" توجد بداهة في التلقي لا تؤثر فيها المعرفة التأملية ,
فقد بقيت الأرض ساكنة حتى حين علمنا أنها تدور! " جان كوهن
القول بانتفاء بوصلة فكرية توجه الخطاب الشعري قول تتضح تجلياته بشكل أكثر إزعاجا في اللحظة الراهنة , هل يؤمن المتلقي بالإضافات النوعية التي حققها المنجز الشعري الحداثي؟ و هل افلح الشاعر في اجتذاب قارئه صوب رؤى و آفاق مغايرة للسائد و المألوف ؟
تتوزع ملامح الجواب عبر مظاهر و سلوكيات و مواقف يحبل بها المشهد الإبداعي .هل نذكر مثلا سوء تأويل المبدع الشاب للحرية التي أصبحت عنده رديفة للفوضى و ارتخاص القول الشعري ؟ أم نذكر الاجتهاد النقدي في مجاراة الإسفاف و تبرير الغموض بغموض اشق منه ؟
وحدها الأزمات تهز البناء القلق , لذا حين تنشط ذاكرة المتلقي بحثا عن تفاعل أو تعليل فإنها تحرص دوما على استدعاء أصوات شعرية تمكنت باقتدار من الجمع بين الحسنيين : الانحياز للعالم , واستحضار اللحظة التاريخية . و كلما أوغلت الحداثة في التجريب وممارسة طقوسها بمنأى عن ضوضاء المرحلة كلما اكتسبت الردة شرعيتها .
حين حوصر الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بمقره في رام الله تجند الإعلام العربي من محيطه إلى خليجه لتوحيد الرفض الشعبي و استنهاض ما تبقى من همم مسخرا لذلك كل وسائل التحريض و تسخين الشعور لكن الملفت للنظر هو الحضور القوي لصوتين شعريين غطى فعل المقاومة حيزا مهما من تجربتهما الابداعية , وارتبط اسمهما بالنشيد الملحمي الفلسطيني حد المماهاة , إذ تنافست المحطات الإذاعية على اختتام وصلاتها الإخبارية بمقتطفات من شعر سميح القاسم و محمود درويش , بل إن يوميات مغربية عمدت , في سابقة من نوعها , إلى تخصيص عدد بأكمله لنشر قصائدهما .
و تكرر الموقف – وإن بشكل أقل حدة – مع تداعيات الحرب على العراق , إلى حد أننا تمنينا لو أن كل بلد عربي يشهد أزمة ما كي نقيس خصوبته الشعرية .
سيشكك البعض في خلفيات التوظيف الإعلامي للخطاب الشعري , ويذكر البعض الآخر بمستويات التلقي التي تجعل الانطباع أحطها شأنا , ويسهب الآخر في التذكير بقوانين الحداثة الشعرية التي ترقى بالمتلقي من مجرد جهاز استقبال إلى عنصر فاعل في انتاج الدلالة , لكن لا بد من الاعتراف بالسطوة المتفردة التي تمارسها نصوص بعينها على المتخيل العربي , سطوة تقوم على :
- اعتبار الكتابة انخراطا واعيا في حوار متكافيء بين المبدع و قارئه
- تجريب مقولات الحداثة مع الاحتفاظ بمسافة معينة تفرضها طبيعة القول الشعري وبهاء امتداداته في الوجدان العربي , انطلاقا من الإيمان بضرورة الاحتواء بدل القطيعة .
- الإيمان بالبعد التواصلي للنشاط الإبداعي , و الحرص على "الجمالي" كماهية محددة له
***************
يؤكد أدونيس على أن فهم الشعر الجديد يقتضي التعاطف معه, لكني أعتقد أن مابلغه هذا الشعر على يد كيميائيي اللغة و راصدي شقوق الذات سيدفع بالتعاطف إلى أقصى مداه.. …إلى الشفقة !
حسناء سليماني
الحسيمة- المغرب
سيشكك البعض في خلفيات التوظيف الإعلامي للخطاب الشعري , ويذكر البعض الآخر بمستويات التلقي التي تجعل الانطباع أحطها شأنا , ويسهب الآخر في التذكير بقوانين الحداثة الشعرية التي ترقى بالمتلقي من مجرد جهاز استقبال إلى عنصر فاعل في انتاج الدلالة , لكن لا بد من الاعتراف بالسطوة المتفردة التي تمارسها نصوص بعينها على المتخيل العربي , سطوة تقوم على :
- اعتبار الكتابة انخراطا واعيا في حوار متكافيء بين المبدع و قارئه
- تجريب مقولات الحداثة مع الاحتفاظ بمسافة معينة تفرضها طبيعة القول الشعري وبهاء امتداداته في الوجدان العربي , انطلاقا من الإيمان بضرورة الاحتواء بدل القطيعة .
- الإيمان بالبعد التواصلي للنشاط الإبداعي , و الحرص على "الجمالي" كماهية محددة له
***************
يؤكد أدونيس على أن فهم الشعر الجديد يقتضي التعاطف معه, لكني أعتقد أن مابلغه هذا الشعر على يد كيميائيي اللغة و راصدي شقوق الذات سيدفع بالتعاطف إلى أقصى مداه.. …إلى الشفقة !
حسناء سليماني
الحسيمة- المغرب