الحب قد يأتي متأخراً – بقلم : علاء الغرباوي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
أنفاسكنت أعلم أنكِ الأجمل بين الحضور يا صغيرتي , ليس كونكِ ترتدين فستان زفافكِ ووصيفاتكِ يرفعون أكمامكِ البيضاء والملائكة الصغيرة تحمل شموعكِ , والمصاحف تبسمُ لنا بين الخزامى, بل لأن أحزان الزهور وجمال الملائكة يندرأن يتقاطعا في وجه أميرةٍ معلقة إلى صليبها في فستان زفافها ..
لم أشهق كالجميع حين ترقرقت دموعكِ وأنتِ تقطعين الكعكة , وسقط السكين الزهري من يدكِ فألتقطته ووضعتُ يدكِ الصغيرة في يدي كي نكمل تمزيق قلوبنا دون ضجة والهمهمات سهام سددت نحونا  , فقلبي الشاهد الوحيد على مسائكِ الأتي , على الأيدي المتباعدة فوق الجسور المحطمة , على وداع الحمائم للحمائم ذات عاصفةٍ ماجنة ..
راقصيني فقد كبرتُ كثيراً وحزنت كثيراً ,أحتاج لبعض الفرح كيما أعبر أنفاقي المتناثرة خلف أستار الفصول , لكل الجمال الذي أقاتل أشباح الحياة دفاعاً عن براءته , وتحتاجين لكل الفرح في حفل زفافكِ , تمايلي صغيرتي .. إبتسمي .. لا تطالعيني كثيراً فأنا أودع ثلاثيني وأنتِ كل الرقة الواقفة خلف أبواب العشرين  ...........,

 إنسابي مع الموسيقى فليس هناك  بشر أطهر من أولئك الذين يدوسون قلوبهم كيما يسعد سواهم , يدورون حول نيرانها في شجن , دوري معي يا فراشتي ولا تسلي كيف بتر الضوء أجنحتنا الزرقاء ..

لا تقطري نحوي عتباً فكم جهدتُ كي أزفكِ لأمير قلبكِ , لكن هزمتني طقوس العيش السخيف   ولم تزل معاولي بين هاتيك الصخور العنيدة , الآن أحملها على كتفي , أعبر بها ما تبقى من فصول , أشعر بآدميتي حين أحمل صخور غيري , فكم نبيلٍ يتمنى حمل الصخور وكم من الأشقياء  لا يشعرون بروعة حملها عبر منحنيات الحياة الكثيرة ,  دعينا نبسمُ قليلاً إذ ندور حول بعضنا , ننداح مع موسيقى الفلوت العذبة , نهمس للفصول المقبلة , نبادلها تحيات الأنخاب كي تبسم لنا في الدروب المؤجلة ..

قد يأتي الحب متأخراً حين يجهد ويشقى طوال اليوم كي يضع زهوره النبيلة في راحتيكِ , حين يضع إبنكما يدكِ الرقيقة في يده , حين يطرق كل أبواب الصيدليات في الهزيع الأخير من المساء كي يرد عنكِ المرض ويحضر الدواء , حين تتلون حياته بلونكِ , حين يراكِ الأجمل بين كل الأزاهير التي عبرته ........... ,

  يا صغيرتي .. ما أنبل الحب الذي قد يأتي متأخراً وما أحزن الحب الذي يذهب باكراً ..

هل تروقكِ الدبكة , أنظري كيف تهزنا  الربابة , كيف تجلو العتابا والميجنا صدأ المنافي من الوريد , كيف تزهر بلادنا الحبيبة في كل الأشياء , تعلمنا كيف نرقص في عذوبة حاملين كل صخور الحياة , سنكمل ليلتنا العذبة رغم  دوي الإنفجارات المتتالية وسنكمل حياتنا رغم كل هذا الأسى ,  أنقلي ساقكِ كما أفعل بخفة ورشاقة , تابعيني , نحن نثير الحضور برقصتنا الأخيرة , نمنحهم درساً مجانياً عن الحب والنبل ..

قبل عدة ساعات في حفل قرانكِ وفي هذي القاعة , حين قرأنا الفاتحة طالعتُ أميركِ المُرتجى جالساً في الصفوف الأخيرة , حضر بكل نبل كي يبارك زفافكِ لغيره متمنياً لكِ كل السعادة دونه , طالعني في حزن وأنسحب على عجل دون أن ينبس ببنت شفة , فكم كان نبيلاً وكم تركني حزيناً بينكما ..
الآن أجلس وحدي في صالة الزفاف بعد أن غادرتِ لعشكما الصغير, أزف ضوضاء أصابعي لعتمة الورق , يرسمكِ قلبي دون رتوش وأنا أزفكِ للقصيدة , وأسل نفسي لماذا يتحول كل شيئٍ في حياتي إلى قصائد .. إلى قطعٍ موسيقية .. إلى تماثيل ..  لكنكِ كغيركِ ..  لن تري قلبي أبداً ..

صغيرتي .. تهانينا

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة