النَّشوةُ
هي تعَوّدٌ بالصُلح,
وأنت تقضي ليلك على أرصفةٍ فاحمة, يُعزفُ على ظَهرِها لحْن الرَّتابة
وتصْبحُ رجلَ أحْبالٍ يعدُو قليلاً
وبميالٍ ثقيلٍ
يَنامُ فوقَ خُطوطٍ تخبئُ حقُولُ الألغامِ
يَسْتمِيلُ الرِّيحَ قادِمة مِن جُبِّ المَوتِ
لِفرْكِ أصَابعِه عَلى الشّجرةِ المتبرِّجةِ
لِيشْعل نَارًا
أن يضُمَّ إلى جَيبهِ المثقُوبِ غيْمة مُثقلَة بِزَبد البحْرِ
ليُطعِم هيَاكلَ تحْتضرُ
علَى طاوِلاتِ الجَدلِ العَقيمِ
بَدلَ ضَربِ الحَجرِ بالحَجرِ
أنْ تنامَ على اسْمنتِياتٍ مُبكِيَّة خَارجَ مَدارَاتِ السِّنين
وترْسمُ بالقذائفِ أسْماءَ الوَطنِ
في رتاج البَوَّابَةِ العُليَا للأرْضِ
فِي المَقْصُورَة اللامُتناهيَّة لأبْعدِ مَدى لِلجنُونِ
والمُحجَّبةِ بالتَّمردِ والعِصْيانِ
وتُحرّف عَقارِبَ السّاعةِ إلى بنْدقياتٍ
ترْمِي رَصاصةَ الوَهمِ فِي مَحْملٍ فُولاذِي خَارِجَ الزّمنِ
أنْ تُحلقَ فِي سَماءِ العَبثِ بِجناحٍ وَاحدٍ
وتسْتَحمَّ بِريقِ الجَاذِبيةِ
لِتظَّل قَابَ قَوسٍ أو أدنَى مِنَ السّفرِ
أن تصنع زَمَّارةً من قَصبِ لتُثيرَ شَفقَة العُميانِ
وتتَخَيّلُ الفَراشَات كُورَالًا للمَديحِ
وهِي تتَجرّد من ألوانِها
وهِي تصْدحُ
بيْنَ عيَّالِ السلْطانِ
بأغَانِي المَطرِ
هكذا, إذن, هيَّ النّشْوةُ
تَعوّدٌ علَى امتِصَاصِ رُضابِ اللّامُباحِ
ليَصيرَ عَسلًا
هِي طَلقَة طَائشَة مِن رَشاشٍ تَقليدِي
ينْفُثُ فقَط رَائحَةَ العَرقِ
فتخْتفِي العَصَافيرُ
البلِيدَة
وينامُ حَارِسُ الحُقُولِ المَلغُومَةِ
تحْتَ ظِلِّ كِسرَة يابِسَة
مِن شَجرةِ
العبَثِ ....
عبد اللطيف رعري