تطرح مجلة ألمانية عدة سيناريوهات لسبب تزويد شركات أوروبية تنظيم الدولة بالإنترنت، بينها سعي هذه الشركات لزيادة أرباحها بغض النظر عمن يستفيد من خدماتها، أو أنها على علم تام بمن يستخدم خدماتها وتشارك تلك المعلومات مع أجهزة المخابرات.
قالت مجلة دير شبيغل الألمانية في تقرير خاص نشرته على موقعها الإلكتروني إن شركات أوروبية تمنح تنظيم الدولة الإسلامية إمكانية الوصول إلى الإنترنت عبر الستالايت لنشر دعايته وتجنيد المؤيدين، وإن وثائق حصلت عليها تظهر أن تلك الشركات على علم تام بما تقوم به، وأن بإمكانها قطع الوصول إلى الإنترنت عن التنظيم "بنقرة واحدة".
وأوضح التقرير أن محافظة هاتاي التركية على الحدود السورية هي المصدر الرئيسي لشراء التجهيزات الضرورية لاستخدام الإنترنت عبر الستالايت في سوريا والعراق، وتحديدا مدينة أنطاكيا عاصمة المحافظة، وكل ما يحتاجه المستخدم هو صحن لاقط وهوائي إرسال واستقبال ومودم.
وقالت إن تجارة هذه المعدات تكلف حاليا في سوريا نحو خمسمئة دولار، إلى جانب رسوم الشركات المزودة لخدمة الإنترنت والتي تبلغ خمسمئة دولار لمدة ستة أشهر، مما يجعلها تجارة مربحة للغاية.
وعلى الرغم من أن هذه التقنية تعتبر نعمة للمناطق الريفية التي تفتقر لبنية الاتصالات الأرضية الملائمة فإن تنظيم الدولة يعتمد عليها أيضا وفقا للمجلة، حيث تتيح له الوصول إلى الإنترنت حتى من أكثر المناطق النائية وأضعفها في البنية التحتية.
وتنقل المجلة عن نشطاء سوريين بأن الصحون اللاقطة تنتشر في كل مكان، على أسطح المراكز الإعلامية لتنظيم الدولة وعلى أسطح منازل أعضائه، وأنه في المناطق التي يسيطر عليها مثل الرقة ودير الزور لا يسمح بتركيبها إلا بإذن خاص، وأنهم قطعوا الإنترنت كليا عن بعض المناطق.
مشغلو الأقمار الصناعية
وكشف التقرير أيضا أن أغلب منظومات الاتصال بالإنترنت عبر الأقمار الصناعية تورد إلى منطقة الشرق الأوسط عبر روتردام الهولندية، ويتصدر سلسلة البيع مشغلو الأقمار الصناعية الأوروبيون الرئيسيون بقيادة شركات "يوتلسات" الفرنسية و"أفانتي كوميونيكيشنز" البريطانية، و"أس إي أس" اللوكسمبورغية، ثم تتولى شركات توزيع شراء التجهيزات من تلك الشركات وتعيد بيعها لعملائها من الشركات أو القطاع الخاص.
ووفقا لوثائق دائرة الجمارك التركية التي اطلعت عليها المجلة، فإنه تم توريد ستة آلاف صحن لاقط إلى تركيا، مشيرة إلى أنه على الأرجح انتهى المطاف بجزء كبير منها في سوريا التي تملك ميزة سوقية حاسمة وهي أنه لا يوجد فيها بديل آخر للوصول إلى الإنترنت، مما يجعل نسبة الربح مرتفعة.
وتنقل المجلة عن أحد المصادر -الذي تقول إنه راقب المبيعات في أنطاكيا- وصفه بعض العمليات التجارية بقوله إن رجالا ملتحين يزورون عادة متاجر في المدينة ينتعلون "الشبشب" فقط، ويخرجون رزما من النقود من جيوبهم ويطلبون عشرات الصحون اللاقطة دفعة واحدة، كما أنهم يشترون في العادة أجهزة اتصالات راديوية بمدى يبلغ عدة كيلومترات.
وبحسب الوثائق التي حصلت عليها المجلة، فإن بإمكان مشغلي الأقمار الصناعية وشركاء التوزيع التابعين لهم بصورة عامة تحديد موقع المعدات التي يوفرونها، وذلك لأنه عندما يتم تركيب صحن لاقط وإعداده لاستخدام الإنترنت فإنه يتحتم على المستخدم توفير موقعه الجغرافي، وإذا تم تزويد معلومات خاطئة فإنه لن يكون قادرا على الوصول إلى الإنترنت أو سيحصل على اتصالات رديئة.
وتظهر بيانات تحديد المواقع الجغرافية "جي بي أس" التي حصلت عليها شبيغل من عامي 2014 و2015 بوضوح أن مواقع الصحون اللاقطة مركبة بالتحديد في مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم الدولة، ويوجد العديد من هذه الصحون في حلب غير الخاضعة كليا لسيطرة التنظيم، وتوجد أيضا في مواقع مثل الرقة، والباب، ودير الزور، وعلى طول نهر الفرات داخل العراق ومدينة الموصل.
وتقول المجلة إنه من الناحية التقنية من السهل نسبيا على مشغلي الأقمار الصناعية قطع الوصول إلى الإنترنت، وكل ما يتطلبه ذلك هو نقرة واحدة، كما أن بإمكانهم تقنيا معرفة نوع البيانات التي يتم إرسالها أو استقبالها عبر الصحون اللاقطة.
وتضيف المجلة أنه من غير المرجح أن أيا من تلك الشركات تتعمد مساعدة أو دعم تنظيم الدولة، لكنها ربما تسعى ببساطة لزيادة أرباحها بغض النظر عمن يستفيد من خدماتها نظرا للتكاليف العالية للاستثمار في الأقمار الصناعية، أو أنها على علم تام بمن يستخدم خدماتها وتشارك تلك المعلومات مع أجهزة المخابرات.