"إلى رفيقي محمد حاجي المعتقل بالسجن المحلي بتطوان (الصومال)..إلى ابن الرياح.."
حاملاَ صرْخاته،
قاطعاً على سيزيف خلوة الصعود،
ناثراً قلبه كثريّات أوّل الغسق،
لتمرّ جحافل الرفاق..
الأفق الحالك يكبح جموح النور،
الأفق معتم كليْلٍ شتوي،
و بريق عينيك يا رفيق،
يتلألأ كذرّات الجليد،
كعِقد ماسيِّ في حضرة الضوء..
كنار المجوس خالد أنت فينا،
رغم الجدران و الطحالب،
رغم الأقفال و المحاضر،
رغم الآلة الراقنة و المخافر،
"لا تعتذر عما فعلت"..لا تعتذرْ !
فالعذر هرولة نحو الهاوية،
و أنت قرين سيزيف،
و وريث الصخرة الشرعي،
و ظله المتمدد على غبار السفح،
القاع لا يليق بك..
دعْ عنك الصدأ و ارقصْ للنوارس،
يا رفيقي،
متى كان الإسمنت هاجسا إيديولوجيا؟
متى كان القيد وجودنا المنفيّ في تفاصيل يومنا
التي يسكنها الألم أكثر من الشياطين؟
يا رفيقي،
كل الجدران رُفعت لتحاصر الحلم،
إلا وجودك كان حلماً عابراً،
خارقاً متخطّياً مفارقا فائقاً..
حلما مضادّاً للإسمنت،
مقاوماً للغبار، شائكاً كعلّيق برّي،
خشناً كنقش هيروغليفيٍّ،
مضيئاً كحجر فسفوريّ،
حارقا كنيزك سماويّ..
"لا تعتذر عما فعلت"..لا تعتذرْ
و احمل صرخاتك و ارحل،
من مكانك إلى مكانك،
و آنثرْ وردَك الجوريَّ على الطريق،
فرفاقك آتون يوماً،
زهورا أو نعوشا،
نيرودا الذي يدخِّن غليونه أكثر مما يتحدث،
يرسم شارة نصر جريحة تقطر دخانا،
يبعث بطاقة لحبيبة مجهولة العنوان،
صورها تملأ أدراج المخافر،
يكتب شعرا لها ينفذ عبر ثقوب الجدار كالرطوبة..
''لا تعتذر عما فعلت''..
و اعتذر عمّا لم تفعلْ..
يا رفيقي،
عبث الرياح أربك الاتجاهات،
مؤشر البوصلة يترنح منذ زمن،
لا يستقرّ على اتجاه..
و يستقر عند أول جثة يصادفها..
للدّم قوة جذب هائلة..
يا رفيقي،
يا ابن الرياح، "لا تعتذر إلا لأمك''.
و كل طريق لم ترْتوِ من عرق قدميك، هاوية!!