حزين أنت أيها المساء ـ شعر : عماد استيتو

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

حزين هذا المساء الذي قرر أن يركن إلى المنزل الليلة
تماما كرجل مكسور الفؤاد
كامرأة صفعتها لعنات المجتمع الرجعي
حزين جدا أنت أيها المساء
لترفض إشعال الأنوار
وتترك عمق ضوء الشمس غائرا في القلوب

لم تخرج أيها المساء لتسلم على الموتى
لم تقم بزياراتك المعتادة لنا ..
نحن الأحياء في مقبرة العالم الموبوء
لم يرمقك المتشردون تمرق خفيفا


وأنت تذكرهم بهول الحقد السماوي
حتى أنت أيها المساء لم يعد شيء في ضعفنا يغريك

أنت أيضا أيها المساء أصبحت مثلنا
منهكا، عاجزا، حائرا
تبحث عن ذكريات تستحق أخذها معك
إلى الجحيم
أسكنتك جينات الموت التي فينا ؟
أم أنك أصبحت غير قادر على تجفيف دموعنا ذات كل كأس؟

كنت أيها المساء تغط في حزننا
تسهر في كل حانات وهننا
عهدناك مبتهجا كلما حان اللقاء
كعاشقة تنتظر حبيبها العائد من ساحة حرب
ليغني لها كل أغاني الهلاك
الآن صرت أكثر خيبة منا

وحدك
تريد أن تبقى وحدك اليوم
قررت عصيان الأوامر هاته المرة
ترى أيغضب الرب منك لأنك لم تخرج إلينا ؟
أم أنك سئمت أن يحملك كل خطاياه ؟
وأن تفرغ كل المآسي البشرية في جوفك ؟

أفهمك جيدا أيها المساء
أفهم أنك ترفض أن تشارك في المؤامرة
أنت لست سبب الظلم الذي من حولنا
لست مسؤولا عن جوعنا وفقرنا
لست من نصبت الطغاة ليحكموا باسم الدين
ولم تبارك تجار الحرب والسلاح

كيف لي أن أقنعك أيها المساء؟
كيف أطلب منك أن تعود إصلاحيا كما كنت
تؤمن بتغيير النظام من داخله
كيف أقنعك أن تعود خاضعا من جديد ؟
أي أعذار واهية أقدم لك لتشهد على الفجيعة
كيف لي أن أخدعك..

أنت الآن تبحث عن موطن رومنسي
مثل قصص المقررات الدراسية
تبحث بين الشهداء عن أيقونة
تستعيد قصة سمعتها مني أو من ذاك
صرت تبحث عن المعنى في العدم
لقد صِرْتَنَا

حزين أنت أيها المساء
وقد تخليت عن كل سلطتك
وأنت تسخر من حجم صلاحياتك الهزيلة
أمام نفوذ الديكتاتور العظيم
ليت جنونه بنا أخطأك
ليته لم يكن واسطة بيننا

آه، لن تسمع القصيدة المكلومة الباحثة عن حتفها
لن تمعن في إحباطات المناضلين
لن تتفقه في محاولة قتل الإيديولوجيا
تلك الأسرة التي أضاعت دفئها لن تجدك في الانتظار
لن تسمع مخبرا يجلد ذاته
أو شاعرا يتهجأ شعره

أنت وقد اكتويت بنار الضمير
في اللحظة الخطأ
 و ارتأيت أن تغير لغتك
رغم أن اللغات لا تعفي من الألم
ككاتب كان يحلم بتغيير العالم
كأنك دونكيشوط

أصبحت أيها المساء مندهشا
ترى هامشا يجتهد في الموت
تستقبل طوابير الجوعى والموجوعين
والعالم في هذه الأثناء، يحكمه الأغنياء وتجار الدين والحروب

وأنت أيها المساء رفضت المشاركة في هاته المهزلة

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟