كُنتُ
أغَازلُ شَوقِي بمَعيةِ سَرَابِ اليابِسةِ
فَهَوتْ منْ عينِي دمْعَة،
المَاسُ يُشْبهُها...
ويغَارُ المَاءُ مِنهَا،
كَما تغَارُ قَصِيرَةُ العُمْرِ مِنْ نَحْلةٍ
أدْرَكتُ حِينَها أنَّ لألات المَسافَةِ
خُدعَة ...
والمُحالُ، هُو ولادَة مُجْبرَةٌ
لِشلِّ استِفاقَة
هذَا الأمَلِ المَشبُوهِ...
إصْرَارٌ منّي علَى نَعثِ السُّهادِ بِالغَباءِ
انكَمشْتُ خَلفَ صَوتِهَا
لِأحْمِلَ صَداهَا إلى قبَّةِ الفرَاغاتِ
فَربَّما تصْطدمُ بيدٍ مُباركَة
تتذّكرُ خِبرةَ السِّنينَ
ستُلطِمُ
المَللَ
إلى مَا لا نهَايَةٍ
أغْمَضتُ جَفْني لالتقِطُهَا
حَيثُ خِيانةُ المَيالِ
حَيثُ لا توَازنَ منِّي بَينَ هذَا وذَاكَ..
لتلقَى حتْفَها تُرابًا
كمَا أنتَظرُ، حتفِي ترَابًا أيْضًا
ماءاً..
ناراً ...
أو مُعَلقًا بشَجَرةِ الوِيسْتيريَا لِيومِ البَعْثِ
حتَّى أضْمدُ جِراحَ المَسِيحِ
وفِي سَماءِنا إلى أرْضِ الأنبِياءِ
سَأنثرُ القُبُورَ رَيحاناً
كَما
كَانتْ
تعْشَقُ
أمِّي...
أشْعلتُ لَهيبًا حَارقًا علَى جَسدٍ يتَعرَّقُ
وأضأتُ خبَايَا الأمْواجِ ...
وَقهْقهتُ مَع الرِّيحِ بعِيدًا عِنِ الشُرُفاتِ
لتأتِي خَاطِفَة الحُلم ِبَاكيَّة
وفِي وجْههَا تنتَحِرُ المَسَاحِيقُ...
تَجُرُّ
أسْمَالاً
مَكْتُوبٌ علَى كُفَّتهَا مَطلعُ القَصائِدِ الحَزِينَةِ
ويتَطايرُ البَياضُ مِن البَياضِ ...
ودَمعتَها لا كَدمعتِي...
دَمعَتي
المَاسُ
ودَمعَتهَا الخيانةُ....
منْ دَلّنِي علَى مُستنقعِ خُبثٍ..؟
وما جَدوى بُحيرَة فِي فلاة
لا يَطأهَا الرِّجالُ
أنا لَمْ أحفُر قَبرًا فِي الجَبلِ
ولَمْ أدفِن أصَابعِي خَلفَ عتبةِ المَوتَى
حَقًا ،أنَ مُخمرٌ
لا يَقوَى عَلى نَزعِ المَلامَةِ
إلاِّ حِينَ يرْقصُ عَاريًا لِعَرَاه...
.إلاِّ حِينَ يقْصِفُ السَّماءَ ومَنْ سَمَّاهْ...
فغَالبًا مَا أتهيئُ للحُلمِ
عَلى متْنِ قَاربٍ خَشَبيٍّ...
لأُوقِنَ البَحر بجُحُودِي
ولنَمشِي مَعًا علَى حبَالِ المُعَاكسَةِ
مَنْ غرَّرَ بِي وأفْشِى سِرِّي للأشْجارِ
أهُو الرِّيحُ..؟
فلقَد تركتُهُ نائمًا فِي ذرْوةِ الجَبلِ
أهُوَ ماسِحُ الأحْذيةِ ؟
فلقَد مَررْتْ عليهِ فِي نِصفِ غَفلَتهِ
فوقَ صَدرِ عجُوزٍ سَاحِرة
تفْتلُ حِبالَ المَوتِ...
أهو حَارسُ الأشباحِ ؟
في مَخافرَ الحَرسِ القَومِي
لكنِّي لم أسمَع أنينَ المُعَذَّبينَ
كعَادتي قبلَ الهَذيانِ
ولَا شَخِيرَ الجَلّادِين...
قَد تكُونُ البُومَة العَمْياء
فأنَا لمْ أرْفعْ ببصَري إلى الدِّيارِ
المهْجورَة
منذُ رأيتُ الأعمَى يُمازحُ السَّماءَ
بعَصَاه...
ويُحرِّك بذَيلِ المَتاهةِ أسَاورَ العَتمةِ
لِيَتباهَى بِأسْورَةِ السُّلطانِ المَخلُوعِ...
ويُنْعِي بِجلبَابِ الفَقيهِ
مَوتَ الحَنِينِ..
.مَوتَ العِشْقِ الدَّفِينِ..
مَوتَ السِّنين..
حَتمًا فَذاكَ الغُرابُ سَيحفَظُ ألفَ حِكَايةٍ
مِن تَأوِيلِ الشَّيطانِ
وسَتعضُّ الكلابُ
ألفَ
يدٍ
جَادتْ بإبطالِ طلاسِم السِّحْرِ
وسَيظلُّ الأعمَى أعمَى ...
حتَّى لوْ أفَاقَ السُّلطَانُ ،المَسِيحَ مِن عُليَاءِه ...
وَحَتمًا سَيُحرِقُ السَّرابُ
أعْمَقَ
عُمرًا
فِي وَحَلِ المُعجِزاتِ
لَكنَّهُ لا يَمُوتُ
قَد تَنمُو فِي تُرْبته أشْباهُ الفَواكِه
لكنَّها قاتلَة...
فَما صَحَّ في حُسبانِ الشّيطانِ
أنّ النّارَ
مِرآة لِمَلاكٍ ...
ولا هِي بَابٌ مِن أبْوابٍ الهَلاكِ..
النَّارُ نَارٌ تُحرِقُ الأعْمَى...
و الأشْقَى...
ومَن تَخلَّفَ ومَنْ أبْقَى...
فَكيفَ تَستَهويه فَساتينَ المُعصِياتِ
حِينَ يُباشرُ ادَم
التِهامَ
قُدسِيةِ
الفَاكِهةِ
المُحرَّمةِ....
وكَيفَ لُهُ قَيدَ حَياتِهِ، أنْ يزْرعَ الحدَجَ
مُنتَظرًا بطِيخَةً بطعمِ الجَنَّةِ ....
لَستُ الثائرَ الوحِيدَ
الذِّي يلْعنُ الإمبرَاطُورْ
فَيُقادُ مُكبَّلَ اليَدينِ إلى قَاعِ البحْرِ ...
الطرِيقُ طَويلٌ
فَهلْ جوَازَ سفَرِي
يمْنحُنِي السفَرَ إلى قَلبِ المَتاهةِ ؟
لأعِيدَ الحَمامَة البيْضاءَ إلى وَكرِهَا الأصْل....
وأصُومُ عن الكَلامِ
وأمُوتُ
فِي
مَوتِي
أبدَ
المَوتِ .
وانْ أفَاقنِي المَسيحُ أخْبرُهُ بالصَّلاةِ في المِحرابِ
آمين