وحدي كنتُ أَصرخُ
أطْفُو على حُطامِ الوقتِ
المُبلَّلُ بالإندثارِ
مثلَ غريبٍ
في صحراءِ العيونِ
كانَ الوطنُ يتهاوَى
دخلتُ المدينةُ
تَسبِقني رائحةُ الطفولةِ
كانَ صوتي يَمتدُّ
تعبًا مِنْ ريحٍ
مشيتُ نحوَ غابةِ الموتِ
فرأيتُ الطيورَتُصلّي
وأشجارُ الصَّنوبرِ خاشعةٌ
تَقدَّمتْ نحوي قَبائلُ النَّارِ
صَلبَتْني فوقَ محراب الملح
عَبرتْ زنابقُ أُمِّي تُباركني
يُصبحُ صوتي أَنفاس مَاءٍ
بطعمِ التّينِ
تَعرَّى القَحْطُ مِنْ صَمْتهِ
وأَدخَلني قَبْري
لَمْ أَكُنْ نَبِيّاً
لكنَّني كنتُ مجنوناً
فأَثْمَلني الفطامُ الأَولُ
قالَ حارسُ الغابةِ
خُذوهُ وغَطُّوهُ بِثوبٍ أَخضرَ
كَيْ يَنسى مَوتهُ
أَوصَدوا دونَي بابَ الخَطايَا
وَوهبُوني مَشعلاً للخلاص
شاهَدتُ قبري يَبكي
فَبكيتْ
ولَمحتُ الوطنَ يَغْفُو عَلى كَتْفِ الدُّموعِ
قبلَ أَنْ أَتلاشى في الهذيانِ الأخيرِ