القمم العشرون – شعر : سلمى بالحاج مبروك

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا
للمرة العشرين تأتي قمة 
سبقتها قمم  
وستتلوها قمم 
والأقدار وحدها تعلم ما لم نعلم من مجهول تتالي القمم 
قمم تأتي من زمن ينعقد هنا وهناك ولا همم 
قد تأتي كبوم منير فا عند المساء  
لحظر التجوال   
لحظر الكلام  
لحظر الأحلام  
لحظر الربيع بين الحقول   
وتناسلت قمم قبل العشرين 
وستتناسل قمم بعد العشرين  
لمنع الطفل الوليد من ان يلبس وجهه الحقيقي  
من أن يزرع الحقيقة في غيمة مخضبة بالإخصاب  
في الأفق البعيد تطارد الولادة العسيرة للحياة   
لتبقي على من تربع على قصور الزبد الوهمية 
يعتصرون عذابات الإنسان المقتول
 يتلهون بالبصق على وجه الحرية الموءودة
يتفننون وهم مفتونون بممارسة طقوس الشذوذ على جثث الإنسانية
و على ضفاف أرض الشام
أمصار وعراق وأعراق مقدسة منفيون   
شاخصة أبصارهم في حركة لا تصدق
حشرجة السكون الصاخب تنبعث  
من أنامل آلهة تقطر بالمنايا  
تعد لهم مذبحة لتطرد الأماني من جنة الرهبان  
تعدهم بمطاردة حكايتهم الشعبية عن الشجعان  
وتتساءل باستهزاء: ما هي أحلاكم ؟ قولوا ولا ترتابوا  
فسنعلقها في مؤتمراتنا القادمة   
كما علق المسيح على الصليب   
والناس بعد شاخصون
 بعيون رمادية  
 يتصفحون صحف خريطة ممزقة الأطراف
 يطلقون عليها بالمجاز خريطة الوطن الكبير
 يقدح من عيون أسوارها شرر اللصوص
 ورب البيت غافل عما يأفكون  
 والناس الطيبون ساذجين
 عن تاريخ وحدتهم التائه عنهم منذ قرون
 وفي الضفة الأخرى من الخارطة
 يقف المتربصون ، المناوءون، المتآمرون
 على الحقيقة والميزان
 على الحرية والآمال
 يسحقون الفجر بأقدام قلوبهم المسيجة بالجحيم
 يتوقون لإحكام الطوق على الصمت 
 يتلهون عنك بأقداح الخمر
 بأنهار من عسل وألبان
 وبما لا يخطر على قلب بشر في كل الأزمان
 وفي غفلة تتقوض كل القيم المثلى
 وتنهار من الذاكرة كل قصص الأنبياء الحبلى
 ولا تتقوض إمبراطوريات الشر
 حتى وان حل الطاعون
 أو دب في الكون فوضى وجنون 
 أو فار من حولي التنور 
 لا تتقوض إمبراطوريات الشيطان
 حتى ان ابتلع اللامتناهي أديم الأرض وقرص الشمس
 وحتى شروق الشمس من المغرب
 وغروب الشمس من المشرق
 لن يغير المشهد
 وإن قرأت كلماتي لن تصيب كبد الحقيقة البتراء
 ولن تخلق وجها آخر للعالم في هذي البيداء
 سيظل العالم كبنلوب ينقض غزله أنكاثا في جنح الليل
 ويردد في كل مقطع سيمفونية مباركة الحرب المقدسة
 كقداسة دماء الأطفال
 كقداسة المسيح المنقذ من الضلال
 هل كتب على اللاهوت أن يتقلد السيف في صلواته ؟
 وأن يتقمص دور مباركة الذبائح والدماء
 والإنسان المعذب بالأصفاد
 تكنسه الأحقاد
 كما تكنس المدن من القمامة العفنة ومن الوباء
 الإنسان المعذب في الأصفاد وبالأصفاد
 تعده الأقدار : ستأكل خبزك الجائع مرا بعرق جبينك
 وتشرب الماء المالح كالبحر
 لتعود من حيث أتيت
 بين أنامل آلهة فصلتك كمجرد حدث عرضي  
 انفلت عبثا من تشكيلة
 أسمال الصلصال البالية
 قدت من طين وتراب
 فعلى ما هذا كل الطغيان ؟
 وكل إمبراطوريات القتل
 ومعارض التعذيب
 في أقبية الليل المظلم وتحت أجنحة الظلام
 وإتقان فنون القتل والإذلال
 و الأرذال لزمن هوامشه
 من الجثث والموتى والصلبان
 زمن زاده الدوكسا 
 غادر واحات المنطق
 و كل لقوس العالم  
 واجتاح مساحات اللاعقل
وكان نسيج روايات الموت المجاني
 تنضج على نار القتل بدم بارد 
 والعالم كله يغرق في قصة حب صامتة 
 للعرق الهلكوستي الفاشي 
 يتجنب الخوض في تابوهاته الثلاث الجديدة
 المحرقة وحائط المبكى و شعب الله المختار
 أما أنا وأنت فننتظر سفور الآلام
 عن وجوهنا الصفراء والثكلى من تعب كوابيس النوم
 ننتظر رحيل انهيارات التاريخ 
 عن ثغورنا المتوهجة بالهذيان 
 ونملأ من أحداق الدنيا 
 أقداح حب و حياة
 أقداح ولادة وصلاة
 كالتائبين عن الردة بالذاكرة
 كالتعبين من تراتيل القداس المجيد
 ينتظرون مجيء الله للأرض
 لتعديل أوتار الكون من النشاز
و لينبثق ضوء العالم المشرق من المشرق  
 
سلمى بالحاج مبروك من تونس 

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟