يا ابن اخى دع لحيتى...(نقد للتاريخ الاسلامى - ابراهيم الجيار

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

أنفاس نتعزيزى القارئ ان المقال( وما قد يتبعه من مقالات) الذى تحت بصرك الان وظيفته كشف الغطاء عما هو مستور وتنوير مالم يكن فى دائرة النور ومحاولة الغوص فى اعماق الحقيقة وعدم الاكتفاء بقشورها ومظهرها الخلاب.
وهذا المقال يهدف فقط الى التحقيق العلمى ولا يخضع لاى تسلط فكرى او ايديولوجية مسبقة تسيطر عليه....
وهو يمكن ادراجه تحت مسمى مقال نقدى للتاريخ العربى يحاول زحزحة المعطيات المسلم بها وفكفكة ما تم تركيبه منذ قرون طويلة من يقينيات ومسلمات واعادة تركيب وقائع التاريخ وفقا لمنطق عصرى مقبول.
ومقال من هذا النوع لا يمكن ان يكون هدفه المصالحة بين التراث والمعاصرة او بين الاتباع والابتداع...
ويجب ان نعلم ان التاريخ الانسانى(التراث)الفاعل الرئيسى لاحداثه بشر لهم فضائلهم وايضا نز واتهم واطماعهم بدرجات متفاوتةلانهم ليسوا ملائكة كما ان فصول التاريخ الانسانى تجرى فى الارض وليس السماء.
ولكننا للاسف وضعنا هالة من القداسة على التراث-يقصد بكلمةالتراث سنة الذين خلوا من قبل بكل ما يندرج فيه من مفاهيم وقيم ومعتقدات وتقاليد وسلوك واعراف....الخ- وعلى اشخاصه وعلى أحداثه دون أن يكون هناك داع ولا معنى..

ونحن فى نقد نا للتاريخ الاسلامى(التراث)لا نهدف التخلص منه لانه
هذا الامر لا يستقيم لعاقل فهو ذاكرة الامة وانما نهدف من ذلك النقد قراءة التاريخ بعين ناقد واعية لسلبياته وايجابياته فقد تفيدنا السلبيات اكثر من الايجابيات فى فهم المستقبل حتى نصبح خلاقين ولا نكتفى بالتغنى بالماضى وبالتطفل على موائد صانعى الحضارات

(1)
يا ابن اخى دع لحيتى
______________

أراد الله للاسلام أن يكون ان دينا بينما اراد الناس أن يكون سياسة
وان تصبح السياسة دينا مع ان الدين عام شامل وانسانى بحت اما السياسة فقاصرة ومؤقتة.

وعندما ساس النبى (صلوات الله عليه وسلامه) أمور المسلمين كان تحت رقابة الوحى تعامل النبى الاعظم وعامل بالقران اما أن ينزل الله له اية أو -- يترك للمسلمين—فى غياب النص القرّانى تنظيم أمور دنياهم بأنفسهم يفعلون ما يرونه صحيحا

حكومة النبى- صلوات الله عليه وسلامه- كانت حكومة من نوع خاص الحاكم فيها هو النبى-عليه الصلاة والسلام- ولما كان المسلم ينطق بالشهادتين كا ن رضاء ضمنيا بسياسة النبى—عليه افضل الصلوات والتحيات- لأموره فقد كان هو((الحكم –وليس الحاكم)) الوحيد الذى يلجأاليه الناس مختارين وينفذون حكمه طائعين حكومة من هذا النوع تختلف عن حكومة تقود الناس باسم القانون والدستور ولا يمكن عمليا أن نحاول تطبيق نموذج الحكومة النبوية فى أى عصر أخر....لانه لايوجد من يوحى له من الله, ولا من يعاتبه سبحانه وتعالى ليعيد النظر فيما يفعل,...فضلا عن أن أى حاكم لن يكون هو النبى _صلى الله علبيه وسلم_
ولا يمكن للناس ان يكونوا مثلما مان الصحابة والسلف الصالح طوال
حياته صلى الله عليه وسلم
لذلك بعد وفاة النبى-صلى الله عليه وسلم- عادت قوانين السياسة والحياة لتعمل من جديد فقد أخذ على الخليفة عثمان بن عفان رضى الله عنه أنه ولى أقرباءه من بنى أمية امور البلاد ومسئولياتها بصرف النظر عن كفاءتهم—فولايته احاطها الفساد الادارى-- فلقد اعاد الى المدينة
(الحكم بن العاص) بعدما كان قد طرد منها بأمر النبى –عليه الصلاة والسلام- فسمى لذلك طريد رسول الله(صلوات الله عليه وسلامه)
وظل طريد طوال ولاية ابى بكر وعمر لانه أخترع أحاديث كاذبة عن النبى-عليه افضل السلام والتحيات- ويستهزىء به وبأهل بيته من الهاشميين لصالح بنى أمية...وفتح عثمان بن عفان خزائن بيت المال
لبنى أمية ..فضلا عن انه آذى اصحاب النبى(صلى الله عليه وسلم) ومن ضمنهم عبد الله بن مسعود... وابو ذر الغفارى الذى طرده من المدينة

كما سمح عثمان(رضى الله عنه) لاكابر المسلمين والصحابة ان يغادروا المدينة بعد ان منعهم كلا من ابو بكر وعمر بن الخطاب رضى الله عنهما
من ذلك حتى لا يقيموا مناطق نفوذ دينية خارجها ومن ثم ستكون النتيجة سياسة فى الاسلوب دينا فى المظهر.

وهوتقريبا ما حدث فيما بعد.

فمات الزبير بن العوام وله واحد وخمسون او اثنان وخمسون مليون درهم اضافة لا رض بمساحات ليس هينة بمصر والاسكندرية والكوفة والبصرة مع تجارة فى المدينة المنورة...

ومات سعد بن أبي وقاص بقصر كبير يبعد عن المدينة عشرة أميال تقريبا تاركا مائتين وخمسين الف درهم.

فيما ترك طلحة بن عبيد الله من العقار والاموال ما يزيد على 30مليون درهم...وترك عبد الرحمن بن عوف الف بعير وثلاثة الاف شاه ومائة فرس وكان فيما ترك ذهب قطع بالفؤوس ارهق سواعد من حاولوا تقطيعه(1)

وفى روايات اخرى بلغت ثروة الزبير مائة وخمسين الف الف وان ارباح تجارة طلحة كانت الف درهم كل يوم(2)
اما عثمان بن عفان نفسه-رضى الله عنه-فقد ترك يوم قتل ثلاثة ملايين
وخمسمائة الف درهم وما ئة الف دينار وترك الف بعير بمنطقة الربذة وترك صدقات كان قد تصدق بها برادييس وخيبر ووادى القرى قيمتها مائتا الف دينار(3)

فيما يحكى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه حج هو وابنه فأنفق
فى ذهابه ومجيئه الى المدينة ((ستة عشر دينارا)) فقال لوالده عبد الله
لقد اسرفنا فى نفقتنا فى سفرنا هذا!!

ولما مات على بن ابى طالب-كرم الله وجهه- لم يترك الا ستمائة درهم اراد ان يشترى بها خادما لاهله وقال بعضهم انه لم يترك سوى مائتين وخمسين درهما ومصحفه وسيفه(4

أخذ على الخليفة عثمان بن عفان-رضى الله عنه- لينه وحبه لاهله وعشيرته وذلك بالرغم ان ابا بكر الصديق والفاروق عمر كانا هما الاخران من قريش. الا انهما نظرا لاختلاف شخصيتيهما عن عثمان
ونظرا لان عثمان وحده من بنى امية الذين تكمن فيهم عصيبة قريش
تبدلت الامور فى خلافته ، ففى عهد عمر بن الخطاب لم يكن لبنى امية من بين احدى عشر ة ولاية الا واحدة فقط ولم يكن للقريشيين سوى ثلاثة فقط بينما لم يكن( لعدى) فرع عمر بن الخطاب الا واحدة غير ان كل هذا تغير واصبحت 95% من الولايات لبنى امية فى عهد عثمان..

والسيدة عائشة رضى الله عنها نفسها فى معركتها مع عثمان شبهته بمسيحى مرأب مقيم بالمدينة اسمه(نعثل) ونادت فى المسلمين:
((اقتلوا نعثلا فقد كفر))(5

وكان الامر لابد ان ينتهى بالدم لا، وعندما تسلق الثوار سور منزل عثمان وعاجلوه وهو يقرا القران امسك محمد بن ابى بكر الصديق الذى كان من ضمن من ثاروا بلحية عثمان يهزها ويهزأبه ..فقال له عثمان رضى الله عنه:-
(يا ابن اخى دع لحيتى فوالله لقد كان أبوك يكرمها ولو رأك فى مكانك
هذا لاستحيا مما تصنع)
فاستفاق محمد بن ابى بكر لما يفعل وعرف انه مهما حدث لا يمكن
ان تصل الامور الى هذا الحد فترك الخليفة وخرج من داره.
ولكن بقية الثائرين لم ينتهوا حتى قتل عثمان وهو يقرأالقرأن...

فالتاريخ يقول لنا ان عندما يصير فناء الدين ساحة للسياسة تباح المحرمات فالسياسة-غالبا- تبيح المحرمات وتنتهك العورات على عكس الدين يرى ان الاصل فى ((الدماء)) و((الاعراض)) التحريم


وبويع على بن ابى طالب-كرم الله وجهه- خليفة بالمدينة بعد مقتل عثمان ورفض الامويون مبايعته واخذ رجل منهم قميص عثمان وهو ملطخ بالدماء للشام فأخذه معاوية بن ابى سفيان وعلقه مع اصابع زوجة عثمان التى قطعوها....
وبمقتل عثمان-رضى الله عنه- دخل الخلاف بين الامويين والهاشميين
مرحلة سال فيها الدماء بغزارة -كقرابين بشرية- وارتوت بها الارض العربية و ظهرت فرق كثيرة ادعت كل منها لنفسها احتكار الحق لانها وحدها على الايمان فيما كفر الباقون ولا ايمان لهم ولا عهد.

المراجع

1-الطبقات الكبرى لابن سعد-ج3ص76-
2-البداية والنهاية لابن كثير-ج7ص259-
3-الطبقات الكبرى لابن سعدج3(سبق ذكره)
4-مروج الذهب للمسعودى الجزء الرابع ص426-343
5- العقاد(عبقرية الامام على المجلد الثانى)السيدة عائشة ونعثل

نبذة عن الكاتب : محامى وحاصل على دراسات فى الاقتصاد والعلوم الانسانية وباحث وعضومؤسس لاتحاد الكتاب العرب على النت

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟