القهر المضاعف في السرد النسائي ـ د.فاطمة تامر

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

chahrazadeإن المتتبع للسرد النسائي العربي- ومنه المغربي قصصيا وروائيا- تستوقفه العديد من المواضيع والثيمات التي تم الاشتغال عليها/ينظر على سبيل المثال مقال.. تحولات الكتابة القصصية النسائية الجديدة في المغرب لعبد الرحيم العلام بمجلة نزوى عدد67 /2011ص 29........كما تستثيره تلك اللقطات الذكية والإشارات اللا فتة إلى مكامن الخلل في المجتمع والتي تندس خلف تفاصيل الحياة اليومية وتنسرب عبراقنعة وممارسات وأقوال....ولعل ما يلفت انتباهنا هوا لوقوف عند القهر الذي تمارسه المرأة تجاه الأنثى والذي يتخذ له عدة مظاهر وتجليات.....

نقف مع وفاء مليح في/ اعترافات رجل وقح/ ص 32عند حالة مراهقة تعنفها أمها لأنها لم تكن ترى في جسد ابنتها غير /قنبلة متحركة يجب الانتباه إلى كل حركة تصدر عنه/


فالمجتمع ينيب عنه المرأة لممارسة مالا يمكن تكريسه وتمريره بغيرهانظرالوظيفتها العائلية ولكونها ناقلة للقيم عبر الأجيال/وسمعت أمي تقول....حطي استيلو ..حطي الورقة تعلمي الطرز الفاسي/ص93 قصة الطرز القاسي من مجموعة / هذه ليلتي/لفاطمة بوزيان
ونجدفي مجموعة/ طيور بيضاء/ لحنان درقاوي هذا الحوار الدال بين سمية في قصة/ غرفة المرجان / وأمها
-أمي..انه يمنعني من العمل
-وما الضرر في ذلك يا ابنتي إذا كان يقوم بمصاريفك
-أمي.. لقد دمروا العراق....قتلوهم صار الموت هناك حقيقة يومية...
-انتبهي لأمورك واتركي عنك شؤون العالم/
-ساعد طعام العشاء////ص29
إن الدور التربوي الموكول للمرأة كأم يخولها صلاحية ممارسة الكثير من السلط والتي تمرر من خلالها العديد من صور القهر عن قصد أو دونه لتكشف عن المخزون الفردي والجماعي.....   ..تقول الساردة في رواية/ قلاع الصمت/.لحليمة زين العابدين. متحدثة عن الطفولة المغتصبة لطفلة/فاطمة/ سيزج بها دون سابق اعداد في عالم الكبار لتبقى عرضة للقهر وتمارسه بدورها على ابنتها وبشكل مضاعف     /ضحكت النساء لرؤيتهاوالدمية الكبيرة بين يديها ..امرتها أمها غاضبة ..وكانت لاتسالها فعل أي شيء../زولي اللعبة من ايديك..وأعطيني اللوز من فوق العافية نقشرو/ص6

احتالت عليها النساء.أخذن الدمية من يدها .. وضعن مكانها  نقوش الحناء /اخفين معالم طفولتها  تحت طلاء الزينة  والبسنها حذاء بكعب عال/نفسه ص 7,
وفي سياق نفسي مأزوم تؤثثه الوحدة والوحشة والحيرة تقول الساردة في رواية /عندما يبكي الرجال/  لوفاء مليح
/أخذت فطوري رفقة أمي .إخوتي ذهبوا إلى مدارسهم أمي تتحدث إلي بحديثها الذي تكرره على مسامعي كل يوم/..
ما بقيتش قادرة نتحمل كلوسك  هك في الدار بلا شغل بلا زواج..--
اترك فطوري وانسحب متسللة إلى غرفتي لكي لاصطدم بكلماتها
ص..75.
ونجد قبل ذلك/ لكنها أمي تشدني دائما إلى عالمها/ ص
.73

وفي رواية/ قلاع الصمت / نجد أخت الزوج تمارس عنفها الفعلي والرمزي على زوجة اخيهاالصغيرة التائهة وسط دار كبيرة  فيها العديد من السلط الفعلية والرمزية/العديد من النساء/ تعاني بينهن الوحدة والوحشة رغم امتلاء الدار.........../تقول عيشةالارملة وأخت الزوج لفاطمة
-ااش هذا أفاطمة ثلث سنين وحنا نتسناو باش تولدي بالفتيح .ويخرجوا منك بنت من سبع شهور ...ماكاملة .. سي احمد خويا خصو يعاود يتزوج باش يولد الولد/ص قلاع الصمت ص17
إن مأساة فاطمة هنا كبيرة ...1-ولدت بعد طول انتظار ..2- ولدت بالفتيح/قيصرية/...3-وضعت بنتا...4-مولودتها غير كاملة/سبعة أشهراي انها...خديجة..وهذه كلها امورلادخل ولا مسؤولية للمرأة فيها
ولهذا تستنتج عيشة أن من حق أخيها الزواج ثانية عقابا لها.... إن المرأة هنا هي التي تصدر الحكم القاسي ضد المرأة..والمرأة تكرس دونية الأنثى قبل وعند ولادتها وخلال مراهقتها.. تخيفها من جسدها.. تضيق الخناق على اهتماماتها لتبقى سجينة العوالم الضيقة/طبخ+ماكياج+زواج/تضغط الأنثى على الأنثى تفجيرا للضغوط التي لا تقوى على إزاحتها فلا تجد أمامها إلا الحلقة الأضعف.....
إن الأنثى صغيرة الشأن في عين الأنثى حتى قبل الولادة..
/فاطمة ما حاملة غير بالولد-
/شوفي هذا السر اللي نازل عليها..ما هو ديال البنت..../..قلاع الصمت ص/..11
/تهنئ النساء فاطمة بحملها معلقات بان الولد يضفي على أمه سرا وجمالا...وهي عليها سر الولد.ويعقدن مقارنة بينها وبين الجارة غيثه التي يشحب لونها كلما تقدمت أشهر حملها تأكيدا على أنها حامل ببنت...البنت تمسح جمال أمها/قلاع الصمت ص12

---هذه فقط مجرد عينة من نماذج سردية كثيرة تكشف عمق المعاناة التي تتعرض لها المرأة من جهات متعددة ولا تدين الرجل وحده..وعيا منها بان حل مشاكل المرأة وتسليط الضوء على أوضاعها يتطلب النظر إلى المجتمع في شموليته والى التفاصيل المساهمة في تشكيل الواقع وتغيير مجرياته.....وحين تقف الكاتبة عند معاناة المرأة من قبل المرأة من خلال حوارات بليغة ومشاهد وصفية معبرة أو لحظات سردية دالة فهي تعبر عن رفضها للقهر سواء كانت ذاتا أو موضوعا .مؤكدة.. أنه مرفوض أيا كان مصدره....وللفن والإبداع الدور البارز في صياغة هذا الوعي وتشكيل الوجدان عبر عرض الحالات وطرح الأسئلة ولفت الانتباه...............


د.فاطمة تامر-المغرب

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟

مفضلات الشهر من القصص القصيرة