خارجين إلى القبر كنا،
نجر وراءنا أذيال الدهر المتعب...
نمشي ...،نتوقف.
ثم نمشي...،و نمشي...
بائع السجائر الحزين،
جالس فوق كرسي من رماد،
ينتظر كعادته زيارة المساء.
يبيع سجائره في موكب مهيب،
يأخذ الدراهم ، و يعدها في نشوة جنسية،
يبتسم داخل جسم رمادي...،
ملفوف بسواد التاريخ العتيق،
يعلن آخر موضة من المعاناة
يقف مرة ،ثم يجلس مرات ..
يتطلع إلى السماء لتمده بحبل الحياه،
يتطلع إلى الأفق المرتحل ليمده بحبل النجاه...
ينظر يَمنة و يَسرة، و يغيب في حلم من سراب...
يتمنى لو أن العصافير تهجر الأشجار ...
و تدخل في قطيعة مع الغناء،
لو أن الفراشات تعلن الحرب على الأزهار،
و تبدأ في تقبيل الحِمام لقبر الهموم.
يتمنى لو أن الورود ترحل عن الثّرى،
و تجلس على كرسي من دخان،
و تعلن بداية سلطان جديد،
تاج ملكه من رماد، و عرشه من بقايا السجائر الحمراء.
يغفو ، ثم يفيق، يعد دراهمه الحمراء،
و يستل من قيثارته العرجاء،
سيجارة عذراء،
أغواها بعشقه المحتمل...
ليعلن زواجهما دون مأذون،
و ينسج على جسمه المكلوم،
على جسد من نار، قصة البؤساء،
و يعلن الحداد على موت السجائر الرمضاء،
و رحيل الدخان إلى أحضان السماء.
خارجين إلى القبر كنا،
فوق أكتافنا نحمل أسرار البدايات...،
و في قلوبنا ننحت سرائر النهايات...
و بحروف من دم مغدور،
نخيط حنيننا للزمن المعدوم...