محمود رأفت ورقصته على( شبر مَّيه) ـ ممدوح مكرم

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

قليلةٌ هي العناوين التي تشد المتلقي؛ خاصةً في زمننا الذي اختلط فيه الحابل بالنابل، والغث بالسمين، والمزيف بالحقيقي؛ وذلك مرتبطٌ بغيابِ حركة ٍنقدية ٍحقيقية ٍتؤطرُ للإبداع وتحاول أنْ تواكب هذه الكثرة  على الساحة الأدبية  وبشكل خاص على مستوى قصيدة العامية.[ رقصة على شبر ميَّه] عنوان ديوان للشاعر: محمود رأفت ابن محافظة الدقهلية، ومحمود رأفت شاعر  في عقد العشرينات من عمره، ولكن رغم ذلك هو صاحب تجربة فريدة في قصيدة العامية وفي الرسم، إنه شخصٌ متعدد المواهب. تتميز قصيدة محمود بخفتها ورقتها وشجونها وآلامها، وكذلك بإيقاعها وموسيقاها الصاخبة أحيانا كثيرة، هي قصيدةٌ غنائيةٌ أيضًا، قصيدة محمود تعكس توترنا في زمن العولمةِ، وزمن اللامعنى، تعكسُ هذه المسوخ التي تحيطُ بنا، ولذلك تأتي أحيانا قصائد حادة أو عبثية، أو حتى ساخرة بمنطق عبثي ٍ لا مبالي، من يتابع محمود سيدرك ذلك.
وديوان [رقصة على شبر ميَّه ]هو ديوان فاز بجائزة الشهيدة شيماء الصباغ (الجائزة الأولى للإبداع الشعري في العام 2016م)  وصدر عن ك ت ب للنشر، ودار ابن رشد، وصدر  الديوان عام 2017م، ويضم الديوان  33 قصيدة ( ليست مرقمة أو مفهرسة). و العنوان لافتٌ وجاذبٌ للمتلقي( لذلك قلتُ  في البدء: قليلةٌ هي العناوين التي  تشد المتلقي) فماذا عن الرقص؟ وحتى ندلف إلى الديوان يجب أنْ نكونَ ماهرين في الرقص، خاصة إذا كان الرقصُ على شبر ماء، الموضوع سيكون أصعب كثيرا!!

هناك مثل شعبي يقول: " يغرق في شبر ماية" كناية عن الشخص(اللخْمَة) الذي يضرب أخماسا في أسداس، ولا يعرف ماذا يفعل في المواقف البسيطة حتى؟! فما بالك لو كان الرقص على شبر ماية؟! الماء كما هو معروف= الحياة، فهل الرقص على شبر ماية= الحياة كذلك؟ سنحاول أنْ نجيب على التساؤل من خلال قراءة في هذا الديوان، المكتوب بالعامية المصرية.

عتبات النص
بمجرد أنْ يعانق بصرك الديوان، ستطالعك تلك اللوحة على غلاف الكتاب الأول، وهي تمثل  فتاة راقصة أشبه بفتيات الأساطير، واللوحة متماشية مع عنوان الديوان. أما عن العنوان: سنجد اسم الديوان هو عنوان لقصيدة داخله رقم 29(صـ 55-57)، وصدى آخر للعنوان في قصيدة: ولقيتني(رقم:30، صـ 60) يقول الشاعر:
وأنا لوحدي  في البراح أراجوز
برقص برجلي فوق سدايب قش
ورِجل تانية في شبر ماية تعوم
وهناك ظل آخر للعنوان في قصيدة : وماكنش لازم أنحني للوقت( رقم 27، صـ 53،52) :
يا وطن..
المشكلة هنا:
إني دايما
أعدي البحر
وأتبل
وأخرج منه
ومتعلمش العوم
البحر- العوم مرتبطان بالماء، وهناك القصيدة رقم 16(صـ 33) التي تحمل عنوان: في إسكندرية، فإسكندرية تستدعي البحر بمجرد سماعها أو قراءتها، وفي قصيدة ف الفجر (رقم: 15، صـ 32) يقول الشاعر:
في الفجر
تولد ضيها للكون
والبحر يرمي حموله
عالدكة
وفي قصيدة  محتاج يا ليل ( رقم14، صـ 30):
حنين الحب
بيغير
ملامح حبنا
بشبرين
لفظة ( شبرين) وعلاقتها بشبر( في عنوان الديوان)، وهكذا سيلحظ القارىء بعض العلاقات الدلالية بين العنوان وظلاله في باقي الديوان، ونترك لكم استخراج ظلال آخرى. وعندما نفكك العنوان نجده:
رقصة: والرقص معروف= حركات الجسد بإيقاع معين، ومصاحب لإيقاع معين، والرقص في الإطار الثقافي السائد في مجتمعنا غير مستحب ، وغالبا ما يُنظر للراقصات وللرقص نظرة دونية، بسبب الموقف السلبي من الجسد باعتباره (تابو) لا يجوز إظهار مفاتنه وخاصةً الحركية منها للنساء والرجال على السواء.
على: معروف إنه حرف جر، يفيد الاستعلاء .
شبر ماية: شبر وهي أصلا كلمة فصيحة تشير  إلى: التقارب في الخَلْق، فيقال : رجلٌ قصير الشبر: أي متقارب في خلقه= أي أنَّ هيئته متناسقة( صحاح الجوهري، مادة شبر صـ 580)، وفي اللغة الدراجة تُقال كمقياس، نقول مثلا: طوله خمس تشبار،فالشبر = مقدار أصابع اليد الواحدة مفرودة في المسافة الممتدة بين الإصبع الخُنصر إلى الإصبع الإبهام.
الماية: معروفة. شبر ماية: يعني كمية صغيرة جدا من الماء!!
إذن نحن نرقص على شبر ماية، وهو عنوان يحمل تناقضا في داخله( نقصد تناقضا بالمعنى الإيجابي) فالرقص أصلا يشي بالفرح والسعادة والسرور كما جرى العرف، ولكنْ أنْ يكون شبر ماء هو تعبير عن ضيق شديدٍ جدا، وبالتالي يكون الرقص هنا مؤلمًا، يكون عبثيًا، وهو الغالب في الديوان. في أولى القصائد( مبكتش عيوني صـ 9) يقول:
مبكتش عيوني
لفرط الدهشة
في وسط الصدمة أكيد
ولا طلعت روحي
لأنها طلعتْ
قبل الموت بساعات
سنلاحظ  عنوان القصيدة: مبكتش عيوني، وفي قصيدة : أنا حالي يشبه حال كتير(رقم2، صـ 11)
.....
....
إنْ المحبة غالبا
يصحبها
حبة عكننة
وفي ذات القصيدة:
كترت دموع قلبي الشراقي
المرتوي بالنار صغير
وتتأكد المأساة المرتبطة بالعنوان أكثر في ذات تلك القصيدة عندما يقول:
أنا عودي أصبح منكسر
يا دمعتي الرافضة النزول
برقص يوماتي
عالأمل والارتياح
كل الهنا
مقدور له إنه
ينطوي
حتما يزول
مشنوق بشوقه ولهفته
وحكايته يحكيها البراح
وفي قصيدة: احترت، صـ 14:
الموت بيحكم مملكة
من تعبيرات
حبة صور
وأرواح بتخنق حلمها
وتْكَمكِمه
وفي: ليه تستخبي من رموش  البلد، صـ 18 يقول: مالقيتش غير برواز مكسر عالحيطان، وهكذا ستستمر تلك التيمة حتى آخر الديوان، ستجد أصداء للحزن والألم وخيبة الأمل، هذه الأصداء ممزوجة ببعض العبثية أحيانا، والرومانسية أحيانا أخرى، وخيبة الأمل التي تقطر من بين حروف الديوان.
يا وطن  مالكه طابور العيش
يا وطن طابور
من غير طوابير
يا وطن المشكلة هنا
إني دايما أعدي البحرواتبل
وأخرج منه
ومتعلمش العوم
(صـ53،52)
ويتأكد أكثر مع قلناه مع قصيدة العنوان( أي رغم ظاهرية ما يشي به العنوان من فرح مرتبط بالرقص، إلا أنَّ الرقص هنا يرتبط أكثر بالألم، وهو تعبير عن ضيق شديد= شبر ماية، مرتبط بأزمة الذات الشاعرة) فيقول في قصيدته: رقصة على شبر ماية(صـ 55-57):
فات الزمان فيا
فات الهوى فيكم
احترت أمثل غنايا
ولا ابكيكم؟!
هنا تعبير عن هذا الاغتراب والضيق والعبث، ويكمل:
ضل النشيد مني
سابني الكلام عالعضم
قلت: أما أعزيني
فجريت أعزيكم
من  خلال استعراض العناوين وعلاقتها بالمضامين النصية، والدلالات وجدنا أنَّ رقصة على شبر ماية كعنوان ( رغم ارتباط الماء بالحياة، والرقص بالفرح) نجد العكس تمامًا: الغالب على الديوان هو حزنٌ شفيف، شعوريوخز الوجدان بحدة بأننا أمام بكائيات رقيقة، تسبب فيه تلك الاغترابات الذاتية للذات الشاعرة، وحتى اغتراب الموضوع ذاته عن ذاتهِ( بتعبير فينيومينولوجي= ظاهراتي). وقبل أنْ نغادر نلفت نظر القارئ لباقي العتبات، فهناك إهداء إلى:
أمي
إزاي أنام دلوقت يا أما
ولسة طعم الفرحة في عيونك مجاز
أبي
عودي الشديد.. يسندني بالأكتاف.. وأنا مايل.
علمني فك الخط..و الشوق والمحبة
نور ربنا عالأرض
أصحابي
ويل لكم إنْ عاندني القلم
وفي صـ 7، يخاطب الشاعر القراء، في صفحة مفردة:
أتمنى تلاقوا روحكم معايا
وتاليا يقول بلغة فصيحة صـ 8:
يا سيدي
هم معذورون
هم يصنعون لأنفسهم آلهة في الشعر
ويسجدون لقصيدهم..
والصفحتان الأخيرتان من الديوان عبارة عن تعريف بالشاعر. والغلاف الأخير: صورة الشهيدة شمياء الصباغ( وهي مناضلة يسارية قتلها ضابط في إحياء ذكرى يناير 2014م)  وهي التي سُميت الجائزة باسمها التي حصل عليها الشاعر عن هذا الديوان، بالإضافة إلى صورة الشاعر. ملاحظة أخيرة متعلقة بالعناوين: العنوان في هذا الديوان جزء لا يتجزأ من نسيج  القصيدة( فيما عدا : قصيدة الرقص على شبر ماية) نقصد بذلك: أنَّ كل قصيدة تبدأ بعنوانها وتدلف للقصيدة مباشرة، وكل عنوان مشار إليه بعلامة ( *) مثلا  قصيدة نور اشتعالك( *نور اشتعالك) تقرأ هكذا:
*نور اشتعالك
كان مسد
وخلقنا  لقلوبك وتد
أي تصل العناوين مباشرة بما يأتي بعدها، وكأن  الديوان لم يكن معنونا، فتم عنوته بفواتح القصائد، وتم التمييز بين العنوان والقصيدة بعلامة: *  في كل القصائد فيما عدا(رقصة على شبر ماية) ولست متأكدا هل ذلك من تصرف الشاعر ورؤيته أم تصرف دار النشر؟ وهي ظاهرة لافتة وجميلة  وجديدة، لم نلحظها سابقا.
الجماليات الفنية في رقصة على شبر ماية
سنركز تحت هذا العنوان على:- اللغة- الصورة الشعرية-الإيقاع- الإحساس، وسنفصل كل نقطة على حدة، والاستشهاد ببعض الأمثلة.
1-    اللغة:   أول ما يطالعنا في الجانب المتعلق باللغة: التكثيف وهي ميزة أساسية لديوان: رقصة على شبر ماية، وذلك يعكس وعي الشاعر بأهمية التكثيف وضرورته سواء على مستوى الألفاظ(اللغة) أو على مستوى الحالة الشعورية، بل بمراجعة الديوان ستجد هناك قصائد قصيرة جدا لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة( يمكن أنْ نسميه قصيدة فلاشية – لو جاز التعبير-). مثلا قصيدة: احترت صـ 14، تتكون من ثمانية أسطر شعرية، ويظهر فيها التكثيف على مستوى الكلمات، وعلى مستوى الحالة الشعورية:
إحترت
أقدم خطوتي؟
ولا ألِّم المشي لعيونك
فب قلبي والجِّمه؟
الموت بيحكم مملكة
من تعبيرات
حبَّة صور
وأرواح بتخنق حلمها
وتكَمْكِمُه
هذه قصيدة كاملة، وهي تمثل النموذج الأمثل للتكثيف، نموذج آخر: قصيدة: كتير بتملانا الظنون صـ 21(ستة أسطر شعرية).
كتير بتملانا الظنون
ونعيش
فـ حضن الاحتمال
لكن أكيد
القرب من روحك يساع
كل الجمال
وقصيدة: مفيش في إيديا غير أحلام، صـ 25( أربعة أسطر شعرية فقط)
مفيش في إيديا غير أحلام
وتمن كلام بقزقز فيه
وقلب حبيتي سكر خام
وروحها بتعشق الإفيه
وهكذا بطول الديوان وعرضه، يعتبر التكثيف العنصر الأبرز داخل اللغة، ولذا امتازت لغة الشاعر بالبساطة والانسيابية والرقة والخفة؛ فتشعرك بالألفة مع القصائد( سحبت مني الشوق/ وسط المواعيد- برقوق بيشنق لذته/ ويمدها لبرقوقة عايقه- يا لسعة البرد الشقية- تحت المخدة إيدين بتلاعب صوابعي- شعرها قمح مصري بيغني النشيد- ماتعدش الحب الطري....إلخ) هذه البساطة وهذا التكثيف ساعدا على إبراز جانب الصدق الفني من خلال لغة الشاعر ومعجمه الشعري، وقدرته الجيدة على توظيف العامية المصرية( والتي تتميز أصلا بجمالها وسرعة التفاعل معها) وهذا قطعًا أعطى دفقة شعورية عالية لكل قصيدة من قصائد الديوان الـ 33.
2-    الصورة الشعرية:   تعتبر الصورة الشعرية من أهم عناصر القصيدة، سواء في العامية أو الفصحى، الصورة الشعرية هي مخزون الشاعر وطاقته من المعاني التي يريد أنْ يصورها في قالب فني مرتبطةً بحسه الوجداني المرهف وتجربته الشعرية، وأزمته كذات وموضوع على السواء.
لم يخل  الرقص على شبر ماية من بعض الكلشيهات المكررة في شعرنا مثل: والحق بيشق الظلام، صـ 15، لساها أجمل من ملاك، ذات الصفحة، وتهجري الأوطان، صـ 17، بشوق يشبه لإمبارح، صـ 24، ولاقيتني بغرف من تراب البلد، صـ 58. وقد يكون السبب في ذلك هو غلبة الغنائية على الديوان بشكل عام؛ لكنَّ ذلك لم يمنع من قدرة الشاعر على نحت صور جديدة، وحتى مفارقات مدهشة، محملة بإيحاءات تجعلنا لا نقف فقط عند حدود البنية السطحية للقصيدة.مثلا:
يمكن الأحلام تدوسني  في معترك/ واكتب لطعم النوم قصيدة، جعل الأحلام كشيء مخيف يدهس الذات الشاعرة، وعطف عليها : واكتب لطعم النوم قصيدة؛ كتعبير مبطن عن شدة الأرق(بنية عميقة ) قصيدة: من جهلي، صـ 42، وفي قصيدة: إرسميني، صـ 50: إرسميني على خدود الصبايا رق/ مشتاق للأيادي تحن ارتباط الرق(آلة إيقاع في التخت العربي) مع الرقص(الرقص على شبر ماية) فكانت صورة جميلة( رق مرسوم على خدود الصبايا ينتظر من  من يضرب عليه) إنه تعبير عن حالة حنين وشوق واغتراب شديدة جاءت مكثفة في هذه الصورة. ومن الصور الملفتة أيضًا في الديوان في قصيدة: النظرة كافية،صـ 19: النظرة كافية/ تقزقز الروح/ والكلاكس بيسحب الأنظار. و في ذات القصيدة مقطع جميل رغم بساطته لكنه كان عميقا في إحساسه:
لساني فاكر:
ضمتك لشفايفي
بعيونك
وقلبك خادم الحرمين
لفَّيت في عمرك كام سنة؟!
واحد وعشرين طواف؟!
ولسة ناوي أولِّ للقبلة الشريفة
محبتي
ده:
لو يشاء الرب
فهذا المقطع من القصيدة هو روحاني، يتميز بصفائه، رغم بدايته بشكل لذائذي/ حسي، إلا إنها لذائذية روحانية تقود إلى الروح وليس الجسد! استخدام الجسد للوصول إلى الروح.إذن الصورة الشعرية في الديوان ذات أبعاد عدة، ومختلفة، رغم وجود بعض كلشيهات وعبارات مباشرة، إلا أنَّ ذلك يعود إلى الغنائية، وهو ما يتطلبه الرقص في حد ذاته.
3-    الإيقاع: الرقص يرتبط أشد الارتباط بالإيقاع، فلا رقص بلا إيقاع، لا إيقاع بلا رقص، فكان الديوان عبارة عن حركات راقصة= القصائد، لتعطينا الرقصة الأكبر(رقصة على شبر ماية)، الشاعر يتميز برهافة الحس الموسيقي فهو متصالح مع الوزن والعروض، وكان يلجأ فضلا عن تقليدية الوزن المعروفة في تراثنا الشعري، للتقفية، واستخدام كلمات متقاربة في مخارجها( صناعة الجناس والسجع جعلنا نشعر بموسيقى أحيانا صاخبة تجعل الوجدان برقص من داخله) وهذا إنْ دل يدل على قدرة الشاعر على تطويع الكلمات، واستخراج موسيقاها، وللعلم شاعرنا يكتب الأغنية كذلك، وهو يفسر ثانية الغنائية الغالبة على الديوان والتكثيف الذي ظهر به، والبساطة والرشاقة مع عمق الإحساس وحسن التصوير والتعبير.وسنأخذ نماذج سريعة لندلل على كلامنا حتى لا يكون تقريريا:
قصيدة الرقص على شبر ماية،صـ 55 :
تاه الكلام
تهنا
توِّهنا
تهتهنا
تاه- تهنا- توهنا- تهتهنا: القرابة اللفظية بين الكلمات جعلت هناك موسيقى جميلة، يعزفها حرفا الـ هاء والنون بقيادة التاء. وفي ذات القصيدة التضاد بين: فحت( فحت بالعامية المصرية تعني حفر) وردم. و: لفرط الدهشة / في وسط الصدمة/ أكيد(صـ 9) لاحظة العلاقة بين الدهشة والصدمة.أيضًا: من القلوب المؤمنة/إنْ المحبة غالبا/ يصحبها/ حبة عكننة(صـ 11) المؤمنة وعكننة. وقصيدة العنوان مرة أخرى نأخذ على الشاعر كتابة السطر الشعري: والمعركة جوانا قايدة ما بتهدا كان حريا به وجريا على الإيقاع الذي اختطته لنفسه أنْ يكتبها هكذا:
والمعركة جوانا
قايدة ما بتهدا
حيث يتوزع الإيقاع والموسيقى بشكل جيد ومع الدفقة الشعورية للأسطر الشعرية، وكذلك في سطر: والساعة بتلف العقارب، والحديد ع الفحم، كان يجب:
والساعة بتلف العقارب
والحديد ع الفحم
4-    الإحساس:  نبهنا القارىء  العزيز في السابق أنَّ من ضمن ميزات الديوان هو الإحساس الوجداني العالي، فالشاعر يختزن طاقة وجدانية عالية؛ جعلت الديوان على بساطة صوره ولغته أكثر حرارة؛مما أضفى تأثيرية عالية، مصدرها هو صدق الشاعر ومعاناته من ناحية، وقدرته على التعبير عن ذلك وتصويره بشكل فني عال من ناحية أخرى، ونؤكد أيضًا على الطابع الغنائي والذاتوي الذي أفضى إلى هذه الحرارة الوجدانية التي تلهب  وجدان من يقرأ هذا الديوان.
أنا عودي اصبح منكسر
يا دمعتي الرافضة النزول
قلبي اللي كان
يرقص يوماتي
ع الأمل والارتياح
كل الهنا
مقدور له إنه
ينطوي
حتما يزول
مشنوق بشوقه ولهفته
وحكايته يحكيها البراح
نتمنى في النهاية أنْ نكون قد استطاعنا الرقص على شبر ماية مع محمود رأفت، تحية له كشاعر وكصديق.

ممدوح مكرم
باحث في العلوم السياسية، شاعر وناقد أدبي.
أبنوب/ أسيوط في: 1 آذار(مارس) 2018م.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة