بُلشفيان ـ قصة : البوعيادي محمد

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا


an333
الليلة الأولى...
هو....
قنينة النبيذ الأحمر تتدحرج على الأرض الرمادية، يمسح فمه بكمه و ينظر في صورة قديمة لامرأة كلاسيكية.....
الضوء يخفت كأنه ينتحر شيئا فشيئا...فراشة ليلية وحدها تحوم حول المصباح الزيتي القديم، و كثير من الأشياء المؤلمة تأتي زاحفة على أطرافها لتسبح في بحر الذاكرة المُتعبة.
هي....


على السرير مُستلقية تلعب بأصداف قميص رديء، ملفوفة في جزيرة من الأفكار الباردة و في غطاء أحمر مقيت....
تنظر إلى الفراشة ذاتها و قد سقط بجنبها دفتر أحمر فيه قلم أحمر ، تسجل فيه ذكريات أيامها الحمراء و أفكارها الحمراء البالية....
حكى لها عن كائن ليلي من النور الشفاف، عن شفاه مارلين مونرو و عن نهاية لوركا المأساوية....
حكت له عن جوع الشعب، أمجاد ماوتسي و كل الرفاق الحُمر ... نظر بهدوء إلى شفتيها و هي تتكلم ، كمن يلوك لحما نيئا يسيل منه دم خاتر، توغلت عيناه في الحُمرة الباهتة التي علقت بمؤخرة الكلمات الغليظة ...و استراح ..
أخد اللفافة من يديها و استكان إلى الركن البارد:
- ينْعلْ دينكْ و دِينْ ماوتسي و كل الكلاب الحمراء و الخنازير الحمراء و كل ما هو أحمر ...
أرادت أن تقول شيئا ....ثوريا أو بقريا ربما .. لكنه ارتدى المعطف و عانق ليل الشارع...
الليلة الثانية....
وحده القط لينين كان يموء في ردهة البيت، اعترضت صارخة في أول الأمر لكنها انصاعت فيما بعد، سمى القط لينين و سمى كلب الحديقة استالين، أما سُلحفاتها الصغيرة فصبغها بالأحمر و رسم على ظهرها مطرقة و منجلا بأصفر فاقع و تركها تأكل خُس الحديقة في سكينة...
و هما مُنتشران فوق السرير ، بعد جولة من الركض تحت الغيوم الندية ، سمعت صوت القط فشزرته بنظرة عدائية من عينها الحمراء...
مد يديه إليها بلفافة مضغوطة، صب لها كأسا من نبيد أحمر و أمرها :
- ستسكتين هده الليلة ...لا أريد سماع أي نشاز...
الليلة الثالثة....
وحده راكمانينوف يتوجع في فراغ المكان الآسن.
أطفأ المصباح و أشعل قنديل الزيت ..مدها بمعدات السفر إلى اللامكان ..و انتحب:
- هكذا يكون ليلنا أفضل، على الأقل لن أرى الكلمات الحمراء و هي تحتل فضاء الغرفة..
- لن أقول شيئا ، سأرحل غدا ..
- لن تدهبي إلى أي مكان ، فالعالم لم يعد أحمر بالخارج ، وحده ضوء هده الغرفة أحمر...
تكومت في صمتها، و فتح هو نافدة الغرفة على ليل المدينة الغارق في حمرة قاتمة كالدم..

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة