الخجل صفة الأشخاص الذين يجدون صعوبة في التفاعل الاجتماعي، نتيجة لأسـباب مختلفة منها: فقدان الأمان والدفء العائلي، او التعرض للنقد المسـتمر، او الحماية الزائدة والمبالغ فيها من قبل الأهل، وعدم مسـاعدة الطفل على تنمية مهاراته الاجتماعية، وإتاحة الفرصة للتفاعل الاجتماعي، والاشتراك في النشاطات الجماعية.
ومن الملاحظ أن الشخص الخجول يميل إلى العزلة والانطواء، يتحدث همسا، ويتهرب من العلاقات الاجتماعية، ويتجنب الاشتراك في النشاطات الجماعية، وعندما يوضع في دائرة الضوء، يتغير لونه، ويتعرق، ويتجنب النظر في عيون الآخرين، ويعاني صعوبة في الكلام والتعبير عن نفسه، وقد يقوم بعمل حركات عصبية دلالة على توتره الشديد.
وجود طفل كهذا في العائلة قد يشعر الأهل بخيبة الأمل والإحباط، فلا شك بأنهم يرغبون بطفل ودود منطلق يتمتع بالجرأة والشعبية بين أقرانه، لكن هذا الشعور لن يجدي نفعا بل يجب أن يتخذ الأهل بعض الإجراءات التي من شانها أن تسـاعد الطفل على تحقيق الرضا عن نفسه وتحسـين أداءه الاجتماعي والمدرسي ومنها:
تنمية شعور الطفل بقيمته الذاتية بجعله يدرك مدى ثقة الأهل وحتى إعجابهم به، واستغلال أي فرصة لذكر أشياء لطيفة عن شخصيته وانجازاته ونشاطاته في الأسرة ومع الأصدقاء، وتكليفه ببعض الأعمال التي تتطلب تواصلا مع الآخرين: كالرد على الهاتف، او دفع فاتورة المشتريات، او ما شابه.
عدم المقارنة بين الطفل والآخرين، سـواء من حيث الشكل او التصرفات، بل تقبل الطفل كما هو شكلا وسـلوكا.
توجيه الطفل نحو المشاركة الاجتماعية، والعمل على تنمية قدراته ومهاراته، وفي نفس الوقت يجب أن لا يتخذ هذا الأمر صيغة التدخل المباشر وإعطاء الأوامر، لان هذا في النهاية سـيوصله إلى الشعور بعدم الإيمان والثقة بقدراته.
توجيه عبارات اللوم، وإصدار الأوامر بالتوقف عن الخجل خاصة أمام الآخرين لن تجدي نفعا، بل على العكس ستبدو على أنها محاولات لانتقاده والنيل من شخصيته، وستزيد من تعثره ومن شعوره بالنقص.
امتداح وتعزيز قدرات الطفل، فالطفل الخجول يمكن أن يكون شخصا متفوقا في دراسته او متميزا في العزف او الكتابة او أي نشاط إبداعي آخر.
وعلى الأهل تقديم الكثير من الدعم والتقدير لنجاحات الطفل، واحترام صداقاته، ومراعاة قدراته فلا يكلف بما لا طاقة له به، وعدم المبالغة في الحماية، ومراعاة حساسية الفترة التي يمر بها المراهق، هذه المرحلة الحافلة بالتغيرات الجسدية والنفسية والعاطفية، ويجد صعوبة في التأقلم مع هذه التغيرات، وبمرور الوقت ستغدو قضية الخجل قضية يمكن السـيطرة عليها، ولا تعتبر خللا في الشخصية لا يمكن إصلاحه.
لكن أحيانا قد يتحول الخجل إلى شعور بالوحدة والفشل، فإذا كان الطفل يشعر بأنه منبوذ، او انه يخذل أهله بسبب عدم قدرته على تحقيق مطالبهم كالتفوق الدراسي او التميز في احد المجالات، فيتدنى تقديره لذاته، وثقته بنفسه وقدراته، وهنا يكون للأسرة الدور الأكبر في مساعدته، وطلب استشارة المرشد التربوي، او الطبيب النفسي عند ملاحظة أي من المؤشرات التالية:
اللجوء إلى سـلوك بعض العادات غير الصحية إذا أحس بالرفض والإقصاء، فيبتعد عن النشاطات الاجتماعية، ويبدأ بقضاء وقت كبير في مشاهدة التلفزيون، او العاب الفيديو، او الأكل، او تصفح الانترنت.
عدم رغبته بعمل علاقات خارج نطاق الأسـرة، واقتصاره عليها في قضاء الوقت.
الارتباط بأصدقاء خجولين مثله، يرون في أنفسهم مجموعة من الفاشلين المنبوذين، هذه الأفكار الهدامة قد تجعل الطفل يهرب من الواقع باستخدام المخدرات او المشروب او التدخين، او قد تنشا لديه الرغبة بالانتقام من الآخرين الذين أقصوه ولم يتفهموه، وأوصلوه إلى ما هو عليه من عزله وفشل.
استخدام ميكانيزمات دفاعية حيث يجد نفسـه مرفوضا من الأطفال الآخرين، او موضع سـخريتهم، فيبتعد عنهم كإجراء لحماية نفسه، فهو يفضل أن يكون انطوائيا ويتجنب الآخرين على أن يعتبر فاشلا اجتماعيا.