الآخـرون .. – قصة : عبد الله السلايمة

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
انفاستلح علىّ رغبة لا أستطيع تأجيلها،تدفعني أحياناً وبقوة لأن أفعلها نكاية بأبى،لكنني كلما تجرأت على فعلها،أفاجأ بوجهه يحتل المساحة الفاصلة مابين ناظري وعدستي نظارتي الطبية،يحرمني من ممارسة متعة تلك الرغبة،وعلى الفور يتوقف جريان نهر لعابي غيظا ًوخشية.
ولأنه يمتلك كل أدوات الردع وأساليب العقاب بحكم منصبه ـ كزعيم قبيلةـ ولأكون عبرة لكل من تسول له نفسه ـ مثلى ـ على رفض قانون القبيلة وفلسفتها،يصدر أوامره وبلا شفقة لرجال رعيته بربطي إلى جذع شجرة الجميز،السامقة أمام"ديوان"القبيلة، والماثلة على الدوام أمام عينيه كعقاب على ذنب لم يرتكبه.
ربماـ بغباء منى ـ قطعاً لا أقصده،منحته فرصة كم انتظرها لكي  يتخلص من كلينا،أما أنا فبسبب ـ كما يعتقدـ طعني شرف البداوة فى مقتل بزواجي من"حضرية"لا يمل إعلان ندمه على مشاركته في تلك المؤامرة،وأما شجرة الجميز الشاهدة على انتصارات جدي القديم ومجده المهدد،لم يزل رأسي الغليظ ـ كما يعايرني دائماًـ عاجزاً عن معرفة سر كراهيته لها،وتعلق روح أمي بها..؟!
 كلما نجحت أمي كعادتها فى إثنائه عن قطع الجميزة،وإفشال كل محاولاته لدفعها على كرهها،لا يتردد فى القسم أنها كانت فى أصلها امرأة،لكنه عقاب الله أحالها إلى جميزة،بعد أن أغوت بدوياً تقياً على ممارسة الخطيئة،وفى صوت خفيض يؤكد لها أن الجميزة تحيض كما النساء..!! 
 جدى ـ القديم ـ عاد من أحد غاراته على ديار خصومه بالجميزة ،غرسها أمام"ديوان"القبيلة،لتظل شاهدة على انتصاراته،واستيطان هيبته فى عيون خصومه،وأبى الذى تزعم القبيلة بالوراثة،وجد نفسه فى مرحلة مختلفة لها واقعها ومقاييسها،لم يعد يمتلك غير عقاب نفسى، يتلذذ بممارسة طقوسه على خصومه القدامى والحاليين،يرى أن ثمة مؤامرة يدبرها الآخرون ضد بداوته،وأنا بغبائي فى مصاهرتهم أحد أطرافها،يتهمني أنني حرمته متعة عقاب ،كان يمكنه ممارسة،بما يتحصن به من جينات أجدادي الدهائية في إفشال مخططاتهم لزعزعة عرش القبيلة التى يهيئني لزعامتها،لكنه أبداً لم يهيئني لاستقبال عروسه"الحضرية" الجديدة..

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة