زَمنٌ للرّحيلِ لِاسْمِكَ المُعْلَن
علَى رُؤوسِ الأشهَادِ يُعْلَن
زمَنٌ لِبقايَا الحُرُوف
زَمنٌ يُسقِطُ كلّ المسَاحِيق
وزَمنٌ آخَرَ يُعلِنُ الآنَ ألاّ اسْتِعارَاتٍ لِلأسْمَاء
زمنٌ لا برَّ له
إلاّ احْتِضَارًا يُفدَى بِألفِ احْتِضَار
وحْدكَ تَهْذِي ..
لسْتَ تَدرِي بِأيِّ الدَّمْعِ تنْعِي لحْظتكَ المَرِيرَة
سمَاءُ الغيْمِ خُطوَتكَ الأخِيرَة
وأوّلُ القَطْرِ عبَرَاتٌ وَقتَرَات
لا لِحَافَ يُلمْلِمُ ما بَقِيَ منَ السّاعَات
وتسَارعَتْ وتجَاذبَتْ بكَ الخُطُوَات
وتآمَرتْ وتآزَرتْ كلُّ الأيَادِي
لِكيْ يُجمِّلُوكَ ويُطْمِرُوكَ في خطَايَاك
والآنَ أنتَ وحْدَك
كمْ كُنتَ وحْدك ؟
كمْ كنتَ وحْدكَ وإنْ كثُرَ الزُّوّار ؟
كمْ كُنتَ وحْدكَ وإنْ كثُرَ الجِيرَان ؟
آهٍ يا زمَنْ ..
آهٍ للوحْدةِ والحِصَار ..
لا شمْسَ تُدفِئُ العِظامَ والرّمِيم
لا أسْماءَ بعدَ هذا الدُّخانِ الذِي يُغطِّي مِلحَ المَاء
فُتِحتْ كلُّ السِّجِلاّت
سِجِلاتٌ مُلأتْ مِنهَا الرُّفُوف
لاَ كلامَ ولا حُرُوف
سمَاءُ الغيْبِ قَصِيدةٌ بِكلِّ الأسْمَاء
زمَنٌ للرَّحِيلِ لِعَرشِكَ لِحَرْفِك
زمنٌ بِلاَ مسَاحِيق
سمَاءٌ .. زمَانٌ ..
لاَ كدَرَ يهْزِمُ صفْوَ هذِه اللّحظات
ويَأتِينا مِن حضْرةِ الغيْبِ منْ يُرقِّينا أوْ يُدَنِّينا
غيْمٌ على القلبِ غيّرَ شَكْلَ الفرَاغَات
ورَمَى قِطَعًا مِن اللّيْلِ أجْرَاسًا
أيْقظتْ فِينَا غفْلةً منْ أمَانِينا
عرَايَا مِنْ كلِّ ما يَنِزُّ منَ المَعَانِي والأمَانِي
فُرادَى عَلى المَمرِّ الضَّيِّقِ تَسْحبُنا الغُيُوم
متَى ينْقشِعُ الغيْمُ لِنرَى ظِلّنَا ؟
فُرادَى بيْن دَفَّتَيْ جنَّةٍ ونَارٍ
لاَ قلبَ يضْبِطُ إيقَاعَهُ
ولاَ حرْفَ يْرسُمُ مَشَاعَهُ
لاَ دمْعَ منْ أجْلِنا يُسْعِفُ الذّنْب
لاَ مُنقِذَ منْ شَظايَانَا ومَا لا نعْرِفُ منْ زمَنِ العُبُور
والغُيُومُ تعْصِفُ بِالمهْدِ لحْدًا وبقايَا زَمَن
سمَاءٌ لِدُنيَا البَاقِياتِ قدْ مَدّدُوها لِسَاعِديْك
برُّا وسَلامًا
وأُخرَى هِجرَةٌ لِمَا لا تعْرِفُ نُورًا أوْ ظلامًا
جَاثِمُونَ عَلى شَفِيرٍ هَارٍ للرُّكَبِ جَاثِمُون
مَا كَانَ أغْناكَ عنْ هذا النّفِير
هيهَات هيْهات ..
آهٍ لِزمنِ الرّحِيل .. أه
أرَاكَ مَا حَسِبتَ لهُ حِسابًا أوْ جَوابًا
يا الله .. يا الله
أيْنَ الَمفرّ ؟
كنّا قبْلَ القَصَائدِ كُلِّهَا وُرُودًا لأوّلِ الغيْث
ساعَاتٍ مِنْ ليْلٍ أوْ نهَارٍ نرْتشِفُ النّدَى
نزِّفُ البُشرَى لِقلْبِ الغَيْمِ دمْعًا
نرْتمِي علىَ أحْضانِهِ لِكيْ يَحْمِلنَا إلَى شَبَقِ المَدَى
حُبًّا أوْ هُيَامًا
نقْتفِي المَاضِي البَعِيدِ قصْرًا وَجمْعًا
الهِجْرةُ نَفَسُ جَديدٌ، ولُغةٌ لِأرْضِ مَسِخَتْ وَشَاخَت
الهِجْرَةُ مِعرَاجٌ لِمَا بعْد الهَجِير
لاَ سَبِيلَ لِلتّيهِ بعْدَ زَمنِ الرّحِيل
إلاّ الشّفِير