سينصب مجهودنا في هذا المقــال على تقديم إطلالة على النظرية الماركسية و أول إشكال يتبادر إلى أذهاننا هو هل الماركسية نظرية علـمية؟، من هنا سنستحضر قولة فريديرك إنجلز الرجـل الثاني بعد كارل ماركس وردت في مقدمة كراس "حرب الفلاحين الألمانية- Der deutsche Bauernkrieg" و التي سنعمل على تفكيكها، و مفادها هو كالآتي: "الاشتراكية منذ غدت علما وجب أن تؤخذ مأخذ العلم"[1]
إن الإشكـال المطروح أمامنا و المتمثل في إن كانت الماركسية علمـا أم لا؟ يعد من أهم الإشكالات التي تطرح في سبيل انتقـاد الماركسية عموما، فاعتبـار المـاركسية علمـا في نظر بعض النقاد يعد من مفارقات الفكر الماركسي أو بعبارة أدق يعد من التناقضات التي تعاني منها الماركسية، و لكن قبل الخـوض في هذا النقاش الذي لطالما أثار كبار المفكرين وجب علينا من الناحية المنهجية ذات الصيغة العلمية التطـرق للسياق التاريخي-الاجتماعي الذي أدى إلى نشوء النظرية الماركسية و من تم تبلورها، فتطرقنا لهذا الجانب سيجعلنا نرفع اللبس عن مجموعة من المغالطات التي تمرر على النظرية الماركسية عمـوما و هذا لا لشيء إلا من أجل محاولة تقديم مقاربة علمية/موضوعية لها، هذا من جانب من جانب آخر سيمكننا التحديد التاريخي-الاجتماعي من معرفة مدى علمية النظرية الماركسية فكما يقول المفكر اللبناني مهدي عامل:
" ليـس من فكـر نمـوذج، و ليـس على نمـوذج ينبنـي الفـكر العـلمي. و لئن كانت المـعرفة التي ينتجهـا هذا الفكر نسبية، فهي نسبية، لا بقيـاسها على مطـلق من المعرفة ينتجـه فكـر-نمـوذج، بل بضـرورة طـابعها التـاريخي. فعلميتهـا قـائمة في الحدود التي ترسمـها شروطهـا التـاريخية المـادية، تلك التي هي فيهـا تنتج.[2]"
مما سيجعلنا نقوم بإخضاع النظرية الماركسية للمادية-التاريخية التي تعد جزءا لا ينفصم منها.
لقد نشأت النظرية الماركسية على يد كل من كارل ماركس و فريديريك انجلز و كغيرها من النظريات العلمية لم يكن من الممكن للمـاركسية أن تظهـر كعـلم إلا في فترة تاريخية معينة، و بالخصوص مع تطـور نمط الإنتاج الرأسمالي و تسرب علاقات الإنتاج البرجوازية إلى أنحاء العالم و التي أبانت عن طبيعتها التناحرية بتمركز الغنى في قطب و الفقر في قطب نقيض، ورد في كتاب موجز تاريخ الفلسفة:
"جاءت ولادة الماركسية في فترة التحولات الديمقراطية-البرجوازية في أوروبا الغربية. في تلك الفترة لم تعد البرجوازية، في أغلب البلدان الأوروبية، طبقة ثورية معنية بالمضي بالتحولات الديمقراطية-البرجوازية إلى نهايتها. ذلك أن القوة المحركة للثورة البرجوازية أصبحت، منذ الآن، تتمثل في البروليتاريا، و البرجوازية الصغيرة الدينية، و الفلاحين. لذا اكتسب النضال من أجل الديمقراطية، التي وقفت البروليتاريا في طليعة المنادين بها، طابعا نوعيا جديدا حقا. [3]"
فمن اللاعلمي إذا الحديث عن إمكانية ظهـور الماركسية في مرحلة نمط الإنتاج الإقطاعي أو العبـودي..، فكل فترة تاريخية تطرح مشاكلها و مهامها. قس على ذلك يجب استيعاب بأنه لا يمكن لأي نظرية علمية أيا كانت أن تأتي من فراغ فهاته الأخيرة على عكس الوحي الديني أو الإلهام الإلهي القائلة به كل الطروحات اللاهوتية، لا تأتي كبنيان مكتمل غير قابل للنقد صادر عن عقل مطلق، بل هي صادرة و مستخلصة من واقع حي/متغير و مبنية على نظريات و معطيات سابقة ناتجة هي الأخرى عن تفكير الإنسان في علاقته مع ذاته و محيطه، و تتطور -أي النظريات العلمية- بتطور المجتمع البشري، من هنا فإن الماركسية قد تمخضت عن نظريات و معارف سابقة و تبلورت بتبلور المجتمع الإنساني. و من هذه النقطة بالذات تبرز لنا إشكالات جديدة على المستوى المعرفي/الإبستيمولوجي من قبيل: ما العلاقة القائمة بين من الماركسية و المعارف التي إنبنت عليها، هل هي علاقة تطورية ذات منحى خطي مستمر؟ أم علاقة قطيعة صفت حساباتها مع سابقاتها من المعارف؟. نعلم علم اليقين بأن الإشكالات من هاته الطينة هي أرقى من أن يتم التعسف عليها فكريا بإعطائها حيزا ضيقا!! فهو إشكال من الممكن أن يشكل موضوع دراسة في بحث آخر. و لكن بالرغم من ذلك فإن تطرقنا لهذا الإشكال سيكون له أهمية في توضيح العديد من الجوانب
لتقديم إجابة عن الإشكال المطروح لابد لنا و إن بدا هذا من البديهيات التعرف على المعارف و النظريات التي إنبنت عليها الماركسية نفسها.
يقـول فلاديمير لينين بصدد المصادر المشكلة للنظرية الماركسية:
" إن مذهب ماركس لكلي الجبروت، لأنه صحيح، و هو متناسق و كامل، و يعطي الناس مفهوما منسجما عن العالم، لا يتفق مع أي ضرب من الأوهام، و مع أية رجعية، و مع أي دافع عن الطغيان البرجوازي. و هو الوريث الشرعي لخير ما أبدعته الإنسانية في القرن التاسع العشـر: -الفلسفة الألمانية-الاقتصاد السياسي الإنجليزي-الاشتراكية الفرنسية"[4].
إذا يتبين لنا بأن الماركسية هي الوريث الشرعي لخير ما أبدعته الإنسانية في فترة تاريخية محددة في ق19 على حد قول فلاديمير لينين، و المقصود هنا بعبارات "كلي الجبروت/صحيح/متناسق و كامل" هو المرونة في مسايرة الوقائع الجديدة بمعنى تغيرها مع تغير الواقع، ولا يتم ذلك بإخضاع الماركسية للتأويل أو التوفيق كما هو الحال مع النصوص الدينية، بل لأن مهمتها محددة أصلا في تقديم قراءة علمية للواقع و من تم العمل على تغييره بناءا على المستخلص من القراءة العلمية. و هذا كملاحظة فقط.
أما بالنسبة للمصادر المكونة للنظرية الماركسية فنجد كما ورد في المقتطف أعلاه: الفلسفة الألمانية، الاقتصاد السياسي الإنجليزي، الاشتراكية الفرنسية.
فيما يخص الفلسفة الكلاسيكية الألمـانية و التي نعتها ماركس و إنجلز "بالإيديولوجيا الألمانية Die deutsche Ideologie – " فالمقصود هنا بالخصوص جدل/ دياليكتيك هيجل المثالي و مادية فيورباخ الأنثروبولوجية، فالدياليكتيك الهيجيلي و المادية الميكانيكية عموما و مادية فيورباخ على نحو خاص كانا من أرقى ما توصل إليه الفكر الإنساني على المستوى الفلسفي آنذاك، و بالتالي فإن انطلاقة النظرية الماركسية ستكون بنقد كلا الفلسفتين.
يقوم الجدل على مبدأ أساسي وهو أن كل شيء في تغير و حركة و أن كل حركة و تغير قائمين على تناقضات داخلية تؤدي إليهما، مما يجعل الجدل نظرة إلى العالم ككل في ديناميته و تناقضاته. و لم يكن الديالكتيك/الجدل قط إبداعا لهيجل بل كان نتاجا لاكتشافات الفكر الإنساني و الذي بدا بشكل واع مع الفيلسوف اليوناني الطبيعي "هيراقليطس"، فهذا الأخير و بالرغم من أنني لا أريد أن أسقط في جدال "المركزية الأوروبية" إلا أنه أول/أقدم من وصلتنا كتاباته في هذا المجال و التي عبرت عن حدس وفطنة لا مثيل لهما يقول: "... إن الكون الذي يبقى دائما نفسه بالنسبة لكل الناس، لم يخلق من طرف أي إله، أو أي إنسان، فهو دائم أبدا. و هو كائن الآن، و سيبقى أبدا دقيقا و أبدا حيا، يشتعل بقدر و ينطفئ بقدر، تعيش النار بموت الهواء، و يعيش الهواء بموت النار، الماء يعيش بموت التراب، و التراب يعيش بموت الماء... ]هكذا فإن [ الحركة الصاعدة و الحركة النازلة متماثلتان.. في مركز الدائرة تنطبق البداية و النهاية... يجب أن نعلم أن الحرب كونية و أن الصراع هو العدالـة..."[5]، بهذا نجد أن هيراقليطس يعتبر بأن سر الوجود و صيرورته كامنة في الصراع و لقد عبر عن فكره المادي بامتياز حين اعتبر بأن الصراع قائم في الطبيعة في استقلالية تامة عنا و بأن الإنسان خاضع لمنطق الصراع باعتباره جزءا من الطبيعة يقول: "... إننا ننزل ولا ننزل في نفس النهر و إننا موجودون و غير موجودين..."[6] ، "... الصـراع ملك جميـع الأشيـاء و أبوها، و هو الذي جـعل من البـعض آلـهة و من البـعض الآخـر بشرا، كمـا جعل من البـعض عبيــدا و من البـعض الآخـر أحـرارا."[7]
و بالتالي فإن طرحا من هذا القبيل يعد علميا في الشروط و الظروف التي أنتج فيها، فأساس المنهج العلمي هو الانطلاق من الواقع في ديناميته، و هذا ما قام به الفيلسوف الطبيعي هيراقليطس و بالرغم من عدم خلو تصوره من عناصر مثالية/تأملية إلا أنها لم يكن من الممكن تجاوزها في ظل الظروف التي أنتج فيها الطرح الهيراقليطي، كما أن نقدها شرط للتقدم المعرفي و العلمي.
إذا فالجدل نجده حتى في الفلسفة الطبيعية الإغريقية و إشارتنا لهيراقليطس كانت من اجل التأكيد على الوحدة القائمة في الفكر الإنساني على عكس المعالجات التي تقوم بالفصل و معالجة إنتاجات الفكر الإنساني على شكل بنيات منفصلة لا علاقة قائمة بينها.
أما فيما يخص الجدل الهيجيلي نسبة إلى الفيلسوف الألماني هيجل نجده بالرغم من إيمانه بالحركة و التغير المطلقين فإنه يختلف عن الجـدل الهيراقليطي بكشفه لقوانين الجـدل وعدم اعتبار هذا الأخير ماديا، و يعود الفضل لهيجـل في إعادة المنهج الجدلي إلى حيز الوجود بعدما تم التغاضي عنه إبان المرحلة القروسطية/الإقطاعية بأوروبا و التي شهدت هيمنة الكنيسة.
إن الجدل الهيجيلي جدل مثالي، غير أن فلسفة هيجل ككل ليست بمثالية ذاتية كما هو الحال عند الأسقف بيركلي بل هي مثالية موضوعية تقر بعالم موضوعي مستقل، غير أن هذا العالم نتاج للفكر (العقل المطلق)، و الجـدل كذلك، فهذا الأخير قائم على مستوى الفكر و الجـدل على مستوى الواقع ما هو إلا انعكاس للجدل القائم في الفـكر. فالدياليكتيك عند هيجـل كما يقول انجـلز ما هو إلا تطور الفكرة المطلقة[8]. فالعقل هو الذي يحكم التاريخ الكوني ككـل كما ورد في كتاب هيجل "العقل في التــاريخ": "التاريخ الكوني هو تجــلي المسار الإلهي المطلق للعـقل في أعـلى أشكـــاله: المسار التدريجي الذي بواسطته يصل إلى حقيقته و يعي ذاته... إن مبادئ العقول الشعبية في تواليها الضروري، ليست سوى فترات العقل الفريد و الكوني.."[9]. إن كل تطور و تغير يطرأ لا سواء على التاريخ و المجتمع ما هو إلا انعكاس للحركة الذاتية للفكـرة المطلقة، يقـول انجـلز بصدد الدياليكتيك الهيجيـلي: " فالتطور الدياليكتيكي الذي يظهر في الطبيعة و التاريخ، أي العلاقة السببية للارتقاء من الأدنى إلى الأعلى عبر جميـع التعرجـات و جميع الخطوات الموقتة إلى الوراء، إن هذا التطور ليس عند هيجل سوى انعكاس لحركة الفكرة، لهذه الحركة الذاتية التي تجري منذ الأزل في مكان مجهول و لكنها تجـري، على كل حال، بشكل مستقل عن كل دماغ إنساني مفكر."[10] و لقد قام هيجـل بتطوير القوانين العـامة التي تحكـم الجدل باعتبارها قوانينا للفـكر في كتابه المنطق و هنا تكمن جدته.
إذا كان هيجـل قد اكتشف الجدل على مستوى الأفكـار فإن ماركس اعتبره مـاديا قائما بذاته في الواقع الموضوعي، وبالتالي لم يكن هناك قلب للجدل الهيجيلي بل اكتشاف لمصدر انعكاس الجدل في الأفكار. و لم يكن من الممكن لماركس الوعي بذلك من خارج الفكر المادي. و نشير هنا بالخصوص لمادية فيوربـاخ.
كما هو معلوم فإن إشكـالية الفكـر و الواقع من الإشكاليات المركزية في الفلسفة على مر العصور، و باعتبارها المحدد الرئيسي في تقديم فهم للعالم و الإنسان معا، إمـا فهم مثـالي أو فهم مادي، فلا يمكن لأي فلسفة تناول مقاربتها من خارج هاته الإشكـالية.
و بالرغم وجود مجموعة من النزعات المادية عند سكان الشرق القديم أو غيرهم من سكان الأرض القدماء، إلا أنها ظلت محـدودة مقارنة مع التصورات المثالية/التأملية (الأساطير)، و التي كما سبق و ذكرت لم يكـن من الممكن تجـاوزها. إن التفسيرات المثالية للعالم كانت ضرورية في لحظات تاريخية معينة انعدمت فيها الوسائل الضرورية للسيطرة على الطبيعة و التمكن من فهمها[11]، فكما يقول انجلز:
"اعتاد الناس أن يفسروا نشاطهم بتفكيرهم بدلا من أن يفسروا بحاجاتهم (التي تنعكس مع ذلك بكل تأكيد في رؤوسهم وتصبح واعية)، وهكذا نشأ مع الزمن هذا المفهوم المثالي عن العالم، الذي ساد العقول ولاسيما منذ انهيار العالم القديم. وما يزال هذا المفهوم سائدًا إلى حد أن أوفر علماء الطبيعة نزعة مادية من مدرسة داروين لا يستطيعون حتى الآن أن يكونوا فكرة واضحة عن منشأ الإنسان"[12].
و عن محاولة تفسير العالم ماديا نجد المدرسة الأيونية في شخص فلاسفتها الطبيعيين خير مثال، بحيث تم رفض كل التفسيرات الأسطورية السائدة آنذاك و أقاموا تفسيرات انطلقت من الطبيعة/الواقع بدلا منها. و سميت مادية الأيونيين بالمادية الساذجة.
إن الفلسفة المادية هي من بين الفلسفات التي ترفض كل تفسير لا يجد جذوره في الواقع لذا تجد في العلم المساند الوحيد، فتتطور بالمحاذاة مع هذا الأخيـر. فعرفت ركودا نسبيا إبان القرون الوسطى في أوروبا التي تم فيها رفض كل تفسير لا يخضع للكتـاب المقدس. و لم تعد إلى الواجهة بقوة إلا في مرحلة نضج الشروط الموضوعية للثورات الديمقراطية البرجوازية بعد صراع مرير مع الإقطاع و إيديولوجيته. فكان لتطور العلوم دور حاسم في تأكيد طروحات الفلسفة المادية، فساد في أواخر القرن 18 ما يسمى بالمادية الميكانيكية، غير أنه في مرحلة تاريخية معينة- بعد تثبيت البرجوازية لدعائم حكمها- بدأ يتم التهجم على الفلسفة المادية و العودة إلى التفسيرات المثالية، فبعد أن كانت هذه الفلسفة هي حليفة البرجوازية إبان صراعها مع الإقطاع أصبحت أكبر عدو لها و للديمقراطية عموما، يقول لينين:
"ففي غضون كل تاريخ أوروبا الحديث، و لاسيما في أواخر القرن 18، في فرنسا، حيث نشب نضال حازم ضد كل نفايات القرون الوسطى، ضد الإقطاعية في المؤسسات و الأفكار، كانت المادية الفلسفة الوحيدة المنسجمة إلى النهاية،و الأمينة لجميع تعاليم العلوم الطبيعية، و المعادية للأوهام و لتصنع التقوى، الخ... لذا بذل أعداء الديمقراطية كل قواهم "لدحض" المادية، لتقويضها، للافتراء عليها، و دافعو عن جميع أشكال المثالية الفلسفية..."[13].
لقد دفعت مادية فيورباخ بالمادية الميكانيكية إلى أقصى حدودها كما سبق و أن فعلت مثالية هيجل بالفلسفة المثالية و النظرية الليبرالية. فأتت المادية الجدلية كنفي للنفي، بعدما أخضع ماركس و انجلز الفلسفتين للنقد و اعتبرا كلاهما ناقصتين، فتم تحرير الجانب الثوري لفلسفة هيجل من قالبه المثالي على حد تعبير انجلز و المتمثل في الدياليكتيك، و تم انتقاد نواقص مادية فيورباخ التي لم تقدر أهمية النشاط العملي و الجذور الواقعية للدين. يقول ماركس في موضوعات حول فيورباخ موضحا هذا:
" إن النقيصة الرئيسية في المادية السابقة بأسرها – بما فيها مادية فيورباخ – هي أن الشيء (Gegenstand) ، الواقع ، الحساسية، لم تُعرض فيها إلا بشكل موضوع (Objekt) أو بشكل تأمل (Anschauung) ، لا بشكل نشاط إنساني حسيّ، لا بشكل تجربة، لا من وجهة النظر الذاتية . ونجم عن ذلك أن الجانب العملي، بخلاف المادية، إنما طورته المثالية، ولكن فقط بشكل تجريدي، لأن المثالية لا تعرف، بطبيعة الحال، النشاط الواقعي الحسي كما هو في الأصل . و فيورباخ يريد الموضوعات الحسية التي تتميز في الحقيقة عن الموضوعات الفكرية ، ولكنه لا ينظر إلى النشاط الإنساني نفسه بوصفه نشاطا واقعيا (gegenstandliche). ولهذا لم يعتبر في كتابه « جوهر المسيحية » شيئا إنسانيا حقا إلا النشاط النظري، في حين أنه لم ينظر إلى النشاط العملي ولم يحدده إلا من حيث شكله التجاري الوسخ. و لهذا، لا يدرك أهمية النشاط « الثوري » ، « النقدي–العملي » ."[14]
إن المادية الجدلية أتاحت لمـاركس و انجلز توسيع نطاق بحثهما، عن طريق كشفهما عن القوانين التي تحكم التاريخ و المجتمع، فقاما بصياغة المفهوم المادي للتاريخ (المادية التاريخية)، مؤسسين بذلك "علما" بكل ما تحمله الكلمة من دلالة في ميداني الاجتماع و التاريخ، اللذان سبق و أن أخضعتهما مجمل النظريات لتفسيرات عرضية بحجة أنهما يختلفان عن الظواهر الطبيعية بالتالي استحالة القبض على قوانين تحكمهما. يقول لينين بصدد المفهوم المادي للتاريخ:
" إن اكتشاف المفهوم المادي للتاريخ، أو بتعبير أدق تطبيق و توسيع المادية بدأب و انسجام حتى تشمل ميدان الظواهر الاجتماعية، قد قضى عل عيبين رئيسيين في النظريات التاريخية السابقة. أولا لم تكن هذه النظريات تأخذ بعين الاعتبار، في أحسن الحالات غير الدوافع الفكرية لنشاط الناس التاريخي، دون أن تبحث عما يولد هذه الدوافع، دون أن تستشف أي قانون موضوعي في تطور نظام العلاقات الاجتماعية ، دون أن ترى جذور هذه العلاقات في تطور نظام العلاقات الاجتماعية، ثانيا: كانت النظريات السابقة تهمل على وجه الضبط ، نشاطات جماهير السكان بينما مكنت المادية التاريخية، لأول مرة، من دراسة الظروف الاجتماعية لحياة الجماهير و تغيرات هذه الظروف بدقة العلوم الطبيعية."[15]
لقد فسرت المادية التاريخية السبب الذي أدى إلى انقسام المجتمع إلى طبقات و من تم صراعها و المتمثل في قلة الإنتاج، كما كشفت عن عدم ثبات أشكال المجتمع التي تتحدد بأنماط الإنتاج والمتغيرة هي الأخرى. و هذا سيساعدها على فهـم مجمـوعة من الميادين الأخرى و هو ما سنأتي على ذكره في هذا المحور و محاور قادمة. كما يجب توضيح أن المادية التاريخية لم تعتبر قط أن العنصر الاقتصادي هو العنصر الحاسم الوحيد في العملية التاريخية، و هو ما يمرر كافتراء دائما على النظرية الماركسية و لقد سبق لانجلز أن تطرق لهذا الإشكال في رسالته إلى يوسف بلوخ (في كونيغسبرغ، إلى لندن في 21-22 أيلول"سبتمبر" 1890) :
)...( وفقا للمفهوم المادي عن التاريخ، يشكل إنتاج الحياة الفعلية العنصر الحاسم، في آخر المطاف، في العملية التاريخية. وأكثر من هذا لم نؤكد في يوم من الأيام، لا ماركس و لا أنا. إما شوه أحدهم هذه الموضوعة بمعنى أن العنصر الاقتصادي هو، على حد زعمه، العنصر الحاسم الوحيد، فإنه يحول هذا بالتأكيد إلى جملة مجردة، لا معنى لها، و لا تـدل على شيء."[16]
من هنا يتبين أنه مع كل من المـادية الجدلية و التاريخية يغدو " الديـاليكتيك علمـا بالقوانين العامة للحركة سواء في العالم الخارجي أم في الفكر الإنسـاني"[17]، بالتالي لا محيد عنه في مقاربة كل الظواهر طبيعية كانت أم إنسانية أو اقتصادية، و هذا ما نجده ممثلا في الإقتصاد السياسي المـاركسي.
إن العلاقة التي تربط بين مكونات الماركسية هي علاقة دياليكتيكية، فكل مكون من مكوناتها يكمل الآخر و لا يمكن أن يوجد بمعزل عن المكونات الأخرى، فلا يمكن الحديث على سبيل المثال عن المادية التاريخية بمعزل عن المادية الجدلية، فما الأولى إلا استخدام للمنهج المادي الجدلي في الكشف عن القوانين التاريخية، و ما قوانين المادية الجدلية إلا استخلاص لقوانين التاريخية، كما لا يمكن الحديث عن اشتراكية علمية بمعزل عن الإقتصاد السياسي الماركسي و العكس صحيح، و هكذا.
إذا فإن أية محاولة للفصل بين مكونات الماركسية يقوضها بشكل أو بآخر، و هو ما نجده عند مجموعة من الماركسيين الذين لم يستطيعوا استيعاب ذلك، فستالين على سبيل المثال يقوم في مؤلفه المادية الدياليكتيكية و التاريخية بعزل الأولى عن الثانية بشكل مضمر باعتباره أن المادية الجدلية تشكل الأساس" الفلسفي-النظري" و المادية التاريخية تشكل الأساس "العلمي-التاريخي"[18].
بالتالي فإن الاقتصاد السياسي الماركسي مرتبط أشد ارتباط بالمكونات الأخرى. فبعدما تم الكشف على أن البنية الإقتصادية للمجتمع هي المحددة لبنيته الفوقية، مع الدور النسبي الذي تلعبه هاته الأخيرة، كان من الضروري دراسة النظام الاقتصادي القائم "الرأسمالية" و تحليله، و كان ذلك من خلال دراسة الأساس النظري الذي يقوم عليه هذا النظام و المتمثل في الإقتصاد السياسي الإنجليزي بالخصوص لما بلغه من وضوح نظري في أكثر الدول الرأسمالية تقدما آنذاك. إن ممهدات الاقتصاد السياسي البرجوازي بدأت تظهر إلى حيز الوجود في اللحظة الذي بدأت تبرز فيه الطبقة الوسطى/البرجوازية في المجتمع الإقطاعي كطبقة منظمة منتجة وواعية بمصالحها، فنجد أحد أشهر فلاسفة العقد الاجتماعي و أبرز منظري الفكر الليبرالي عموما "جون لـوك" له كتابات متعددة في الإقتصاد من مثل كتاب "تــأملات في عــواقب تدنـي الفـائدة و ارتفــاع قيــمة المــال"، ولم يبلغ الاقتصاد السياسي البرجوازي ذروته إلا مع كل من آدم سميث و ديفيد ريكاردو، لقد حدد ماركس لنفسه هدفا و المتمثل في دراسة علاقات الإنتاج القائمة في النظام الرأسمالي، فدرس مجموع النظريات التي أنتجها الاقتصاد السياسي الانجليزي "القيمة-العمل-المنافسة الحرة"، ثم شرع في نقدها فأبان عن المحدد الرئيسي لقيمة السلعة و المتمثل في العمل و عن القيمة الزائدة التي ينتجها العامل و يستغلها الرأسمـالي و هي مصدر الربح بالنسبة للرأسمالي، فالعامل يغطي تكاليف أجره المدفوع أسبوعيا في أربعة أيام على أكثر تقدير و هو ما يسمى بالعمل الضروري ليتابع عمل باقي أيام الأسبوع بغير أجر و هو ما يسمى بالعمل الإضافي، فيشكل العمل الضروري إلى جانب العمل الإضافي مصدر القيمة الزائدة، من هنا رغبة الرأسمالي الدائمة في تمديد ساعات العمل وتخفيض الأجور، و تزداد هذه الرغبة حدة بسبب المنافسة من طرف رأسماليين آخرين، مما يولد صراعا بين الرأسماليين أنفسهم ينتهي ببلع الإنتاج الضخم للإنتاج الصغير مولدا بذلك الاحتكار أي مبدأ السيادة للأقوى، و الاقتصاد السياسي الكلاسيكي في أصله أتى لكي يقضي على الاحتكار و الحروب التي كانت سائدة بسيادة النظام الميركينتيلي، لكنه لم يقض على الجذور التي تؤدي إلى هذا الاحتكار و المتمثلة في الملكية الخاصة بل قام بتغليفها بصياغة مبدأ المزاحمة أو المنافسة الحرة و ذلك بمؤلف آدم سميث "ثروة الأمم"، لذا نجد انجلز يقول في معرض نقده للاقتصاد السياسي:
" ..في السياسة لم يكن أحد يحلم بدراسة قضية الدولة باعتبارها دولة، ولم يخطر للاقتصاديات أن تشكك في صحة الملكية الخاصة"[19].
فحل محل الصراحة الكاثوليكية النفاق البروتستانتي على حد تعبير انجلز، إن الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج هي السبب الرئيس في توليد الاحتكار و فقر الملايين و الإمبريالية ما هي إلا نفي للنفي أي عودة إلى النظام الاحتكاري الغير القائم على المنافسة الحرة و لكن ليس بنفس الكيفية الأولى (مغلف بالمنافسة الحرة). و قد ذهب ريكاردو إلى أن تناقضات النظام الرأسمـالي و مبدأ البقاء للأقوى هي قوانين طبيعية و أزلية و من صميم النفس البشرية. من هنا تأتي أهمية المادية التاريخية و الجدلية على حد سواء، مبينة أن صراع الأضداد يؤدي إلى تحول ثوري قس على ذلك عدم خلود أنماط الإنتـاج، فالمجتمع الرأسمـالي ما هو إلا مرحلة من مراحل تطور المجتمع البشري و الصراع الطبقي القائم فيه سيؤدي لا محالة إلى تحول ثوري للمجتمع كله أو بهلاك الطبقتين المتصارعتين. بالتالي فإنه كان من المستحيل لماركس و انجلز الكشف عن التناقضات القائمة في النظام الرأسمالي بدون إقحامهما للدياليكتيك و المفهوم المادي للتاريخ و الذي ساعدهما على إبداع نظرية القيمة الزائدة التي تشكل حجر الزاوية في الاقتصاد السياسي الماركسي على حد تعبير لينين و غيرها من النظريات. من هنا يجب استيعاب بأنه كان من المتعذر بل من المستحيل لديفيد ريكاردو و آدم سميث و غيرهم من الاقتصاديين البرجوازيين الكشف عن هذه النظريات لافتقارهم لآليات و ميكانيزمات التحليل الدياليكتيكي/العلمي أو بصيغة أخرى لعدم ضلوعهم بعلم القوانين العامة للحركة في الواقع الموضوعي.
بالتالي فلقد تم الكشف عن القوانين التي تحكم الاقتصاد الحر و فوضى الإنتاج التي يسببها، لقد كـان من الحتمي بعد سيادة النظام الرأسمـالي و سيطرة البرجوازية على السلطة السياسية، أن تبرز قوى نقيضة كرد فعل على فوضى الإنتـاج و عدم تحقق مجمـوعة من الأهداف التي رسمتها الثورات البرجوازية، كانت الطبقة العاملة آنذاك ما تزال ضعيفة، كمـا أن نظام فوضى الإنتاج كان يهدد باستمرار البرجوازية الصغيرة ذات الإنتاج الصغير بتحويلها إلى طبقة عـاملة، فجاء كعاقبة طبيعية لذلك بروز تصور لخلق مجتمع خال من الاستغلال مجتمع قائم على المساواة و العدالة الاجتماعية، و نشير هنا بالخصوص إلى الفرنسيين سـان سيمون و شارل فورييه مؤسسا الاشتراكية (الطوباوية)، غير أن نظريتهم هذه بسبب عدم نضج الإنتاج الرأسمالي لم تكن هي الأخرى ناضجة، فبالرغم من استيعابها للفوارق الطبقية القائمة لم تكن قادرة على إدراك جوهر الصراع الطبقي، و القوانين التي تحكم النظام الرأسمالي، لذا ظلت تصوراتهم سوى طوباويات، يقول انجلز:
" إن عدم نضوج الإنتاج الرأسمالي و عدم نضوج العلاقات الطبقية قد قابلتهما نظريات غير ناضجة، فإن حل المعاضل الاجتماعية، الذي كان ما يزال في طيات العلاقات الاقتصادية الي لم تنضج و لم تكتمل، قد لفق في الدماغ تلفيقـا، و لم يكن النظام الاجتماعي حافلا بغير النواقص و العيوب،..لذا كان ينبغي ابتداع نظام جديد، أرقى للبنيان الاجتماعي، و كان ينبغي فرض هذا على المجتمع القائم من الخارج،بالدعاية، و بمثال التجارب البيانية، لذا كان محكوما على الأنظمة الاجتماعية الجديدة مسبقا ألا تكون سوى طوباويات"[20].
لقد رأت الاشتراكية الطوباوية بأن تحقيق المجتمع الجديد لا يمكن أي يأتي إلا بإقناع الرأسماليين و أرباب العمل بالتنازل للعمال و التربية و نشر التنوير. بالتالي لم تكن مادية لم تعرف جوهر دوافع الرأسماليين "الناس يدخلون في علاقات إنتاج مستقلة عنهم"، كما لم تكن دياليكتيكية لقراءة الصراع القائم.
من هنا يمكن القول بأن علم الدياليكتيك كان المفتاح الرئيس لقراءة المجتمع و التاريخ و الطبيعة، فأدرك طبيعة المجتمع الجديد الذي يكمن في أحشاء النظام القائم، فالمجتمع الاشتراكي اعتبر حتميا، فالتناقض القائم بين ملكية وسائل الإنتاج "الخاصة" و علاقات الإنتاج التي أصبحت اشتراكية سيعيق تطور الإنتاج و القوى المنتجة، كما أن شرط انقسام المجتمع و المتمثل في قلة الإنتاج أصبح منتفيا في ظل النظام الرأسمالي "فائض الإنتاج" بالرغم من ذلك مازال المجتمع طبقيا، بالتالي فإن هناك كبحا للتقدم البشري، و كما سبق و أن ذكرت فإن التحليل العلمي/الاقتصادي أبان عن تلك التناقضات. إن الصراع بين البرجوازية و البروليتاريا "وحدة وصراع الأضداد"، باعتباره قانونا قائما في الطبيعة سيؤدي إلى تحول ثوري في المجتمع ككل و بهلاكه . لذا فإن قول الماركسية بحتمية المجتمع الاشتراكي ليست بيوتوبيا بل هي قائمة موضوعيا في النظام الرأسمالي، و هذا ما يميزها عن الاشتراكية الطوباوية بكونها إشتركية علمية.
و الآن بعد تطرقنا لمكونات الماركسية و مصادره بإمكاننا العودة إلى الإشكال الإبستيمولوجي الذي طرحناه في بداية المقال و هو العلاقة التي تربط النظرية الماركسية بمصادرها، هل هي علاقة امتدادية؟ أم علاقة قطيعة؟، إن هذه الإشكالات الإبستيمولوجية نجدها عند مجموعة من الدارسين و الباحثين فنجد القائلين بالاتصال "جيمس فريزر، أبل ري.." و القائلين بالقطيعة "باشلار".
إن هذه النظرة الأحادية الجـانب للأمور إما قطيعة و إما امتداد، هي بالطبع نظرة ميتافيزيقية لا جدلية، و أبرز القـائلين بقطيعة الماركسية بمصادرها الطرح الألثوسيري المتشبع بالباشلارية، بحيث أن الاقتصاد السياسي الماركسي قد أقام قطيعة نهائية مع الاقتصاد السياسي البرجوازي، و لم يكن للأول أن يوجد دون حدوث القطيعة، غير أن هذه القطيعة لم تحدث بالمعنى الباشلاري، فلقد اعتمـد الاقتصاد السياسي الماركسي على مفاهيم كل من آدم سميث و ريكاردو و انتقدها و كما ورد في محاورات صادق جلال العظم فإن المـاركسية لم تقم بالقطع مع الشحنة الإيديولوجية المضادة للإقطاع التي كان يحملها الاقتصاد السياسي الكلاسيكي بل طورتها، إذا الأجدر القول بأن العلاقة التي تربط بين الماركسية و مصادرها علاقة دياليكتيكية "جدل التواصل و التفاصل" بحيث انتقدت جوانب و طورت جوانب، و لم يكن من الممكن أن تقطع مع التصورات السابقة لها، كما أن مفهوم القطع يؤدي بنا إلى فهم و معالجة الماركسية و الاقتصاد السياسي و الجدل الهيجيلي كبنيات منغلقة و منفصلة عن بعضها البعض، مما يقوض الوحدة العضوية التي تؤكد عليها المادية الدياليكتيكية، لذا نجد ان مثل هذه المعالجات ضرب من المثالية الذكية كما عبر عنها لينين في مؤلفه المادية و المذهب النقدي التجريبي بحيث تتوشح المثالية بوشاح المادية بهدف تقويضها. كما أن التصور القائل بالتطور الخطي التراكمي تصور ميتافيزيقي هو الآخر لأحادية تصوره، لا يعير اهتماما للتناقضات مصدر التطور، "إن النفي الدياليكتيكي ليس فصلا مطلقا للجديد عن القديم، و إنما هو لحظة ضرورية للترابط في التطور"[21].
[1] -Vladimir Lenin, What Is To Be Done?, Translated: by Joe Fineberg and George Hanna, (Moscow : Lenin’s Collected Works, Foreign Languages Publishing House, 1961, Volume 5) pp. 360
[2] - مهدي عامل، في علمية الفكر الخلدوني، دار الفارابي 1986، ص 80
[3] - جماعة من الأساتذة السوفييت، موجز تاريخ الفلسفة، الجزء الثالث، تعريب: توفيق ابراهيم سلوم، دار الجماهير العربية 1977، ص7 و 8
[4] - فلاديمير لينين، مصادر الماركسية وأقسامها المكونة الثلاثة..مقالات، ترجمة إلياس شاهين، موسكو دار التقدم، ص3 و 4
[5] - رضا الزاوي، في الفكر الجدلي دراسة تحليلية نقدية و نصوص، منشورات عيون، الدار البيضاء 1987، ص 63
[6] - نفس المرجع السابق، نفس الصفحة
[7] - الدكتور ماجد فخري، تاريخ الفلسفة اليونانية، دار العلم للملايين، الطبعة الأولى مارس 1991، ص 36
[8] - ماركس انجلس مختارات، الجزء الرابع، موسكو دار التقدم، ص 42
[9] - رضا الزاوي، في الفكر الجدلي دراسة تحليلية نقدية و نصوص، الدار البيضاء منشورات عيون، 1987، ص68 و 69.
[10] - ماركس انجلس مختارات، الجزء الرابع، موسكو دار التقدم ، ص43
[11] - نجد كارل كاوتسكي في كتابه"الدين و الصراع الطبقي في المجتمع الشرقي العبودي القديم" يقدم تفسيرا يوضح ذلك:
"خدم الآلهة أولا كتفسير لعمليات الطبيعة التي لم تكن ارتباطاتها السببية قد فهمت بعد. كانت هذه العمليات غاية في التعدد ومن أشد الأنواع تبايناً، لقد تطلبت من ثم لتفسيرها خلق أكثر أنماط الآلهة تنوع اً واختلافاً، رهيبة ومبهجة، وحشية ورقيقة، ذكراً و أنثى. عندئذ، مع التقدم في معرفة العلاقات السببية في الطبيعة، أصبحت الآلهة الفردية غير ضرورية أكثر فأكثر، ولكن في مجرى آلاف الأعوام تجذرت بغاية الرسوخ في فكر الإنسان، وأصبحت مرتبطة غاية الارتباط باهتماماته اليومية، بينما لم تكن الطبيعة بأي حال كاملة تمام اً حتى تزيل الإيمان بالآلهة كلية. وجد الآلهة أنفسهم الآن مبعدين من مجال للفعالية بعد آخر، من كونهم رفقاء دائمين للإنسان، أصبحوا الآن ظواهر عجائبية غير عادية، إذ كانوا ذات مرة سكانا في الأرض، فقد نسبوا الآن لنطاقات فوق الأرض، في السماء، بعد أن كانوا نشيطين، عاملين ذوى طاقة ومحاربين، وأبقوا العالم في حالة اضطراب بلا كلل، أصبحوا الآن مُرَاقبين، مُتأمِلين للمشهد الكوني."، -الدين والصراع الطبقي في المجتمع الشرقي العبودي القديم- 1908- ترجمة سعيد العلمي.
[12] - فريديريك انجلز، دور العمل في التحول من القرد إلى إنسان، ص6
[13] - مصادر الماركسية وأقسامها المكونة الثلاثة..مقالات، فلاديمير لينين، ترجمة إلياس شاهين، موسكو دار التقدم، ص4
[14] - http://www.marxists.org/arabic/archive/marx/1845/feuerbach.htm
[15] - مصادر الماركسية وأقسامها المكونة الثلاثة..مقالات، فلاديمير لينين، ترجمة إلياس شاهين، موسكو دار التقدم، ص21 و 22
[16] - أنجلس، رسائل حول المادية التاريخية، الترجمة إلى اللغة العربية دار التقدم، موسكو 1980، ص6
[17] - ماركس انجلس مختارات، الجزء الرابع، دار التقدم موسكو، ص43
[18] - جماعة من الأساتذة السوفييت، موجز تاريخ الفلسفة، جماعة من الأساتذة السوفييت، الجزء الثالث، تعريب: توفيق ابراهيم سلوم، دار الجماهير العربية 1977، ص255
[19] - كارل ماركس، مخطوطات 1844، ترجمة محمد مستجير مصطفى، دار الثقافة الجديدة 1974، ص161
[20] - انجلس، الاشتراكية الطوباوية و الاشتراكية العلمية، مكتبة الإشتراكية العلمية، ترجمة دار التقدم موسكو، ص45
[21] - جماعة من الأساتذة السوفييت، موجز تاريخ الفلسفة، الجزء الثالث، تعريب: توفيق ابراهيم سلوم، دار الجماهير العربية 1977، ص57