"مذكرات طفل حزين" – قصص : حميد ركاطة

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
أنفاسمن مذكرات طفل حزين:
كانت جدتي تنبهني في حنق كلما غادرنا القرية باتجاه الجبل بعدم التحديق في نوافذ بيت نبت فجأة وسط حقول الكروم، بدعوى أن به ساحرة ، سلبت ألباب الثقاة وحولتهم الى فراشات تتلذذ باحتراقها كلما جن الليل .
لكن جدي أجابني مبتسما لما سألته بعد إلحاح كبير بكون السر يكمن في عنب كرومها الضاجة بالحياة ، وسحر لهيب البيت المليء بالعصافير المغردة ،التي تنسيه قرف حكايات جدتي ، وقبح فزعات القرية الرهيبة.
تخريف :
وهو جالس أمام صينية شاي بديعة ، أحجم عن صب ولو كأس واحدة ، دون الحديث عن قضيته البالغة الأهمية التي استدعى ضيفه من أجلها . فكان يضع شخصه الكريم في صلب الأحداث  يشذب ببراعة بستاني كثيرا من الحكايات يحورها يمطط بعضها حتى تصير مرصعة ببهيج القول وأحسنه ، فجأة نظر في عيني جدتي الصامتة وثارت ثائرته ، وكأنها تدخلت لتعديل مسار فكرته الطائشة ، ثم نظر إلي وأنا مطرق رأسي في سهو فنهرني بشدة على استهتاري وقلة أدبي ، وأخيرا التفت إلى ضيفه الكريم مستأنفا حديثه ببرودة أعصاب متصنعة ، ناسجا كالعنكبوت خيوطه حول موضوع آخر ..
سأله الضيف في وقار وخجل عن القضية التي استدعاه خصيصا لسماع أحداثها المثيرة ، فأطرق الجد برأسه إلى الأسفل ساهما لهنيهة ، ثم بدأ ينسج حكاية جديدة مسلما في الخيوط الواهنة لحكاياته السابقة .نظر في وجه جدتي ثانية وقد عقدت حاجبيها كمقص رقيب على جنونه واستهتاره ثم أردف قائلا:
يبدو أن الحكايات الأولى قد فقدت بريقها وكي لا أستأثر بالكلام لوحدي أرجو أن تحدثني يا ضيفي العزيز عن القضية البالغة الأهمية التي جئت لحكايتها.

 Silence on tourne !:
سمع عفار لغوا صاخبا في الأسفل ، أطل من ثقب في النافذة ، فاستعصت عليه الرؤية ، هم بفتحها ، فأحجم متراجعا إلى الوراء ، أخذ يحوم داخل غرفته المظلمة ، ونبضات قلبه تكسر هدوء الليل ، فجأة سمع طلقات متولية ، وصراخا قويا ، ركض من جديد نحو النافذة فتحها على عجل  فلاحت له امرأة مسجاة على الأرض مدرجة في دمائها ن فهب في جنون نحو الباب ، هم بالخروج فتلقفه مخبران بنزق
وهو مكبلا بالأصفاد داخل عربة الشرطة أثنت زميلته بإعجاب على أدائه المميز ، فصاح المخرج غاضبا - Silence on tourne

نديم مزعج :
نظر إلى معصمه كانت الساعة تشير على ما بعد منتصف الليل ، مد يده المرتعشة نحو الكأس محاولا رشف آخر قطرات لعينة ، فوجد ذبابة تمتصها بحيوية ، بدت له لحظة في صورة زوجته الشمطاء ، أشعل سيجارة وحاول إحراقها ، وهي محلقة نهرته بحنق قائلة :
- ويحك !ابتعد !بالكاد بدأت .
تتبعها بعينين ذابلتين ن حامت ن لفت ثم عادت من جديد إلى نفس المكان ، أسبلت جفنيها بنظرات متوسلة وقالت في عتاب :
لم تكرهني ؟
حدق فيها طويلا ، مقررا الانسحاب بشرف ، مادامت تنتظره معركة مؤجلة ، فجأة هوى على الدكة ، وطفق يتقيأ ..
تقززت الذبابة من منظره ، وهي تمسح جناحيها في غضب قائلة :
-يا له من نديم مزعج !!!

التبان:
دخلت على عجل رفقة زملائها الضباط حوالي الساعة الثامنة صباحا ، جلست خلف طاولة مستديرة فأثار انتباهها مجسم القاعدة العسكرية الآسر ، بينما كان رئيسها المباشر يشرح ملابسات الانفجار الذي حدث في خزانات الوقود الاحتياطية ، كانت هي تحاول جاهدة تحديد مكان الجناح الذي نسيت فيه بالأمس تبانها بعد سهرتها مع الجنود.

ركاطة حميد

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة