من الظواهر السلبية التي لازمت مجتمعنا ولا زالت ، غياب ثقافة الحوار ، وهكذا نجد سطوة الكبير هي العليا داخل أغلب أسرنا ، وان كان على ضلال ، فالأب يسكت الأم ، والأخ الكبير يسكت الصبيان والبنات ، فيسود الصمت ويعلو صوت الإكراه ويعم الهدوء ، ولعمري هو ذاك الذي يسبق العاصفة .
ولتفادي الإرهاصات الكارثية الناجمة عن إسكات الغير وهضم حقه في التعبير ، من تعانف بين وخفي ، وانتشار للحقد والكراهية والبغضاء ، أضحى الحوار مطلبا أساسيا يجب استخدامه من قبل الأسر والمدارس في تربية النشء ، بل يفترض فيه أن يكون منهج حياتنا الحالية وأسلوبها القويم ، ما دامت العولمة توسع شيئا فشيئا من مدى الحريات الشخصية للأفراد .
ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه : أي حوار نريد ..؟
لا شك أن الحوار يتم بشكل من الأشكال في معظم بيوتنا ومدارسنا ، لكن الإشكال يكمن في نوعيته وجدواه . وعليه ، فلكي يكون حوارنا بناء وجديا ، يجب أن يسبقه اتفاق بين المتحاورين على مبادئ كبرى يخضع لها الحوار ، وحبذا لو كانت ذات طابع أخلاقي . وفي إطارها يتم السماح لكل طرف ، بالتعبير عن أفكاره وقناعاته بكل حرية دون قمع أو تحقير .
ومتى اقتنع طرفا الحوار بان الحقيقة نسبية لا يمكن لأي واحد أن يدعي امتلاكها ، مهما بلغت درجة ذكائه أو منزلته العلمية ، نكون قد أسسنا لحوار هادف يمكن أن يصير مع الزمن أسلوب حياة .
إن الحوار لا يساهم فقط في تحقيق النجاحات التربوية لدى الأطفال والمتعلمين ، بل ينمي لديهم الحس النقدي ،وهذا ما فتئت تتغنى به المقاربات الحديثة في علوم التربية هذه الأيام . فالطفل عندما يتحاور ، يتمكن من الوقوف عند مجموعة من الآراء المتباينة ، منها ما يوافق تفكيره ، ومنها ما يتناقض معه ، وهنا يستفيد شيئا جديدا ، ونعني به المقارنة ، .هذه الأخيرة تجعله يوسع أفق تفكيره فيصبح أرحب وأكثر قبولا للجدل والحجاج.
إن اقتناع الطفل بأن أفضل وسيلة للاتصال والتعلم ،والنمو العقلي والوجداني ، مرتبطة بشكل وثيق بالحوار ، تمكنه من قبول الآخرين الذين لا يشكلون عرقلة أمام الوصول إلى أهدافه ، وهذا ما يجعل منه كائنا اجتماعيا ، يؤمن بأن هناك رأيا ثانيا وثالثا ، وربما أكثر من ذلك ، ويقينه أن أحد هذه الآراء هو الأقرب إلى الصواب .
ولا يفوتنا التذكير بأن الحوار طالما أزال اللبس وسوء الفهم والتقدير في الكثير من الحالات ، بل وجنب الناس تعانفا وتقاتلا هم في غنى عنه ، وعوضهما بالتراحم والتعاون بعد التجادل بالحسنى .
وإذا كانت ناشئتنا تعاني نقصا واضحا في مهارة السؤال ، فمرد ذلك في الأغلب العام إلى نقص الحوار في مدارسنا وغلبة التلقين وحشو المعارف لداع أو بدون داع ، فالحوار ينعش السؤال وييسر بلوغ المرام، عن طريق استحضار آليات الحجاج وأدوات المنطق ، وتوظيف أساليب الاستفهام من أجل تقصي الحقائق واقتراح البدائل .
وختاما ، يظهر لنا بكل جلاء أن الحوار بين الأطفال والصغار أيسر وأسهل منه عند الكبار ، المفترض فيهم أن يكونوا قدوة ، فهؤلاء هم المروجون للصدام بين الحضارات ، مما يفتح الطريق أمام تناسل مصطلحات مواكبة من قبيل الإرهاب والعنف والتطرف .
إن الحوار كما أسلفنا، يفتح أبواب التعاون الذي يضمن الأمن والرفاه ، فلنجعله نبراسا نهتدي به لنتفادى سبل البغض والجفاء والانغلاق .
وإذا كانت ناشئتنا تعاني نقصا واضحا في مهارة السؤال ، فمرد ذلك في الأغلب العام إلى نقص الحوار في مدارسنا وغلبة التلقين وحشو المعارف لداع أو بدون داع ، فالحوار ينعش السؤال وييسر بلوغ المرام، عن طريق استحضار آليات الحجاج وأدوات المنطق ، وتوظيف أساليب الاستفهام من أجل تقصي الحقائق واقتراح البدائل .
وختاما ، يظهر لنا بكل جلاء أن الحوار بين الأطفال والصغار أيسر وأسهل منه عند الكبار ، المفترض فيهم أن يكونوا قدوة ، فهؤلاء هم المروجون للصدام بين الحضارات ، مما يفتح الطريق أمام تناسل مصطلحات مواكبة من قبيل الإرهاب والعنف والتطرف .
إن الحوار كما أسلفنا، يفتح أبواب التعاون الذي يضمن الأمن والرفاه ، فلنجعله نبراسا نهتدي به لنتفادى سبل البغض والجفاء والانغلاق .