا إلى:
Gilbert Durand : Figures   mythiques et visages de l’œuvre, Isberg international, collection l’île verte. pp. 37.38
(8) حول الفصل بين اللسان و الكلام يمكن الرجوع إلى: 
-Ferdinand de Saussure : Cours de linguistique générale . Payot p 30
-         Emile Benveniste : Problèmes de linguistique générale Tel Gallimard   pp 32.35
غير أن مفهوم اللسان هاهنا يختلف عن المفهوم الذي تدوول في الكتابات البنيوية حول اللغة. فاللسان كما سنوضح ذلك بعد قليل يستمد  دلالته أيضا من علاقته بالعالم .
(9) – وهذا ما سينقلنا إلى جوهر الإشكالية التي أثارها مشيل فوكو في  في كتابه " الكلمات والأشياء". انظر :
-Michel Foucault : les motes et les choses . Gallimard
(10) – من المبادئ التي يرتكز عليها المنهج الأركيولوجي اعتبار الخطاب - وهنا الدليل اللغوي- بمثابة أثر بدل اعتباره بمثابة وثيقة. و للمزيد من الإطلاع على مفهومي الأثر و الوثيقة، يمكن الرجوع إلى:
- Michel  Foucault : l’ archéologie du savoir . Gallimard
(11) – نرجو أن تسمح لنا الفرصة للعودة في موضع آخر، إلى مفهوم الدلالة الأثرية بشكل أكتر دقة وأكثر تفصيلا.
(12) يتحدث  بيير غيرو Pierre Guiraud في كتابه "السيميولوجيا" عن دلالة شبه مبررة بين الكلمات التي تنحدر من جذر واحد.
(13) حول مفهوم البراكسيم ينظر كتابات روبير لافون Robert Laffont
(14) – فهذا البياض يلزمنا باستخلاص  كل النتائج المنطقية المترتبة عن هذه الأطروحة .
(15) – حول إستراتيجية التفكيك عند الكبير الخطيبي يمكن إلى :
- A. Khatibi : Maghreb pluriel. Semer Denoël . PP 11/ 33
- محمد نور الدين أفاية : الهوية و الاختلاف صص 76 /121
(16) – محمد نور الدين أفاية: الهوية و الاختلاف ص 36 .
(17) – المرجع السابق. ص 36
(18) – المرجع السابق ص 94.
(19) -  كعادته ينظر الخطيبي إلى المؤسسات التي يسعى إلى خلخلتها و تأزيمها على اعتبارها ترتكز في العمق على أرضية ميتافيزيقية لذلك فإن التفكيك يجب أن يطال الصرح الميتافيزيقي الذي شيدته الثقافة العربية الإسلامية وهي نفس الإستراتيجية التي استحدثها  جاك دريدا بالنسبة  للفكر الغربي. انظر  مثلا :
 -  Jacques Derrida : l’écriture et la différence. Ed. Seuil 1967
  -   Jacques Derrida : De  la grammatologie , Ed Minuit 1972  
  - Jacques  Derrida :  Postions Ed Minuit 1967
عبد السلام بنعبد العالي : أسس الفكر الفلسفي المعاصر ( مجاوزة الميتافيزيقا) دار توبقال للنشر 1991 .
(20) – سورة مريم (19) الآية (33) هذا وتجدر الإشارة إلى أن عبارة " عيسى ابن مريم " وردت في مواضع عديدة من القرآن الكريم .
(21) – بهاء الدين الوردي: حول رموز القرآن الكريم، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1983، ص 74
(22) – حول مفهوم المؤشر التأويلي يراجع كتاب Tzvetan Todorov « Symbolisme et interprétation » Seuil  1978 .p 25. 36
(23) – إذا فحصنا القرآن الكريم جيدا لا نجد أثرا لهمزة القطع في كلمة ابن و كذلك الأمر في كتابات القدامى .
(24)- انظر لسان العرب لابن منظور
(25)- الزمخشري: أساس البلاغة.
(26)- جلال الدين السيوطي، المزهر في علوم اللغة و أنواعها، النوع السادس والثلاثون معرفة الآباء والأمهات والأبناء والبنات والأخوة والأخوات والأذواء والذوات.
(27) – سورة الكهف الآية 1.
(28)- من الأقوال الشهيرة لعبد الجبار النفري لا أذكر جيدا هل قرأتها في "المواقف" أو في "المخاطبات".
(29)- يقرأ بول ريكور التحليل النفسي على أنه نوع من أركيولوجيا الذات. انظر  كتابه القيم: Paul Ricœur, De l’interprétation, Essai
sur Sigmund Freud, Seuil,        1965
 (30)- Jean Chevalier&Alain Gheerbrant,
Dictionnaire des symboles, Editions Robert Laffont/Jupiter, Collection Bouquin, Paris, 1982, p741.
(31) يرجى مراجعة كتاب مصطفى صفوان
Le structuralisme en psychanalyse, Seuil
(32)- سورة القلم، الآية1

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة