نظرة عن كثب في معلقة الأعشى ـ هُمَام قبّانِي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

330492-19318-27السيرة الذاتية :
ميمون بن قيس بن جندل، من بني قيس بن ثعلبة الوائلي، أبو بصير، المعروف بأعشى قيس، ويقال له أعشى بكر بن وائل، والأعشى الكبير. من شعراء الطبقة الأولى في الجاهلية، وأحد أصحاب المعلقات. كان كثير الوفود على الملوك من العرب والفرس، غزير الشعر، يسلك فيه كل مسلك، وليس أحد ممن عرف قبله أكثر شعراً منه. وكان يغني بشعره، فسمي (صَنَّاجة العرب). قال البغدادي: كان يفد على الملوك ولا سيما ملوك فارس، ولذلك كثرت الألفاظ الفارسية في شعره. عاش عمراً طويلاً، وأدرك الإسلام ولم يسلم. ولقب بالأعشى لضعف بصره. وعمي في أواخر عمره. مولده ووفاته في قرية (منفوحة) باليمامة قرب مدينة (الرياض) وفيها داره. وبها قبره. أخباره كثيرة، ومطلع معلقته: ما بكاء الكبير بالأطلال = وسؤالي وما ترد سؤالي جمع بعض شعره في ديوان سمى (الصبح المنير في شعر أبي بصير - ط) وترجم المستشرق الألماني جاير بعض شعره إلى الألمانية، ولفؤاد أفرام البستاني (الأعشى الكبير - ط) رسالة.


تعريف / بمعلقة الأعشى
تحفل معلقة الأعشى بفيض من الصور والتشابيه والأوصاف الدقيقة اللينة لمفاتن المرأة وحوار الحب ولقاء المتعة وتصوير علاقات العشق الفاشلة، والحديث عن مجلس الشّراب مع الصحاب والقيان، حتى كاد موضوع الهجاء الموجه إلى يزيد بن شيبان، ولوم الشاعر له وافتخاره على قومه بالبلاء الأوفى بالحرب، والانتهاء إلى الوعيد والتهديد بالثأر، كاد هذا الموضوع، يأتي باهتاً، أضعف أثراً فنياً، من مقدمات الغزل والتشبيب ووصف مجالس الشراب. ولعل الشاعر، إذا ما بدأ بوصف مشية حبيبته بدا كأنه يقص علينا قصة هذا النوع من الوجود الأنثوي، انطلاقاً من طريقة سيرها كمرّ السحاب، وذلك البطء المغري في تهاديها، وذلك الكسل في أعضائها، وكيف تتناغم هذه الأعضاء، ويهتز المتن والكفل، حتى يكاد الخصر ينخزل. فهنا لا يطلق الشاعر مجرد أوصاف عامة على مصير الحبيبة، وإنما هو مفتون، ملاحظ أدقّ الملاحظة، لتفاصيل هذا السير العبق بالفتنة والأنوثة، يقصه متلذذاً، بتفاصيله المتحركة، كأنما يدعو السامع إلى مشاركته في هذا الافتتان. ويشرك الشاعر جميع حواسه، من البصر إلى السّمع، إلى الشم، في إبراز مفاتن حبيبته من خلال سيرها وقعودها وقيامها، ثم انبثاقها كالروضة المعطار.
ويقف القارئ عند مقطع فريد في هذه القصيدة، عندما يحاول الأعشى أن يبين فيه الحبّ الفاشل، وكيف أن المرء قد يعلق بفتاة لا تحبه بل تحب سواه، والآخر المحبوب قد لا يحبّها.. وكيف تتشابك مثل هذه العلاقات الفاشلة. وكأن الأعشى يكشف عن الجانب الآخر من حياة البشر، جانب الانفعالات وعلاقات الحب والصدود، حتى ذهبت هذه الأبيات مضرب المثل، لصدقها وواقعيتها، وانطباقها على أحداث الناس في الجانب العاطفي من حياتهم، ولبلاغتها في تركيز الصورة والحكمة معاً.
وحتى عندما ينتقل إلى وصف السحاب، فإنه يأتيه من خلال منظر قصصي، لا يفصله عن الإنسان، وعن وضع معيّن، هو وضع مجلس الشرّاب. وقد عصف البرق والرعد في السماء، ولكن أحداً من سكارى المجلس لا يكاد يعي عاصفة السماء، وهي حادثة نادرة في حياة الصحراء، تسترعي انتباه الناس عادة، وتجذبهم روعتها.
وكذلك يقص علينا الشاعر رحلته في صحراء موحشة، وكأنّه يعبُر بنا إلى منظر آخر من مجالس الشراب، وهنا يذكر لنا أنه سار إلى حانوت الخمار، يتبعه صبيّ وشاو، يصفه بعدة ألفاظ مشحونة، بالشنشنة (نسبة لتكرار حرف الشين فيها، شاو، مشل، شلول، شلشل، شول) وفيها مداعبة لغوية، وبراعة في الوقت ذاته، في جمع الألفاظ دون خلل في المعنى.. وفي المجلس تُدُوولت الكؤوس بين فتية شباب، ينهبون الّلذات دون دفع لقدر الغد. ويتحرك المنظر بتجوال الساقي، وموسيقى الضرب على الصنوج، وغناء القيان. ويخلق الشاعر هذا المنظر ببراعة الرّسام والقصاص معاً، فيأتي حياً مشعاً بجوّه وعبقه، وتجسيم أشيائه وأناسه. ولعل أقوى بيت في مقطع الهجاء، ذلك الذي أصبح هو الآخر مثلاً، وفيه يقول:
كناطح صخرة يوماً ليفلقها- فلم يضرها، وأوهى قرنه الوعل
فصار يتمثّلُ به كناية عن حماقة كل من يتصدى لمصاولة ما يفوقه قوة وصموداً.

شرح معلقة
قال الأعشى:
ودع هريرة إن الركب مرتحل
وهل تطيق وداعا أيها الرجل
قال أبو عبيدة: هريرة قينة كانت لرجل من آل عمرو بن مرثد، أهداها إلى قيس بن حسان بن ثعلبة بن عمرو بن مرثد فولدت له خليدا وقد قال في قصيدته:
صدت هريرة عنا ما تكلمـنـا
جهلا بأم خليد، حبل من تصل؟
والركب لا يستعمل إلا للإبل، وقوله وهل تطيق وداعا، أي أنك تفزع إن ودعتها.
غراء فرعاء مصقـول عـوارضـهـا
تمشي الهوينى كما يمشي الوجل الوحل
[قال الأصمعي] الغراء: البيضاء الواسعة الجبين، وروي عنه أنه قال الغراء البيضاء النقية العرض، والفرعاء الطويلة الفرع: أي الشعر [والعوارض الرباعيات والأنياب] تمشى الهوينى: أي على رسلها، والوجى يشتكي حافره، ولم يخف، وهو مع ذلك وحل فهو أشد عليه.
وغراء مرفوع لأنه خبر مبتدأ ويجوز نصبه بمعنى أعني، وعوارضها مرفوعة على أنها اسم ما لم يسم فاعله والهوينى في موضع نصب على المصدر وفيها زيادة على معنى مصدر.
كأن مشيتها من بيت جارتـهـا
مر السحاب لا ريث ولا عجل
المشية: الحالة، وقوله مر السحابة أي تهاديها كمر السحابة، وهذا مما يوصف به [النساء].
تسمع للحلي وسواسا إذا انصرفت
كما استعان بريح عشرقزجل
الحلي واحد يؤدي عن جماعة، ويقال في جمعه حلي، والوسواس جرس الحلي، إذا انصرفت: يريد إذا خفت، فمرت الريح، تحرك الحلي، فشبه صوت الحلي بصوت خشخشة العشرق على الحصباء.
ليست كمن يكره الجيران طلعتها
ولا تراها لسر الجارتختتـل
تختتل وتختل واحد [بمعنى تسرق وتخدع] فهي لا تفعل هذا.
يكاد يصرعها لولا تشددهـا
إذا تقوم إلى جاراتها الكسل
يقول لولا أنها تشدد إذا قامت لسقطت وإذا في موضع نصب والعامل فيها يصرعها.
إذا تلاعب قرنا ساعة فـتـرت
وارتج منها ذنوب المتن والكفل
ذنوب المتن: العجيزة والمعاجز مقر الوشاح.
[صفر الوشاح وملء الدرع] بهكنة
إذا تأتي يكاد الخصرينـخـزل
صفر الوشاح: أي خميصة البطن، دقيقة الخصر، فوشاحها يقلق عليها لذلك هي تملأ الدرع لأنها ضخمة، والبهكنة الكبيرة الخلق، وتأتى تترفق من قولك هو يتأتى لك لأمر، وقيل تأتى: تهيأ للقيام، والأصل تتأتى فحذف إحدى التاءين، تنخزل: تنثني، وقيل تتقطع ويقال خزل عنه حقه إذا قطعه.
نعم الضجيج غـداة الـدجـن
للذة المرء، لا جاف، ولا تقل
الدجن: إلباس الغيم السماء. وقوله للذة المرء كناية عن الوطء ويروى تصرعه. لا جاف: أي لا غليظ والتفل: المنتن الرائحة وقيل هو الذي لا يتطيب.
هركوكة، فنق، درم مرافقها
كأن أخمصها بالشوك منتعل
الهركوكة: الصخمة الوركين، الحسنة الخلق. وقال أبو زيد: الحسنة المشية، الحسنة الخلق والخلق،والفنق من النساء والإبل الفتية حسنة الخلق، وواحد الدرم: أدرم، والأنثى درماء: أي مرافقها درمة، ليس لمرفقها حجم، وجمع مرافق لأن التثنية جمع هنا، والأخمص باطن القدم، وقوله كأن أخمصها بالشوك منتعل معناه إنها متقاربة الخطو وقيل لأنها ضخمة فكأنها تطأ على شوك لثقل المشي عليها.
إذ تقوم يضوع المسك أصـورة
والزنبق الورد من أردانها شمل
ويروى آونة: جمع أوان قال الأصمعي: أصورة: تارات. وقال أبو عبيدة أجود الزنبق ما كان يضرب إلى حمرة فلذلك ما كان يضرب إلى حمرة قال والزنبق الورد طيبها. أردان جمع ردن، وهي أطراف الأكمام، [وشمل] يشتمل يقال شمل فهو شامل.
ما روضة من رياض الحزن معشبة
خضراء جاد عليها مسبلهطـل
رياض الحزن أحسن من رياض الخفض:
يضاحك الشمس منها كوكب شرق
مؤزر بعميم النبت مكـتـهـل
أي يدور معها حيثما دارت، وكوكب كل شيء: معظمه، والمراد به هنا الزهو، مؤزر: مفعل من الإزار، والشرق: الربان الممتلئ ماء. والعميم: التام الحسن؛ واكتهل الرجل إذا انتهى شبابه نكهة وشذا.
يوما بأطيب منها نشـر رائحة
ولا بأحسن منها إذ دنا الأصل
نشر منصوب على البيان، وإن كان مضافاً، لأن المضاف إلى نكرة نكرة ولا يجوز خفضه لأن نصبه وقع لفرق بين معنيين؛ لأنك إذا قلت هذا الرجل أفره عبدا في الناس وتقول هذا العبد أفره عبد في الناس فالمعنى أفره العبيد [والأصل جميع أصيل والأصيل من العصر إلى العشاء]، وخص هذا الوقت لأن الثبت يكون فيه أحسن ما يكون لتباعد الشمس، والفيء عنه.
علقتها عرضا وعـلـقـت رجـلا
غيري وعلق أخرى غيرها الرجل
تقدر عرضا منصوب على البيان كقولك مات هزلا وقتلته عمدا.
وعلقته فتـاة، مـا يحـاولـهـا
ومن يشي عمها منيت بها وهل
ويروي خبل، ما يحاولها: ما يريدها ولا يطلبها. هذا وروى ابن حبيب.
وعلقته فتاة، مـا يحـاولـهـا
من أهلها ميت يهذي بها وهل
وقال ما يحاولها هنا ما يقدر عليها ولا يصل إليها، ومعنى ومن بني عمها ميت: رجل ميت، والوهل الذاهب العقل كلما ذكر غيرها رجع إلى ذكرها لفتنته بها.
وعلقتني أخرى ما تلائمنـي
فاجتمع الحب حب، كله تبل
أي أحبتني امرأة، ولم أحبها لأنها لا توافقني على أمري.
وتبل أي وهل، وحب بدل مرفوع من الحب أو بمعنى كل حب تبل، ويجوز نصبه على الحال كأنك تقول جاء زيد رجلا صالحا.
ويروى فاجتمع الحب حبي كله تبل.
فكلنا مغرم بهذي بصاحبـه
ناء ودان ومخبول ومختبل
ويروى فكلنا هائم يهذي بصاحبه ورواة الأصمعي ومحبول ومحتبل بالحاء المهملة، وقال من رواه بالخاء فقد أخطأ، وإنما هو من الحبالة وهي الشرك الذي يصاد به.
أي كلنا موثوق عند صاحبه، وقال أبو عبيدة "صدت خليدة محبول ومحتبل" بكسر الباء أي مصيد وصائد.
صدت هريرة عنا ما تكلمـنـا
جهلا بأم خليد حبل من تصل؟
ورواه أبو عبيدة صدت خليدة عنا ما تكلمنا قال هي هريرة، وهي أم خليد. وقوله حبل من تصل؟ استفهام وفيه معنى التعجب. أي حبل من تصل إذا لم تصلنا ونحن نوردها.
أأن رأت رجلا أعشى أضر به
ريب المنون ودهر مفند خبل؟
ويروي مفسد وروى النحاس مفسد تبل، الأعشى هو الذي لا يبصر بالليل، والأجهر هو الذي لا يبصر بالنهار. والمنون: المنية، سميت المنون لأنها تنقص الأشياء وقال الأصمعي: واحد لا جمع له مذكر.
وقال الأخفش: هو جمع لا واحد له.
والمفند من الفناد وهو الفساد، ويقال فنده إذا سفهه ومنه [قوله تعالى] (لولا أن تفندون) وخبل من الخبال: وهو الفساد.
وقوله: أأن في موضع نصب والمعنى أمن أن رأت رجلا ثم حذف من، ولك أن تحقق الهمزتين ولك أن تخفف الثانية.
قال هريرة لما جـئت زائرهـا
ويلي عليك وويلي منك يا رجل
زائرها منصوب على الحال، ويقدر فيه النصب على أنه نكرة إلا أن الرفع أجود.
[لم تمش ميلا ولم تركب على جمل
ولم تر الشمس إلا دونها الكلـل]
[تمشي الهوينى كأن الريح ترجعـا
مشي اليعافير في جيئانها الوهل]
إما ترينا حفـاة لا نـعـال لـنـا
إنا كذلك ما نحفىونـنـتـعـل
أي إن ترينا نتبذل مرة ونتنعم أخرى فكذلك سبيلنا. وقيل: المعنى: إن ترينا نستغني مرة ونفقر مرة أخرى. وقيل المعنى: إن ترينا نميل إلى النساء مرة، ونتركهن أخرى. وحذف الفاء لعلم السامع والتقدير فإنا كذلك نحفى فتكون ما زائدة للتوكيد.
فقد أخالس رب البيت غفلته
وقد يحاذر مني ثم مايئل
ويروى: وقد أخالس، وقد أراقب، وقوله غفلته بدل من قوله رب البيت بدل الاشتمال ويئل: ينجو.
وقد أقود الصبا يوما فيتبعـنـي
وقد يصاحبني ذو الشرة الغزل
ويروى ذو الشارة الغزل، والشارة الهيئة الحسن.
وقد غدوت إلى الحانوت يتبعني
شاو مشل شلول شلشل شول
ويروى: شاو مشل نشول شلشل شمل. وروى أبو عبيدة شول على وزن فعل. والحانوت بين الخمار يذكر ويؤنث، والشاوي الذي يشوي والمشل بكسر الميم وفتح الشين المعجمة وهو الذي شل بيده، فهو يذهب به. وكذلك الشلول والشلشل مثل القلقل وهو المتحرك. وشول: وهو الذي يحمل الشيء يقال شلت به وأشلته، وقيل هو من قولهم فلان نشوان في حاجته: أي يعني بها ويتحرك فيها، وقد روى شول بمعناه إلا أنه للتكثير كقوله: قد لفه الليل يسواق حطم.
والنشول الذي ينشل اللحم برفق والشمل الطيب النعت والرائحة.
في فتية كسيوف الهند قد علموا
أن هالك كل من يحفى وينتعل
ويروى: أن ليس يدفع عن ذي الحيلة الحيل.
ويروى: الأجل، ويقال في جمع فتى: فتية وفتو وفتي وفتيان.
يقول هم في صرامتهم كالسيوف وأن موضع نصب.
نازعتهم قضب الريحان متكئا
وقهوة مرة راووقها خضل
نازعتهم حسن الأحاديث وطريفها، وقيل أي يحيي بعضهم بعضا. ويروى مرتفقا وهو بمعنى يتكئ.
والمرة والمرار التي فيها مرارة والراووق، والناجور ما يخرج من نفس الدن والخضل الندي.
لا يستفيقون منها الدهر راهنة
إلا بهات وإن علوا وإن نهلوا
أي مشربهم دائم ليس لهم وقت معلوم لشربهم، والراهنة الدائمة.
راهنة: ساكنة، وقيل: المعدة، وقيل راهبة وراهنة: وهي بمعنى واحد.
وقوله إلا بهات أي بقولهم هات، أي إذا أبطأ عليهم الساقي قالوا هات.
يسعى بها ذو زجاجات له نظف
مقلص أسفل السربال معتمل
النطف جمع نطفة وهي القرط، وقيل اللؤلؤ العظام، مقلص: مشمر - ويجوز نصب مقلص [على الحال من المضمر الذي في له والرفع أجود].
ومستجيب، تخال الصنج يسمعه
إذا ترجع فيه القينةالفضـل
المستجيب: العود إي أنه يجيب الصنج وقال أبو عمرو يعني بالمستجيب العود شبه صوته بصوت الصنج، فكأن الصنج دعاه فأجابه. وقال النحاس وقيل المستجيب ها هنا يعنى أنه يجيب العود والمعنى رب مستجيب. والتقدير: تخاله الصنج ثم حذف الهاء، ويروى ومستجيب لصوت الصنج.
وترجع تصوت من شدة إلى لين. والفضل التي في ثياب فضلتها وهي مباذلها والقينة عند العرب الأمة مغنية كانت أو غير مغنية.
والساحبات ذيول الـمـريط آونة
والرافلات على أعجازها العجل
ويروى ذويل الخز، آونة جمع أوان وهو الحين. والرافلات النساء اللواتي يرفلن ثيابهن أي يجررنها، وقوله على أعجازها العجل ذهب أبو عبيدة إلى أنه شبه أعجازهن لضخمها بالعجل، وهي جمع عجلة، وهي مزادة كالأداوة. وقال الأصمعي: أراد أنه يخدمنه معهن فيهن الخمر والساحبات في موضع نصب على إضمار فعل لأن قبله فعلا لذلك اختير النصب فيه ويكون الرفع بمعنى وعندنا الساحبات.
من كل ذلك يوم لقد لـهـوت بـه
وفي التجارب طول اللهو، والغزل
ويروى يوما على الظرف ويروى طول اللهو والشغل يقول لهوت في تجاربي وغازلت.
وبلدة مثل ظهر الترس موحشة
للجن بالليل في حافاتها زجل
أي مستوية معتدلة.
لا ينتمي لها بالقيظ يركبهـا
إلا الذين لهم فيما أتوا مهل
لا ينتمي لها: لا يسموا لركوبها، إلا الذين لهم فيما أتوا مهل وعدة يصف شدتها، والمهل: التقدم في الأمر والهداية قبل ركوبها.
جاوزتها بطليح جسـرة سـرح
في مرفقيها إذا استعرضتها فتل
الطليح: المعيبة، والفعل طلح يطلح طلحا وطلحا، والقياس إسكان اللام وفتحها أكثر، والسرح: السهلة السير، والفتل تباعد مرفقيها من جنبيها.
بل هل ترى عارضا قد بت أرمقه
كأنما البرق في حافاتهشـعـل
ويروى: أرقبه ويا من رأى عارضا، والعارض: السحابة تكون ناحية السماء وقيل السحاب المعترض.
له ردافٌ، وجوزٌ مفأم عمل
منطق بسجال الماء متصل
رداف: سحاب قد ردفه خلفه، وجوز كل شيء: وسطه، والمفأم: العظيم الواسع، وعمل: دائم البرق، ومنطق: قد أحاط به فصار بمنزلة المنطقة وقوله متصل أي ليس فيه خلل.
لم يلهني اللهو عنه حين أرقبه
ولا اللذاذة من كأس ولا شغل
ويروى ولا كسل ويروى ولا ثقل
فقلت للشرب في درنى وقد ثملوا
شيموا وكيف يشيم الشارب الثمل
درنى: كانت بابا من أبواب فارس، وهي دون الحيرة بمراحل، وكان فيها أبو ثبيب الذي ذكره في معلقته، وقيل درني باليمامة، وشيموا انظروا إلى البرق، وقدروا أين صوبه، والثمل: السكران.
(برقا يضيء على أجزع مسقطه
وبالخبية فيه عارض هطـل)
قالوا نمار فبطـن جـاءهـمـا
فالعسجدية فالأبلاءفالـرجـل
ويروى فالأبواء، وهذه كلها مواضع والرجل مسايل الماء واحدتها رجلة.
فالسفح يجري فخنزير فبرقته
حتى تدافع منه الربو فالحبل
ويروى فالسفح أسفل خنزير، والربو ما نشر من الأرض، والحبل جبل أو بلد.
حتى تحمل منه المـاء تـكـلـفة
روض القطا فكثيب الغينة السهل
ويروى حتى تضمن عنه الماء، ويقول تحمل روض القطا ما لا يطيق إلا على مشقة لكثرته، الغينة الأرض الشجراء وتكلفة في موضع الحال.
يسقي ديارا لها، قد أصبحت غرضا
زورا تجانف عنها القودوالرسل
الغرض: الأمطار، يروى عزباً أي عوازب، وزورا: ازورت عن الناس. القود: الخيل، والرسل القوط: وهو القطيع من الغنم يريد أنهم أعزاء لا يغزون قد تجانف عنها الخيل والإبل.
أبلغ يزيد بني شيبان مألكة
أبا ثبيب أما تنفك تأتكل؟
تأتكل: تأكل لحومنا، المألكة بالهمزة الرسالة والائتكال: الفساد والسعي بالشر، وقيل تأتكل: تحتك من الغيظ، وقيل تحتك فتتوهج من الغضب.
ألست منتهيا عن نحت أثلتـنـا
ولست ضائرها ما أطت الإبل
أثلتنا: أصلنا وعزنا، كما تقول مجد مؤثل قديم له أصل والتأثل أصل المال قال.
ولكنما أسعى لمـجـد مـؤثـل
وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
كناطح صخرة يوما ليفلـقـهـا
فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل
أي تكلف نفسك ما لا تطيق وما لا تصل إليه، ويرجع ضره عليك، والوعل بفتح الواو وكسر العين، ويجوز ضمها مع سكون العين، وهي الأيل بفتح الهمزة وكسرها، وضمها، وتشديد الباء. والأنثى أروية، والجمع أروى.
[لأعرفنك إن جد الـنـفـير بـنـا
وشيب الحرب بالطواف واحتملوا]
تغري بنا رهط ابن مسعود وإخوته
عند اللقاء فتردي ثمتـعـتـزل
أي تغري بيننا وبينهم كأنه التصق بيننا العدواة من الغراء وتردي تهلك، يقال ردي إذا هلك وأرداه غيره برديه.
لأعرفنك إن وجـدت عـداوتـنـا
والتمس النصر منكم عوض تحتمل
عوض اسم للدهر، ويروى بفتح الضاد مثل حيث وحيث.
يقول لأعرفنك إن التمس النصر منك دهرك، واحتملوا أي اذهبوا، من الحمية والغيظ وتحتمل أي تذهب وتخلي وقومك.
تلزم أرماح ذي الجدين سورتنا
عند اللقاء فترديهموتعتـزل
ويروى.
تلحم أبناء ذي الجدين إن غضبوا
أرماحنا ثم تلقاهم،فتعـتـزل
تلحم: تجعلهم لحمة، أي تطعمهم إياهم وذو الجدين قيس بن مسعود بن خالد أسر أسيرا له فداء كثير فقال رجل: أنه لذو جد في الأسر، وقال آخر إنه لذو جدين فصار يعرف بهذا. والسورة: الغضب. ويروى شوكتنا وهو السلاح.
لا تقعدن وقد أكلتها حطـبـا
تعوذ من شرها يوما وتبتهل
أكلتها: أججتها، تبتهل تدعو إلى الله من شرها.
سائل بني أسد عنا فقد عمـلـوا
أن سوف يأتيك من أبنائنا شكل
شكل: أي أزواج: خبر ثم خبر وشكل اختلاف، وأن هذه التي تعمل في الأسماء خففت وسوف عوض، والمعنى أنه سوف يأتيك ولا يجوزها هذا إلا مع سوف والسين.
ويروى من أيامنا شكل أي أيامنا المتقدمات وما فيها من حروب.
واسأل قشيراً وعبد الله كـلـهـم
واسأل ربيعة عنا كيف نفتعـل؟
إنا نقاتلهم حتـى نـقـتـلـهـم
عند اللقاء وإن جاروا وإن جهلوا
ويروى أن بفتح الهمزة على البدل من قوله، فقد علموا أنه سوف، والكسر أجود على الابتداء والقطع عما قبله، ويروى ثمت نقتلهم، فمن روى ثمت نقتلهم أنث ثم جعل تأنيثها بمنزلة التأنيث الذي يلحق الأفعال بها في الوقف كما يفعل في الأسماء.
قد كان في آل كهف إن هم احتربوا
والجاشرية ما تسعىوتنتـضـل
ويروى إن هم قعدوا، ولم يطلبوا بثأرهم، فقد كان فيهم من يسعى، وينتقم لهم والجاشرية امرأة من إياد. وقيل بنت كعب بن مامة يقول قد كان لهم من يسعى فما دخولك بينهم، ولست منهم؟
إني لعمر الذي حطت مناسمها
تحذى وسبق إليها الباقر الغيل
هذه رواية أبي عمرو، ويروى أبو عبيدة "مناسمها له وسيق إليها الباقر العثل" حطت اعتمدت في زمامها، قال حطت معناه أسرعت، وسيقت بمناسمها التراب، وتحذى تسير سيرا شديدا فيه اضطراب لشدته، والباقر: البقر، والغيل جمع غيل: وهو الكثير وقيل جمع غيول، والعثل الجماعة يقال عثل له مهرها إذا كثر.
لئن قتلتم عميدا لم يكن صددا
لنقتلن مثله منكمفنمتثـل
الصدد: المتقارب، فنمتثل أي نقتل الأمثل فالأمثل، وأماثل القوم خيارهم.
لئن منيت بنا عن غب معركة
لا تلفنا من دماء القومننتقل
ويروى وننتقل أي ننتقي، ومنيت: ابتليت، والانتقال: الجحود. أي لم ننتقل من قتل قومك ولم نجحد، ويروى وإن مننت.
لا تنتهون ولا ينهى ذوي شطـط
كالطعن يهلك فيه الزيت والفتل
ويروى أتنتهون؟ وهل تنتهون؟ الشطط: الجور والفعل منه أشط ويهلك فيه الزيت أي يذهب فيه لسعته.
المعنى لا ينهى أصحاب الجور مثل طعن جائف يغيب فيه الزيت والفتل.
حتى يظل عميد القوم مرتفقا
يدفع بالراح عنه نسوة عجل
العجل جمع عجول، وهي الثكلى، أي حتى يظل سيد الحي تدفع عنه النسوة بأكفهن لئلا يقتل لأن من يدفع عنه من الرجال قتل.
وقيل تدفعن لئلا يوطأ بعد القتل.
أصابه هندوانـي، فـأقـصـده
أو ذابل من رماح الخط معتدل
قصده أي قتله مكانه.
كلا زعمتم بأنا لا نقاتلكم
إنا لأمثالكم يا قومنا قتل
قتل: جمع قتول.
نحن الفوارس يوم الحنو ضاحية
جنبي فطيمة لا ميل ولا غزال
ضاحية أي علانية، قال أبو عمرو وابن حبيب فطيمة هي فاطمة بنت حبيب بن ثعلبة، والميل جمع أميل، وهو الذي لا يثبت في الحرب. والأصل فيه أن يكون على فعل مثل أبيض وبيض، والعزل يجوز أن يكون بني الاسم على فعيل ثم جمعه على فعل كما تقول: رغيف ورغف وحكى ابن السكيت: رجال عزلان كرغيف ورغفان، والأعزل هو الذي لا رمح له.
وقال أبو عبيدة هو الذي لا سلاح له، وإن كان معه عصا لم يقل له أعزل، ويقال معزال على التكثير.
قالوا الطراد فقلنا تلك عاداتنا
أو تنزلون فإنا معشر نزل
قالوا الركوب إن طاردتم بالرماح فتلك عادتنا، أو تنزلون لتجالدوا بالسيوف فإنا نجالدكم أيضا.
قد تخضب العير من مكنون فائله
وقد يشيط على أرماحناالبطل
العير: السيد والمكنون: الدم، الفائل عرق يجري من الجوف إلى الفخذ وقال أبو عمرو المكنون: خربة في الفخذ والفائل لحم الخربة، والخربة والخرابة دائرة في الفخذين ليس حواليه عظم، وإذا كان في الساق: قيل له النسا ويشيط يهلك، وقيل يرتفع وأصله في كل شيء الظهور.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر
-    موقع الأرقام / رابط الموقع
-    http://www.alargam.com/
-    القصيدة / موقع الأدب العربي قسم العصر الجاهلي رابط الموقع
-    https://al3rbe.com/poetry
-    موقع النخبة رابط الموقع
-    http://www.sudanelite.com/
-    مدونة الأدب العربي رابط الموقع
-    www.facebook.com/homamkabany2011

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة