مقدمة
عرفت المناهج والطرق والتقنيات المتبعة في دراسة الظواهر العلمية والطبيعة والانسانية طفرة هائلة ونوعية مستفيدة من تطور النظريات والطفرة في مجال العلم بشكل مكن الباحثين وجمهرة الدارسين ونفر المختصين من صياغة قوانين متبعة في عدة حقول .
منها ما اتسم بالموضوعية والجدية وافرز نتائج قريبة من الحقيقة النسبية ،ومنها ما زال لم يحقق الامال المنشودة والغايات الممكنة والآمال المرصودة ،وفي هذا الباب والمآل نرصد علم نفس النمو واشكالياته المنهجية من خلال اتباع نظرياته العلمية وإماطة اللثام عليه والإبحار في ثناياه وكشف مكنونه والإشكالات التي تعترضه .
تعتبر المناهج و الطرق العلمية للبحث ضرورية وأساسية ولا محيد عنها لبناء أساس سليم لنمو العلم، و لقد تقدمت مناهج و طرق البحث في علم نفس النمو في مراحله المتتابعة و أصبحت الآن أكثر علمية، و تهدف إلى الوصول إلى حقائق و قوانين و نظريات راسخة في علم نفس النمو، ولكن رغم ذلك لا زال يعاني هذا الباب المطروق من العلم من مشاكل جمة تعترض الموضوعية الكافية في مضماره.
وينبغي البيان والإشارة أنه لا يوجد البثة وبشكل نهائي منهج واحد صالح لدراسة كل مظاهر النمو بل يختلف منهج الدراسة و طريقته حسب الموضوع، لذلك من الضروري الإحاطة بأهم مناهج البحث في هذا العلم واهم نظرياته انطلاقا من سيغموند فرويد ،وصولا إلى اريكسون ،مرورا بجان بياجي .
ويعتبر النمو النفسي إشكالا معقدا يتداخل في حيثياته ما هو سيكولوجي وسوسيولوجي وبيئي طبيعي ووارثي وطبيعي وغرائزي [1].
- تحديد مفاهيمي :.
الاشكالية :تُعرف الإشكاليّة بأنّها سؤال علميٌّ يحتاجُ لمعالجة، وهي نص مختصر تتم صياغته على شكل سؤال يحتوي على مشكلة بحثية، كما يمكن تعريفها بأنها صياغة على شكل سؤال لمجموعة علاقات قائمة بين أحداث وفاعلين ومكونات مشكلة محددة. عرّف "موريس أنجرس" الإشكالية بأنها عبارة عن عرض الهدف من البحث على هيئة سؤال يتضمن إمكانية التقصي والبحث بهدف الوصول لإجابة محددة.عرفت الإشكالية أيضا بأنها:سؤال لا يوجد له جواب كامل أو شافٍ في الوقت الحالي، بحيث يكون هدف الباحث هو الوصول إلى جواب محدد لهذا السؤال أو حل محدد للمشكلة القائمة. الإشكالية هي الزاوية التي نختارها لدراسة وعلاج المشكلة المطروحة، فعند مواجهة إشكالية معينة، يعني ذلك جانبا من المشكلة وليس المشكلة كلها.[2]
ان الاشكالية هي طريقة تخمينية بهدف الوصول الى نتائج وفرضيات علمية مبينة على اسس متينة .
المنهج : جاء في معجم لسان العرب في مادة نهج : ( و المنهاج : الطريق الواضح . و استنهج الطريق : صار نهجا . و في حديث العباس : لم يمت رسول الله – صلى الله عليه و سلم – حتى ترككم على طريق ناهجة أي واضحة بينة .. و فلان يستنهج سبيل فلان أي يسلك نهجه . و النهج الطريق المستقيم . ) [3]
علم النفس النمو :في الحقيقة يصعب على الدارس ايجاد مفهوم شامل مانع لعلم النفس النمو ذلك ان تعاريفه اختلفت جليا بمرو السنون والحقب.
و يمكننا تعريف علم النفس النمو بكونه يهتم بالظاهرة الانسانية ومحاولة تفسيرها من حيث أصولها ونشأتها ، ومساراتها وطبيعة تطورها وأثراها ونتائجها والعوامل التي قد تعيقها أو تعطل مسيرتها وتتبع مراحل النمو الفكرية والوجدانية والحسية الحركية ، عند الكائن البشري بهدف تحديد خصائص هذه المراحل وآلياتها المتنوعة التي توجه وتحدد مختلف السلوكات التي تصدر عن هذا الكائن[4]
ان علم نفس النمو، هو فرع علمي من فروع علم النفس والذي يهتم بتفسير التغيرات التي تطرأ على الأطفال والبالغين في مراحل عمرهم المختلفة. كثير من النظريات في هذا المجال تركز على مرحلة الطفولة لأن أهم التغيرات تحصل فيها.
يقوم الباحثون في هذا المجال بدراسة مجال واسع من النظريات فيما يتعلق في العمليات الإدراكية والحيوية والاجتماعية والشعورية. تُنتج معظم الأبحاث اليوم في هذا المجال من أمريكا الشمالية وأوروبا، وقد كان للباحثين اليابانيين جهد كبير في هذا المجال في الثمنينات. أهم ثلاثة أهداف لهذا التخصص هم: المراقبة ثم التّفسير ومن ثم تحسين النمو.
لنمو حسب منظور بياجي[5] : " تطور موجه من قبل احتياجات داخلية للتوازن يتسم بنزوع العضوية نحو التكيف مع عالم الناس والأشياء مع البيئة الاجتماعية والمادية "[6]
* إن النمو النفسي – باعتباره علما ودراسة – يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسين :
1- وصف سلوك الطفل في كل مرحلة من مراحل حياته .[7]
- معرفة أسباب التغيرات التي تطرأ على السلوك في مختلف مراحل النمو التي يجتازها الإنسان .
ان علم النفس النمو فرع من فروع علم النفس يدرس نمو وتطور الكائن البشري منذ تكوينه حتى مماته في كل مظاهره الجسمية والفيزيولوجية والعقلية والانفعالية والنفسية والاجتماعية عبر مراحل النمو المختلفة .
وتتجلى أهميته في بعدين :
اهمية معرفية :تدرس مظاهر النمو ومعاييره وعوامله.
أهمية وظيفية :التنبؤ بمشكلات النمو وقياس وتشخيص النمو غير السوي ووضع الاساليب العلاجية وتعديلية ورسم السياسات التربوية والتعليمية المناسبة لكل مرحلة نمائية
نظريات علم النفس النمو :
قسم فرويد[8] مراحل النمو النفسي الى خمس مراحل أساسية ، كل مرحلة تتسم بخصائص محددة ومعينة :
1- المرحلة الفمية
تحدث هذه المرحلة في السنة الأولى من عمر الطفل ويحدث الإشباع من استثارة الشفاه واللسان والفم ويحدث سلوك الرضاعة كمصدر منظم للإشباع في هذا العمر وإذا لم يتم الإشباع الفمي في تلك المرحلة فقد يلجأ الطفل إلى مص الأصابع أو قضم الأظافر في مراحل لاحقة.
2- المرحلة الشرجية
وتكون خلال العامين الثاني والثالث من عمر الطفل ويتركز مصدر اللذة في المنطقة الشرجية ، ويحصل الطفل على لذة وراحة من عملية الإخراج، فيتعلم الطفل التحكم في البيئة بصورة ناجحة أثناء هذه الفترة إذا أعطيت له التدعيمات المناسبة من الآباء أو المربين.
المرحلة القضيبية
تغطي هذه المرحلة الفترة الزمنية بين ثلاث إلى ست سنوات من عمر الطفل ، ويتركز مصدر اللذة في المنطقة القضيبية ، ويلعب الطفل بأعضائه التناسلية ويشعر باللذة ثم تبدأ ظهور عقدة أوديب لدى الذكور فيكون الطفل مفتوناً بأمه فيجتهد ليكون مثل أبيه في صفاته فيتكون لديه الأنا الأعلى، وعقدة إلكترا عند الإناث وتكون فيه الإناث منجذبة ناحية الأب فتتبنى القيم والمثل التي تحترمها الأم فيتطور عندها الأنا الأعلى.
4- مرحلة الكمون
تكون هذه المرحلة من العام السادس حتى البلوغ ويتحول مصدر اللذة من الذات إلى الأفراد الآخرين وتكوين صداقات ، والتفاعل الاجتماعي مع رفاق السن وتحل عقدة أوديب وعقدة الكترا، حين يتوحد الطفل مع الوالد من نفس الجنس ، وقد يصف البعض هذه المرحلة بأنها مرحلة الهدوء الذي يسبق العاصفة.[9]
-مراحل النمو المعرفي عند بياجي :
المرحلة الحسية الحركية: وتمتد هذه المرحلة من الولادة وحتى نهاية السنة الثانية تقريبا وتمثل الصورة المبكرة للنشاط العقلي للطفل الرضيع ويحدث التعلم بشكل رئيس في هذه الفترة عبر الإحساسات والمعالجات اليدوية, وهي عبارة عن أفعال انعكاسية فطرية لا إرادية كظاهرة المص , ثم تتحول تدريجيا إلى السلوك الإرادي.
ويغدو الطفل قادرا على التحرك نحو هدف معين و الإمساك بالأشياء أو تقليد الأصوات والحركات وذلك من خلال تحسن قدرته على تنسيق حواسه المختلفة حيث يحدث نوع من التآزر البصري السمعي البصري اللمسي إذ يتعلم الطفل تدريجيا الإمساك بالأشياء التي يراها,والنظر إلى مصادر الأصوات التي يسمعها ويغدو في نهاية هذه المرحلة قادرا على انجاز التناسق الحسي الحركي على نحو جيد ، الأمر الذي يمكنه من أداء الحركات الجسمية بسهولة ودقة نسبيتين.
ويتعلم الطفل في هذه المرحلة تمييز المثيرات ويكتسب في نهايتها تقريبا فكرة ثبات أو (بقاء ) الأشياء إذ لم يعد وجود الأشياء مرتبطا بإدراكه الحسي لها فالأشياء موجودة ولو لم يدركها حسيا ويتضح نمو المخطط بقاء الأشياء من خلال بحث الطفل عن الأشياء غير الموجودة في مجاله البصري .
لمرحلة الثانية: مرحلة ما قبل العمليات (التفكير التصوري):و هذه المرحلة تبدأ من نهاية السَّنة الثانية، حتى السنة السادسة أو السابعة، وتتصف هذه المرحلة بخصائص؛ وهي:
1- لا توجد بها عملياتٌ منطقيَّة بصورتها الناضجة، فلا يستطيع الطفلُ إدراكَ مفهوم الاحتفاظ بالكمِّ ثابتًا.
- تفكير الطِّفل في هذه المرحلة تفكيرٌ انتقالي؛ أي: ينتقل فيه الطِّفل من الخاصِّ إلى الخاص، وليس تفكيرًا استقرائيًّا أو استنباطيًّا.
ثالثا:مرحلة العمليات المادية أو الفترة الإجرائية المحسوسة ( العينية) وتمتد هذه المرحلة من سبع سنوات وحتى إحدى عشر سنة. حيث يستطيع الطفل في هذه المرحلة ممارسة العمليات التي تدل على حدوث التفكير المنطقي أي القدرة على التفكير المنظم إلا أنه مرتبط على نحو وثيق بالموضوعات والأفعال المادية والمحسوسة والملموسة[10].
واهم ما تتميز به هذه المرحلة:
- الانتقال من اللغة المتمركزة حول الذات إلى لغة ذات الطابع الاجتماعي: يحدث التفكير المنطقي عبر استخدام الأشياء والموضوعات المادية الملموسة.
رابعا: المرحلة المجردة أو الفترة الإجرائية الصورية
تبدأ في سن الثالثة عشرة تقريباً وحتى الرشد.وسميت بمرحلة العمليات الشكلية لان الطفل قادر على تكوين المفاهيم والنظر للمشكلة من زوايا مختلفة.ومعالجة عدة أشياء في وقت واحد. وفي هذه الفترة يفكر الفرد بطريقة مجردة, ويتابع افتراضات منطقية, ويعلل بناء على فرضيات, ويعزل عناصر المشكلة, ويعالج كل الحلول الممكنة بانتظام, ويصبح مهتماً بالأمور الفرضية والمستقبلية.[11]
نظرية اريكسون :تعتبر نظرية إريك اريكسون [12]العالم الألماني الشهير من أكثر النظريات اهتماماً بالسلوك الاجتماعي والتطور النفسي في الشخصية.
* مرحلة الثقة مقابل عدم الثقة ( من الميلاد حتى السنة الثانية ) :
إن الاتجاه النفسي الاجتماعي الذي على الوليد تعلمه في هذه المرحلة هو الثقة في العالم . وينمي هذه الثقة الاستمرارية في إشباع حاجاته الأساسية عن طريق الوالدين . أما إذا كانت الرعاية الو الدية قاصرة وغير منسقة أو سلبية فإن الطفل سوف يتعامل مع العالم بخوف وشك وينمي لديه الاعتقاد بأن العالم غير آمن ولا يمكن الثقة به .
* مرحلة الاستقلال مقابل الشك ( السنة الثالثة ) :
على أطفال هذه المرحلة أن يحققوا قدرا من الاستقلال . فإذا أتيح لهم الحب وشجعوا على أن يعملوا ما يقدرون عليه بطريقتهم وتحت إشراف الوالدين أو المربين فإنهم ينمون إحساسا بالاستقلال الذاتي . أما إذا قام المربون بالأعمال نيابة عن الطفل فإنهم يشككونه في قدرته على التعامل مع البيئة لذا يجب الابتعاد عن كل ما بإمكانه إخجال الطفل وتشكيكه في ذاته .
* مرحلة المبادرة مقابل الخجل ( 4 – 5 سنوات ) :
إذا أتيح لطفل الرابعة والخامسة الحرية للاكتشاف والارتياد والتجريب وإذا تعامل المربون مع أسئلته بشكل إيجابي ، فإنهم ينمون لديه اتجاها إيجابيا نحو المبادرة . أما إذا كان التعامل مع أنشطته سلبيا فسينمي لديه الشعور بالإثم في كل ما يفعل على نحو مستقل .
* الاجتهاد مقابل النقص ( 6 – 12 سنة ) :
بالتحاق الطفل بالمدرسة يسيطر على سلوكه حب الاستطلاع والأداء إنه يتعلم كيف يحصل على التقدير عبر اجتهاده ونجاحه في الأداء . والخطر في هذه المرحلة أن نخبر الطفل مشاعر النقص والدونية عن طريق إحباطه ومعاملة جهوده باعتبارها مضايقة أو فاشلة .
* الهوية مقابل تميع الهوية ( 12 – 18سنة ) :
الهدف في هذه المرحلة ، تنمية الهوية والاستقلال عن الوالدين وتحقيق النضج الجسمي . والخطر الذي يتعرض له الشاب في هذه هو الخلط في الدور وخاصة التشكيك في الهوية الجنسية والمهنية .
* مرحلة الألفة مقابل العزلة ( 18 – 35 سنة ) :
لكي يخبر الفرد نموا مشبعا ومرضيا في هذه المرحلة فإنه يحتاج إلى تكوين علاقة حميمية بشخص من الجنس الآخر . والإخفاق في هذا العمل يؤدي إلى الإحساس بالعزلة.
* مرحلة الإنتاج مقابل الركود ( 35 – 60 سنة ) :
إنها مرحلة اهتمام الفرد بإرشاد وتوجيه الجيل القادم وترسيخ أقدامه والذين يعجزون عن الاندماج في عملية التوجيه ، يصبحون ضحايا التقوقع داخل الذات والركود.[13]
* مرحلة التكامل مقابل اليأس ( 60 سنة إلى الموت ) :
التكامل هو تقبل الفرد لدورة حياته باعتبارها هي الدورة المناسبة له واليأس تعبير عن أن الزمن الآن قصير لا يسمح بالبدء في حياة جديدة وتجريب طرق بديلة لتحقيق التكامل[14]
المنهج المعتمد في علم النفس النمو :
تختلف المناهج المعتمدة والمرصودة في علم النفس النمو بين طرق وأساليب واستراتيجيات تتنوع مخرجاتها ونتائجها وفيها ايجابيات وجانب من السلبيات ولعل أهما :
- المنهج التجريبي :
يعتبر التجريب من أدق مناهج البحث وأكثرها موضوعية حيث يطبق التجريب إجراءات وخطوات الأسلوب العلمي عن طريق ضبط المتغيرات التي قد تتدخل في سير التجربة من ناحية ، إمكانية إعادتها للتحقق من دقة نتائجها من ناحية أخرى.
يعتبر أدق المناهج و أفضلها و ذلك لسببين رئيسين هما:
*-أنه أقرب المناهج إلى الموضوعية عكس بعض المناهج التي تتصف بدرجة عالية من الذاتية.
*- يستطيع الباحث الذي يتبع المنهج التجريبي السيطرة و التحكم في العوامل المختلفة التي يمكن ان تؤثر على الظاهرة السلوكية.
و الباحث الذي يستخدم المنهج التجريبي لا يقتصر على مجرد وصف الظواهر التي تتناولها دراستها و إنما يدرس متغيرات هذه الظاهرة و يحدث في بعضها تغييرا مقصودا و يتحكم في متغيرات أخرى ليتوصل على العلاقات السببية بين هذه المتغيرات وذلك عن طريق المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة.
- المنهجية المستعرضة :
تستخدم هذه الطريقة في دراسة المجموعات الكبيرة التي تهتم بدراستها العلوم السلوكية كعلم النفس ، وعلم الإجتماع ، وعلم نفس النمو الذي يختص بدراسة ظاهرة النمو لدى كل الأطفال، وعادة ما يستخلص الباحث عينة ممثلة لمجتمع الدراسة الأصلي ويعمم نتائجه على المجتمع الذي أخذت منه العينة أو مجتمعات مشابهة تحمل نفس الخصائص ، ومن مميزات هذه الطريقة الإقتصاد في الوقت والجهد والمال على عكس الطريقة الطولية ، إلا أن من عيوبها عدم يقينية نتائجها.
3 الملاحظة :
تعتمد هذة الطريقة على استراتيجية اختيار بعض جوانب السلوك فقط لتسجيلها , وبالطبع فان هذا التقييد يفقد الملاحظة خصوبة التفاصيل التى تتوافر بالطرق السابقة , الا ان ما تفقدة فى جانب الخصوبة تكسبة فى جانب الدقة والضبط , ولعل اعظم جوانب الكسب ان الباحث يستطيع ان يختبر بسهولة بعض فروضة العلمية باستخدام البيانات التى يحصل عليها بهذة الطريقة . وهو ما يعجز عنة تماما اذا استخدم الاوصاف القصصية التى يحصل عليها بالطرق الحرة السابقة .
ويظل علم النفس النمو يعاني من اشكالية المنهج لمجموعة من الاعتبارات الاساسية :
- تداخل ذات الدارس مع الموضوع المدروس . وهذه القضية تتم إثارتها بتبرير أن موضوع العلم هو الإنسان والمشتغل بهذا العلم هو أيضا الإنسان، ومن هنا تبرز إشكالية استقلال الذات العارفة عن موضوع المعرفة، وما تحيل عليه فيما يتعلق بالتفسير العلمي للإنسان من حيث العمومية، والتفسير الخاص بالفرد[15]. ولفحص هذه الإشكالية تطورت طرق البحث والتقصي من التأمل والاستبطان إلى طرق الاشتغال الحديثة من أمبريقية واستكشافية، هذه التي سمحت بتوفير إطار منهجي لعلم النفس يلتزم بشروط العلم الموضوعية. لا مندوحة من القول أن الوضعية العلمية لعلم النفس في حقل المعارف بصفة عامة، والعلوم الإنسانية بصفة خاصة تعاني من هذا التداخل الكبيير مما يصعب الخروج بنتائج يقينية [16]تابثة. وعليه فإن علم النفس يبقى أنه علم وعلم إنساني بامتياز مع ما تتضمنه اللفظة من قوة[17]
- معالجة ومقاربة الكائن الإنسان الذي يتميز بتغيير دائم من كافة النواحي والتجليات والتمظهرات النفسية والمعرفية الشعورية والانفعالية والسلوكية ...
- غياب أداة ومنهج قويم يصل الى الموضوعية والنتائج اليقينية فمختلف المناهج التي رصدناها فيها ثلة من السلبيات ودرجات من النقص تعتريها .
- أن المنهج التجريبي صعب التجريب في اطار العلوم الانسانية والاجتماعية بما فيها علم النفس النمو ،لقد انبهر رواد علم النفس بنتائج المنهج التجريبي في سياقه العلمي،رغبة منهم في تحقيق اكبر قدر من العلمية والدقة والموضوعية.فقد اعتبر النموذج الطبيعي (المنهج التجريبي) سلطة مرجعية للعلوم الإنسانية والاجتماعية. الا ان هذه العلوم قد استبعدت تماماً القيم الرُّوحية والدينية كما اهملت ما يقدمه الوحي الصحيح من معرفة بالديناميكيات التي تسير تلك العوامل الروحية.وهو ما أدى إلى تشويه خطير في فهم السلوك الإنساني والتنظيمات الاجتماعية.اذ انتهت النظريات الوضعية في العلوم الاجتماعية إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بالأسس المنهجية التي قامت عليها.ذلك ان الظاهرة الانسانية ظاهرة معقدة في حيثياتها يصعب فهمها والإلمام بمتغيراتها .[18]
خاتمة
يصعب مقاربة ومعاينة وتحديد نهج لعلم النفس النمو قائم الذات يمكننا من الخروج بنتائج يقينية تصبو الوصول إلى الموضوعية ،ذلك انه يعالج ظاهرة انسانية ذاتية متغيرة في الزمن والمكان ،يصعب مسك زمامها ،والالمام بتحولاتها ،ومسارات نفسيتها ،وخصائص نفسانية والبيولوجية والسلوكية ،وحتى تطبيق المناهج العلمية عليها يفقدها كنهها وطبيعتها .
ان لعلم النفس النمو اسباب وتمظهرات كثيرة بعيدة عن ما هو منهجي ،وهذه بعض العوامل الاخرى المتحكمة فيه منها العوامل الوراثية التي بتحديد خصائص الكائن الإنساني البنائية والنوعية بحيث يشارك أفراد نوعه في جملة من الخصائص ويتميز عنهم في الوقت نفسه . والعوامل الوراثية كذلك هي المسؤولة عن بعض الأمراض التي يصاب بها الشخص .
ولا ننسى العامل البيئي والاجتماعي بحيث إن الحاجات المتوفرة لأبناء الميسورين غير متوفرة لأبناء الفقراء والأقل حظا مما يكون له انعكاس ليس فقط على جوانب التغذية والتعليم والرحلات التي توسع المدارك المعرفية وتقوي القدرات العقلية وإنما أيضا على جانب العلاقات الإنسانية ونوع الناس الذين يحتك معهم الطفل اجتماعيا وينشيء من خلال تفاعله معهم نظاما لغويا.
ونافلة القول ،لا زال علم النفس النمو يعاني من جملة من الاكراهات والصعوبات التي تقف حائلا أمامه لتحقيق الموضوعية ،ذلك ان الجوانب الذاتية دائمة الحضور بصفة وازنة في طرق وتقينات ومناهج التحليل النفسي للنمو بمختلف نقطه ومناهجه التجريبية والوصفية وغيرها .
لائحة الببليوغرافيا
- المصادر
1-ابن منظور : لسان العرب : بيروت , دار احياء التراث العربي . مؤسسة التاريخ العربي . ط (3) 1999
- المراجع
- أحمد أوزي " سيكلوجية الطفل نظريات النمو النفسي ومراحله . مطبعة النجاح الجديدة البيضاء 1998.
- موريس أنجرس، البحث العلمي في العلوم الإنسانية، ترجمة بوريد صحراوي،كمال بوشرف، سعيد سيعون،منهجية الجزائر،دار القصبة للنشر،2004.
- عبد الكريم غريب : المنهل التربوي معجم موسوعي في المصطلحات والمفاهيم البيداغوجية والديداكتيكيةالجزء الثاني الطبعة الأولى 2006.
- ميللري باتريشيا ،نظريات النمو ،ترجمة محمد عوض،منشورات دار الفكر ،عمان ،2006
- واردزورث، بي، (1990)، نظرية بياجيه في الارتقاء المعرفي، ترجمة سعد الأسدي، صالح حميد، فاضل الإزيرجاوي، طباعة ونشر: دارالشؤون الثقافية العامة
- بياجيه، جان، ، التطور العقلي لدى الطفل، ترجمة: سمير علي، دار ثقافة الأطفال للنشر والتوزيع. 1986ص
- محمد وقيدي، العلوم الإنسانية والإيديولوجيا، بيروت، دار الطليعة، 1983،.
- عبد الستار ابراهيم، الإنسان وعلم النفس، عالم المعرفة، عدد 86، الكويت.
- علي عبد المعطي محمد، رؤية معاصرة في علم المناهج ، دار المعرفة الجامعية، مصر، ط 1984
باللغة الاجنبية
1 Paulus J., Les fondements théoriques et méthodologiques de la psychologie. Bruxelles, Dessart, 1965, p114.-
[1]أحمد أوزي " سيكلوجية الطفل نظريات النمو النفسي ومراحله . مطبعة النجاح الجديدة البيضاء 1998 ص : 9 .
-[2]موريس أنجرس، البحث العلمي في العلوم الإنسانية، ترجمة بوريد صحراوي،كمال بوشرف، سعيد سيعون،منهجية الجزائر،دار القصبة للنشر،2004 ،ص 35
– [3]ابن منظور : لسان العرب : بيروت , دار احياء التراث العربي . مؤسسة التاريخ العربي . ط (3) 1999 . باب النون : مادة نهج : الجزء : 14 . ص : 3
[4] عبد الكريم غريب : " المنهل التربوي معجم موسوعي في المصطلحات والمفاهيم البيداغوجية والديداكتيكية " الجزء الثاني الطبعة الأولى 2006 789
[5] جان بياجيه Jean Piaget ولد 9 أغسطس 1896 - توفي 16 سبتمبر 1980. .[5]
عالم نفس وفيلسوف سويسري وقد طور نظرية التطور المعرفي عند الأطفال، صاحب نظرية الابستمولوجيا التكوينية. يعتبر بياجيه رائد المدرسة البنائية في علم النفس .كتب مقالته الأولي وهو في سن الثالثة عشر من عمره،وفي الثانية والعشرين من عمره حصل علي الدكتوراة في البيولوجيا وفي عام 1921 عين مديرا للدراسات بمعهد جان جاك روسو في جنيف،حيث نشر بعد ذلك كتابين من أشهر كتبه :اللغة والفكر عند الطفل Language and Thoughts of the child) 1923).الحكم والاستدلال عن الطفل Judgement and Reasoning of the Child) 1924)
[6]سلسلة التكوين التربوي العدد 1 مطبعة النجاح الجديدة البيضاء الطبعة الأولى 1994 ص : 65
[7] أحمد أوزي " سيكلوجية الطفل نظريات النمو النفسي ومراحله . مطبعة النجاح الجديدة البيضاء 1998 ص10 :
[8]سيغموند فرويد (1856-1939) ولد في تشيكوسلوفاكيا (سابقًا)، درس الطب في النمسا واختص بعلم الأعصاب وهو أشهر الأطباء النفسيين على الإطلاق، يعتبر فرويد المؤسس الأول لنظرية التحليل النفسي وهي نظرية متكاملة حول نشأة الإنسان وتطوره وعلاقته بمحيطه بشكل عام، تهدف لمعرفة أسباب الأمراض وعلاجها، كان من أشد المعجبين بنظرية دارون التطورية بالإضافة إلى إلمامه بالأساطير القديمة والتي أسقط جزءًا منها على نظريته، واستخدم الأسماء اللاتينية لبعض الآلهة والشخصيات القديمة في وصف الأمراض أو العقد النفسية وفي رموزه.
[9] ميللري باتريشيا ،نظريات النمو ،ترجمة محمد عوض،منشورات دار الفكر ،عمان ،2006 ،ص 34.
[10] واردزورث، بي، (1990)، نظرية بياجيه في الارتقاء المعرفي، ترجمة سعد الأسدي، صالح حميد، فاضل الإزيرجاوي، طباعة ونشر: دارالشؤون الثقافية العامة.ص 34[10]
[11] بياجيه، جان، ، التطور العقلي لدى الطفل، ترجمة: سمير علي، دار ثقافة الأطفال للنشر والتوزيع. 1986ص 14
[12]عالم نفس تطوري ومحلل نفسي معروف بنظريته في التطور الاجتماعي للإنسان، أصر دائما على أنه كان فرويدي، وان أفضل وصف بأنه من الفرويدين الجدد.. حيث ركز على العوامل الحضارية والثقافية أكثر من البيولوجية ولاحقا المؤلفين وصفوه بأنه "عالم نفس الأنا إريكسون له الفضل أيضا كمنشئي لعلم نفس الأنا، الذي شدد على دور الأنا بأنها أكثر من خادم للهو وباحث لدراسة مراحل النمو الذي يمتد العمر كله وقد اشتهر بسبب ابتكاره لمفهوم أزمة الهوية.
أحمد أوزي ،مرجع سابق ،ص 45[13]
عبد الكريم غريب ،مرجع سابق ،ص 35[14]
محمد وقيدي، العلوم الإنسانية والإيديولوجيا، بيروت، دار الطليعة، 1983، ص89.[15]
– عبد الستار ابراهيم، الإنسان وعلم النفس، عالم المعرفة، عدد 86، الكويت 1985، ص16.[16]
[17] Paulus J., Les fondements théoriques et méthodologiques de la psychologie. Bruxelles, Dessart, 1965, p114.
علي عبد المعطي محمد، رؤية معاصرة في علم المناهج ، دار المعرفة الجامعية، مصر، ط 1984 ، ص، 321[18]