وسام الأمة ـ شعر : محمد منير

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

ولدي
يا بْن اللحظاتِ الأخيرَة
يا بْن الصّمت وذاكرةِ الخَريف
يا بْن المخاضِ الأعْمى
وابْتهَالات  العِشق والعشِيرة
لحْظةٌ أخْرى لِلأمّة وصَمت
لا زمَان للتأوِيلات والدُّمى
لا أوسِمةَ للعُشّاق بعد هذا النزّيف
غدا صباحًا سنُعلقُ للأمّة وشاحًا وذخِيرة
وننسُج للعائدِين خُطاهُم
سرَابيلَ صِدْق

لا غُربة بعْد هذا النّشِيد
هيَ لحظةٌ وتنتهِي الحَكايَا والصّور
يا بْن الينابِيع الظّمْأى
أنتَ الآنَ أمّةٌ وحْدك
وأنت في مَرايَا النّسْيانِ حقلٌ وماء
ما كنت هُناك حِين أنشدُوا لحْدَك
وحينَ تفقّدُوك في تقاسِيم اللّئام
حِين اخْتلط الماءُ بالدّماء
ولكنّكَ لم تكنْ هُناك
لم يفْهمُوا دَنْدَنَتَك
عرْشُك المُخضّبُ بالدّماء كان مَأدُبَتَك
يا بْن المُدُن المُسيّجَة بالهُتَاف
هي لحْظةُ أخْرى من اللحَظات
ويحمِلون نعْشَك على الأكتَاف
غدا سيُنشِد الصّغار قسَم اعتِرافَاتِك
لحنًا ودَنْدَنَاتِ غسِيل
تحيّة بالهُتاف والنّشِيد
لحنًا سامِيّا حامِيَا للحِمَى والدّين
ويُعلنونَ له الوَلاء
الصّغارُ كمَا الكبَارُ وهم ضارِعُون
ويصَفّقُون للوَثنِ الوَثد
من يحْفظُ النّشيد
من يقدّمُ له السّلامَا
من يرْفعُ للوطنِ الرّاية
بالرّوحِ بِالجسَد
سنُوشّحُه عَلمًا ووِسَاما
قُولوا معِي يحيَا الوطَن
تحْيى الكرَامة
يا أبِي
قال لي ولدي :
!لا أذكرُ للنّشيدِ ألحَانَه
  ! تعسّرتْ عليّ العِبارَةُ والإِشارَة
ولا أذكُرُ أنّي وقفتُ على شُطآنِه
قلت له :
أمَا حفِظتَهُ في المدْرسَة ؟
أمَا علمُوك سِحْره وبيَانه ؟
 !لحنا وكلاما
شكلِي في الحُروفِ حجَارَة
والمَقامُ أعْجمِيُّ الإِمالَة
ولا أذكرُ أنِّي أُعْجِبتُ بِميزَانِه
قال لي آخر :
قلت لهم : لا ضَرَر
هذا الصّباحْ سنِقفُ أمَام المِرْآة
نُعيدُ للنّشيدِ مَوّالَه
نستجْمعُ الحَكايَا والصّوَر
ونُغنِّي للأبَد
لحنًا ولوْ مشْرُوخًا
يا أبي
الشّعُوبُ تعزِف ألحَانهَا
ولا لحْن يَطلُعُ من مَرَايَا البَلد
إلاّ الصّرَاخ
قال لي ولدي :
ولا ترْشَحُ ألوَانَ الجسَد
قال لي آخر :
قلتُ لا يَهُم :
لازالَ الصّبحُ في عدَم
لازِلنَا حِبْرا علىَ قَسَم
ولعلّ الأصْواتَ تُنشدَ وُجْدَنا
قال لي آخر :
هُم يسْرقُون مَجْدنا
والذّكريَات والقسَم
وبقايَا الصُّوَر المُستعَارة
قال آخر :
قلت لهم :
لا خوْف علىَ الوَطن
هيَ صرْخةُ ومَخاض
وساعَة أُخْرى ويطْلُعُ النّهار
لحْظةَ الوِلادَة
فلا تبْتئِسْ في شَظايَا الإنْتظَار
وفي بقايَا الحُرقة والمرَارة
يا بنَ الوطَن
يا بن الفُصُول الحَزينَة والحِصَار
الآنَ يومُك وساعتُك
الآنَ بزَغتْ شمسُ النّهَار
يا بنَ الموْج الأزْرقِ في الرّمَال
يا بنَ اللّوزِ والتّينِ والزّيتُون
يا بْنَ الرّزقِ الحَلال
أنت الآنَ أمّة
وأنت ياولدي
يا بْن الجبال
يا بْن الجبْهةِ الأُولى
لا تَلتفِت لِخطِيئتِك الحُبلى
هيَ ساعةٌ أخْرى لتَحْيا
ويَغْفرُ الوَطنُ ذَنبَك
وانتشِلْ منَ الماضِي والحَاضِر
كلّ الجبهَات
كلّ الأمْجَاد
هيَ زفْرةٌ ومخَاض
صرْخةٌ ومِيلاد
وعليْك يا بْن العشِيرةِ ديْنٌ للأجْدَاد
عليك يا ولدي
أنْ تَحرُسَ الأسْوَار
عدُوٌّ من كلّ الجِهَات
من مِلحِ البحْر
في أناشِيد المدْرسَة عَدُو
في الخُطبِ والأشعَار
وعليكَ يا ولدِي
أن تُجهِّزَ لِمِيلادِك كَفَنًا . .
! ورِيشًا . .
وعليكَ أن تلقَى لِمَوتِك نشِيدا . .
! وجيْشًا . .
حيٌّ وحرٌّ أنتَ يا ولدِي
يا بْن الوطنِ المُر
هي خُطوَتُك إلىَ ما بعْد النّصْر
وصرْختُك الأخِيرة
خذْ في يدِكَ انْتظَاري واحْتضَاري
فأنا مِلحُ هذا النشِيد الحُر
وأنا حُظْوَتُك في المَرايَا الأسِيرة
وأنا دَمُك ولحْمُك على الأسْوار
كلّ شبْر فيهِ مَجْدُك وانْكسَاري
وعليْك أنْ تحْيى وتحْيى
لتحْيى فِيك أشْعارِي
وعليْك أنْ تحْيى ولا تنْسى
عدوًا فيكَ يجْتَرُّ صمْتكَ العَارِي
لا تنْسى بقايَاي وافْتِقارِي
وأنّكَ أمّة وحْدَك
ولوْ كنتَ آخِر موَلُود
يا بْن المطرِ والثلجِ والرِّمال
همْ يُريدُون الآنَ وَأْدَك
يُحاصرُونكَ في الوطنِ والحُدُود
ويأكُلُون سَلامَك وَوَرْدَك
ويسْرقُون حُلمَك فِي الوَاحَات
يا بْن الصّحرَاء
يا ولدي
أنتَ فَلاحُ هذِي الرّمَال
أنْت القطْرةُ الصّبْراء
يا بْن القُرى البعِيدة
وأنتَ واحتِي في المَرايَا الصّهْباء
فلا تَنتظِر عودَتي في المَطر
أوْ في الليَالي الضّهبَاء
لا يا ولدي
لا تفِرَّ ولا تَخِر
أمّةٌ هُناكَ في مرَايا الآخرِين تنْتظِر
وألفُ قصّةٍ تُحكىَ علىَ العَرَاء
يا بنَ الآخرِين
الحُلمُ ميلادٌ في بحْر الموْت موْج 
والموْجُ عالِ وعَال
أعْلى مِن غمَام أحْلامِك
وعليْك أن تحْيى وتحْكِي للنّاس
على الهوَاء أحْزانَك
وأن تسْقِي آلامَك
وأن تُجهّزَ للأمّة حِنْطةً وحِطّة
يا ولدي
يا بنَ البحْر المُحاصَر بالشّبَاك
وقرَاصِنةِ الأوْسمَة والنّيَاشِين
يا بْن الشّواطِئ الضّحْلة
والصّخُور العَارِية
أينَ أمْواجُك العَاليَة
والنّوارِسُ والحِيتان
أينَ الأشرِعةُ والصّوارِي
أينَ وجعُ الصّخرِ المنْحُوتِ على جسَدِك
أيْن أُغْنيتِي في الأنْوالِ والرّغِيف
وأينَ من كانُوا يُنشدُونَ عِزّك
لسْت وحْدَك
وإنْ غابَ المُنشدُون
أنتَ شِعَار الأمّة
فِي كلّ الجَبَهاتِ أغْوَال
يا بنَ الجبَل الأخْضَرِ في الرّيف
يا بنَ سيّدِ المَعارِك والأهْوَال
أنْت أمّةٌ ولوْ كُنتَ وحْدك
هِي طلقَةٌ أخْرى منَ الزّفرَات
فاشْحَذْ ذخِيرَتك وانْطَلق
هِي آخِر الطّلقَات
في كلّ الأنْواءِ وَعْدٌ بالصّمْت
لسْت وحْدك في الوَصِّيةِ والنّزِيف
وعَليكَ أنْ تحْيى في ذاكِرةِ المُحارِبين
وتهْدِي تارِيخَك لِلجُرْح
وعليكَ هدْيٌ لِخطِيئتِك ومَجْدِك
لا دَمَ علىَ العُشبِ الأخضَر إلا نزِيفُك
لا نشِيدَ للأمّة إلاّ طَلقتك الأخِيرَة

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟