أكثر من أي شاعر معاصر يبدو ديرك ولكوت متوافقا مع برنامج ت.اس . اليوت الشعري حيث يميز نفسه في كل ما وصفه اليوت اجمالا " بالاصوات الشعرية الثلاثة " وهي القصيدة الغنائية ، والقصة او الملحمة والدراما ، فعلى الاقل منذ كتابه المعنون " منتصف الصيف " الصادر عام 1948 نشر ولكوت ما يمكن وصفه بالارتباط الغنائي في شعر ذاتي متسلسل بشكل قصائد فردية اريد لها تكوين تصور كامل عن الجميع .
قصيدته الطويلة " اوميروس " الصادرة عام 1990 يمكن ان تسمى قانونا حيث ان تلك الكلمة لم تكن تشكل مشكلة في ذلك الوقت ومثل اليوت كان ديرك ولكوت كاتبا مسرحيا من خلال علاقته الطويلة بورشة ترنيداد المسرحية حيث اختزن الكثير من الافكار الدرامية الرائعة في كلا من النثر و في ذلك الشكل الصعب الذي دعي بالمسرحية الشعرية .
لكن القرابة مع اليوت بالنسبة لديرك ولكوت تمتد الى ما بعد ذلك الشكل . ففي مقال اليوت الشهير "الموروث والموهبة الفردية " الصادر عام 1919 قال اليوت " كلما كان الفنان أكثر مثالية كلما زاد الانفصال في داخله عما يكون عليه الانسان الذي يعاني والعقل الذي يبتكر " .
لقد تعمد ولكوت تجنب طريق الاعتراف الذي ابتكره صديقه منذ البداية وداعمه روبرت لويل حيث اختار بدلا عن ذلك صوت ما بعد الرومانسية واكثر قربا من الطبيعة والذي تكون فيه المفردات العرضية للحياة ذات رؤية شاعرية أكبر حيث لا تكون النفس فيها موضوعا ظاهرا .
ثم ظهر كتاب ولكوت المميز " طيور البلشون البيضاء " وهو مميز بسبب رؤيته في افضل تعبير لهذه الكلمة وذات جدا حتى كأنه سيرة ذاتية .
انه كتاب رجل عجوز يتوق الى يوم واحد من الضؤ والدفء وهو كتاب تقدير رزين ذلك التقدير الذي يحدث على عدة مستويات : البدني حيث تحمل التخريب البطيء لمرض السكر واجتماعي حيث موت الاصدقاء القدامى وزملائه من الشعراء ، لقد وصفه مواطنه سانت لوسيا بكونها "عبودية بدون سلاسل وبدون اراقة دماء " فهذا كتاب فيه ابتعاد عن كل ما هو حديث في الأدب " التعمد المتنافر في الابتهاج ونفحة الفوضى فمنذ الصفحة الاولى في بعض الكتب الجديدة " تجد القليل من الجمهور اللائق الذي يقول له " انت ايها القاريء صديقي الأغلى " .
تلك القصائد تنجز الفة استثنائية من خلال صوتها لكنها ايضا تستحضر ذلك القاريء بطيف كامل من الردود نحو الفناء والهدوء وكما يقول " أنا اعكس بشكل هاديء كيف أني سأموت قريبا " من خلال خداع نفسي " ماذا ؟ هل سأغدوا سوبرمان وانا في سن السابعة والسبعين " الى شيء أكثر ظلاما " درجة الرعب المشلول في أن بدايته هي الماضي " .
وهو الهدؤ الذي يثير الاعجاب أكثر بعد ان تضطرب العاطفة كما لو أن ولكوت يتحدث عن " ذلك السلام الذي يقع ما بعد الرغبات وما بعد الأسف الذي سيصل اليه في النهاية " .
طيور البلشون البيضاء يتعامل ايضا مع عمر التجربة الفنية له وهو قياس النفس في مقابل الفناء كان وايات وسري وكلير من بين الشعراء والفنانين الذين اثروا فيه بالاضافة الى كون ولكوت كان رسما بارعا يحاكم نفس بشكل صارم .
كان ولكوت من جهة يكتب أن اوروبا هي " جو الشعر وهي بيته الحقيقي " لكنه من ناحية أخرى يشير الى جوزيف كونراد بكونه ذلك الوغد الذي صور خواء الاماكن مثل سانت لوسيا ويستنتج بشكل فخور بأن هذا الشعر هو جزء من ذلك الخواء مثل وادي سانتا كلوز فحب ولكوت لجزيرته يتوسط معرفته بالعالم الأكبر ماوراء شواطئها حيث يؤكد " أن هذا المكان الصغير لاينتج شيئا سوى الجمال " ورغم ذلك ليس لديه اي شك في أن شعره كان يعتمد كليا على الالهام الذي زودته به هذه البقعة الجغرافية دون سواها من الاماكن .
وبالاشارة الى شاعر ايرلندي كتب ولكوت " أنا راض مثل رضى كافانج عن هكتاراته القليلة " وقلبي الذي يتمزق الى اجزاء مثل اعشاب البحر وثانية في تواضيع عميق ان حبي لتلك الجزيرة لاينمحي أبدا لكنه سيحترق حينما اذهب " .
تلك الاشعار تبدوا في بعض الاحيان قريبة من الصلوات وهي تمثل الولاء والامتنان لجمال العالم على مستواه الاقل والذي يتمثل بالجزيرة وعلى التقدير الذي يجب على الشاعر أن يمنحة حسب رؤية ولكوت نفسه .
ولأجل هذا فان كتابا جديدا عن بقعة جغرافية واحدة هو انجاز حقيقي يمكن في ما ندعوه الوعي الشاعري لشواطيء البحر . يبدو ولكوت أحيانا وكأنه مشرد في وطنه كما قال عنه ريشارد ويلبر ذات مرة فالعقل لهذه الاشعار موجود في جزيرة القديس لوسي ( وهو القديس الشفيع للضؤ والرؤية الذي قدم من المدينة الايطالية سيراكوس " هذا الميناء الذي كان يمثل في آن واحد ميناء رودني وفنيسيا واستوكهولم .
هذه الرؤية الآنية هي التي انجزت ملحمة ولكوت " اميروس " لتؤثر بشكل عالي جدا عبر عبر المحيط الاطلنطي ولتوجد في العالم القديم والحديث كما لو كان في هذا العمل الخير ان المد يندفع بقوة باتجاه الشرق " اذا ارتاحت الروح ابدا ، فان مرفئها القادم داكار".
ما الذي يوجد في عنوان كتابه " طيور البلشون البيضاء " انها ملائكةغير متوقعة ، احزان مقصورة بالبياض من مذكرات رجل عجوز وقصائد ممزقة .
انها اشباح طيور ، شعارات لتأمل النفس والتهام الذات والبقاء الحازم في قبول
ان الحزن الذي شعرت به
على الاقل كان من صنعي
ولهذا الشاعر الذي يمتلك حياة طويلة من التخيل يتامل العديد من النظراء الذين يفترض أن يكونوا متناقضين لكنهم ربما يرمزون الى الوحدة في النهاية لكي يسمحوا له بالموت بسعادة.
عن : نيويورك تايمز
ترجمة : عمار كاظم محمد