غِيَابُ وَطَن - بقلم: عبير بني نمرة

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
أنفاسأُنْهِي شَغَبَ التَسَاؤِلِ فِي حُمَى الوَجِعِ الأَزْرَقِ، تَتَدَلَى ذَاكِرَتِي بِلا أَقِدَام ،وََتَتَلاصُقُ أَشْلائِي المُقَدَدَةِ أَمَامَكَ دَرْوِيش ،أَفْتُقُ حَقِيبةَ الوَطِنِ اللازُورْدِيَةِ وَأَنْعَى المَوْتَ بَيْنَ أَرْجَائِكَ، يَحْتَطِبُنِي الثَرَى وَقُودَاً فِلِسْطِينيَّ الدَّمْعِ ،لَيْلَكِيَّ الوَجَعِ .
رَحَلْتَ وَشِفَاهَ البَنَادِقِ غَيْرَ مُنْضَبِطَة ،وَرُمُوشَ الوَطَنِ حُبْلَى بِأَقْفَالِ الزَنَابِقِ ، انْطَوَتْ قَلائِدُ يَافَا بَعْدَكَ،وَانْحَنَتْ صُلْبَانُ المَسَاجِدِ ،وَتَكَشَّفَتْ حُرِيَةُ الأَصْقُرِ بِلا مَخَالِب.
الآن مَاتَ البَحْرُ وَدُفِنَتِ الشَوَاطِئُ مُنْكَسِرَةَ المَوْجِ ، بَقِيَ لَنَا القَلِيلُ الذَي يُدَغْدِغُ ذَاكِرَةَ الرَّمَلِ ،وَبَقِيتِ أَصَابِعُ النَّايِ إِبَاحِيَةَ الغِيَابِ .
عَلَى خَاصِرَةِ الجَمْرِ انْتَهَى التَارِيخُ،وَبَدَأَ هُنَا العَزَاءُ وَهُنَاك ،وَاسْتَظَلَتْ أَفْيَاءُ الجَسَدِ فِي ضَرِيحِ الذَاكِرَةِ ، وَسَدِيمُ الرَصَاصِ انْحَفَرَ فِي ثَدْيِ امْرَأَةٍ تُرْضِعُ طِفْلَهَا نَبِيذَ الشَّفَقِ ،تَسَلَّحَ الحِصَارُ بَيْنَ أَنَايّ وَجَدَائِلُ السََّمَاءِ تُقَّشِرُ السَّمَاءَ غَيْمَةً بَعْدَ غَيْمَةٍ .
خَامَرَتْنِي خَيْبَةٌ مَكْتُومَةُ الرَعْشَةِ عَلَى أَرْصِفَةِ الصَدِيدِ ،فَلَمْ يَعُدْ هُنَاكَ مَا يَكْفِي لأُمَرْهِمَ جُرْحِي اللامُنْدَمِلِ ،بَعْدَ أَنْ عَادَتِ المَقْبَرَةُ الأُولَى إِلى غَمْزَةِ العَسَلِ .
سَأَغْسِلُ ظِلَّ السَّمَاءِ مِنْ غُبَارِ المَرَايا النَابِحَةِ وَأُؤَجِلُ الصَمْتَ إِلى حِينِ عَوْدَتِكَ،فَكُلُّ نَوَايَا المَوْتِ تَشَقَقَتْ أَمَامَ أَبْجَدِيَتِكَ ،وَاسْتَعْصَتِ السَّمَاءُ عَلَى الغُرَبَاءِ ،ذَهَبْتَ حَيْثُ تُؤَجَلُ القَصِيدَةُ.. إِلَى كُثْبَانِ اللوَزِ المُعَصْفَرِ ،سَتَكُونُ غَفْوَةُ الحَرْفِ وَسَيَكُونُ نُزُوحُنا مِنْكَ إِلَيْكَ ...
ذَهَبَتْ صَبَاحَاتُ ذَاكِرَتِكَ ، وَبَقِيَ رِثَاءُ البَنَفْسَجِ مِنْ عَلَى نَعْشِ ابْتِسَامَتِكَ ، سَتَغْفُو قَصَائِدُكَ التَي لَمْ تُكْتَبْ مَعَكَ ،وَتَعُودُ إِكْلِيلاً وَذَاكِرَةً وَفَارِسَاً عَلَى ظَهْرِ الحِصَانِ ...سَيَسْتَيْقِظُ الشُهَدَاءُ وُرُودَاً عَلَى نُعُوشِ مَوْتِكَ ،وَسَيُغَطِي صَوْتُكَ قُضْبَانَ الشَتَاتِ .
إِلَى حَيْثُ ذَهَبْتَ سَتَأْتِيكَ عُيَونُ الوَطَنِ ،وَيَعْزِفُ جُثْمَانُ الرَحِيلِ أَوْتَارَ حَنْجَرَتِكَ مِنْ أَوَلِ حَرْفٍ حَتَى آخِرِ وَدَاع ، وَيُصَلِي الشَّفَقُ عَلَى خَارِطَةِ وَجْهِكَ الغَائِبِ ،كُنْتَ الوَطَنَ وَأَصْبحْتَ شَهِيدَ الوَطِنِ ،سَتَلْثُمُ الليْلَةُ القَمْرَاءُ حُمْرَةَ تُرَابِكَ ، وَتَمْلَؤُ فَرَاغَ المَنَابِرِ بِرَائِحَةِ شِفَاهِكَ ..
مِنْ حَيْثُ انْتَهَتْ سَوْرَةُ الأُقْحُوانَاتِ الشَارِدَةِ ..مِنْ حَيْثُ اسْتُشْهِدَتِ القَصِيدَةُ سَتَعُودُ وَبَيْنَكَ حُرِيَةُ السَّنَابِلِ .

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة