في جوف الصخر أحفرني هائما على وجهي
وأرسم تفاصيل عبثي على أجنحة صقر
لكن شرايين القلب تحتج على شططي
إذ تأبى أن أمارس سلطة الهزل
على مرفأ الحنايا أوعلى ضفاف المهجة اليابسة
في الجانب الآخر........،
على أطراف البحر...... ،
أسمع رجع أمواج طافحة بالأسى تترنح في داخلي
وأظافر الغم جائعة تنهش ذاكرة العمر
زخات حبر متفحمة تتساقط على شعري
وأنا لا زلت هائما في محيط لا يكاد يلملم كلماتي
جيش من الحروف يزحف فوق أديم الضلوع
وفي عتمة مجنونة ،
يتجمد الزمن "القروسطي" في عروقي اليائسة
فأتمنى لو ألتقط نفسا صاعدا نحو السماء
أو شهقة ثورية......... تنهار على سطر
************
زخم من الأمنيات والآهات والأنات أنثره فوق دفاتري المتلاشية
حينها........،
أحسست بالحرف يتحرر من عربدة الجنون
حيث مسوداتي المهملة تشبه ثوبا مزقته الأيام
فلتخرس الكلمات العاصية في خواطري....... حتى ينطق الشعر :
" أنا لا أذكر من بداياتي إلا مقدمة
عامرة بحروف إرث غابر....... و خطو رمال وآثار حفر
أحاول أن أكتب بمعول يهدم المعاني المترسبة
يهوي على الثقوب الجوفاء في داخلي.... ويكسر بقايا الصخر
حينها أيضا.....، تتلاشى ذاكرتي كأي شظية
فأستمر في نحث الشوك على جميع المفاهيم السلسة
أنثر أكوام التراب والبلور وبعض الغبار
أتماهى مع طمي المياه حتى أملأ شقوق النهر".
***********
كان الكون يغمر أغواري السحيقة
وكنت ألقاه عاريا.......... ،
فأحمله على أكتاف المرقم بفارغ الصبر
تاريخ الانقلاب وانقلاب التاريخ
موشومين على حافة جلدي
مرسومين كألواح زيتية
وأبيات شعر محطمة على أسفلت الرصيف
تنساب عصية ومشقوقة من رحم القهر
كلمات تبحث عن نفسها بين المتاهات وبين ترانيم صوفية
تغمرني لوثة جنون وتوتر
فأرتقي إلى رابية للمعاني المنكسرة
أعب فيها مدادا بنكهة الخمر
"أنا"....... للعاقل متعبة جدا
فلا أستطيع حمل أطرافي على الظهر
**********
لابد لي من سفر جديد إذن ،
فنبش الأفاعي والعقارب ينهش جسدي
وأنا لازلت ساكنا في المضارع الماضي
ألبس نفس القناع الصوفي........ ربما يقيني صقيع المفردات والعبارات الوعرة
ثم أعود.......... كي أحتمي مجبرا برحيق الياسمين والزهر
***********
هل هو عجز فيروسي ؟
هل هي "أنيميا" مست خلايا الفكر ؟
فلم أعد أعرف من أنا بعيدا عن "أنا"
سأمر، كل يوم ، على نفس الطريق نحو روحي الجامحة
فيشتعل الشعر بين جوانحي......................،
مثل قيظ يذيب جليد الفواصل والنقاط
أو مثل وجع الجبال الصامتة
مثل قبس نور يحبو متعثرا على ركبتيه
هاربا من عتمة القبر .
وأنا.......... أتذكرني هنالك
حيث لم يعد شيء من الهروب يغويني
ففي الهروب رمق زائد
وأنا أعشق الموت على أوراق دفاتري المحترقة
أعشق المخاض العسير في سطر.
***********
غفوة من المنطق المجنون ......... تعتري كلماتي
وريح إدراك تتفتح في باحة الصدر
أسمع رنة جرس وبضع نبضات خافتة
أخرج حينها من نفق الدهشة نحو إدراكي
كأني يوم ينزاح من زمانه
كأني قدر يشكو سلطة الدهر
ولا أعرف من أنا
أوحتى "أنا"........ من ؟؟
حين صرت مع الماضي حاضرا
وفي محض صدفة مبهمة ،
ذات غسق متورط في جنحة التسلل من ليله
أهيم، كما عادتي، مع الأشباح والخفافيش
وأمتح المعنى من معين الزهر
*********
أقفلت عائدا نحو كأس النبيذ الشقي
جلست قرب مشكاتي......... ،
عساني أنساني في نغم شارد
كان يدعوني إليه......... ،
فأركب "وصلا أندلسيا" و "طقطوقة جبلية"
أهيم فوق النيازك الراقصة
أحفر إسمي ،مرة أخرى، على حافة نهدين
أنتشي عاريا دون أناملي المتغطرسة
أتجرد من أسمال اللوثة التي لازالت تسكن قلمي الهيروغليفي
أنفصل إلى شظايا حروف هائمة بين الفعل وفاعله
ثم أعود........... ترنيمة تنحث في جوف الصخر