الفتاة – قصة : مسلم السرداح

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

Rien-anfasseانغلق دهليزا عيني كلاهما , ورحت في غيبوبة لانهاية لها , عميقة, غريبة ,ارتحلت معها أُلفتي مع المدينة, انحدرت  نحو غربة  بلا حد ، لقد  لامست روحي  نظرة من عينيها الواسعتين , البحريتين ، اذ  وقفت امامي, تدلت , كل الثمار , وعرش الزيزفون في الحدائق , وتصاعد احساس حزين شد  نياط القلب وراح ينتشر عبر الساحات والمسافات الماهولة  ، العصافير اكتمل نشيدها باغنيات تنبعث من النادي , الخاص بطلبة الجامعة , وكدت اصرخ وانا ارى المنظر اللاغي لكل الصور ،
غريزتي الرجولية , استلمت في هذه اللحظة رسالة  ،  فيا طيور زقزقي , فانت جميلة , وتستحقين القبل ,  يامن لااجمل منك سوى الحياة نفسها , يا صنو  هذه الفتاة الساطعة امامي الان مثل شمس آذار البهية.
الرسالة , مفادها ان هذه الفتاة , التي , ومنذ , مدة طويلة , وانا  اتمنى ولو نظرة اهتمام واحدة من عينيها  . والتي صببت كل روحي فيها , واقفة قبالتي الآن وهي تعلن علي الاهتمام العالي بي  ، انها تدعوني،،  وها انا ذا اغلق عينيَ , تماما ،  رسالتها واضحة رسمتها  عيناها الجميلتان فعلا اللتان تفوقان الخيال ،  لم ا شك  ولو للحظة واحدة  في صدق الضوء المنبعث منهما ، ولكن طبيعة الخوف الكامنة  في روحي , المحبطة ,   تجعلني ضعيف اليقين في نفسي , وذا دوافع واهية لإدراك إن مثلها تحب مثلي .

لقد كنت أتمنى  , واقعا غير هذا وفي عالم آخر, اكثر حرية من  عالمنا , وظروفا أخرى أكثر دفئا , اطرى عدالة من هذه الظروف التي تكبلني الان بذراعيها الفولاذيتين القويتين  ، ذلك لاني ادرك وبوعي تام ان عائلتها البرجوازية التي تتصف بالثراء الفائق  لايمكنها الارتباط بعائلتي التي , تسكن بيتا طينيا ,  مشترك الملكية  لأكثر من عم في عالم شرقي أوهته التقاليد الحمقاء  ،اطبقت العصافير عيونها المرهقة، امام هذه الفكرة , تساءلتُ , ما جدوى الحب بين طالبة فائقة الفتنة  , يقف الآخرون الأكثر أدوات وأرقى وسائل للسجود ,  خضوعا لها  , مع بائس لايمتلك الوسامة و لا يجد مايرتديه في سنة دراسية كاملة , سوى زيه الجامعي البسيط ,  وليس لديه سوى افكار جميلة  , مع وعي مفرط  ؟  . كنت اتغنى بجمال الانهار حين يفيض ماؤها   , واستقبل الربيع بابيات من الشعر ومقاطع من النثر , او البكاء تحت قدميه الخصبتين حين يأتي مباغتا .
كنت اهتم بكل شيء, لاني افهم حركة الاشياء .  ولولا ذلك لاظهرت للفتاة حبي ، ولكن  هذه الحادثة العنيفة  , ارهقت كياني كله  ،وجعلتني استند الى جدار الأهداف النبيلة التي كنت أسعى لها وأناضل من اجلها في عالم ما امتلكنا وقد لانمتلك فيه شيئا سوى  , اراداتنا النقية التي نتعب لاجلها ,  ويجني اولئك المترفون  الجالسون كسالى بلا وعي , ثمارا لايستحقونها  ،وتساءلت مع نفسي الجامحة الراكضة ,  ترى من يستطيع في الغد أن يكبح جماح نزوات امرأة رائعة  ؟ الجميع يتآمر لتمردها عليك  , حين يراها معك ،وليسقطك , من قاموس الاستقرار بأعذار واهية , وتهم شتى ، كيف ستسير إلى جانبها في الغد واية دروب ستسلك  ؟ .
سوف يتهامسون , ليسال بعضهم البعض, بسخرية,عن السر الذي جمع بين هذا البائس وهذه الاميرة ، سوف تبدو مهزوما , بلا حماس في ساحة حرب ، ستتقاتل عندها مع أجيال , اسطورية , مصاغة  من حقد أعمى مدربة جيدا وممترسة بأسلحة حاقدة  قاتلة وفتاكة لا تتعب ولا تهادن ومقياس انتصارها القتل ،  دمها  بارد امام واع لايمتلك سوى افكاره .
كنت مخمورا بهول ضربة صاعقة  ، ورحت أترنح  مثل كلب صدمت رأسه للتو شاحنة مسرعة   القت به الآن على قارعة طريق , وهو يتمنى ان لايفيق منها ،أدركت بُعيد الفواق منها عظم التفاهة لهذا الظلام الذي يخترق آمالنا مثل نصل مسموم مزق  من قبل  عواطف أسلافنا  ذوي النوايا الحميدة دون ان يسعى احد ما لحمل رسالة جدية , ضد هذا الفعل المتعمد لتدميرهم ,  والخارج عن يد الانسان وارادته وقدراته ، ذلك الإنسان الذي يدعوا طواعية ضد نفسه , في تلك الميتافيزيقيا المدمرة لفعل الحياة ،
نظرت ,  بعد لأي , لأجد الفتاة  لاتزال واقفة وهي , تبتسم لي ,إنها تدعوني إليها , يا الله .. إننا نخطيء كثيرا في مستويات قياساتنا , لكننا لا نخطي في قراءة الرسائل التي تأتي نبيلة  من الإنسان الشريف ,  يدعونا فيها  للاتصال لقد كانت لحظة قاتلة شعرت اثرها إن لاشى يفوق الَسكينة التي يأتي بها الموت سوى , تلك ,  اللحظات المفاجئة التي تمرق سريعة لتقتل ، وهي, مثل  الطعنة التي اشعر بها الآن وحدي والتي ستمر مثل أية لحظة شاردة لا يعبأ بها أحد ، ولو عرف لفند المعنى الذي يجعلني حديا لهذا المدى وسيسمي هذا الاخلاص المفرط عبثا لامعنى له .
لقد  دمرت  هذه الوقفة , كل آثار التحضر في روحي التي شدهتها تلك النقلة المفاجئة نحو المدينة ،نعم , انا ريفي , ولكني متمدن ،لاني جئت من قرية , تقع بين الريف والمدينة ,قرية عمالية ، كنت احمل غضب الريف , وصخب المدينة ، وإن مثل هذه اللحظة اللذيذة التي لاشى مهم سوف يأتي بعدها وحيث يتساوى عندها كل شيء,  والتي لأجلها تنبعث قيامات الأفكار ،  تلك الافكارالتي تقف بمواجهتي جنبا إلى جنب مع الفتاة التي تنتظر الآن  جوابا مني وكانها تتحداني لتقول لي الست انت من ابتدا الموضوع والذي عليك انت اغلاقه ؟ .
نعم انا الذي كنت اتمنى هذه اليانعة مثل نبات بري لم يلمس روحها احد ، وانا من كان يجاهر بالتمني , مثل حال الاخرين جميعا , الذين لايتردد احد منهم  ,في اغتنام الفرصة الجنونية , امام تحفة ازلية ,  تعبت الارض ,  في صياغتها , وفي صقلها  ، ان وقفتها الآن قبالتي تخزني بابر قاتلة كثيرا مانشعر بها , نحن المرميون , الى جوار الحيطان الطينية المهملة , امام رغباتنا المحبطة , تجاه ذلك الترف الثر . نعم , انا جاهرت كثيرا , في الحديث , عن هذا الجمال , المميت , النادر ,المتجاوز للحد المقبول,لرغبات الانسان الذي مثلي, والذي ستقتله قبلة او كلمة حب  .  لقد ارتكبت احدى الحماقات الكبيرة , في حياتي .  حماقة ساذج  غريب عني ,لايحمل مااحمله من انتباه ، ولم ادري ان الامور ستصل لهذا الحد من الجدية .  والان  كان علي  أنا أن لاارتكب حماقة اخرى ,وان لا اتجاوز الحدود التي رسمت لكل واحد من افراد هذا العالم ، ذلك اننا  ,  وامثالنا المصابون  بسرطان  الحرمان , نرغب باشياء كثيرة لانستطيع الوصول لها , ولو حاولنا الحصول عليها, وحصلنا , فسوف نتجاوز فصول العالم ,  مثل يرقة كازانتزاكي التي انتحرت لمجرد شعورها بالدفء , لتخرج من شرنقتها قبل الاوان , ليقتلها البرد ،  وسيقتلنا الندم حين لانستطيع الحفاظ عليها , وسندمر ,الكائنات الجميلة , فينا , وسوف يموت  الاخرون هزءا ،
ليتني امتلك مرآة صافية  الآن لارى وجهي ، ترى هل هو نفس الوجه لذلك   الشخص المحبط المهزوم من كل شيء امامه , والذي كان يتمنى ولا يزال الكثير من الامنيات التي تبدوا مستحيلة , ونتائجها وخيمة ؟ ان مايجري الآن  يشبه الى حد بعيد ,محاولة , امتلاك القنابل الذرية من قبل الشعوب الصغيرة والمضطهدة , ذلك الذي سيكلفها بقاءها في عالم  , تم انتظامه , من قبل الاقوياء ,  ولم يعد فيه اي اثر للتراجع ، عالم صمِم لاولئك الذين يملكون الكثير ولا ينقصهم الا القليل الذي سيملكونه تباعا , مع مرور الوقت ،  اما  الرغبات الجامحة للانسان الذي مثلي , فستشعره باليأس, وهو يبحث عن موطىء قدم له للاستناد لا للاتكاء القلق في هواء ملوث من كثرة الاستخدام المفرط , لاولئك العابثين الذين استهتروا , متجاوزين الحد الامثل لادواتهم  اللاانسانية . 
امام هذه الحيرة الازلية كانت الفتاة لاتزال واقفة قبالتي وقد بكت , وانا شاهدت ذلك الشيء الذي يشبه الندى  يصيب قلب الزهرة لتتفتح . وانا  اتطلع منبهرا في ذلك الاشعاع الجميل المنبعث منها والذي يشبه لوحة تعبث بكل ماهو ردىء وتافه من القيم ،وفكرت , في مدى الفائدة التي سيجنيها كلانا من ارتباط شرقي  , بشكل زواج ابدي, مع وردة خلقت للشم ، و سيفصمه الآخرون  في مجتمع شاذ وغبي , وسيندم كلانا عليه بعد  فوات الاوان  ،
امام هذه الحيرة القديمة التي تجمعت كلها في كياني بما يشبه الرعشة التي تسري عند لحظات الاختيارات الحاسمة  , فهمت الفتاة  فحوى   كل شيء عندما ,مضت ملوحة بيدها اليسرى تلويحة الوداع الاخير .  اما انا فقد ازداد  اصراري كي اناضل, لتحطيم ذلك الاطار القديم الذي وضعه اولئك الذين  اسسوا لذلك الانهيار الكامل لشرف الانسان .

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة