لقد أسهم في نقد مثل هذه الطرق جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وتلامذتهما جميعا، كما أن الثورات الإسلامية اصطدمت ببعض الطرق الصوفية، وبعضها أصدر فتاوى بتحريمها ومنعها بالقوة. وقد كتب الشيخ محمد رشيد رضا كتابا ضد بعض الطرق الصوفية أسماه "الحكمة الشرعية في محاكمة القادرية والرفاعية".
أسهم الشيخ أبو الثناء الألوسي وحفيده الشيخ محمود شكرى الألوسي صاحب تفسير "روح المعاني" إسهاماً كبيراً في الرد على فلسفة "الحلول والاتحاد _ وحدة الوجود" وتبيان مخالفتها للإسلام.
واشرك في الحملة على هذه الفلسفة كما يذكر الأستاذ أنور الجندي علماء كثيرون منهم الشيخ عبد الله السنوسي، والشيخ المهدي الوزاني وعبد الحميد بن باديس وغيرهم.. ويقول الدكتور صادق أمين أن المقصود "بالحلول والاتحاد" هو: "حلول الذات الإلهية واتحادها بالمخلوقات" ويواصل قائلا: "ومن هنا يعتبر أغلب أهل السنة هذا كفرا اعتقاديا أخطر من أي كفر عملي".
وأصدر الشيخ محمود شلتوت عددا من الفتاوى ضد بعض اتجاهات التصوف.
ويكشف الأستاذ محمد فهمي عبد اللطيف. في كتابه "السيد البدوي ودولة الدراويش في مصر"، عن مدى انتشار الطرق الصوفية في صفوف الجماهير. وكيف دأب حكام مصر في الماضي القريب على استرضائها، ويذكر أن الأزهر خسر عدة جولات في مواجهتها بسبب نفوذها الشعبي، ويقول أن الشيخ محمد رشيد رضا حاول مع بعض قادتها إقناعهم بالتخلي عما يعتقده بدعا وضلالات والتمسك بالتصوف الإسلامي الأصيل. ولكنه عاد فيئس من إصلاحها ويذكر الأستاذ أنور الجندي أن الشيخ أبا الثناء الألوسي عمل أيضا على التقريب بين الفقهاء والصوفية.
أما من جهة أخرى فقد ثارت حملة ضد بعض الطرق الصوفية التي تعاونت مع الاستعمار. ويذكر الأستاذ أنور الجندي أسماء شيوخ بعض تلك الطرق مثل عبد الحي الكتاني وعبد الرحمن الدرقاوي اللذين تعاونا مع الفرنسيين ضد ثورة عبد الكريم الخطابي في المغرب. ويشير إلى الطريقة التيجانية التي حاربت الأمير عبد القادر الجزائري في الجزائر، وإلى الشيخ الدمرداش الذي تعاون مع الاستعمار في مصر، وكان الأمير شكيب أرسلان قد أشار إلى تعاون بعض الطرق مع الفرنسيين ضد ثورة الأمير عبد الكريم الخطابي.
جاء في القانون الأساسي لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين: "اعتقاد تصرف أحد من الخلق مع الله في شيء ما شرك وضلال، ومنه اعتقاد الغوث والديوان"، وأن بناء القبور، ووقد السرج عليها، والذبح عندها لأجلها، والاستغاثة بأهلها ضلال من أعمال الجاهلية ومضاهاة لأعمال المشركين، "والأوضاع الطرقية بدعة لم يعرفها السلف ومبناها كلها على الغلو مع الشيخ والتحيز لأتباعه.." ويروى عن الشيخ محمد بشير الإبراهيمي أنه اتفق مع عبد الحميد بن باديس في 1230ه، 1912م أن الجزائر تعاني من استعمارين مشتركين يؤيد أحدهما الآخر وهما "استعمار مادي هو الاستعمار الفرنسي واستعمار روحاني يمثله مشايخ الطرق".
ويمكن أن يلاحظ هنا أن موضوع "التوسل وأنواعه" أثار خلافية بين بعض العلماء والمفكرين الإسلاميين المعاصرين، فعلى سبيل المثال ينقل الدكتور سمير ستيتية رأي الشيخ ناصر الدين الألباني بأن الدعاء إذا اقترن بالتوسل إلى الله بأحد من خلقه تحمل شرطا صريحا، آخذاً عليه نقده رأي الإمام حسن البنا في كتابه "التوسل وأنواعه وأحكامه" حين اعتبره خلافا فرعيا في كيفية الدعاء، وليس من مسائل العقيدة. أما الأستاذ سالم البهنساوي فينقل رأي من يفرقون بين من يقدم النذر للحسن والسيدة زينب، أو السيد البدوي، ولا يعتقدون أن هؤلاء يتصرفون في الأمر، وبين من يعتقدون أنهم يتصرفون بالأمر (الأحناف يفرقون بين الأمرين).
على أن من المهم في المقابل ملاحظة أن طرقا صوفية أخرى حازت على احترام الكثيرين من المفكرين والعلماء المسلمين بسبب من جهادها ضد الاستعمار، أو نشرها للإسلام، أو ابتعادها عن البدع والضلالات ويشير الأستاذ أنور الجندي إلى "جهاد الحركات الصوفية الأصيلة"، ويذكر الطريقة النقشبندية التي قادت عدة ثورات في جزائر الهند الشرقية وتركستان الصينية.
ويبرز المرحوم علال الفاسي حسن بلاء الطريقة الشاذلية في الحرب ضد البرتغاليين في معركة وادي المخازن ويلفت الأستاذ الصادق المهدي النظر إلى أن بعض شيوخ الطرق الصوفية لهم فضل في نشر الإسلام في أفريقية، وبعضهم جاهد ضد الاستعمار جهاداً صادقاً ايضا أما من جهة أخرى فقط كان من نتائج تأثير الفكر الإسلامي المعاصر أن نشأت اتجاهات سلفية صوفية بعيدا عن فلسفة الحلول ووحدة الوجود، أو بناء القبور ووقد السرج عليها والذبح عندها، فراحت تركز على إصلاح النفوس بالتربية الصوفية. ويذكر الدكتور محمد فتحي عثمان أمثلة من هذه الجماعات مثل "العشيرة المحمدية في مصر"، وينقل عن الشيخ عبد السلام ياسين أن أبرز هذه الجماعات الصوفية السلفية "جماعة التبليغ" الذين يشهد لهم الشيخ على الطنطاوي بأنهم يدعون إلى الله ويبلغون المسلمين رسالة الإسلام، وبأنهم من أشد الناس تعلقا بالسنة وبأعمال الرسول (ص)، ومن مبادئهم الأساسية "ترك ما لا يعني". وهنالك من لا يصنف جماعة التبليغ ضمن الطرق الصوفية، وهي تعتبر اتجاها إصلاحيا يعتمد الوعظ والإرشاد في نشر الدعوة، وتطلب من الملتزمين بها بذل أوقات معينة، وفق ظروف كل إنسان، في اليوم، والأسبوع والشهر والسنة للدعوة والوعظ منتشرين في البلاد محليا وإسلاميا وعالميا. وقد أسسها الشيخ محمد إلياس الهندي، وقادها من بعده ابنه رحمهما الله، ويرشدها الآن الشيخ إنعام الحسن. والمعروف عنها أنها لا تصدر النشرات والكتب أسوة بأسلوب الوعظ والإرشاد زمن الرسول (ص)، ومن مبادئها اعتماد الكلمة الطيبة، والاهتمام بالعلم والذكر، والحرص على إكرام كل مسلم، والتحلي بالإخلاص ووفاء العهد والنفر في سبيل الله.
وبهذا لا يمكن التعامل مع ظاهرة الحركات الصوفية، كحالات عابرة هامشية، فهي ذات جذور عميقة وأثبتت قدرتها على الديمومة والاستمرار ضمن عدة عصور من التجربة الإسلامية التاريخية حتى الآن على الأقل. هذا من جهة أما من جهة أخرى فلا يمكن وضعها جميعاً ضمن سلة واحدة لأنها طرق ومذاهب ومدارس. ولهذا لابد من أن يحكم على كل منها، في نهاية المطاف، حكماً خاصاً به.
على أن من المهم في المقابل ملاحظة أن طرقا صوفية أخرى حازت على احترام الكثيرين من المفكرين والعلماء المسلمين بسبب من جهادها ضد الاستعمار، أو نشرها للإسلام، أو ابتعادها عن البدع والضلالات ويشير الأستاذ أنور الجندي إلى "جهاد الحركات الصوفية الأصيلة"، ويذكر الطريقة النقشبندية التي قادت عدة ثورات في جزائر الهند الشرقية وتركستان الصينية.
ويبرز المرحوم علال الفاسي حسن بلاء الطريقة الشاذلية في الحرب ضد البرتغاليين في معركة وادي المخازن ويلفت الأستاذ الصادق المهدي النظر إلى أن بعض شيوخ الطرق الصوفية لهم فضل في نشر الإسلام في أفريقية، وبعضهم جاهد ضد الاستعمار جهاداً صادقاً ايضا أما من جهة أخرى فقط كان من نتائج تأثير الفكر الإسلامي المعاصر أن نشأت اتجاهات سلفية صوفية بعيدا عن فلسفة الحلول ووحدة الوجود، أو بناء القبور ووقد السرج عليها والذبح عندها، فراحت تركز على إصلاح النفوس بالتربية الصوفية. ويذكر الدكتور محمد فتحي عثمان أمثلة من هذه الجماعات مثل "العشيرة المحمدية في مصر"، وينقل عن الشيخ عبد السلام ياسين أن أبرز هذه الجماعات الصوفية السلفية "جماعة التبليغ" الذين يشهد لهم الشيخ على الطنطاوي بأنهم يدعون إلى الله ويبلغون المسلمين رسالة الإسلام، وبأنهم من أشد الناس تعلقا بالسنة وبأعمال الرسول (ص)، ومن مبادئهم الأساسية "ترك ما لا يعني". وهنالك من لا يصنف جماعة التبليغ ضمن الطرق الصوفية، وهي تعتبر اتجاها إصلاحيا يعتمد الوعظ والإرشاد في نشر الدعوة، وتطلب من الملتزمين بها بذل أوقات معينة، وفق ظروف كل إنسان، في اليوم، والأسبوع والشهر والسنة للدعوة والوعظ منتشرين في البلاد محليا وإسلاميا وعالميا. وقد أسسها الشيخ محمد إلياس الهندي، وقادها من بعده ابنه رحمهما الله، ويرشدها الآن الشيخ إنعام الحسن. والمعروف عنها أنها لا تصدر النشرات والكتب أسوة بأسلوب الوعظ والإرشاد زمن الرسول (ص)، ومن مبادئها اعتماد الكلمة الطيبة، والاهتمام بالعلم والذكر، والحرص على إكرام كل مسلم، والتحلي بالإخلاص ووفاء العهد والنفر في سبيل الله.
وبهذا لا يمكن التعامل مع ظاهرة الحركات الصوفية، كحالات عابرة هامشية، فهي ذات جذور عميقة وأثبتت قدرتها على الديمومة والاستمرار ضمن عدة عصور من التجربة الإسلامية التاريخية حتى الآن على الأقل. هذا من جهة أما من جهة أخرى فلا يمكن وضعها جميعاً ضمن سلة واحدة لأنها طرق ومذاهب ومدارس. ولهذا لابد من أن يحكم على كل منها، في نهاية المطاف، حكماً خاصاً به.