في نطاق سعي الكنيسة الكاثوليكية لحصر أنشطتها، تنشر دوريا تقريرا إحصائيا بعنوان: -ANNUARIUM STATISTICUM ECCLESIAE-، تتناول فيه قياس تنامي أتباعها ورجالاتها ومؤسّساتها. والتّقرير عمل رسمي داخلي، يعدّه المكتب المركزي للإحصاء، وقد صدرت النسخة الأخيرة عن مكتبة الفاتيكان سنة 2006.
بلغت أعداد الكاثوليك المعمَّدين في العالم 1.098.366.000، ما يساوي 17،2% من العدد الجملي لسكّان المعمورة. ويتوزّع العدد، بحساب المليون، على النّحو التالي: إفريقيا (148.817)، أوروبا (278.736)، أمريكا (548.756)، آسيا (113.489)، الأوقيانوس (8.568).
وأمّا كبريات البلدان الكاثوليكية -بحساب المليون نفر- فهي: البرازيل (153.440)، المكسيك (94.964)، الفلبّين (67.112)، الولايات المتّحدة (66.668)، إيطاليا (56.036)، فرنسا (45.988).
بقيت الأعداد الدّيمغرافية للكاثوليك في أوروبا تقريبا ثابتة، مع أن عدد المعمدّين خلال 2004 سجّل تدحرجا نسبيا مقارنة بـ2003. أمّا بالنّسبة للعدد في إفريقيا، فقد ارتفع ثلاث مرّات خلال ربع قرن، وهو الازدياد الأكثر ديناميكية في العالم الكاثوليكي. كان العدد خلال 1978 55 مليونا تقريبا، وقد بلغ مع حلول 2004 149 مليونا. أمّا في القارة الأمريكية فالأوضاع تشهد استقرارا، حيث 62% من السكّان هم كاثوليك. وفي آسيا تطوّر العدد خلال نفس الفترة، من 2.5% إلى 3% مع 2004. ضمن هذه التحوّلات تبقى القارة الأمريكية تحوي أكثر من نصف كاثوليك العالم.
أما فيما يخصّ أعداد رجال الدّين فقد شهد تناميا، ارتفع عدد الأساقفة من سنة 1978 إلى 2004 بنسبة تفوق 28%، تحوّل فيها العدد من 3714 إلى 4784 أسقفا، بمعدّل عمر (65 سنة). الملاحظ أن الارتفاع الهائل في إفريقيا (%45.8+)، تليها الأوقياونوس (%34+)، ثم آسيا (%31.4+)، ثم قارة أمريكا (%27.2+)، وأخيرا أوروبا بنسبة (%23.3+). ومع تلك التطوّرات يبقى تركّز العدد الأكبر للأساقفة في أمريكا وأوروبا.
وعادة في نطاق سعي كنيسة روما للتحكّم بكنائس الأطراف وتفادي أي تململ، على نمط ما حدث عقب التجمّع الأسقفي بمادلين في كولمبيا سنة 1968، تعمل جاهدة لمزج التشكيلة الأسقفيّة المحلّية بموفدين غربيين أساسا، وقد بلغت أعداد هؤلاء 802 أسقفا يرافقون المحلّيين الذين يناهزون 3982. ومن هذا الباب توتّرت علاقة الفاتيكان مع الصّين، التي رفضت تلك الهيمنة الدّينية على ترابها من أجانب.
ولكن برغم تزايد عدد الرّهبان في إفريقيا بين 1978 و 2004، بنسبة تقدّر بـ%85+، وفي آسيا بنسبة %74+، تبقى أوروبّا محتفظة بالقسم الأكبر من الرّهبان، برغم التّراجع العددي فيها.
البيّن من خلال تحليل هذه الإحصاءات أنّ تراجع الكاثوليك في الغرب على مستوى الكوادر أيضا، وتناميهم بخلاف ذلك في القارات الفقيرة. المسألة عائدة بالأساس إلى ترسّخ وعي ذاتي داخل الفضاء الدّيني الغربي، أن نمط الرّهبنة الذي تفرضه الكنيسة هو نمط غير متّسق مع العصر الحديث، لما فيه من تبني أشكال الرّهبنة الكلاسيكية، بكافة شروطها وإلزاماتها المجحفة، من عزوبة وقطع مع العائلة الأصل وانضمام لعائلة الإكليروس، بدعوى التفرّغ التام للكنيسة.
مما خلّف نفورا من الرّاغب الطّوعي في الانضواء تحت سقف الكنيسة، التي لم تعد الضّامن للفرد الحياة الآمنة ضدّ الفاقة والجهل. وبالموازاة صارت رعاية المجتمع للفرد أقوى من احتضان الكنيسة. في حين الوضع في البلدان الفقيرة يختلف عن أوضاع العالم الغربي، فلا زالت الكنيسة في إفريقيا وآسيا الضّامنة للمنتسب المطيع والوفيّ: الدّراسة ورغد العيش ونفوذ السّلطة، وهي عناصر لا تتوفّر للفرد من دولته ومؤسّساتها الاجتماعية المنهَكَة.
من جانب آخر، يتواصل تقلّص عدد الرّاهبات برغم محاولات إيقاف النزيف، فقد تراجع العدد من 990.000 خلال 1978 إلى 770.000، بعد 26 سنة. وقد ضرب هذا الانحدار كلّ القارات باستثناء إفريقيا.
أما من حيث أنشطة الكنيسة الكاثوليكية في العالم العربي فهي متنوّعة، فقد ارتفعت أعداد المعمَّدين في شتى البلدان، مقارنة بما ورد في إحصاء 2001، باستثناء تونس والمغرب وقطر، التي شهدت تراجعا ضئيلا. بلغت أعداد الكاثوليك في البلاد العربية، بحسب الإحصاء، ثمانية ملايين و715 ألف معمّد، يأتي في مقدّمتها السّودان بأربعة ملايين و47 ألف معمَّد، ثم يليه لبنان بمليون و 860 ألف، ثم العربية السّعودية بـ801 ألف. في حين أقل البلدان التي يتواجد بها الكاثوليك، فهما الجزائر واليمن، حيث يوجد في كلّ منهما أربعة آلاف نفر.
وتعوّل الكنيسة في الخدمة الرسولية في المغرب العربي، لما يسود في مخيال أهاليه أنّ المسيحيّ أجنبيّ، على ما يسمّى بـ"الإكليروس العلماني"، وهم متعاونون ومتعاونات ممن تعوزهم الرّتب الكهنوتية. ولكن يبدو هذا الجيش الهائل في التقرير مبعدا عن الأعين، ولم يطله الإحصاء بدقّة. وعموما يبلغ عدد المكلّفين بالخدمة الرّسولية في البلدان العربية: 152 أسقفا و3451 قسّا؛ أما عدد الرّاهبات فيبلغ 6892 راهبة؛ وعدد المبشّرين اللاّئكيين 2054، يعضدهم 8692 مدرّس ديني.
أمّا من حيث النّشاط التعليمي للكنيسة في العالم العربي فهو جدّ متطوّر ومتنوّع. وتصنّف مؤسّساتها التعليميّة ضمن المؤسّسات الخاصّة، وهي عالية التّنظيم والأداء والمحتوى، مقارنة بالمؤسّسات العمومية. لذلك تجلب تلك المؤسّسات أبناء علية القوم لا الفقراء والمعوزين، الذين لا يقدرون على ولوجها. وهذا التعليم يتوقّف في بعض البلدان عند المرحلتين الأساسية والثّانوية، وفي أخرى يتواصل حتى المراحل العليا. تبلغ أعداد مدارس الأمومة التابعة للكنيسة 913 مدرسة ويرتادها 115 ألف تلميذ، أما المدارس الأساسية فتبلغ 946 ويرتادها 391 ألف طالب، وعدد المعاهد الثانوية فتبلغ 382 معهدا ويرتادها 190 ألف طالب، أما العدد الجملي للطلاّب في المؤسّسات العليا فيبلغ 49 ألفا.
أما في المجال الصحّي فتحرص الكنيسة على تقديم خدمات واسعة على مستوى الرّعاية الضّرورية، تقرّبا من الأهالي، عبر المستشفيات والمستوصفات ومستشفيات الجذام (13 منها في السّودان) ودور العجّز الأيتام وروض الأطفال، ومراكز التوجيه العائلي ومراكز التأهيل الاجتماعي ومؤسّسات أخرى شبيهة. يأتي لبنان في المقدّمة، إذ يضم 436 مؤسسة من هذا النوع، يليه السّودان بـ336، ثم مصر بـ270 مؤسسة، وفي حدود الإحصاءات المتوفرة، تحوز تونس آخر المراتب بمؤسّسة واحدة.
يبقى الإحصاء في سوسيولوجيا الأديان إحدى المحاور الأساسية الغائبة في الفضاء العربي، فأحرى بأبناء البلاد العربية، من شتى الكنائس المسيحية، أن يتولّوا بأنفسهم تقديم إحصاءات علمية تتناول خدماتهم وأنشطتهم وكنائسهم وعبّادهم وقديسيهم، ولا يترقّبون فيها غيرهم.
من جانب آخر، يتواصل تقلّص عدد الرّاهبات برغم محاولات إيقاف النزيف، فقد تراجع العدد من 990.000 خلال 1978 إلى 770.000، بعد 26 سنة. وقد ضرب هذا الانحدار كلّ القارات باستثناء إفريقيا.
أما من حيث أنشطة الكنيسة الكاثوليكية في العالم العربي فهي متنوّعة، فقد ارتفعت أعداد المعمَّدين في شتى البلدان، مقارنة بما ورد في إحصاء 2001، باستثناء تونس والمغرب وقطر، التي شهدت تراجعا ضئيلا. بلغت أعداد الكاثوليك في البلاد العربية، بحسب الإحصاء، ثمانية ملايين و715 ألف معمّد، يأتي في مقدّمتها السّودان بأربعة ملايين و47 ألف معمَّد، ثم يليه لبنان بمليون و 860 ألف، ثم العربية السّعودية بـ801 ألف. في حين أقل البلدان التي يتواجد بها الكاثوليك، فهما الجزائر واليمن، حيث يوجد في كلّ منهما أربعة آلاف نفر.
وتعوّل الكنيسة في الخدمة الرسولية في المغرب العربي، لما يسود في مخيال أهاليه أنّ المسيحيّ أجنبيّ، على ما يسمّى بـ"الإكليروس العلماني"، وهم متعاونون ومتعاونات ممن تعوزهم الرّتب الكهنوتية. ولكن يبدو هذا الجيش الهائل في التقرير مبعدا عن الأعين، ولم يطله الإحصاء بدقّة. وعموما يبلغ عدد المكلّفين بالخدمة الرّسولية في البلدان العربية: 152 أسقفا و3451 قسّا؛ أما عدد الرّاهبات فيبلغ 6892 راهبة؛ وعدد المبشّرين اللاّئكيين 2054، يعضدهم 8692 مدرّس ديني.
أمّا من حيث النّشاط التعليمي للكنيسة في العالم العربي فهو جدّ متطوّر ومتنوّع. وتصنّف مؤسّساتها التعليميّة ضمن المؤسّسات الخاصّة، وهي عالية التّنظيم والأداء والمحتوى، مقارنة بالمؤسّسات العمومية. لذلك تجلب تلك المؤسّسات أبناء علية القوم لا الفقراء والمعوزين، الذين لا يقدرون على ولوجها. وهذا التعليم يتوقّف في بعض البلدان عند المرحلتين الأساسية والثّانوية، وفي أخرى يتواصل حتى المراحل العليا. تبلغ أعداد مدارس الأمومة التابعة للكنيسة 913 مدرسة ويرتادها 115 ألف تلميذ، أما المدارس الأساسية فتبلغ 946 ويرتادها 391 ألف طالب، وعدد المعاهد الثانوية فتبلغ 382 معهدا ويرتادها 190 ألف طالب، أما العدد الجملي للطلاّب في المؤسّسات العليا فيبلغ 49 ألفا.
أما في المجال الصحّي فتحرص الكنيسة على تقديم خدمات واسعة على مستوى الرّعاية الضّرورية، تقرّبا من الأهالي، عبر المستشفيات والمستوصفات ومستشفيات الجذام (13 منها في السّودان) ودور العجّز الأيتام وروض الأطفال، ومراكز التوجيه العائلي ومراكز التأهيل الاجتماعي ومؤسّسات أخرى شبيهة. يأتي لبنان في المقدّمة، إذ يضم 436 مؤسسة من هذا النوع، يليه السّودان بـ336، ثم مصر بـ270 مؤسسة، وفي حدود الإحصاءات المتوفرة، تحوز تونس آخر المراتب بمؤسّسة واحدة.
يبقى الإحصاء في سوسيولوجيا الأديان إحدى المحاور الأساسية الغائبة في الفضاء العربي، فأحرى بأبناء البلاد العربية، من شتى الكنائس المسيحية، أن يتولّوا بأنفسهم تقديم إحصاءات علمية تتناول خدماتهم وأنشطتهم وكنائسهم وعبّادهم وقديسيهم، ولا يترقّبون فيها غيرهم.
---
*أستاذ تونسي إيطالي يدرّس بجامعة لاسابيينسا بروما
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
*أستاذ تونسي إيطالي يدرّس بجامعة لاسابيينسا بروما
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.